من رحم المعاناة والبطالة ولدت موهبته، فقد كان ديديه إيفيس دروجبا تيبيلي، المولود بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان، فى الحادى عشر من مارس عام 1978، يمارس هوايته بلعب كرة القدم فى موقف للسيارات، وعندما كان فى سن الخامسة، أرسله والداه إلى فرنسا للعيش مع عمه، ميشيل جوبا، الذى كان لاعب كرة قدم محترفا، إلا أنه عاد إلى أبيدجان بعد 3 أعوام فقط، قبل أن يعود مجددا إلى فرنسا، بعدما فقد والداه العمل الخاص بهما.
لعب دروجبا دورا مهما فى إحلال السلام فى بلده، التى كانت تشهد حروبا داخلية، وذلك بعد تأهل ساحل العاج لكأس العالم 2006، ووجه نداء للمقاتلين، وطالبهم بإلقاء أسلحتهم، وهو نداء تم الرد عليه بوقف إطلاق النار بعد خمس سنوات من الحرب الأهلية.
بعد تتويجه بجائزة أفضل لاعب إفريقي، توجه إلى مدينة بواكي، مركز القوات الانقلابية، قائلا: «هنا سأحتفل بحصولى على الجائزة، ومن هنا سأعود مجددا للسلام وسأطالب بوحدة بلادي»، فحمله الجميع على الأكتاف واستقبله مسئولون رسميون طالبين منه إقامة مباراة ودية فى المدينة، ليرحب بالفكرة ويطلب حضور مسئولين ومدنيين من أهل الشمال» فتمت الموافقة على طلبه، وعقدت مباراة ودية تاريخية أمام مدغشقر، ليردد النشيد الوطني، فى هذه المباراة أهل الشمال والجنوب معا، لأول مرة بعد 5 سنوات من المقاطعة، بحضور وزراء الحكومة وممثلى المعارضة، ليعلق دورجبا قائلا: «معاينة الطرفين معا وترديد النشيد الوطنى كان أمرا مميزا، أحسست أن ساحل العاج عادت إلى الحياة من جديد». انضم دروجبا إلى لجنة الحقيقة والمصالحة والحوارفى سبتمبر 2011 كممثل للمساعدة فى إعادة السلام إلى وطنه الأم، وبعدها اختير واحدا من 100 شخص الأكثر نفوذا فى العالم من مجلة التايم الأمريكية.
علامات الموهبة التى ظهرت على دروجبا فى سن مبكرة، دفعت عمه ميشيل للاهتمام به، وبعد عدة انتقلات فى أندية صغيرة، انضم لنادى دنكرك أحد الأندية المغمورة فى فرنسا، وهناك لعب فى خط الدفاع الأمر الذى لم يعجب عمه، ليحثه على تنمية مهاراته لإثبات قدرته على اللعب فى الهجوم وهو ما حصل بالفعل.
بدأ الفيل الإيفوارى مسيرته الاحترافية مع الساحرة المستديرة، كلاعب ناشئ ببعض أندية الهواة فى فرنسا مثل فان وليفالوا، لكنه لم يلعب فى دورى الأضواء سوى عند بلوغه 23 عاما عندما انضم إلى جانجون فى 2002، وبعد عام واحد فقط، أثبت ديديه دروجبا قدراته، لينتقل إلى مارسيليا فى 2003 بعقد مدته خمسة أعوام قيمته 6.2 مليون دولار، وواصل التألق ونجح فى تثبيت أقدامه وأصبح من أبرز لاعبى الفريق بعد أن قاده للتأهل إلى المباراة النهائية لكأس الاتحاد الأوروبي.
بعد موسم واحد مع مارسيليا انتقل ديديه إلى صفوف تشيلسى الإنجليزى فى 2004 مقابل 24 مليون جنيه إسترليني، واستمر مع الفريق اللندنى حتى 2012، ليفوز بكل البطولات المحلية والقارية على مدار 8 سنوات، التى تعد قمة توهجه الكروي،وشارك مع البلوز فى 381 مباراة سجل خلالها 164 هدفًا، وهو أكثر لاعب أجنبى تسجيلاً للأهداف مع تشيلسي، وقاده إلى التتويج بالدورى الإنجليزى 4 مرات، بعد غياب 50 عاما، ومثلها لكأس الاتحاد الإنجليزي، وكأس الرابطة 3 مرات، وبطولة الدرع الخيرية مرتين، وكان التتويج الأبرز هو كأس الأندية الأوروبية أبطال الدورى 2011-2012.
ورغم فترة التوهج الكروى التى كان يعيشها فى تشيلسى انتقل دروجبا إلى نادى شنجهاى الصينى فى موسم 2012-2013 بعرض مغر لا يمكن رفضه، وشارك معهم فى 11 مباراة مسجلا 8 أهداف ، لينتقل إلى جالاطا سراى التركى فى موسم 2013-2014، وشارك مع الفريق التركى فى 50 مباراة مسجلا 20 هدفًا، وتوج معهم بالدورى التركى والكأس والسوبر. عاد دروجبا مرة أخرى لصفوف تشيلسى فى موسم 2014-2015 ، ثم انتقل للعب فى الدورى الكندى وبالتحديد مونتريال فى 2015-2016 ولعب معهم 41 مباراة مسجلا 23 هدفًا، ثم استقر به الحال فى صفوف فينيكس رايزينج الأمريكي، وخاض معهم 26 مباراة مسجلا 16 هدفًا، ليقرر بعد ذلك الاعتزال بعد خسارة لقب الدورى الأمريكى ضد فريق لويسيفل، ليسدل صاحب الـ 40 عاما الستار على مسيرة كروية استمرت 20 عاما، قائلا: «عندما أفكر فى العشرين عاما الأخيرة من مشوارى الاحترافى أشعر بالفخر لما حققته كلاعب وكيف شكلتنى كرجل، إذا أخبرك شخص ما أن أحلامك كبيرة وجه له الشكر واستمر بالعمل بجدية وذكاء أكثر لتحولها إلى حقيقة».
على المستوى الدولى كانت أولى مشاركات الفيل الإيفوارى مع منتخب بلاده فى 8 سبتمبر عام 2002، حيث خاض مع المنتخب 104 مباريات مسجلا 65 هدفًا ليصبح الهداف التاريخى لمنتخب كوت ديفوار، وقاد منتخب بلاده لعدة إنجازات تعد تاريخية أبرزها التأهل لكأس العالم لأول مرة فى تاريخه، بألمانيا عام 2006، وأيضا قاد الأفيال للتأهل أيضا للمشاركة فى مونديالى 2010 بجنوب إفريقيا و2014 بالبرازيل، وحصل على جائزة أفضل لاعب فى إفريقيا مرتين.