قليلا ما تجد لاعب كرة قدم يمتلك، ما يتميز به الأسد الكاميرونى صامويل إيتو، فقد جعلته موهبته سفيرا فوق العادة لبلده وللقارة السمراء، فقد كانت شهرته عابرة للحدود كواحد من أشهر نجوم الساحرة المستديرة فى أوروبا والعالم، ودائما ما كان يوصف بأنه « فهد ضار وأسد لا يروض وأسطورة خارج المقارنات».
لم تكن بدايات صمويل إيتو فيلز، المولود فى بلدة نكون الكاميرونية فى العاشر من مارس 1981، مفروشة بالورود، بل عاش طفولة صعبة وعانى الكثير، فقد كان محبا لكرة القدم، حيث لعبها فى شوارع بلدته حافى القدمين، وقد هاجر هو وأشقاؤه إلى فرنسا لأسباب عديدة منها حالة الفقر التى كانت تعانى منها العائلة، على الرغم من أن والدته كانت تعمل «بائعة سمك» ووالده «محاسب»، فضلا عن أن الكاميرون فى تلك الفترة كانت تعانى الكثير من المشاكل الاقتصادية، إلا أنه فشل فى الذهاب إلى المدرسة أو الالتحاق بمركز تدريب نادى باريس سان جيرمان، فعاد إلى الكاميرون وانضم لأكاديمية كانجى للرياضة ومقرها دوالا عاصمة البلاد الاقتصادية، وهناك شوهد من قبل مدربى النادي، وبعد بضعة أشهر، تم استدعاؤه مرة أخرى للعودة إلى فرنسا للمشاركة فى تجارب بناديى لوهافر وسانت إتيان، إلى أن استطاع أن يجذب بموهبته الكبيرة أنظار «مستكشفى الأندية الأوروبية» فى إفريقيا الذين ذهلوا من قدراته ومواهبه، ليصر مسئولو فريق ريال مدريد الإسبانى على التفاوض معه وإلحاقه بصفوف الفريق ليلعب فى بطولة الدورى الإسباني، ومنذ هذا التاريخ بدأت فترة جديدة من حياة إيتو، حيث تم التعاقد معه ليبدأ حقبة الانطلاق من ضيق المحلية لعالم النجوم الكبار عام 1996.
استطاع برشلونة خطف النجم الكاميرونى الذى شكل قوة ضاربة فى خط الهجوم، وحقق إيتو المجد مع الكاتالونى من خلال الفوز بالألقاب الجماعية والفردية، وفى عام 2009 غادر إيتو النادى الكتالونى إلى نادى إنتر ميلان الإيطالي، بصفقة تبادل مع اللاعب السويدى زلاتان إبراهيم يوفيتش، ومع الإنتر قدم إيتو الأداء المرجو منه وساهم بشكل كبير فى تحقيق الخماسية التاريخية للنادى بقيادة البرتغالى جوزيه مورينيو، وانتقل عام 2011 لنادى إنجى الروسى وأصبح وقتها اللاعب الأكثر أجرا فى العالم براتب سنوى وصل إلى 20 مليون يورو.
بعد موسم قضاه إيتو مع إنجى فسخ العقد مع النادى، وانتقل لنادى تشيلسى الإنجليزى بصفقة انتقال حر، لم يبق إيتو مع تشيلسى سوى موسم واحد لينتقل بعدها إلى نادى إيفرتون، وفى عام 2015 قرر إيتو مغادرة إنجلترا ليتجه مجددا إلى إيطاليا للعب فى صفوف سمبدوريا الذى قضى معه نصف موسم لينتقل بعدها لنادى أنطاليا سبور التركي.
يعتبر النجم الكاميرونى من أكثر اللاعبين الذين نالتهم الهتافات العنصرية، وكان هدفا لها خلال مسيرته الاحترافية، حيث تعرض لموقف صعب أثناء وجوده فى برشلونة الإسبانى عندما هدد بترك الملعب، بعد أن قام مشجعو ريال سرقسطة بتقليد أصوات تشبه القردة فى كل مرة كانت تصل إليه الكرة، ليغادر الملعب مباشرة، وأيضا فى الدورى الإيطالى عندما لعب بصفوف الإنتر، ضد كالياري، أوقف الحكم المباراة بعد أن وجهت جماهير كاليارى هتافات عنصرية ضده، ليسجل إيتو هدف الفوز.
حصل إيتو على جائزة لمناهضته للعنصرية، وقد شارك فى فيلم تسجيلى يحمل اسم «لست قردا»، بوجود النجمين الفرنسيين صامويل أومتيتى وباتريك فييرا، والمهاجم الإيطالى ماريو بالوتيلي، وعن الأسباب التى شجعته فى الظهور بهذا الفيلم، قال: «أريد التواجد فى عمل يفضح العنصرية فى عالم الكرة داخل أوروبا». فقد قاتل ضد التمييز العنصرى طوال مسيرته الكروية. إيتو واحد من ضمن اللاعبين الأفارقة الذين يوجهون قدراتهم على توحيد الشعوب، من خلال حبهم لكرة القدم، وذلك لمساعدة الأسر التى تعانى بشدة فى القارة السمراء، فقد أنشأ صامويل، منظمة «إيتو» الخيرية لمساعدة الأطفال الصغار من أجل التنشئة فى بيئة صحية جيدة، وتعليم أفضل وتدريب الأطفال كرة القدم، كما جمع العديد من التبرعات لمساعدة ضحايا العمليات الإرهابية، التى تقع فى إفريقيا.
ودائما ما كان يوجه الأسد الكاميرونى رسائل خاصة للنجم المصرى محمد صلاح، قبل بزوغ نجوميته حيث قال: «أتمنى أن يتذكر ذلك اليوم الذى كنا فيه معا فى ملعب ستامفورد بريدج فى غرفة الملابس، وخلال المباراة كان أداؤه فى الشوط الأول مخيبا للآمال، وطلبت منه أن يتحلى بالصبر وقلت له: أنت لاعب جيد، وستصبح لاعبا كبيرا».
إيتو أكثر لاعب فى تاريخ كرة القدم الإفريقية فوزا بالألقاب، فقد فاز بلقب أفضل لاعب فى إفريقيا من الاتحاد الإفريقى لكرة القدم أربع مرات ، كما فاز بدورى أبطال أوروبا ثلاث مرات، منها مرتان مع برشلونة وواحدة مع إنتر ميلا، كما فاز ببطولة الدورى الممتاز مع برشلونة وإنتر ميلان والميدالية الذهبية الأوليمبية مرة، وببطولة الأمم الإفريقية مرتين مع منتخب الكاميرون.
يمتلك النجم الكاميرونى عددا من المشاريع التجارية سواء داخل إفريقيا أو خارجها بالإضافة إلى خط أزياء عالمى ينتج القمصان والقبعات والأحذية الرياضية التى يتم توزيعها للأسواق المحلية والدولية.