أن تعيش فى عصر سميحة أيوب، فأنت محظوظ، وأن تشاهد أعمالها على المسرح ، فأنت من السعداء، وأن تقترب منها إنسانيا، فأنت تعيش عصرا ذهبيا، وأن تكتب عنها ، فأنت فى ورطة، من أين تبدأ؟ وكيف تسير؟ وأين تنتهى؟، فالسيرة أطول من العمر، والذكريات تمنحك فوق العمر عمر، بل أعمار وأعمار.
سميحة أيوب امرأة عاشت ألف عام، سنوات من الإبداع الإنسانى، هى لم تعش عصرا واحدا، بل عاشت عصورا وعصورا، فقد عاشت عصر آدم وما تلاه من عصور التكوين المجتمعى الإنسانى، عاشت كل العصور التى مرت بها البشرية، منذ عصور المصريين القدماء، كما عاشت العصر الجاهلى وصدر الإسلام، وعصور النهضة الإسلامية، عاشت العصر الأموى، والعباسى، كما عاشت عصر النهضة، الإمبراطوريات، اليونانية والرومانية، وعصر المماليك.
قدمت آلاف الشخصيات، وها هى تكرم فى المهرجان القومى للمسرح المصرى، تقديرا لعطاء استمر سنوات وسنوات، فى مختلف مجالات الإبداع الإنسانى فى المسرح والسينما وعلى الشاشة الصغيرة ، وشبكات الإذاعات المسموعة.
كانت مديرة للمسرح الحديث، والمسرح القومى، عاشت آلاف المواقف، وخاضت مئات المعارك، سواء بإرادتها الحرة، أو تلك التى ساقتها الظروف لخوضها رغما عن إرادتها، كم من معارك خاضتها، لأنها فرضت عليها، دون رغبة منها، أو إرادة.
لم تسع يوما إلى خلاف، ولم تحارب من أجل مصلحة شخصية، الهم العام والعمل الإدارى قادها أحيانا إلى ساحات القضاء لكنها فى كل ذلك خرجت مرفوعة الهامة منتصرة للحق والعدل.
قد تبدو قوية لمن يراها ولا يعرفها، لكنها قوية فى الحق، قوتها الحقيقية تكمن فى إيمانها بقيم الخير والحق والجمال.
سميحة أيوب امرأة من زمن الحب، وهبت حياتها لفنها، فبادلها حبا بحب.
أعطته من عمرها ومشاعرها وإيمانها، فأسكنها نجمة فى سماء المجد، نجمة ساطعة، ترنو إليها العيون، وتهفو القلوب إلى عليائها.
سارت فوق الأشواك، حتى دميت قدماها، وحلقت نجمة فى سماء الإبداع، فكان النجاح حليفها، والحب دستورها.
أما محاولة الكتابة عنها، فأنت تعوم فى محيط من المحبة، ونهر من الإبداع لا تجف ماؤه، وإن كنت مقيداً بوقت ومساحات، فتلك أزمتك وحدك، ويا لها من أزمة، فالقلم عند الكتابة عن سيدة المسرح العربى لا تجف كلماته، ولا يتوقف مداده، ولا تكاد أنفاسك تسعفك ،لكى تكمل الحرف بعد الحرف، والكلمة تلو الكلمة.
سيدتى عفوا إن كنت قد قصرت فى وصف، لضيق الوقت، ومحدودية المساحات المتاحة، فالكتابة عنك لن تتوقف، طالما بقى الفن، وعاش المسرح ودام الإبداع.