عندئذ سمع إبليس - وهو جان مخلوق من نار- أمر الله للملائكة والجان أن يسجدوا لآدم عند خلقه، سجد الجميع إلا إبليس أبى واستكبر، لظنه أنه الأفضل، حيث خلقه الله من نار، وخلق آدم من طين، فطرده الله تعالى من رحمته.
وحين سمع إبليس بأمر الله لآدم وحواء بألا يقربا هذه الشجرة، أخذ يخطط ويوسوس لهما ليأكلا منها لينتقم منهما. ونسى آدم وحواء أمر ربهما، فلما ذاقا حب هذه الشجرة انكشفت سوأتهما وأخذا يخصفان عليهما من ورق الشجر لستر أجسادهما، وندما وتذكرا تحريم الله لهذه الشجرة، وظلا يستغفران ربهما ويرجوان رحمته، وأنزلهما الله من الجنة إلى الأرض، بعد أن تاب عليهما وغفر لهما، وطرد إبليس ليكون بداية الصراع ليوم القيامة ما بين الإنسان والشيطان.
هبط آدم وحواء إلى الأرض لإعمار الأرض ولينتهجا طريق الحق والاستقامة. ويقال إن آدم هبط على أحد جبال جزيرة سيلان فى جنوب الهند وأطلق عليه قمة آدم، وهبطت حواء بأرض الحجاز. وفرق الله بينهما زمنا، فهام آدم وحيدا بالأرض يبكى ولا يستطيع أن يرفع رأسه للسماء خجلا من الله وهكذا حواء، إلى أن جمعهما الله على جبل يسمى عرفات فى يوم عرفة، وتبدلت حياتهما من أحزان إلى سعادة، ثم دلفا إلى مكان يسمى المزدلفة وواصلا السير وهما يطلبان العفو والمغفرة، فتقبل الله منهما وغفر لهما وسمى هذا المكان بـ”منى”.
وشمل الله آدم وحواء برحمته وعنايته، فأرسل لهما ملائكته ليعلمونهما كيف يعيشان على الأرض، وكيف يزرعان الحب ويستخرجان الطيبات، ولم تترك الملائكة صغيرة أو كبيرة إلا وعلمتهما.. ثم بنوا لهما بيتا جميلا، قيل إنه فى ذات المكان الذى بنا عليه بيت الله الحرام بمكة المكرمة.
وحينما استقرا بدأت حواء تشعر بجنين يتحرك بين أحشائها، فلما جاءها المخاض وضعت توأما ذكرًا وأنثى، وتوالى الحمل والوضع، وفى كل مرة تلد توأما، حتى كثر عددهم وانتشروا بالأرض. وأوحى الله لهم بطريقة الزواج، ومن هنا بدأت أول حضارة للإنسانية وأولى صور النظام الاجتماعي.
وكان آدم يزوج الولد الأول من أنثى البطن الذى تليه وهكذا، إلى أن أراد أحدهم وهو قابيل أن يتزوج توءمته، ورفض أن يتزوج من توءمة أخيه هابيل، لأنها أقل جمالا، وأصر واشتد عناده، فاقترح آدم على ولديه أن يقدم كل منهما قربانا لله.
وكان هابيل من الرعاة وله قطيع كبير من الغنم فاختار أحسن كباشه وقدمها لله، وكان قابيل مزارعا فاختار حزمة من أجود أنواع زراعاته وقدمها لله، فتقبل الله من هابيل، ونزلت نار من السماء فالتهمت قربان قابيل فثار وغضب، وتدخل إبليس فأخذ يوسوس له بقتل أخيه، حتى لا يفوز بالزواج من توءمته الجميلة، فأخذ حجرا كبيرا وهوى به على رأس أخيه فقتله. ولما رأى قابيل أخاه على هذه الصورة المحزنة غارقا بدمائه تملكه الندم والألم ووقف حائرا ينادى ربه، فبعث الله له غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه، عندما علم آدم وحواء بمقتل ابنهما هابيل، حزنا عليه حزنا شديدا فقد كان خيرة أبنائهما جميل الطباع بارا بوالديه مطيعا لله زاهدا بالدنيا.
ومرت الأيام إلى أن جاءت وفاة آدم، فاستدعى ابنه شيث وعهد إليه بالخلافة لرعاية شئون أسرته، وعلمه أسرار العبادات بالليل والنهار وأنبأه بوقوع طوفان كبير، ثم نزل سيدنا جبريل ومعه الملائكة وغسلوا آدم وجهزوه وحفروا له قبرا، ثم أهالوا التراب عليه وقالوا لأبنائه هذه سنتكم فى موتاكم.
دفن آدم بجبل أبى قيس فى مكة المكرمة ومعه حواء. ويقال إنه بعد أن جاء نوح عليه السلام حمل جسدهما فى السفينة وقت الطوفان، وتم دفنهما فى بيت المقدس.