الليلة الهـندية أشهـر طقـوس الحنة فى مـصـر
والأكثر انتشارا فى الخليج العربى وارتداء «السارى» أهم مظاهرها تقول الأسطورة: إن «إيزيس» وهى تجمع أشلاء زوجها «أوزوريس»، التى وزعها شقيقه ست إله الشر فى كل محافظات مصر، كانت كلما جمعت جزءا تخضبت يداها بالدماء حتى غطتها تماما.. ومن هذه الأسطورة صار مشهد الدماء فى الكفين والذى استبدل بالحناء رمزا لوفاء الزوجة، وصارت ليلة الحنة طقسا مصريا أصيلا تغنى به المصريون ليلة زفاف قطر الندى ابنة خمارويه بن أحمد بن طولون، والتى زفت إلى الخليفة العباسى المعتضد فى عرس أسطورى.
وهكذا جاءت ليلة الحنة طقسا وموروثا شعبيا فى مصر على اختلاف الطبقات الاجتماعية، وإن اختلفت الطقوس أحيانا وتبدلت العادات، لتظهر نقوش الحناء الهندية كبديل عن صينية الحناء التقليدية المحاطة بالشموع. أو يتم ارتداء الزى السودانى التقليدى مع نقوش الحناء السودانية المميزة، وتحل الرقصات السودانية كبديل عن الرقصات الشعبية المعروفة. ربما لا تختلف الصورة فى مصر من محافظة لأخرى سوى عند النوبيين، فليلة الحنة فى النوبة مميزة، حيث تبدأ طقوسها فى بيت العروسة من قبل الزفاف بعدة ليال، وتقوم والدة العروس بإعداد المأكولات النوبية الشهيرة والمتوارثة مثل «الأتر» و»الكابد»، كما يتم ارتداء الملابس النوبية ووضع العطور الخاصة ومنها: «الخومرة» و«الدلكة»، ويتم تحضير الطعام للمعازيم ثم الشاى والبسكوت والفيشار والبلح، وفى الغالب تسبق هذه الاحتفالات ليلة تتلى فيها آيات من القرآن الكريم.
وتقوم العروس خلال الحفل بتغيير ملابسها عدة مرات، ولا يكتفون فى النوبة بتخضيب القدمين والكفين فحسب. بل تقوم العروسة بتزيين جسد العروس لتطهيره، وتدليكه بمخلوط القرنفل والصندل والذى تستمر رائحته الطيبة لعدة أيام.
ومن أشهر الأغانى النوبية «الليلة الحنة وبكرة الدخلة.. زغردوا يا بنات.. يا بنات الحنة»، التى كان يغنيها فى الأصل الفنان النوبى الشهير على كوبان، ويستمر الاحتفال لفجر اليوم التالي، وفى الغالب يكون الاحتفال فى فصل الصيف وفى أماكن مفتوحة، لتستوعب الأعداد الكبيرة. الحنة هندي فى دول الخليج
تعنى كلمة «ميندي» الحناء باللغة الهندية، والتى انتشرت فى جميع البلاد العربية، وفى الخليج العربى هناك تصاميم وألوان حناء مختلفة عن المتعارف عليها فى المغرب العربى. ففى حفلة الليلة الهندية، تقوم فنانة رسم الحناء أو إحدى الصديقات أو القريبات برسم الحناء على يدى وقدمى العروس، حيث تقوم بنقش أول حرف من اسم العريس أو اسمه بالكامل داخل رسم أو تصميم الحناء. ويعتبر السارى الهندى من ضروريات الزفاف فى بعض الدول الخليجية، ويجب علىالعروس ارتداءه فى ليلة الحناء والوداع أمام أهلها وصديقاتها. فلسطين
على الرغم من وجود الاحتلال لم تنطفيء شموع الفرح فى قرى ومدن فلسطين، فليلة العرس ليلة مهمة ولليلة الحنة طقوسها، وتقام الاحتفالات فى مكانين منفصلين للنساء والرجال، ويكون حفل الرجال فى ساحة بيت والد العريس أو المضيفة، أو ديوان العائلة الكبير أو قاعات الأفراح الحديثة. أما ليلة الحنة فى منزل العروس، فتتجمع بها صديقاتها وقريباتها لتوديعها، ويرددن الأغانى الشعبية التى يتميز بها التراث الفلسطينى، التى تميل إلى الحزن، فهى ليلة الوداع لهم ويطلق عليها (الترويدة)، التى تصف تعلق العروس بأهلها وصديقاتها. ويأتى أقارب العريس فى ليلة الحنة إلى بيت العروس، ويقومون بتوزيع الحنة على جميع الحضور. ومن أغانى ليلة الحناء فى فلسطين: الليلة حنا العرايس يا سلام سلم فتحلك ورد الجناين يا فلان سلم الليلة حنا العرايس يا لطيف الطف فتحتلك ورد الجناين يا فلان اقطف ويبدأن بتهنئة أمه وأخواته بهذه الحناء: لشان أمه حبيت أهنى وأغنى لشان أمه على كمه وأرش قنانى العطر على كمه لـ خواته جيت أهنئ وأغنى ل خواته وتمتد مراسم الاحتفال لمدة أسبوع كامل، يحتفل فيه الرجال بالأيام الثلاثة الأخيرة، وتتولى هذا الاحتفال امرأة ذات ذاكرة قوية تسمى «العزامة»، تعرض عليهم لائحة الأسماء من ذاكرتها، فيختار أهلالعريس المدعوين، وتتكفل العزامة بعملية توجيه الدعوات، وتحمل شمعدانا من النحاس عليه شمعة، وتزور العائلات المدعوة، وتعزمهم بزغاريدها وغنائها، فيضع أصحاب البيت قطعة من الذهب أو سوارا أو حلقا على الشمعة كإشعار بتبليغهم الدعوة رسميا.
وعن العادات المتبعة فى حمام العروس قبل موعد الزفاف بيومين أو ثلاثة، تعد نساء أهل العريس الطعام منذ الفجر، فيطبخن «اللبنية» وهى عبارة عن أرز ولحم، ويسكبنها فى أطباق نحاسية، ويزينها بالزهور، ويضعنها على رءوس الحمالين، ويسيرون فى موكب «زفة»، ومعهم الأولاد، يحملون الشموع وأغصان الليمون والزيتون، وبعد الظهر تتجه العروس مع نساء من قريباتها إلى الحمام العمومي، فيستقبلهن أهل العريس بالبخور وماء الورد والزغاريد، وفى الحمام تبدأ عملية تجميل العروس، وتقوم «الماشطة» بتجميل العروس وتصفيف شعرها وتدليكها، وفى المساء يجتمع الأقارب فى بيت العريس لاستلام جهاز العروس.
وتتشابه إجراءات ليلة الحنة فى مناطق فلسطين، حيث يحمل أهل العريس كمية كبيرة من الحناء المعجونة مزينة بالزهور إلى بيت العروس قبل موعد الزفاف بيوم، وتحنى يدا العروس إلى الرسغ ومن قدميها حتى الركبة، وحولها صديقاتها يغنين لها أغانى يصفن فيها جمال نقوش الحناء عليها، وعشية يوم الزفاف تقام سهرة كبـرى فى بيت العريس، وتجلس النساء فى قاعة البيت، أما الرجال ففى صوان ينصب فى الساحة أمام البيت، ويبدأ الرجال بأداء عروض «الدبكة والسحجة»، ويسمى هذا الاجتماع «الملعب»، أما النساء فيرقصن وسط حلقات، ويلوحن بالمناديل، ويمسكن بأكمام الثوب الفلسطيني، ويغنين لأم العريس وقريباتها المشغولات منذ الصباح بإعداد الأطعمة الشعبية مثل الفتّة والمفتول والكعك والمعمول.
وبعد العشاء تبدأ الاستعدادات لحمام وحلاقة العريس، وجرت العادة فى بعض المناطق أن يقوم رفاق العريس بالهجوم عليه ليمزقوا ثيابه القديمة بعد إتمام الحلاقة، إشارة إلى خروجه من مرحلة العزوبية، ثم يلبسونه ثيابه الجديدة، محمولا على الأكتاف أو مرفوعا على كرسي، وخلفهم النساء يغنين، ويطلقن زغاريد عالية، وقد تستغرق الزفة مدة لا تقل عن ثلاث ساعات. وفى صباح اليوم التالى للزفاف الذى يسمى «بالصباحية» يقوم أهل العروس بزيارة ابنتهم محملين بالهدايا والنقوط، وبدوره يقوم العريس بدعوة عائلة العروس وأقاربها وأقاربه على وجبة الغداء المكونة من الأرز واللحم، أو «منسف» أو فتة، وبعدها بأسبوع تزور العروس أهلها الذين يقدمون وجبة غذاء لها ولأهل عريسها، معبـرين عن فرحتهم لدخولها البيت لأول مرة بعد زواجها، ثم يحتفلون بأسبوعها، حيث ترتدى فيه البدلات السبع التى ارتدتها فى فرحها باستثناء فستان الزفاف، ويقدمون الحلويات والكعك للمدعوات.
ومن العادات الغريبة المتبعة فى مدينة يافا، تقوم العروس بغمس يدها بالخميرة وأن تلعق قطعة من السكر، يلعقها بعدها عريسها كرمز لبدء حياة تقطر حلاوة، كما ينثر أمام العروس فى الناصرة عند دخولها بيت عريسها ثمار رمان كرمز لتكاثر الذرية، أو إلصاق عجينة على باب غرفة العروسين كرمز. الأردن ولعل أبرز طقوس الزفاف فى الأردن هى مراسم نقش الحناء، فلا بد من تحضير حلة أو «صينية» تحتوى على الحناء المعجونة بالماء والزيوت العطرية، بشرط أن تكون مزينة بالأزهار الطبيعية والشموع الطويلة، ويتم استخدامها كجزء من العروض الراقصة أثناء الحفل. وبعد ذلك تقوم صديقات العروس برسم الحناء على يدى العروس أو قدميها، وقد يكتفين بكتابة الحرف الأول من اسم العريس.