مقالات رئيس التحرير



أيام صعبة.. لكن مفهومة

13-3-2019 | 00:19
جمال الكشكي

الحقيقة مؤلمة، ومصر دولة كبيرة لها مكانتها الإقليمية، والتجاوز فى حقها ليس سهلا، ردود الأفعال والصدى الإعلامى للعدد رقم (1141)، الصادر بتاريخ 2019/3/9 من مجلة «الأهرام العربى»، بعنوان «الشيطان»، الذي يتناول حقيقة موقف الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، جاءت واسعة وغير متوقعة، فبقدر حجمها وتنوع وسائل نقلها، بقدر  ما تتأكد أن الرئيس التركى نجح فى الدخول فى صدام مع الجميع.

اللافت للنظر أن تكثيف نشر ردود الأفعال، جاء من وسائل إعلام عالمية معظمها وسائل إعلام تركية.
 
هذا العدد أحدث وجعا فى العمق بالنسبة لأردوغان وحزب العدالة والتنمية، انزعج هو ورجاله مما نشرته «الأهرام العربى»، وصدمه أكثر اهتمام الإعلام العالمى بمضمون هذا العدد، وراح هو وأجهزته يفسرون ذلك بأنه موقف رسمى، باعتبار أن «الأهرام العربى» مجلة رسمية، لكن قبل أن ينزعج، ألم يسأل نفسه عن التجاوز الذى ارتكبه فى حق الشعب والدولة المصرية قبل عدة أيام؟! ألم يسأل نفسه، أنه لا يزال يقف فى مرحلة مضت، مرحلة تغيرت قواعدها وحساباتها، خصوصا مع مصر؟! ألم يسأل نفسه مع من يتحالف؟ ومع من يخطط؟ وماذا يريد من مصر؟!
 
صعود الدولة المصرية يزعج الكثيرين وفى مقدمتهم أردوغان، وبالتالى فإن ما قدمته «الأهرام العربى» ما هو إلا دور وطنى هادف مخلص، للحفاظ على الدولة المصرية وأبنائها، فكفى ما حدث من تآمر وتخريب وتمزيق. مصر قالت كلمتها، ولن تعود مرة ثانية إلى هذا المربع، الشعب المصرى قرر -باقتناع- أنه لن يسمح بعودة الفوضى والتخريب مرة ثانية.
 
آلاف الشهداء.. آلاف الأبرياء والآباء والأمهات والزوجات والأسر قدمت أبناءها شهداء لهذا الوطن. ضحوا بأغلى ما يملكون من أجل الحفاظ على تراب هذا البلد.
هنا فى الدروة التثقيفية الثلاثين، التى نظمتها بامتياز إدارة الشئون المعنوية، كان الآباء والأمهات والزوجات والأطفال الأبرياء يبثون رسالة الوحدة، والتصدى لكل من يحاول العبث بمقدرات هذه الدولة.
 
نعم هذه الأيام صعبة من عمر هذا الوطن، لكنها أيام مفهومة، التحديات واضحة ، التربص عينى عينك، لكن سيتم العبور فوق هذه الأيام، ولا بديل عن الوصول إلى شاطئ الأمان والاستقرار، فليس لدى هذه الدولة رفاهية التجارب مرة ثانية.
 
كلمة ومداخلات الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى الندوة الثلاثين، وما شهدته من معانقة لأبناء شهداء الوطن الأطفال والأبرياء، وتقبيله أيادى الأمهات. كلها كانت مشاهد تؤكد أننا أمام قائد وقيادة صادقة، يتعامل بأمانة أمام مستقبل هذا البلد وشعبه، تحدث فى العديد من الملفات التى شهدناها منذ عام 2011، كشف عن الكثير من زيف ما قيل ولا يزال يقال، وطمأن وحذر ونبه، لكن المؤكد أنه يقود مشروعا وطنيا بامتياز. علينا أن نتكاتف ونلتف خلفه، لأن البديل أكثر مرارة مما شاهدناه خلال ما يسمى بالربيع العربى.
 
من يرد التنظير ومن يرد أن يعتلى منابر الوصايا، عليه أولا أن ينظر فى عيون طفل فى الشهور الأولى من عمره، صار يتيما بعد استشهاد سنده الوحيد فى هذه الدنيا، ألم نتوقف لنقول من أجل هذا البرىء علينا أن ننتفض وطنيا، لبناء هذه الدولة، بناء وطنيا، بعيدا عن التلوث السياسى، الذى إذا استشرى لن يترك بقعة إلا ويصيبها فى مقتل.
 
ذكرى يوم الشهيد إنما هى أكثر دلالة على حجم التحديات التى تواجه بقاء ووجود الدولة المصرية منذ استشهاد الفريق عبد المنعم رياض، وحتى كتابة هذه السطور، التى تشهد على آلاف الشهداء الأبطال الذين يتسابقون بتقديم أرواحهم من أجل أن تبقى مصر وشعبها. اللحظة.. غير كل اللحظات، لم تكن نجاة الدولة المصرية من مخطط التمزيق هينة أو مقبولة لدى أطراف عديدة، مثلما قلنا، ونؤكد أن مصر صاحبة كلمة وموقف، ومفتاح مركزى فى جغرافيا المستقبل، وبناؤها والحفاظ عليها، يجب أن يكون بعيدا عن فوضى وسائل التواصل الاجتماعى أو حروب الجيلين الرابع والخامس، التى أصبحت سيفا مصلتاً يطارد كل خطوة من خطوات الاستقرار،  التى تحققها الدولة المصرية.
 
التوقيت فى صالح المستقبل إذا ما أحسنا صنعه، وتحركنا وفق عقيدة وطنية خالصة.

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام