نحن والعالم



د. بدر عبد العاطى وزير الخارجية فى حواره لـ«الأهرام العربي»: جهود مصر مستمرة لوقف إطلاق النار فى غزة

28-3-2025 | 00:54
أجرت الحوار - سوزى الجنيدى

الدكتور بدر عبد العاطى، وزير الخارجية والهجرة والمصريين بالخارج، يؤكد أن جهود مصر مستمرة لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، وتنفيذه بمراحله الثلاث، ويطالب كل أطرافه بالالتزام ببنوده، معربا عن أمله فى أن تسفر الجهود عن تقدم واحتواء التصعيد الراهن، بما قد يسفر عنه ذلك من مخاطر عديدة وتقويض للسلام والاستقرار فى المنطقة. 
 
ويشير فى حواره لـ "الأهرام العربى"، إلى أن مصر ستستمر فى الانخراط مع الإدارة الأمريكية، فيما يتعلق بتفاصيل خطة إعمار غزة وسبل التنفيذ وتنتظر أن يسهم مؤتمر إعادة إعمار غزة، فى الخروج بآليات وتعهدات واضحة، بعد تأييد المجتمع الدولى للخطة المصرية العربية الإسلامية. 
 
ويكشف د. بدر عبد العاطى، أنه تم الاستقرار على أعضاء اللجنة غير الفصائلية المعنية بإدارة قطاع غزة والتى ستستمر لمدة ستة أشهر، مؤكدا أنه من المهم تدشين عملية سياسية انتقالية شاملة، تضمن مشاركة جميع أطياف الشعب السورى دون إقصاء، مؤكدا أن مصر ترفض محاولات إقامة حكومة سودانية موازية، لأنها تستهدف تقسيم السودان. 
ويشير إلى أن الشراكة المصرية - الأمريكية، تستند إلى مصالح إستراتيجية وسياسية متبادلة والعلاقات عابرة للحزبين، وأنه سيتم عقد "منتدى مستقبل مصر الاقتصادى" فى القاهرة مع الغرفة التجارية الأمريكية لتعزيز التبادل التجارى وزيادة الاستثمارات الأمريكية. 
 
ويشدد وزير الخارجية والهجرة والمصريين بالخارج على ضرورة التوصل لاتفاق قانونى وملزم لتشغيل السد الإثيوبى، ودون الافتئات على حقوق دولتى المصب وبما يحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف.. فإلى تفاصيل الحوار:
 

د. بدر عبد العاطى خلال حواره مع الأهرام العربي
 
> تشهد الأوضاع فى سوريا تطورات متلاحقة خلال الفترة الأخيرة، ما محددات الموقف المصرى من تلك التطورات؟
لدى مصر موقف راسخ وواضح إزاء تطورات الأوضاع فى سوريا الشقيقة، الذى يتمثل فى دعم الدولة السورية ومؤسساتها الوطنية واستقرارها فى مواجهة التحديات الأمنية، ورفض مصر لأية تحركات من شأنها أن تمس أمن وسلامة واستقرار الشعب السورى الشقيق. كما تؤكد مصر فى كل اتصالاتها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية على أهمية تدشين عملية سياسية انتقالية شاملة تضمن مشاركة جميع أطياف الشعب السورى دون إقصاء، وتضمن حقوق جميع الطوائف فى سوريا الشقيقة، وضرورة مكافحة الإرهاب والتطرف وأن تكون سوريا مصدر استقرار بالإقليم.
 
> ما رؤية مصر لمستقبل العلاقات المصرية ـ الأمريكية فى ظل إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب؟ ومتى ستعقد الجلسة القادمة للحوار الإستراتيجى بين البلدين؟ 
تتمتع مصر والولايات المتحدة بشراكة إستراتيجية قوية ممتدة لأكثر من أربعة عقود، تقوم على تعاون نشط وبنّاء بين المؤسسات فى البلدين، وتشمل مختلف المجالات الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية، والأمنية، والثقافية، وتستند هذه الشراكة إلى مصالح إستراتيجية وسياسية متبادلة، تعزز الأمن والاستقرار فى المنطقة، كما أن العلاقات بين البلدين عابرة للحزبين، وتحظى بتقدير واسع داخل الأوساط الجمهورية والديمقراطية، وذلك انطلاقًا من الدور المحورى الذى تضطلع به مصر فى دعم الأمن والسلام والاستقرار فى الشرق الأوسط.
وعلى الصعيد الاقتصادى، تُعد مصر واحدة من أكبر الشركاء التجاريين والاستثماريين للولايات المتحدة فى المنطقة، حيث تحتل موقعًا رائدًا كأكبر مستقبل للاستثمارات الأمريكية المباشرة فى إفريقيا، وخامس أكبر مستقبل لها فى الشرق الأوسط. كما أن الولايات المتحدة تُعد ثالث أكبر شريك تجارى لمصر، وفى هذا الإطار، يتم حاليًا التنسيق لاستضافة "منتدى مستقبل مصر الاقتصادى"، خلال العام الجارى فى القاهرة، بالتعاون مع الغرفة التجارية الأمريكية، بهدف تعزيز التبادل التجارى وزيادة الاستثمارات الأمريكية فى مصر.
وانطلاقًا من حرصنا على تعزيز التشاور والتنسيق المستمر بين البلدين، قمت بزيارة رسمية إلى واشنطن فى منتصف فبراير الماضى، بعد أسابيع قليلة من تولى الإدارة الأمريكية الجديدة مهامها، وخلال الزيارة، التقيت بوزير الخارجية الأمريكى وكبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية والكونجرس، إلى جانب ممثلى مراكز الفكر والأبحاث، حيث ناقشنا مختلف القضايا الثنائية والإقليمية، وقد تم التأكيد خلال هذه اللقاءات على أهمية مواصلة انعقاد جولات الحوار الإستراتيجى المصرى -الأمريكى بشكل دورى على مستوى وزيرى الخارجية، بما يسهم فى دفع العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب.
 
> الخطة المصرية العربية الإسلامية للتعافى المبكر وإعادة إعمار وتنمية غزة، جاءت فى توقيت بالغ الأهمية، فما الخطوات القادمة لمزيد من إقناع إدارة الرئيس ترامب بهذه الخطة؟
سنستمر فى الانخراط مع الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بتفاصيل الخطة وسبل التنفيذ، وذلك فى ظل ما عكسته ردود الفعل الدولية من ترحيب كبير بالخطة ومحدداتها وأهدافها، وهو أمر ينبغى البناء عليه، حيث تستمر مصر والدول العربية والإسلامية فى جهودها الهادفة لحشد الدعم والتأييد الدولى لخطة إعادة الإعمار، خصوصا فى ظل ما أظهرته خطة إعادة إعمار غزة من قدرة على استعادة الحياة الكريمة لأبناء الشعب الفلسطينى فى القطاع وإعادة إعماره دون ترحيلهم.
 
> ما الخطوات المقبلة لمصر والدول العربية والإسلامية لمواجهة الأفكار الإسرائيلية المستمرة لتهجير الفلسطينيين؟
عقب التأييد الدولى واسع النطاق لخطة إعادة إعمار قطاع غزة، فإن الخطوة المقبلة تتمثل فى عقد مؤتمر دولى خلال الأسابيع المقبلة بالقاهرة بالتعاون مع الأمم المتحدة، والحكومة الفلسطينية من أجل حشد الدعم والتمويل اللازمين لتنفيذ خطة ومشروعات التعافى المبكر، وإعادة الإعمار، وهو الأمر الذى سيعكس مدى التزام المجتمع الدولى السياسى والأخلاقى بحقوق الشعب الفلسطينى، وعلى رأسها حقه فى الحياة على أرضه، وهو ما يجب أن يستتبعه خلق أفق سياسى يتيح تحقيق حق تقرير المصير للشعب الفلسطينى وبما يكفل اقامة دولته المستقلة على خطوط 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ومن المقرر أن يتم دعوة كل الأطراف الدولية المانحة والمهتمة بالقضية الفلسطينية، لاسيما فى ظل ما ابدته أطراف عديدة من تحمس، وتأييد لخطة إعادة إعمار قطاع غزة، ورغبة فى المشاركة بها، وهو الأمر الدى ننتظر أن يسهم المؤتمر فى الخروج بآليات وتعهدات واضحة بشأنه.
 
> هل تم الاستقرار على طبيعة اللجنة المستقلة غير الفصائلية لإدارة قطاع غزة بشكل مؤقت؟
تم الاستقرار والتوافق على أعضاء اللجنة غير الفصائلية المعنية بإدارة قطاع غزة، التى ستستمر لمدة ستة أشهر، وعلى أن تتولى تلك اللجنة مهام إدارة غزة فى المرحلة الانتقالية وتنسيق المساعدات الإنسانية، وذلك بالتوازى مع تمكين السلطة الفلسطينية من العودة إلى قطاع غزة والاضطلاع بمهامها ومسئولياتها، بما يؤكد على وحدة أراضى الضفة الغربية وقطاع غزة، وتعد تلك اللجنة ترتيباً مؤقتاً يمهد لعودة السلطة الفلسطينية مرة أخرى، وهو ما نرى أنه يجب أن يتوازى مع نوايا صادقة ومخلصة لدعم وحدة الصف الفلسطينى فى هذه اللحظات التاريخية الفارقة فى نضال الشعب الفلسطينى، ويسهم فى جهود خلق الأفق السياسى الذى يتيح إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل الأراضى الفلسطينية.
 
> كيف ترى مصر المماطلات التى تتم من جانب إسرائيل لتأجيل الدخول فى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وإمكانية حل هذه الإشكالية؟ 
تستمر مصر فى جهودها الحثيثة لتثبيت الاتفاق وتنفيذه بمراحله الثلاث، وتطالب كل أطرافه بالالتزام ببنوده، كما تضطلع بمساعٍ كبيرة من أجل هذا الغرض بالتنسيق والتعاون، مع كل من قطر والولايات المتحدة الأمريكية، ونأمل فى أن تسفر تلك الجهود عن تقدم على صعيد المفاوضات، وبما يتيح استمرار سريان الاتفاق، واحتواء التصعيد الراهن، بما قد يسفر عنه ذلك من مخاطر عديدة وتقويض للسلام والاستقرار فى المنطقة.
 
> ما الهدف من سعى بعض الأطراف لإقامة حكومة سودانية موازية؟ 
ترفض مصر محاولات إقامة حكومة سودانية موازية، وتعتبر أن تلك الخطوة تستهدف تقسيم السودان، وتقويض مقدرات المؤسسات الوطنية السودانية، وتهديد وحدة وسيادة وسلامة أراضى السودان الشقيق، وهو الأمر الذى شأنه أن يعيق جهود توحيد الرؤى بين القوى السياسية السودانية، ويفاقم الأوضاع الانسانية فى السودان، وتستمر مصر فى مطالبتها بإطلاق عملية سياسية شاملة، دون إقصاء أو تدخلات خارجية، تغليبا للمصالح الوطنية العليا للسودان، وإعلاء لأولوية الحفاظ على الدولة السودانية.
> ما الخطوات التى ستتبعها مصر فى الفترة المقبلة لمواجهة التعنت الإثيوبى فى المفاوضات حول مياه نهر النيل والسد الإثيوبى؟ 
تشكل مياه النيل وما يرتبط بها من أمن مائى أولوية قصوى للأمن القومى المصرى، وسيظل على الدوام مسار متابعة وحرص وعناية من الدولة المصرية وأجهزتها المعنية، وقد انخرطت مصر فى مفاوضات مضنية مع إثيوبيا بخصوص ملء وتشغيل السد الإثيوبى على مدار أكثر من 13 عاماً دون جدوى، وذلك نتيجة التعنت وغياب الإرادة الإثيوبية للتوصل لاتفاق قانونى والإصرار على الإجراءات الأحادية المخالفة لقواعد القانون الدولى، وهو ما أدى إلى توقف المسار التفاوضى، ونشدد على ضرورة التوصل لاتفاق قانونى وملزم لتشغيل السد ودون الافتئات على حقوق دولتى المصب، وبما يحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف.
 
>  ملف رعاية المصريين بالخارج مهم لعمل وزارة الخارجية، هل هناك أفكار لتطوير إدارة هذا الملف فى الفترة المقبلة؟ 
تحرص وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج على تطوير الخدمات القنصلية وتيسير الإجراءات للمواطنين فى الخارج، حيث نجحت فى تطبيق منظومة جديدة لاستخراج وتجديد جوازات السفر، مما قلل الفترة الزمنية اللازمة لإتمام هذه العملية إلى أيام معدودة، كما تعمل الوزارة بالتنسيق مع الجهات المعنية على إنشاء المركز المجمع للأوراق الثبوتية، الذى سيمكن المصريين بالخارج من استخراج بطاقات الرقم القومى والمستندات الرسمية بسهولة وفى وقت قصير. 
إلى جانب ذلك، تواصل الوزارة جهودها لتعزيز التواصل مع الجاليات المصرية بالخارج عبر وسائل التواصل الاجتماعى والكتيبات المعلوماتية، مع الحرص على عقد لقاءات دورية مع أعضاء الجاليات لمناقشة احتياجاتهم والاستجابة لمطالبهم، كما أحرص على الالتقاء بأعضاء الجاليات فى الدول التى أقوم بزيارتها، وهو الأمر الذى أصبح أشبه ببند دائم على جدول أعمال زياراتى الخارجية، كما تنظم الوزارة مؤتمرات دورية مثل "مؤتمر المصريين بالخارج" الذى يعقد سنوياً، ويتيح لهم عرض تطلعاتهم ومشكلاتهم أمام الجهات المعنية. وتسعى الوزارة إلى تقديم الدعم المستمر للمصريين بالخارج، مع التركيز على رقمنة الخدمات القنصلية وتعزيز ارتباطهم بالوطن عبر مبادرات استثمارية ومزايا اقتصادية مخصصة لهم.
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام