أرشيف المجلة



بكاء ساديو مانى وهجوم على ميسى ومعلول.. غضب الجماهير.. وحيرة النجوم

6-12-2018 | 17:45
محمد بيومي

تعتمد كرة القدم بشكل كبير على أخطاء اللاعبين، وهناك مقولة شهيرة مفادها «إذا لم يخطئ أحدهم لما سجل الآخر هدفا»، لكن جماهير اللعبة الشعبية الأولى فى العالم دائما لهم رأى آخر، خصوصا عندما يتقمص بعضهم دور المدير الفنى، ويحكم برؤية غير احترافية على اللاعبين، لينقسم الجمهور ما بين محب وكاره، فكم من اللاعبين الدوليين طالتهم اتهامات بالتخاذل وتشكيك في الانتماء، بل كانوا ضحايا التهديد بالقتل بسبب إخفاقاتهم خلال مشاركة منتخب بلادهم في البطولات المختلفة.

لعل ما حدث أخيرا،  لنجم منتخب السنغال، ومهاجم ليفربول، ساديو ماني، خير دليل على قسوة انتقادات الجماهير للاعبين، ليلقى الضوء على حكم الجماهير على أداء اللاعبين داخل المستطيل الأخضر، ومساندتهم فى السراء فقط، وأيضا يطرح تساؤلا غاية فى الأهمية: هل يوجد أى مبرر لاتهام لاعب بعدم الانتماء إلى نادٍ أو منتخب وطنى، أو حتى تهديده بالقتل، لمجرد أنه لم يرق إلى مستوى آمال وطموحات جماهيره؟ 
 

 
وكان اللاعب السنغالى، قد تعرض للهجوم الشديد من جانب جماهير منتخب بلاده خلال الفوز على غينيا الاستوائية بنتيجة هدف مقابل لا شيء، ضمن مباريات الجولة الخامسة في تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2019، عقب إهداره لإحدى الفرص، مما جعله يدخل في نوبة بكاء قوية، ليكتب شقيق ماني، على حسابه في "إنستجرام": "من النادر أن ترى جماهير تهاجم لاعبا لها مثلما تفعلون".
 
كما شهد كأس العالم 2018 بروسيا حالات عدة من انتقادات الجماهير اللاذعة للاعبى منتخب بلادهم، برغم تألق العديد منهم، لكن وقع بعضهم فريسة لغضب الجماهير، وكان أول ضحايا هذه الانتقادات فى هذا المحفل الرياضى الكبير، التونسى على معلول الظهير الأيسر للنادى الأهلى المصرى والذى اعتبرته الجماهير التونسية أنه كان نقطة ضعف كبيرة فى تشكيلة نسور قرطاج بعد فشله فى الظهور بمستواه المعهود مع منتخب تونس، واصفة إياه بأنه خيب آمالهم بعد أن قدم مستوى باهتا للغاية، حيث أسهمت أخطاؤه الدفاعية فى هزيمة تونس أمام  إنجلترا وبلجيكا فى مونديال روسيا، وهو ما كلفه الاستبعاد من تشكيلة الفريق الأساسية فى مباراة بنما الأخيرة من دورى المجموعات، بعد أن تعرض لسيل من انتقادات الجماهير التونسية قبل أن يعلق على حسابه بانستجرام قائلا:"أعلم أننى ارتكبت أخطاء فى كأس العالم، ولم أكن فى أحسن مستواي، وأتحمل مسئولية ما فعلته، لكن على الجميع أن يتذكر أننى قدمت مباريات كبيرة مع المنتخب منذ الانضمام لصفوفه".
 
وسرعان ما انقلبت الجماهير الأرجنتينية على نجم التانجو وأسطورة برشلونة ليونيل ميسي، بعد أن عبرت عن ثقتها فيه قبل انطلاق فاعليات كأس العالم، قائلة: «إن تمتلك أفضل لاعب فى العالم 5 مرات يعنى أنك مرشح للذهاب بعيدا فى أى بطولة»، وبعد أن كانت تغنى له: "ليو سوف يجلب لنا كأس العالم، حتى يصبح عظيمًا مثل دييجو"،  صبت جام غضبها على نجمها الأبرز، ووجهت له كثيرًا من اتهامات التخاذل، والهروب من المسئولية، وتفضيل برشلونة على الأرجنتين بعد إضاعته لركلة جزاء حاسمة فى تعادل الأرجنتين أمام أيسلندا، وعدم تسجيله سوى لهدف وحيد ضد نيجيريا قبل أن يودع البطولة أمام فرنسا فى ثمن النهائي دون أي بصمة واضحة. 
 

 
أما محمد الننى نجم منتخب مصر كان له نصيب كبير من انتقادات الجماهير المصرية والتى قادت ضده حملة عنيفة على مواقع التواصل الاجتماعى، ووصفته بأنه لا يصلح لقيادة خط وسط منتخب بلاده، عقب خروج "الفراعنة" من الدور الأول لكأس العالم 2018، حيث فشل صاحب الـ25 عاما فى الارتقاء إلى مستوى تطلعات الجماهير المصرية، ولم يستطع الظهور بالمستوى المتوقع منه كلاعب ارتكاز يجيد التمرير وبناء الهجمات، وقدم أداء ضعيفا للغاية وهو ما جعله ضمن التشكيل الأسوأ فى مونديال روسيا وفقا للعديد من الصحف العالمية، ليعلق الننى عبر حسابه على تويتر:"كان نفسنا نفرحكم لكن الحمدالله على كل شيء قدر الله وما شاء فعل".
 
وينضم إلى هؤلاء اللاعبين نجم "المانشافت" مسعود أوزيل التى طالما تغنت الجماهير الألمانية كثيرا بنجم أرسنال الذى كان له دور بارز فى تتويج ألمانيا بكأس العالم بالبرازيل 2014 وبدأ الحديث عنه كنموذج ناجح للغاية كونه من أصول غير ألمانية، لكن الصورة تغيرت الآن كثيرا، وأصبح أوزيل فى مرمى انتقادات قوية بعد أن ظهر بصورة ضعيفة فنيا وبدنيا مع الماكينات فى مونديال روسيا، ولم يقدم أي شيء يذكر، وهو ما دفع الجماهير الألمانية إلى اتهامه بأنه أحد الأسباب المباشرة فى سقوط "المانشافت" المدوى من الدور الأول، وردا على ما تعرض له خلال نهائيات كأس العالم من الجماهير، أعلن أوزيل اعتزاله اللعب الدولي، وقال:"بقلب مفعم بالأسى، وبعد الكثير من التفكير بسبب الأحداث الأخيرة، لن أعود لألعب على المستوى الدولي ما دمت أشعر بهذه العنصرية وعدم الاحترام تجاهي"، وبرر صاحب الـ29 عاما قراره، بقوله: "عندما نفوز أصبح ألمانيا، وعندما نخسر أتحول إلى مهاجر". 
 

 
وشنت الجماهير الإسبانية، هجوما شديدا على حارس المرمى ديفيد دى خيا عقب الهزيمة من روسيا بركلات الترجيح فى مباراة دور الـ 16 من نهائيات كأس العالم، والتى وضعت "اللاروخا" خارج البطولة على يد الدب الروسى للمرة الأولى فى التاريخ، ووصفته بأنه لم يرق إلى مستوى حارس مرمى المنتخب الإسبانى، وأنه لم يكن يتوجب عليه الذهاب إلى روسيا، فلم يتصدى سوى لتسديدة واحدة من 12 تسديدة خلال المباراة، وطالبت باستبعاده.
 
لم تكن واقعة ماني هى الأولى للجماهير السنغالية بل سبقه فى الانتقاد مواطنه خاليدو كوليبالى مدافع "نابولى" الإيطالى، والذى لطالما أثنت الجماهير على إمكاتاته العالية وقوته البدنية الكبيرة، فضلا عن تميزه فى الكرات العرضية سواء من الناحية الدفاعية أم الهجومية، لكنه عندما أظهر وجها مغايرا خلال مشاركته مع أسود التيرانجا فى كأس العالم بروسيا وفشل فى إظهار التألق الذي يتمتع به مع منتخب بلاده، كان لمناصريه من الجماهير السنغالية رأى آخر، التى اتهمته بالتقصير وأنها عقدت على صاحب الـ 27 عاما آمالا كبيرة لقيادة خط دفاع منتخب بلاده والمضى قدما لتكرار إنجاز 2002.
 

 
ولم يسلم نجم منتخب السامبا وباريس سان جيرمان، نيمار دا سيلفا، من انتقادات الجماهير البرازيلية، عقب خروج السيلساو من مونديال روسيا، وتعرض لهجوم كبير، واتهامات بالفردية، وأنه لم يقدم ما كان متوقعا منه، وظهر بصورة لم تكن كما تمناها الجمهور البرازيلى، الذى طالبه بالتركيز فى كرة القدم والتوقف عن "التلهى"، وأن يتمرن أكثر بدلا من السقوط فى كثير من الأحيان،  ليوجه النجم البرازيلي السابق ريفالدو رسالة إلى مواطنه نيمار، بعد هذا الهجوم على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "انستجرام": "إذا كان عليك القيام بمراوغات، قم بها، إذا كان عليك تسجيل هدف، سجله، وإذا كان عليك أيضا أن تسقط جراء الأخطاء، اسقط، وإذا كان عليك كسب وقت على أرض الملعب، قم بذلك أيضا".
 
وعادة ما تستخدم جماهير كرة القدم أكثر من وسيلة فى توجيه انتقاداتها للاعبين، وتعد السوشيال الميديا سلاحهم الأول فى ذلك، مثلما حدث أخيرا مع  المغربي حمزة منديل، لاعب شالكه الألماني، والذى واجه انتقادات شديدة عندما رد بشكل غير لائق على تعليق لأحد المشجعين المغاربة، انتقد سوء عرضياته خلال المباريات الدولية، طالبا منه تحسين مستواه، ليجد نفسه أمام  حملة انتقادات واسعة من قبل الجماهير المغربية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن سب والدة المشجع.
 
وعلق المشجع المدعو "أمين" على مدافع نادي شالكه الألماني على الموقع الاجتماعي "انستجرام" قائلا: "أنت لاعب كتلعب كظهير أيسر ومكتهزش حتى عرضية صحيحة"، ليعقب عليه حمزة بطريقة غير لائقة، وأقدم على سب والدته، مستخدما ألفاظا تحمل إيحاءات جنسية.
 

 
واستنكرت الجماهير المغربية ما صدر عن حمزة منديل، وطالبت المسئولين في الجامعة الملكية المغربية بتأديبه ومعاقبته جراء ما اقترفه في حق مواطن مغربي أدلى بكل احترام برأيه، فيما يخص أداء اللاعب المدافع عن راية المغرب.
 
وقال كثيرون، إن على حمزة منديل أن يكون لاعبا محترفا في أدائه وأخلاقه، وأن يحترم وجهات نظر المشجعين، وأن يضع قدميه على الأرض ويحارب الغرور والعجرفة، إن هو فعلا أراد الذهاب بعيدا في عالم كرة القدم.
 
ووصل جنون بعض جماهير الكرة فى انتقاداتها إلى حد التهديد بالقتل لتدخل الخوف والقلق إلي قلوب لاعبي منتخب بلادهم، إذا أخفقوا فى أي بطولة ذات شأن كبير، وتعود أحداث أول حالة تهديد بالقتل إلي النسخة الأولي من المونديال عندما تلقى هيكتور كاسترو لاعب أوروجواي تهديداً أرجنتينياً بالقتل قبل نهائي مونديال 1930، وبرغم ذلك شارك المباراة وساهم في تتويج السيليستي بأول لقب مونديال، بعدما سجل هدفا وصنع آخر. 
 
وكان النجم الأسطورى الهولندي يوهان كرويف من أبرز النجوم الذين تلقوا تهديدات بالقتل في سبعينيات القرن الماضي حال سافر إلى الأرجنتين وخاض مع منتخب هولندا منافسات مونديال 1978، فضلاً عن التهديد باختطاف عائلته من جانب النظام الحاكم في الأرجنتين في هذا الوقت، مما دفعه لاعتزال اللعب الدولي، ورفض المشاركة في كأس العالم، وعلق علي ذلك بالقول:"حينما تكون الحياة في مقارنة مع خوض المونديال، فإن قيمة الحفاظ على الحياة تبقى أكثر أهمية، حالات كثيرة للتهديد حدثت في كأس العالم، حيث تعرض لاعبو المنتخبات المودعة للمنافسات للتهديد بالقتل جزاءً ما أقدموا علي تكليف منتخباتهم الإخفاق والتوديع المبكر للمونديال".
 
ويعد مقتل الكولومبي أندريس إسكوبار، رميا بالرصاص بعد هدفه بالخطأ في مرمي منتخب بلاده في مونديال 1994، ضحية التعصب الكروي، وكأنه جندى خان الوطن.
وفى الفترة الأخيرة وتحديدا خلال نهائيات مونديال كأس العالم بروسيا تلقى أكثر من لاعب تهديدات بالقتل من قبل جماهيرهم، فالبداية كانت مع  مهاجم الدانمارك نيكولاي يورجنسن، بعدما أهدر ركلة ترجيح أمام كرواتيا في مونديال 2018 تسببت في توديع منتخب بلاده البطولة، ليبلغ الاتحاد الدانماركي الشرطة، وكتب في بيان بحسابه على "تويتر": "توقفوا، يجب على مجتمعنا ألا يتقبل أبدا أي تهديدات بالقتل سواء لنجوم كأس العالم أم للساسة أم للآخرين، هذه واقعة غير مقبولة تماما، لقد أبلغنا الشرطة بالقضية لإيقاف هذا الجنون".
 
أما السويدي جيمي دورماز، صاحب الأصول التركية تلقي تهديدا بالقتل وإهانات عنصرية من الجماهير السويدية، وكان عرضة للتشكيك عقب ارتكابه الخطأ الذي أحرز منه أوزيل هدف الفوز لألمانيا في المباراة المثيرة بين المنتخبين، ورد دورماز على سيل الهجوم قائلا: "من حقكم انتقادي على أدائي داخل الملعب، ولكن لا يحق لكم تجاوز جميع الخطوط بهذه الطريقة"، وعلق:"أنه سويدي ولن ترهبه تهديدات العنصريين".
 
كما تلقى لاعب المنتخب النيجيري، أوديون إيجالو، تهديدات بالقتل بعد إهدار فرصتين سانحتين للتسجيل في مرمي الأرجنتين، في المباراة الأخيرة من دور المجموعات، ووصلت تهديدات للاعب عبر هاتفه بالقتل، في حال فكر في الدخول إلى نيجيريا، بعد الخروج المبكر من المونديال، وكشف إيجالو في تصريحات سابقة :"تلقيت تهديدات بالقتل، لكن ما يمكنني أن أقوله إن منتخب نيجيريا قدم كل شيء في المونديال، لكن أحياناً لا تسير الأمور كما نريدها أن تكون".
 

 
وفى المقابل نجد أن هناك لاعبين انتصروا على انتقادات الجمهور، خصوصا فى نسخة كأس العالم الماضية بروسيا، وردوا على تلك الاستهانة بهم، ومن أبرزهم المدافع الفرنسي بنيامين بافارد البالغ من العمر 22 عاما، والذى واجه المدرب ديشامب انتقادات كثيرة من المشجعين، لاختياره ضمن التشكيلة الأساسية لمنتخب فرنسا، وبرغم جميع تلك الانتقادات لعب بافارد بشكل جيد فى البطولة, وسجل هدفا مذهلا ضد الأرجنتين، ليتجاوز التوقعات.
 
وأيضا المهاجم الكرواتى ماريو مانزوكيتش الذى رد على انتقادات الجماهير له بتقديم أداء جيد بصفوف كرواتيا منذ بداية منافسات كأس العالم، واستطاع قيادة منتخب بلاده إلى أول ظهور فى نهائى المونديال، ولعب دورا أساسيا فى انتصار منتخب بلاده أمام إنجلترا وروسيا من خلال أهدافه الحاسمة التى ساعدت المدرب الكرواتى فى صنع التاريخ.
 

الاكثر قراءة

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام