رئيس مجلس الإدارة:
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير:
جمال الكشكي
الثلاثاء 22 ابريل 2025
نحن والعالم
حياة الناس
سوق ومال
فنون وفضائيات
مقالات
ثقافة
فجر الضمير
المزيد
دائرة الحوار
رياضة
الملفات
أرشيف المجلة
أول الأسبوع
منوعات
Business Leaders
سوق ومال
بسبب الطاقة والمعادن النادرة وطرق التجارة العالمية.. حرب اقتصادية ساخنة على جليد القطب الشمالى
17-3-2025
|
23:43
⢴ سلوى سيد
جرينلاند تحتفظ بـ 10 % من احتياطيات المياه العذبة فى العالم
انكماش الجليد على طريق بحر الشمال يفتح إمكانيات جديدة لصناعة الشحن
القطب الشمالى يحتوى على 13 % من النفط غير المكتشف و30 % من الغاز الطبيعى فى العالم
تحتوى هذه المنطقة على العديد من المواد الخام النادرة التى تشكل جزءًا رئيسيا فى العديد من الصناعات المتقدمة
لم يعد القطب الشمالى، مساحة كبيرة من الأرض تكسوها الجليد بعدما تحول إلى ساحة للصراع الإستراتيجى، بين أمريكا وروسيا والصين للسيطرة على موارده الاقتصادية الهائلة، من نفط وغاز ومعادن نفيسة وطرق التجارة العالمية الناشئة، التى يوفرها ذوبان الجليد فى ظل ظاهرة الاحتباس الحرارى، وما يصاحبها من تغيرات مناخية، فى ظل حالة من التوتر السياسى والترقب من قبل دول القارة الأوروبية، لما تتمخض عنه المنافسة المشتعلة بين الدول الثلاث، للسيطرة على تلك المنطقة، التى تناهز 15 % من مساحة كوكب الأرض، ويقطنها 0.05 % فقط من البشر .
وتحتفظ منطقة جرينلاند فى القطب الشمالى وحدها، بنحو 10 % من احتياطيات المياه العذبة فى العالم، ومن المرجح وفقا للمنتدى الاقتصادى العالمى، أن يؤدى انكماش الجليد على طريق بحر الشمال، إلى فتح إمكانيات جديدة لشركات الشحن، التى تمثل اليوم 2-3 % من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون العالمية، ونحو 80 % من رحلات التجارة العالمية عن طريق البحر، وبالنسبة لشركة مثل ميرسك، أكبر شركة شحن فى العالم، فإن طرق الشحن الأقصر، تعنى انخفاض تكاليف الوقود، وهو ما سيكون فى نهاية المطاف أفضل للبيئة، وتقول شركة الشحن، إنها تهدف إلى تحقيق صافى انبعاثات صفرية من ثانى أكسيد الكربون من أعمالها بحلول عام 2050.
فى أغسطس 2018، أرسلت ميرسك أول سفينة حاويات عبر طريق بحر الشمال الروسى من فلاديفوستوك، إلى سانت بطرسبرج، وبالتالى قلصت المسافة الطبيعية بنسبة 40 % بالذهاب شمالًا بدلاً من الجنوب، وفى يونيو 2019، أعلنت ميرسك، أنها تتعاون مع المشغل الرئيسى لكاسحات الجليد أتومفلوت، مما يدل على وجود استعداد متزايد لاستكشاف هذه الفرص الجديدة، كما تُظهِر الصين اهتمامًا كبيرًا بالإمكانات الجديدة، التى يوفرها ذوبان الجليد البحرى، مع تسهيل الشحن، تتغير طرق التصدير الآن، حيث استثمرت الصين فى الغاز الطبيعى المسال الروسى، ومرافق الموانئ فى القطب الشمالى، كجزء من إستراتيجية طريق الحرير القطبى.
مراكز البيانات
ويتمتع القطب الشمالى بموقع إستراتيجى للاتصال العالمى، ويخلق ذوبان الجليد فى القطب الشمالى فرصًا جديدة لصناعة التكنولوجيا، وقد وافقت شركة سينيا الفنلندية، وميجا فون الروسية أخيرا على تركيب كابل الألياف الضوئية عبر المحيط المتجمد الشمالى، وهو ما من شأنه أن يقلل بشكل كبير من زمن الوصول، كما يمكن أن تستفيد تقنيات أخرى من المناخ البارد، والطاقة الكهرومائية الوفيرة فى القطب الشمالى، ومن المقرر بناء بعض أكبر مراكز البيانات فى المنطقة، ولن تساعد مراكز البيانات الجديدة فى القطب الشمالى، فى خلق فرص عمل جديدة فى منطقة تكافح، من أجل التنمية الاقتصادية والتوظيف فحسب، بل إنها ستجعل البيانات خضراء بشكل كبير أيضا.
صيد الأسماك
ويعد صيد الأسماك أحد المصادر الرئيسية للدخل لسكان القطب الشمالى، وفى ربيع عام 2019، وقع الاتحاد الأوروبى والدول الخمس فى القطب الشمالى، اتفاقية لمنع صيد الأسماك غير المنظم فى أعالى البحار فى المحيط المتجمد الشمالى المركزى، وكان الجزء الرئيسى من الاتفاق، هو حظر الصيد فى أجزاء معينة من المحيط المتجمد الشمالى، حتى يؤكد العلماء أنه يمكن القيام بذلك بشكل مستدام.
المواد الخام
وتحتوى هذه المنطقة على العديد من المواد الخام، التى ستشكل جزءًا رئيسيًا من التقنيات الخضراء، مثل المعادن النادرة المستخدمة فى بطاريات السيارات الكهربائية وطواحين الهواء، وتتمتع المناجم مثل تلك الموجودة فى شمال جرينلاند، بالقرب من مضيق سيترونين، المملوكة لشركة Ironbark، بإمكانات كبيرة لاستخراج الرصاص والزنك - لكن عمليات التعدين محدودة فى الوقت الحالى، بسبب التكاليف المرتفعة.
تزايد الاهتمام العالمى بالقطب الشمالى، تحديداً فى عام 2009، عندما قدرت هيئة المسح الجيولوجى الأمريكية، أن القطب الشمالى يحتوى على 13 % من النفط غير المكتشف فى العالم، و30 % من الغاز الطبيعى فى العالم، وفى نفس العام، استضافت الولايات المتحدة الاجتماع الوزارى لمجلس القطب الشمالى لتأكيد التعاون، وعندما أكدت روسيا مطالباتها بالأراضى القطبية الشمالية، تحولت النبرة من التعاون إلى المنافسة، ولم تكن نبرة روسيا غير مسبوقة، ففى عام 2007، غرست الغواصات الروسية علمًا روسيًا على القطب الشمالى، معلنة أن "القطب الشمالى روسى".
الوجود العسكرى
منذ انهيار الاتحاد السوفيتى، اعتُبِر القطب الشمالى منطقة محايدة سياسياً، تتسم بالتعاون الدولى السلمى بين العلماء، لكن مع ذوبان الجليد فى القطب الشمالى، وزيادة إمكانية الوصول إلى الأراضى والبحار، تنفتح فرص استخراج الموارد وطرق التجارة البحرية، مما يجعله جذاباً بشكل متزايد للقوى العالمية المتنافسة، مع تساؤل بعض المراقبين عن الثقة فى استقراره.
تُعَد الحرب الروسية - الأوكرانية فى عام 2022، نقطة تحول فى العلاقات فى القطب الشمالى، فى الوقت الذى اندلعت فيه الحرب، كانت روسيا ترأس مجلس القطب الشمالى، وهو منتدى حكومى دولى يعزز التعاون والتنسيق بين دول القطب الشمالى، وشعوب القطب الشمالى الأصلية، وسكان القطب الشمالى الآخرين، ويغطى مجموعة من القضايا - باستثناء الأمن العسكرى.
وقرر سبعة من أعضاء مجلس القطب الشمالى الثمانية (جميعهم باستثناء روسيا)، على الفور مقاطعة الاجتماعات بسبب الحرب، ولم يجتمعوا مرة أخرى إلا فى عام 2023، للإشراف على تسليم الرئاسة إلى النرويج، وبدون روسيا، التى تبلغ مساحتها 53 % من ساحل القطب الشمالى، يواجه مجلس القطب الشمالى انتقادات بشأن شرعيته الدولية، حيث لم يعد بإمكانه أن يزعم أنه منفصل عن الصراعات الجيوسياسية، وفى عام 2024، علقت روسيا المدفوعات السنوية للمنظمة، حتى استئناف أنشطة المجلس الكاملة التى تشمل جميع الأعضاء، وبدأت بعض الاجتماعات الافتراضية مرة أخرى العام الماضى 2024 بمشاركة روسية.
لروسيا وجود عسكرى فى القطب الشمالى، أكبر من حلف شمال الأطلسى "الناتو"، وقد استثمرت فى مرافقها التى تعود إلى الحقبة السوفيتية وطورتها، وتقول مؤسسة تشاتام هاوس، وهى مؤسسة بحثية بريطانية، إن هذا الأمر دفاعى بطبيعته، وإن الكرملين يعارض فكرة بدء صراع فى القطب الشمالى، ووفقًا لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، فإن موسكو "تسعى إلى تحقيق طموحات اقتصادية وحماية قدراتها النووية، ووضع قوتها فى القطب الشمالى الأوسط وبحر بيرينج وشمال الأطلسى".
ويضيف معهد القطب الشمالى إلى هذا، قائلاً: إن سيطرة روسيا على طريق بحر الشمال، من شأنها أن تمنحها "رافعة اقتصادية ودبلوماسية لتوسيع نفوذها الإقليمى"، وتتخذ وزارة الدفاع الأمريكية خطابًا أقوى، حيث ذكرت فى إستراتيجيتها للقطب الشمالى لعام 2024، أن البنية التحتية البحرية لروسيا، يمكن أن تسمح لها بفرض "مطالبات بحرية مبالغ فيها وغير قانونية" على طول طريق بحر الشمال، بين مضيق بيرنج ومضيق كارا فى المستقبل. كما تسلط الوثيقة الضوء على التحديات اللوجستية الجديدة فى المنطقة بسبب تغير المناخ، بالإضافة إلى مخاوف الولايات المتحدة بشأن المنافسة مع روسيا والصين المتعاونتين، التى أبدت الأخيرة أيضًا اهتمامها بأن تكون جزءًا من تطورات المنطقة، واصفة نفسها بأنها "دولة قريبة من القطب الشمالى".
كما أجرى حلف شمال الأطلسى تدريبات وزاد من قوته فى المنطقة، مع إضافة السويد وفنلندا، إلى المجموعة العام الماضى، وتقول وزارة الدفاع الأمريكية إنها تراقب التطورات وتحسن أنظمة المراقبة والإنذار المبكر فى المنطقة الشاسعة، "لضمان عدم تحول القطب الشمالى إلى نقطة عمياء إستراتيجية".
اهتمام أمريكى متزايد
أدى إطلاق الإستراتيجية الوطنية الأمريكية لمنطقة القطب الشمالى فى عام 2013، إلى تمهيد الطريق للمشهد الجيوسياسى اليوم، بحلول عام 2022، دفعت العسكرية الروسية وطموحات الصين فى "طريق الحرير القطبى"، الولايات المتحدة إلى تحديث إستراتيجيتها فى القطب الشمالى، مع التركيز على الاستعداد العسكرى والبنية الأساسية والتعاون مع حلف شمال الأطلسى، كما أعطت إدارة بايدن الأولوية للاستثمارات فى كاسحات الجليد، والعمل المناخى، والشراكة مع السكان الأصليين، مما أدى إلى تحقيق توازن دقيق، بين الأمن القومى والتنمية المستدامة فى هذه المنطقة المتنازع عليها بشكل متزايد.
وتؤكد الإستراتيجية على تغير المناخ والاستثمار فى التنمية المستدامة، مع زيادة القدرات لمنع التهديدات للولايات المتحدة وحلفائها. كما تؤكد إستراتيجية وزارة الدفاع الأمريكية للقطب الشمالى لعام 2024 أهمية القطب الشمالى المتزايدة، بسبب تغير المناخ والتحولات الجيوسياسية والمنافسة المتزايدة بين القوى العظمى، وتوجه وزارة الدفاع إلى "تعزيز قدراتها فى القطب الشمالى، وتعميق المشاركة مع الحلفاء والشركاء، وتدريب قواتها".
النفط والغاز الطبيعى
وتستثمر الولايات المتحدة فى النفط والغاز الطبيعى فى القطب الشمالى، حيث يعد حقل نفط خليج برودو فى ألاسكا الأبرز فى أمريكا الشمالية، فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، أنتجت منطقة خليج برودو نحو 8 % من النفط المحلى فى أمريكا. وتم إثبات أهمية النفط فى القطب الشمالى، لاستقلال أمريكا فى مجال الطاقة فى عام 2006 عندما أدى تسرب فى خط أنابيب مهم فى خليج برودو، إلى إغلاق الخط بينما كانت الولايات المتحدة وإيران فى نزاع. وفى الوقت نفسه، جعلت التوترات فى الشرق الأوسط، من الصعب على الولايات المتحدة شراء النفط الأجنبى بأسعار معقولة، ما أدى إلى ارتفاع التكلفة الإجمالية للنفط بنسبة 3 % محليًا.
ومن المعروف أن السياسة الأمريكية لمنطقة القطب الشمالى لعام 2009 كانت تهدف إلى زيادة استقلال الولايات المتحدة فى مجال النفط، من خلال الوصول إلى مخزونات النفط فى آلاسكا. لكن فى عام 2024، رفضت وزارة الداخلية الأمريكية الوصول التجارى إلى مخزونات النحاس، من خلال منتزه Gates of the Arctic الوطني. كما حظرت حفر النفط فى نصف منطقة NPRA فى آلاسكا وهى منطقة حفر مهمة. أشاد دعاة حماية البيئة بهذه القرارات، فيما انتقدها مسئولو آلاسكا.
طرق شحن بديلة
وأصبح طريق بحر الشمال وطريق المحيط الهادئ الشمالى ممرين تجاريين مهمين، حيث من المتوقع أن يمتد موسم الملاحة فى طريق بحر الشمال من 3 إلى 6 أشهر، وموسم الملاحة فى طريق المحيط الهادئ الشمالى من شهرين إلى 4 أشهر بحلول عام 2100، إذا صدقت هذه التوقعات، فقد يكون نقل البضائع من أوروبا إلى الشرق الأقصى عبر طريق بحر الشمال، أكثر ربحية بنسبة 25 % من طريق قناة السويس.
وبشكل عام فإن إمكانية الوصول إلى القطب الشمالى فى المستقبل، تجعله أكثر أهمية من أى وقت مضى، ومع ذلك، فإن الاستثمار الغربى متأخر. على النقيض من ذلك، أعطت روسيا الأولوية لتطوير القطب الشمالى لجذب حركة المرور، وخصوصا طريق بحر الشمال. من عام 2011 إلى عام 2015، ركزت الاستراتيجية الروسية للقطب الشمالى على إنشاء موانئ جديدة، ومرافق جمركية ونقاط تفتيش بحرية على طول ساحل القطب الشمالي. أكد فلاديمير بوتين الأهمية الإستراتيجية لطريق بحر الشمال، وتتضمن خطة التنمية الروسية لعام 2035 نحو 19 مليار دولار من استثمارات البنية التحتية، مما يؤكد اهتمام روسيا بطريق بحر الشمال، والزيادة المحتملة فى نقل البضائع من خلاله.
فى الوقت نفسه، يثير تطوير طريق بحر الشمال اهتمام الصين أيضًا، التى أشارت إليه كجزء من طريق الحرير القطبى عام 2018. كانت زيارة بوتين إلى الصين فى عام 2023 تهدف إلى تعزيز تكامل طريق بحر الشمال فى مبادرة الحزام والطريق.
وزاد استخدام الصين لطريق بحر الشمال بشكل مطرد، حيث ارتفعت عمليات العبور من 27 فى عام 2018 إلى 62 فى عام 2020. كما أن الفوائد الاقتصادية، التى من المتوقع أن تكون أكبر بنسبة 25 % من تلك الخاصة بطريق قناة السويس، تشكل أيضًا محركًا مهمًا للاهتمام المتزايد للصين بطريق بحر الشمال. ومن المتوقع أن تستفيد الصين بشكل كبير من طريق بحر الشمال الروسى، والتوسع فى القطب الشمالى بشكل عام.
وعلى النقيض من ذلك، فإن أوروبا واليابان لديها وجهة نظر أكثر تعقيدًا بشأن طريق بحر الشمال، ففى أعقاب الحرب الروسية - الأوكرانية، كان هناك انخفاض فى عبور طريق بحر الشمال بسبب الحرب.
المنطقة القطبية الشمالية
تم إنشاء مجلس المنطقة القطبية الشمالية، بموجب إعلان أوتاوا الذى وقعته فى عام 1996 الدول الإقليمية الثمانى وهى كندا، والدانمارك، والولايات المتحدة الأمريكية، وفنلندا، وآيسلندا، والنرويج، وروسيا، والسويد. وهو يمثّل المحفل السياسى المرجعى للتعاون الإقليمى، بشأن قضايا المنطقة القطبية الشمالية.
وانضمّت بلاد آسيوية إلى المجلس فى عام 2013 وهى الصين وكوريا والهند واليابان وسنغافورة، وبات يضم اليوم 13 دولة مراقبة. ويتمتع الاتحاد الأوروبى بصفة «الضيف الدائم» غير أنه لايزال يُرفض منحه صفة المراقب.
رابط دائم
اضف تعليقك
الاسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
الاكثر قراءة
اعلى
< li>
نحن والعالم
< li>
حياة الناس
< li>
سوق ومال
< li>
فنون وفضائيات
< li>
مقالات
< li>
ثقافة
< li>
فجر الضمير
< li>
دائرة الحوار
< li>
رياضة
< li>
الملفات
< li>
أرشيف المجلة
< li>
أول الأسبوع
< li>
منوعات
< li>
Business Leaders
جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام