رئيس مجلس الإدارة:
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير:
جمال الكشكي
الثلاثاء 22 ابريل 2025
نحن والعالم
حياة الناس
سوق ومال
فنون وفضائيات
مقالات
ثقافة
فجر الضمير
المزيد
دائرة الحوار
رياضة
الملفات
أرشيف المجلة
أول الأسبوع
منوعات
Business Leaders
سوق ومال
نظرة تفاؤلية لخريطة الوظائف
5-4-2025
|
19:03
⢴ أشـرف مفيـد - خبير الذكاء الاصطناعى
علينا أن نتبنى نظرة تفاؤلية بشأن الذكاء الاصطناعى فهو يمثل قوة دافعة نحو تحسين جودة الحياة وزيادة الإنتاجية
تطور السيارات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار سيؤدى إلى تقليل الحاجة إلى سائقى النقل والتوصيل
14 % من الوظائف الحالية معرضة لخطر الأتمتة.. والذكاء الاصطناعى سيأخذ من يجيد التعامل معه إلى مجالات وظيفية واسعة
وظيفة «مهندس ذكاء اصطناعى» الأسرع نموًا.. ووظيفة «محلل البيانات» من بين أفضل 10 وظائف فى العالم
مع تقدم الروبوتات الصناعية القادرة على التصنيع بدقة ستقل الحاجة إلى العمالة اليدوية فى المصانع
«مراقب جودة» و«أخصائى أخلاقيات» و«مبرمج نماذج طبية» من الوظائف التى سيزداد الطلب عليها
65 % من الأطفال فى مرحلة التعليم الابتدائى حاليا سيعملون فى وظائف لم تظهر بعد
على مدار 35 عامًا من العمل صحفيا تقليديا، شاهدت الكثير من التغيرات والتطورات فى مجال الإعلام، لكن لم أكن أتوقع أن الذكاء الاصطناعى الذى بدأ يظهر بشكل جلى فى نهاية عام 2022، سيكون له تأثير كبير على مفهوم العمل بشكل عام. خلال تلك الفترة، قررت بكل ما أوتيت من قوة أن أتعلم أساسيات التعامل مع الذكاء الاصطناعى، ولم أكن أدرك أن هذا القرار سيكشف لى عن مدى التغيرات الجذرية التى ستطرأ على خريطة الوظائف فى المستقبل القريب.
مع ترسيخ أقدامى فى هذا المجال، أصبحت أكثر يقينًا بأن الوظائف التقليدية كما نعرفها ستختفى، لتحل محلها وظائف جديدة تتطلب مهارات مختلفة، لكن هذه التغيرات لا تعنى بالضرورة نهاية العالم الوظيفى، بل يمكن أن تكون بداية لعصر جديد من الفرص والإمكانيات. أنا من المتفائلين بأن الذكاء الاصطناعى سيغير الحياة على وجه الأرض للأفضل، حتى وإن كانت المخاوف تتزايد يومًا بعد الآخر من أنه سيتسبب فى فقدان الكثير من الناس لوظائفهم.
الواقع يشير إلى أن الذكاء الاصطناعى لن يأخذ وظائف البشر بشكل مباشر، بل سيكون الشخص الذى يمتلك قدرات فائقة فى التعامل مع الذكاء الاصطناعى هو الأحق بالوظيفة. هذا الفرق يجب أن يدفع الجميع للسعى نحو اكتساب مهارات التعامل مع الذكاء الاصطناعى بشكل صحيح. وعند النظر إلى الوظائف التى من المؤكد أنها ستختفى نتيجة تزايد الإقبال على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعى، نجد قائمة طويلة تشمل العديد من المجالات. من بين هذه الوظائف:
(1) وظائف الإدخال اليدوى للبيانات، فمع تطور تقنيات التعرف على الصوت والنصوص، أصبحت الحاجة لإدخال البيانات يدويًا أقل بكثير. يمكن للذكاء الاصطناعى الآن تحويل النصوص الصوتية إلى نصوص مكتوبة بدقة عالية، مما يقلل من الحاجة إلى الموظفين الذين يقومون بهذا العمل. وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة “Gartner” فى 2023، من المتوقع أن يتم أتمتة ما يصل إلى 70 ٪ من عمليات الإدخال اليدوى للبيانات بحلول عام 2025.
(2) وظائف خدمة العملاء الأساسية، حيث إن استخدام الروبوتات والدردشة الذكية أصبح شائعًا فى العديد من الشركات. هذه الأدوات يمكنها التعامل مع استفسارات العملاء العامة والشائعة بكفاءة، مما يقلل الحاجة إلى موظفى خدمة العملاء التقليديين. تقرير لشركة “IBM” فى 2022 أشار إلى أن 85 ٪ من استفسارات العملاء يمكن معالجتها بواسطة الذكاء الاصطناعى دون تدخل بشرى.
(3) وظائف التصنيع اليدوى، فمع تقدم الروبوتات الصناعية القادرة على القيام بمهام التصنيع بدقة وكفاءة، أصبحت الحاجة إلى العمالة اليدوية فى المصانع أقل. الروبوتات يمكنها العمل على مدار الساعة دون توقف، مما يزيد من الإنتاجية ويقلل التكلفة، وفقًا لتقرير “McKinsey” فى 2023، يمكن للروبوتات زيادة الإنتاجية بنسبة تصل إلى 30 ٪ وتقليل تكاليف التشغيل بنسبة 20 ٪.
(4) وظائف التحليل المالى الأساسى، خصوصا أن أدوات الذكاء الاصطناعى تمتلك قدرة فائقة على تحليل كميات ضخمة من البيانات المالية بسرعة ودقة، مما يقلل الحاجة إلى المحللين الماليين الذين يتعاملون مع البيانات الأساسية، يمكن لهذه الأدوات أيضًا تقديم توصيات واستنتاجات بناءً على التحليل، مما يعزز من دقة القرارات المالية. تقرير “Deloitte” فى 2022 أشار إلى أن 40 ٪ من الشركات المالية تستخدم الذكاء الاصطناعى فى عمليات التحليل المالى.
(5) وظائف النقل والتوصيل، حيث إنه مع تطور السيارات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار، قد نشهد تقليل الحاجة إلى سائقى النقل والتوصيل. هذه التقنيات تعد بتقديم خدمات أسرع وأكثر كفاءة، مع تقليل الأخطاء البشرية. تقرير “PwC” فى 2023 توقع أن تصل نسبة السيارات ذاتية القيادة على الطرقات إلى 10 ٪ بحلول عام 2030، مما سيؤثر بشكل كبير على وظائف السائقين.
لكن فى المقابل، سيؤدى الذكاء الاصطناعى إلى ظهور وظائف جديدة تتطلب مهارات محددة. من بين هذه الوظائف ما يلى:
(1) مهندسو الذكاء الاصطناعى: مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعى، ستزداد الحاجة إلى المهندسين المتخصصين فى تطوير وتحسين هذه التقنيات، هؤلاء المهندسون سيكونون مسئولين عن تصميم النماذج والخوارزميات وتحسينها بشكل مستمر، ففى تقرير صادر عن “LinkedIn” فى 2023 أشار إلى أن وظائف مهندسى الذكاء الاصطناعى كانت من بين الأسرع نموًا، حيث شهدت زيادة بنسبة 74 ٪ فى الطلب على مدى السنوات الخمس الماضية.
(2) محللو البيانات: على الرغم من أنه بإمكان للذكاء الاصطناعى تحليل البيانات، فإنه سيظل فى حاجة إلى العنصر البشرى، لفهم وتفسير النتائج واستخدامها لاتخاذ قرارات إستراتيجية، وبالتالى فإن محللو البيانات سيكونون مسئولين عن تفسير نتائج التحليلات وتقديم توصيات قائمة على البيانات، وذلك وفقاً لتقرير “Glassdoor” فى 2022 أشار إلى أن محلل البيانات كان من بين أفضل 10 وظائف فى العالم من حيث الرضا الوظيفى والأجور.
(3) مدربو الذكاء الاصطناعى: هى وظيفة مهمة، لأن نماذج الذكاء الاصطناعى، تحتاج إلى تدريب مستمر على البيانات الجديدة، حتى تتمكن من العمل بكفاءة، وبالتالى نصبح فى حاجة إلى وظيفة مدرب الذكاء الاصطناعى ليكون مسئولاً عن جمع البيانات، وتنظيفها، وتدريب النماذج عليها لضمان دقة النتائج، ووفقاً لتقرير “Forrester” فى 2023، أشار إلى أنه من المتوقع أن يزداد الطلب على مدربى الذكاء الاصطناعى بنسبة 48 ٪ بحلول عام 2025.
(4) مراقبو الجودة فى الذكاء الاصطناعى: مع تنامى استخدام الذكاء الاصطناعي، ستزداد الحاجة إلى مراقبة الجودة لضمان أن النماذج تعمل بشكل صحيح وخالٍ من الأخطاء. حيث أشار تقرير “Gartner” الصادر فى 2023 إلى أن 60 ٪ من الشركات التى تستخدم الذكاء الاصطناعى تخطط لزيادة استثماراتها فى مراقبة الجودة والتدقيق.
(5) مختصو أخلاقيات الذكاء الاصطناعى: مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي، تزداد أيضًا المخاوف بشأن الخصوصية والأخلاقيات. هؤلاء المختصون سيكونون مسئولين عن التأكد من أن أنظمة الذكاء الاصطناعى تستخدم بشكل أخلاقى ومسئول، كما أن تقرير “Capgemini” فى 2022 أشار إلى أن 40 ٪ من الشركات الكبرى تعتزم تعيين مختصين فى أخلاقيات الذكاء الاصطناعى بحلول 2024.
(6) مطورون لتجارب المستخدمين المعززة: مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعى فى تحسين تجارب المستخدمين، سيزداد الطلب على المطورين القادرين على تصميم وتطوير واجهات مستخدم تعتمد على الذكاء الاصطناعى. هؤلاء المطورون سيكونون مسئولين عن إنشاء تجارب مستخدم سلسة وفاعلة.
وهناك مسألة فى غاية الأهمية أود الإشارة إليها وهى أن التغيرات التى يجلبها الذكاء الاصطناعى إلى سوق العمل، ليست محصورة فقط فى الوظائف التقنية. بل إن هناك تأثيرات واسعة النطاق تمتد إلى مختلف القطاعات، فعلى سبيل المثال، فى قطاع الرعاية الصحية، يستخدم الذكاء الاصطناعى فى تحليل الصور الطبية وتشخيص الأمراض، مما يفتح المجال لظهور وظائف جديدة مثل مبرمجى النماذج الطبية ومحللى البيانات الصحية.
وفى قطاع التعليم، يمكن للذكاء الاصطناعى تقديم تجارب تعليمية مخصصة للطلاب، مما يخلق الحاجة إلى مطورى مناهج تعليمية تعتمد على الذكاء الاصطناعى، فوفقًا لتقرير “World Economic Forum” الصادر فى 2023 أشار إلى أن 65 ٪ من الأطفال فى مرحلة التعليم الإبتدائى سيعملون فى وظائف لم تظهر بعد، كثير منها سيكون مدعومًا بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
لذا فإنه من المهم أن ندرك أن التغيرات التى يجلبها الذكاء الاصطناعى ليست سلبية بالضرورة، بل يمكن أن تكون فرصة لإعادة تشكيل سوق العمل بطرق تلبى احتياجات المستقبل. هذا يتطلب منا أن نكون مستعدين للتكيف مع هذه التغيرات واكتساب المهارات اللازمة.
ومن وجهة نظرى المتواضعة، أرى أنه من الضرورى أن نسعى جميعًا لاكتساب مهارات التعامل مع الذكاء الاصطناعى والاستعداد للمستقبل، ففى تقرير “OECD” الذى صدر فى 2022، أشار إلى أن 14 ٪ من الوظائف الحالية معرضة لخطر الأتمتة، ولكن من المؤكد أنه يمكن تجنب هذا الخطر من خلال التدريب والتعليم المستمر واكتساب المهارات .
ويجب علينا أن نتفاءل بمستقبل الذكاء الاصطناعى وما يمكن أن يجلبه من تحسينات وابتكارات، نعم، هناك تحديات ومخاوف مرتبطة بالتحول الذى يجلبه الذكاء الاصطناعى، لكن إذا تعاملنا معها بحكمة واستعداد، يمكننا أن نحقق الفوائد القصوى من هذا الابتكار الذى أصبح قاسماً مشتركاً فى مختلف مجالات الحياة، ومن الضرورى أيضاً أن نعمل جميعًا على تطوير المهارات التقنية والقدرات التحليلية التى تجعلنا نمتلك القدرة على التكيف مع المتطلبات الجديدة لسوق العمل، فالذكاء الاصطناعى ليس مجرد تهديد للوظائف، بل هو فرصة لإعادة تشكيل اقتصادنا بطرق يمكن أن تجعل العالم مكانًا أفضل للجميع، من خلال الاستثمار فى التعليم والتدريب، ودعم الابتكار، ووضع سياسات تنظيمية مناسبة، يمكننا تحقيق انتقال سلس إلى مستقبل يعتمد بشكل أكبر على الذكاء الاصطناعى.
علينا أن نتبنى نظرة تفاؤلية، وأن نكون مستعدين للتحولات المقبلة، وإذا فعلنا ذلك، يمكننا أن نضمن أن الذكاء الاصطناعى لن يأخذ وظائفنا، بل سيغيرها ويجعلها أكثر إثارة وتحديًا، وبالطبع فإن ذلك يتطلب فى المقام الأول أن نكون مستعدين لهذا التغيير، وأن نعمل بجد لاكتساب المهارات التى تجعلنا قادرون على الاستفادة من الفرص الجديدة التى يجلبها الذكاء الاصطناعى.
وفى النهاية، يمكننى القول بأن الذكاء الاصطناعى هو قوة دافعة نحو تحسين جودة الحياة وزيادة الإنتاجية، وذلك لن يتحقق إلا إذا تضافرت الجهود بين الحكومات والشركات والأفراد، فى هذه الحالة فقط يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعى أداة لتحقيق مستقبل مشرق ومزدهر للجميع.
رابط دائم
اضف تعليقك
الاسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
الاكثر قراءة
اعلى
< li>
نحن والعالم
< li>
حياة الناس
< li>
سوق ومال
< li>
فنون وفضائيات
< li>
مقالات
< li>
ثقافة
< li>
فجر الضمير
< li>
دائرة الحوار
< li>
رياضة
< li>
الملفات
< li>
أرشيف المجلة
< li>
أول الأسبوع
< li>
منوعات
< li>
Business Leaders
جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام