لم أخرج فى مظاهرة واحدة طوال حياتى لأنى أرفض أن أكون فردا ضمن قطيع
يقف اسم المفكر السورى فراس السواح فى طليعة الأسماء التى بنت اسمها بمعزل عن أى سلطة باستثناء سلطة العقل، ولم يأت مشروعه فى البحث عن موقع الأسطورة ومكانتها فى تراثنا، مستندا لجماعة أيديولوجية تروج له ولأفكاره، فهو لا يرى نفسه بعد رحلة زادت على أربعين عاما مدينا لأحد، إلا للقارئ وللعقل الذى وضعه فى هذه المكانة الطليعية، لذلك لا ينظر لنفسه كصوت صارخ فى البرية.
حين جاء «الطوفان السورى» بعد مارس 2011، واندلعت المظاهرات، وقف السواح يحذر من تفتيت المجتمع السورى معلنا تأييده للمتظاهرين ورفض التفتيت، والاستجابة للنزعات الطائفية، وساعتها كتب « فى زمن القتلة والجنون الجماعى لأمة بأكملها تنسحب الكلمة إلى مخبئها، ويغدو صوت الحق مثل نهيق حمار تائه فى الصحراء لا يسمعه أحد، لذا فإن العاقل ينكفئ على نفسه ويختار الصمت»، ومع ذلك كان للصمت أثمانه.
فى «أربيل» كردستان العراق التقيت بفراس السواح، ومنحنى بكرم بالغ الكثير من الوقت للطواف حول مشروعه، الذى لا أزال أتذكر كيف أثر فى جيلى بكتابه الأول «مغامرة العقل الأولى» وبعد أربعين عاما صارت لدى السواح مجموعة من المؤلفات تحمل اسم الاعمال الكاملة أصدرتها دار التكوين فى سوريا فيها : «لغز عشتار ودين الإنسان، وموسوعة تاريخ الأديان، وفصول من الفلسفة الصينية وقراءة فريدة فى ملحمة جلجامش»، وكلها تعنى أنه وهو المفكر الفرد أنتج مؤسسة من الأفكار التى تضرب فى الأفكار الجامدة، وتسعى لتأسيس عقل جديد بات عليه اليوم أن يواجه الأصوليات ومختلف أشكال الفاشية دفاعا عن العقل، متبنيا دعوة للدفاع عن الإسلام من محاولات اختطافه.
< قلت له: كيف تتأمل الرحلة بعد أربعين عاما من العمل، وأمامنا مؤلفاتك فى طبعتها الكاملة، هل كان لديك تصور عن ملامح هذا المشروع عندما بدأت؟
لم تكن رحلتى مخططة، كنت كمن يطأ أرضا مجهولة، ولم تكن لدى خطة، كل ما كنت أعرفه عندما بدأت أن لدى انشغالات معرفية وأسئلة بلا إجابات قادتنى للبحث، وقد أحببت تدريجيا أن أعمم ما أتوصل إليه من أفكار ونتائج.
لم يكن هناك فى وعيى أننى أمتلك مشروعا، لأننى لم أكن واعيا بما سأصل إليه، لكن فى اللا شعور كان هذا المشروع قد تشكل وبدأت كتابة «مغامرة العقل الأولى»، وأنا فى الثلاثين وأنهيته بعد عامين ونشرته فى العام 1976، وحقق نجاحا باهرا، لا أزال إلى الآن أحاول فهم أسبابه ولا يزال إلى الآن من أكثر كتبى مبيعا .
< وكيف تفسر الاستقبال الكبير الذى تحقق للكتاب وجعل اسمك على لسان الجميع؟
فوجئت بردود الأفعال، لأننى عمليا لم أكن أعرف ماذا أنجزت، فقد قدمت الكتاب لاتحاد الكتاب العرب، لأحصل على إجازة نشر، وبقى لعامين فى أدراج الفاحصين بحثا عن شخص يقول لهم إن ما كتبته صالح للنشر، وبالمصادفة وصل الكتاب لعلامة جليل ورمز من رموز الثقافة السورية المعاصرة، وهو أنطون مقدسى، الذى كان يشرف على النشر والترجمة، وعندما وصله الكتاب وافق على نشره ثم طلب رؤيتى والحديث معى، وفوجئ بصغر سنى، وطلب منى حذف الفصل الأخير، وكان عنوانه «أسطورة عشتار وأزمة الحضارة»، لأنه خارج سياق الكتاب، وقمت بذلك بالفعل وأصبح هذا الجزء كتابا منفصلا اشتغلت عليه فيما بعد. ويبدو لى أننى لم أكن مدركا لحجم النجاح الذى تحقق، وكان نجاحى أكبر منى بكثير، حيث لم أكن على مقاس شهرتى، وصار القراء يعرفون اسمى ولا أحد يعرف صورتى، كما هى الحال الآن، وهذا ساعدنى على متابعة مشروعى فى هدوء. وبعد عشر سنوات ظهر كتابى الثانى، لأن نجاح الكتاب الأول يضعك فى مشكلة الرغبة فى تجاوزه، وكما قلت فى مقدمة طبعة الأعمال الكاملة التى صدرت قبل عامين عن دار التكوين «لقد تحكم نجاح كتاب مغامرة العقل الأولى فى حياتى»، وبعد أن كتبت كتابى الثانى «لغز عشتار»، تنامى إحساسى بالسير فى المنطقة المجهولة.
< هذه الكتب ظهرت فى سياق ثقافى آخذ فى التشكل يعيد النظر فى تاريخ الشرق الأدنى القديم، وعلاقة الأسطورة بالوعى والدين والتأسيس لحضارات المنطقة وصراعاتها أيضا، مثلما نجد ذلك فى مشروع كمال الصليبى وكتابه «التوراة جاءت من جزيرة العرب».
كمال الصليبى لم يشتهر إلا بكتابه «التوراة جاءت من جزيرة العرب»، الذى صدر بعد عشر سنوات من كتابى الذى يمكن لى أن أوجز لك أسباب نجاحه، ومن بينها صياغة هذا السياق الذى تحدثت عنه، فموضوعات مثل الأسطورة وتأسيسها، ومقارنة الأديان لم تكن مطروحة من قبل، والكتب شبه نادرة فى المكتبة العربية، وفى البداية وضعت له عنوان «فجر العقل»، وما زلت أذكر كيف عانيت فى الحصول على مراجع أجنبية، ولولا فرصة سفر أتيحت لى بفضل منحة حصلت عليها خلال عملى فى منظمة العمل الدولية، ما تمكنت من توفير أى مراجع، وكنت أشترى الكتب وأرسلها لسوريا، وعندما عدت للعمل عليها، تأكدت فكرتى أن المشروع كان مختمرا فى اللا وعى، لأننى كنت أجد كتبا لا أعرف لماذا اشتريتها، لكنها الآن صارت فى قلب مكتبتى، ومنها كتب عن تاريخ فلسطين، كتبها تيار المؤرخين الجدد، واليوم تنامى اهتمامى بفلسطين التاريخية، وأصبحت مركزية فى مشروعى الفكرى، وصرت أشارك فى الكثير من الندوات العلمية حولها بوصفى خبيرا بالموضوع، وقبل سنوات شاركت فى تأليف فصول ضمن كتب عالمية متخصصة، ومنها كتاب مع المؤرخ «كيث وايتلام» صاحب الكتاب الشهير «اختلاق إسرائيل، أو إسكات التاريخ الفلسطينى».
< عندما نعود إلى سنة نشر كتابك سنجد أنها كانت حافلة بمحاولات بناء المشروعات الفكرية، البعض يؤصل لما يسمى بـ «الإسلام الحضارى» والبعض الآخر يتحدث عن يسار إسلامى، وفصيل ثالث منشغل بتأكيد المقولات اليسارية فى نقد التراث، بينما قدمت نفسك بصفتك كاتبا لا منتمياً ودون أيديولوجيا.. ما الذى تقصده بعدم الانتماء الأيديولوجى، ومن أين جاءتك قوة تقديم نفسك كصوت فردى وسط مشروعات جماعية؟
أتصور أن الموضوع له علاقة بتكوينى الفكرى الأول، على ما أذكر لم أخرج فى مظاهرة فى حياتى، لأننى لم أحب أن أكون ضمن قطيع، لذلك حين شاركت فى معرض القاهرة للكتاب سألنى أحد الحضور، ما الشيء الذى حافظت عليه طوال حياتك؟ فقلت بلا تردد: «تمردى» فأى مفكر بحاجة أن يفكر منفردا وبعيدا عن القطيع لكى تبدو الصورة أوضح. < لكن هذه النزعة الفردية لها أثمان وسط ثقافة تمجد الجماعات، فهل عانيت ودفعت ثمنا لذلك بحيث أصبحت صوتا صارخا فى البرية؟ لم يحدث ذلك لسبب بسيط، وهو أنه قد تم التفاعل مع أفكارى والاستجابة لها من القراء، بل تم تبنيها من قبل الجماعات الماركسية والقوميين السوريين، الذين قاموا بتجيير تلك الأفكار، وبالتالى لم أشعر أننى فرد أبدا، على الرغم من إصرارى على أن أبقى وحيدا . < ترى دائما أن مشروعك قائم على تحرير العقل وبعد سنوات من بدء هذا المشروع.. كيف يمكن لك وصف اللحظة الراهنة، هل هى لحظة تحرير العقل أم تحجيمه؟ لا أزال على ثقة أن ما بدأناه أنا ومفكرون آخرون، هو سعى فى الطريق الصحيح ولا نستطيع أن نتوقع نجاحا سريعا، فعملية تغيير العقل عملية بطيئة، ومع ذلك فقد حققنا الخطوة الأولى وعلينا ألا نتوقف. < ومن أين تستمد نبرة الأمل فى حين أن أغلب مفكرينا يحيطون أفكارهم بنبرة تشاؤم عالية؟ دائما الطريق يسير نحو الأمام، ويأخذنا إلى المستقبل وهناك قول مأثور لماو تسى تونج مأخوذ من كونفوشيوس « طريق الألف ميل يبدأ بخطوة «، وقد اتخذنا هذه الخطوة والأمور لن تعود للخلف. < بعد إطلاق مشروعك بسنوات بدأت أصوات أخرى تظهر فى العالم العربى تنشغل بإجراء حفريات فى التراث انطلاقا من علاقة الأسطورة بالعقل والتاريخ، فظهرت كتابات سيد القمنى وخليل عبد الكريم وآخرين فكيف تقرأها وتقيمها؟ من الطبيعى أن تظهر أصوات فى الطريق نفسه، وهذه مسألة إيجابية، وأعتقد أن سيد القمنى بدأ بداية جيدة، لكنه أخذ مشروعه لطرق ملتوية ودخل فى صدامات، ونقطة رئيسية تفرق بينى وبينه هى، أننى لم أدخل فى صدامات مع الإسلاميين والأفكار الأصولية وواصلت مشروعى فى هدوء، والقمنى وجد نفسه الآن فى خانة التهجم على الإسلام، وهى مسألة صعبة تستنزف جهد الباحث وتحوله لتبشيرى، وعندما أفتح محاوراته وبرامجه على اليوتيوب، لا أستطيع أن أسمعه، لأنه فقد كل منطق، ولم يعد قادرا على بناء فكرة والتأسيس لها، بل تحول لداعية وهذا موقف إعلامى وليس موقفا فكريا، ومن بين كل المشروعات التى أنتجها زمنى أحترم تماما مشروع الراحل د. نصر حامد أبو زيد وأنظر له بتقدير كبير، وفى تونس أحترم أيضا أفكار يوسف الصديق وكتابه «هل قرأنا القرآن حقا» وكتابات المفكر السورى محمد شحرور . < وعلى ضوء تجربتك، كيف يمكن لفكر تحررى أن يتجنب الصدام مع الأفكار الأصولية؟ منذ البداية لم أصطدم مع أحد، إذا أردت أن تكون مسموعا ومتقبلا، يجب أن تبدأ بالحوار وليس الشجار، لذلك ارفض المشاركة فى أى ندوة فيها مساجلة أو مناظرة وما أفعله هو أن أقدم ما لدى فى كتب وعلى الآخرين التفاعل أو الاشتباك معها بشكل حر . < وهل استقبل الإسلاميون أفكارك بشكل جيد وناقشوك فيها؟ هذا ما حدث فعلا، وأذكر أن المفتى العام فى سوريا قبل أن يشغل منصبه رسميا، قالى لى بعد أن شاركنا بندوة فى حلب مع رجال دين مسلمين ومسيحيين: «قرأت أغلب مؤلفاتك ولم أجد فيها ما يمس الإسلام»، وبهذه المقولة أعطانى شهادة طمأننى فيها أننى فى الطريق الصحيح. < ومع ذلك لم يخل رأيك فى الحجاب من صدام مع بعض الإسلاميين؟ فى مسألة رفض الحجاب عبرت عن رأى شخصى لا ألزم به أحدا، فأنا لست فى موضع مسئولية لكى أمنع الحجاب أو أقر بوجوده، فالحجاب صار موجودا فى إطار جدلية اجتماعية مرت بها المجتمعات العربية، لكن لكل بلد خصوصيته، فالحجاب فى سوريا ليس هو الموجود فى مصر أو فى السعودية، والتعميم فى التعاطى مع هذه الظاهرة ينطوى على مغالطات، وأنا لا أريد التوسع فى هذا الموضوع، لأنه جدا دقيق، فالحجاب فى سوريا علامة على طائفة معينة وهو ليس كذلك فى مصر، ولا أدرى إلى الآن لماذا أثار رفضى له كل هذا الجدل؟. < ما يجرى حولنا من تحولات أنتجها عالم ما بعد 2011، وضع منظرى الإسلام السياسى فى ورطة الإجابة عن سؤال: هل انتهى عصر الظاهرة الإسلامية أم بدأ بالفعل مع سعى الإسلاميين للوصول إلى السلطة عبر انتفاضات جماهيرية؟ الإجابتان فيهما قدر من الصحة، الأكيد أن الظاهرة الإسلامية موجودة قبل ثورات الشباب، والأكيد أيضا أن هذه الانتفاضات لم تكن بفعل الإسلاميين، وظهور الإسلاميين كان جزءا من سياق شامل، وقد قلت للشباب فى سوريا محذرا من تسلل الإسلاميين لصفوف الثورة سعيا لاختطافها، وقد هوجمت فى وقتها بشدة من كل الفاعلين آنذاك، لكننى قلت كلمتى وصمدت فى الصمت. فقد كنت مع الثورة قلبا وقالبا، لكن هذا لا يعنى عدم إدراك خطر تسلل الإسلاميين لها. < وهل تتوقع أن تغير الأحداث فى السودان والجزائر من هذه المعادلة ليخرج الإسلاميون من المشهد هناك؟ الظاهرة الإسلامية لن تختفى بسهولة وينبغى أن نكون على وعى بذلك ومستعدين له. < وكيف تقرأ الأحاديث الدائرة عن الحاجة إلى إسلام جديد داخل بعض الدوائر السياسية وأنظمة الحكم؟ فى لقاءاتى الأخيرة دعوت أنا أيضا إلى إسلام جديد، فالنسخة التى وصلتنا من الإسلام تعود لما قبل القرن الثالث الهجرى، فلم يعد هناك وجود للمعتزلة ولا أفكار إخوان الصفا، وهذا ما يجعل من المسلمين أمة بلا مستقبل، فنحن بحاجة إلى تحديث الخطاب الدينى، وهذا ما يعيدنا لمشروع نصر حامد أبوزيد الذى لم يقرأ بجدية. < علام تؤسس لإعجابك بهذا المشروع الفكرى؟ عندما يحين الوقت لظهور فكرة، القدر يستخدم شخصا لتأدية هذا الدور، وفى التسعينيات كان الوضع مهيأ لظهور مفكر بهذا الحجم، وكان قدره الكشف عن هذه الحاجة لتجديد الخطاب الدينى، وأعتقد أن هناك مشروعات جاهزة للتطبيق مثل نصر وشحرور ويوسف الصديق، لأن هؤلاء كانوا يكتبون للناس وليست للنخبة الفكرية وتناولهم للإسلام فى المجال العام . < هل تعتقد أنك تأخرت فى تناول أركيولوجيا الإسلام السياسى؟ ليس تأخرا، إنما هو سعى لمعرفة الأصول، فما تراه الآن هو قشور أوراق، ومهمة الباحث هى السعى وراء الأصول ومشروعى أعطى ثماره بهذا المعنى . وبعد ظهور التيارات المتطرفة يسألنى الأصدقاء عن خططى فى المستقبل وأرد: «لن أترك الإسلام لداعش». < وكيف تنظر لداعش كظاهرة، هى هل مشروع استخباراتى أم مشروع للهدم الحضارى لها أسس فكرية؟ بالطبع هو مشروع هدام يستند إلى أسس فكرية ويمثل انقلابا باتجاه الماضى. < عندما يقوم البعض بالتصنيف دائما توضع فى خانة «الإصلاحيين» وليس فى مربع الثوريين هل هذا وصف أم اتهام؟ أنا مع الثورة التى نبلغها بالتدريج، لكن كلمة «إصلاحى» لها سمعة سيئة، فأنا لست الشخص الذى يبحث عن تسويات فى حين أعتبر نفسى مفكرا نقديا، لأن كل ثقافة لا تبدأ بالنقد لن تتطور . < فى أعمالك الفكرية هل تقوم بإجراء مساءلة للنصوص أم تقوم بإجراء هدم لهذه النصوص؟ لدى احترام عميق للنصوص، وأنا مع الرأى القائل بأن أى نص كبير هناك مستويات فى فهمه، والنص المهم هو الجدير بإعادة القراءة، وعندما نقرأ القرآن الكريم كنص كبير فنحن بحاجة لإعادة القراءة والتأويلات، ونحن بما توافر لنا من علوم وأدوات جديدة بإمكاننا أن نصل لقراءات تغاير تفسيراته عبر التاريخ، لإيجاد مساحة روحية داخل القلب . < هذا يقود لسؤال آخر عن وجود رغبة وفى نشر الإسلام الصوفى، لأنه أقل كارثية من الإسلام الجهادى؟ لا خلاف على أن الإسلام الصوفى نسخة أكثر قبولا، لكن الصوفية وحدها لن تكون بديلا، وبالنتيجة ستظل ممارسة نخبوية فكريا يمكن تمييزها عن ممارسات الدين الشعبى التى تقلل من القيمة الرمزية للصوفية. < أنت الآن تتواصل بشكل مباشر مع القراء عبر مواقع التواصل الاجتماعى.. ما الذى أظهره لك هذا التواصل؟ ربما أظهر هذا التواصل الكثير من التأثير، لكن ما يؤلمنى حقا أننى «بلا تلاميذ»، وكانت أكثر الكلمات تأثيرا حين جئت للقاهرة، لحظة أن قال لى د. أشرف منصور: «نحن تلاميذك»، لكننا نحسدك لأنك مفكر متحرر من أشياء كثيرة، ولسنا مثلك نستطيع أن نفعل ما نشاء أو نكتب ما نشاء. < ما أثمان تحررك؟ عشت لسنوات باحثا متفرغا، وهذا التفرغ يحتاج لدعم مادى، ولسنوات لم أكن قادرا على التفرغ، وتنقلت من مدينة لأخرى، من دمشق لحلب ثم حمص، وكنت أبيع بيتى، وكنت مصرا على ألا أعمل إلا فى الكتابة، وقد دفعت الثمن عن قناعة واختيار، وأعتقد أننى نجحت فى هذا الاختيار. < هل ضمن لك هذا أن تفكر بشكل حر تماما؟ بالطبع تحررت باكرا من كل أشكال الانتماء المؤسسى والقبلي. < كما لم تحصل على أى جائزة؟ نعم لم أحصل على جائزة خاصة أو عامة من داخل سوريا أو خارجها. < هل كنت جزءا من تيار أم أسست لتيار؟ لا أعرف تماما وحتى الآن أتعجب لماذا أنا مؤثر لهذه الدرجة.