حياة الناس



بات عاملا مشتركا فى كل خطط التطوير المؤسسية والقومية.. الاستحـــواذ والتكامــل

5-4-2025 | 19:15
⢴ زياد عبد التواب

خبير التحول الرقمى وأمن المعلومات
 
منذ عامين ونصف العام تقريبا، وتحديدا منذ الثلاثين من نوفمبر 2022، انطلق تطبيق الذكاء الاصطناعى التوليدى الشهير "شات جى. بى. تى" للاستخدام العام عبر شبكة الإنترنت، وما هى إلا أشهر قليلة، وانطلق مفهوم الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته لتغزو العالم أجمع، ويتعرف عليها مئات الملايين بل مليارات من المستخدمين، وبات الذكاء الاصطناعى عاملا مشتركا فى كل خطط التطوير المؤسسية والقومية، وبدأ الحديث باستفاضة عن المزايا والعيوب ومحددات الاستخدام، والاتهامات التى ظهرت عند الاستخدام، ومنها الانحيازات والملكية الفكرية، وكذا تنميط العادات والتقاليد وطمس الهويات القومية والاستغناء عن العمال والموظفين من البشر واستبدالهم بروبوتات، والحاجة إلى وضع مواثيق أخلاقية، ثم قوانين لتنظيم تطوير واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعى لخدمة ورفاهة البشر، وليس لفنائهم أو اضمحلال قدراتهم المختلفة، حالة من الالتباس والحماسة والريبة والأمل فى هذا القادم الجديد، وبات البحث والسؤال الآن عن المجال الذى لم يطرقه الذكاء الاصطناعى، وبات هذا التساؤل مقدمة أى عرض تقديمى فى مؤتمر أو ورشة عمل أو ورقة علمية لبيان أهمية الموضوع، وأنه بالفعل شمل جميع مناحى الحياة.
 
(1)
المدهش أن الذكاء الاصطناعى ليس جديدا، فرحلته بدأت ربما منذ عام 1956، خلال إحدى ورش العمل، التى تدعى Dartmouth Workshop، التى يمكن اعتبارها الميلاد الحقيقى لمفهوم الذكاء الاصطناعى، حيث تم ذلك من خلال طرح فكرة بسيطة، مفادها أن أى من خصائص التعلم أو الذكاء يمكن توصيفها بدقة، وبالتالى يمكن توجيه الآلة - الحواسب الآلية - لمحاكاتها بدقة.
استمرت الفكرة فى التطور على مستوى المفهوم والإجراءات والعمليات، وكذا أيضا على المستوى التقنى والتنفيذى، وذلك فى شكل موجات من الصعود والهبوط إعلاميا وتجاريا وتطبيقيا، حتى وصلنا إلى الألفية الثالثة التى امتازت باتساع نطاق تغطية الشبكات وزيادة التطبيقات الرقمية، وانخفاض تكلفة اقتناء الحواسب الآلية مع زيادة قدراتها الحسابية Processing Power وسعاتها التخزينية Storage Capacity، مما سمح بتخزين هذا الكم المهول من البيانات والمعلومات تلك التى تعتبر الوقود الرئيسى اللازم للعمل.
أما أبسط تعريف للذكاء الصناعى فهو عبارة عن قدرة الآلة على استرجاع البيانات المهولة المخزنة ومقارنتها بعضها بعضا، وإيجاد علاقات بينية مباشرة وغير مباشرة بينها، ومن ثم الوصول إلى نتائج جديدة، كما أن مبدأ تعلم الآلة Machine learning يمكن وصفه بأنه قدرة الآلة على التعرف على العالم المحيط، وإضافة خبرات جديدة لها واتخاذ القرارات أحيانا دون الرجوع إلى العنصر البشرى، حيث يتم توسيع قاعدة التعريف لتشمل قدرة الآلة على التعلم والمقارنة والتفاعل مع الجديد من حولها، بدون إضافات لأى معارف جديدة من قبل الإنسان، أى قدرتها على التفاعل مع المستجدات التى لم تكن موجودة وقت بداية وضع الآلة فى البيئة المتفاعلة معها، فالآلة تعتمد على برمجيات - يطلق عليها أحيانا لفظ خوارزميات - وقواعد بيانات يتم تحليلها من خلال مجموعة من القواعد والأطر، تصل من خلالها إلى نتائج ثم تقوم الآلة بتنفيذها بصورة تلقائية، وهو أمر مشابه لطبيعة الإنسان، لكن الغرابة تأتى من الفكرة القديمة لدينا عن الآلة والبرمجيات، تلك الفكرة التى تعتبر البرمجيات الحديثة مجرد أداة تقوم بتنفيذ ما يطلب منها بواسطة الإنسان بشكل مباشر، وهو ما يختلف كثيرا فى حالة الذكاء الصناعى وأمثلتها كثيرة جدا، ونراها حولنا فى كل مكان، وهى ببساطة تتكون من بيانات مهيكلة أو غير مهيكلة موجودة فى قاعدة بيانات رقمية يقوم المستخدمون بالاستعلام والحصول على نتائج منها بناء على ما يسألونه من أسئلة.
وإذا اعتبرنا أن الذكاء هو القدرة على معالجة البيانات والأخبار والمعارف والمواقف السابقة، أو موقف جديد والخروج بحكمة أو باتجاه أو توقع مستقبلى أو بقرار جديد، بناء على معالجة المواقف السابقة المشابهة مع مجموعة من حسابات لباقى العوامل المستجدة، وعددا من قواعد حسابات التكلفة والعائد والمكسب والخسارة، فإن العديد من برامج الحسابات السابقة كانت تفعل ذلك ببراعة، فهل يمكن اعتبار ذلك ذكاء اصطناعيا؟
ربما وفى حالة أن يقوم إنسان بممارسة لعبة الشطرنج، ويكون خصمه برنامجا مثبتا على الحاسب ويفوز البرنامج فى النهاية، فهل يمكن أن نعتبر ذلك ذكاء اصطناعيا أيضا؟ وأن الآلة قد انتصرت على الإنسان؟ ربما أيضا استخدام مكاتب البريد فى الولايات المتحدة الأمريكية فى أوائل السبعينيات لذراع إلكترونية، تستطيع فصل رسائل البريد الواردة إلى المكاتب، فتضع الخطابات الموجهة إلى كل ولاية فى كومة منفصلة، تمهيدا لنقلها إلى الولاية المطلوبة، أو استخدام ذراع روبوت أو روبوت كامل فى المصانع أو فى المخازن، أو ربط مجسات قياس رطوبة الأرض الزراعية ودرجة الملوحة بمحابس كهربائية تقلل أو تزيد من كمية الماء المتدفق، بناء على ما تقوم به من قياسات، هل يمكن اعتبار ذلك ذكاء اصطناعيا؟ ربما أيضا، لكن فى جميع الأحوال ومع اعتبار ما سبق نوعا من الذكاء، فإنه ما زال مرتبطا بمجال معين، أو بالأدق مرتبطا بمهمة واحدة أو أكثر داخل مجال معين، بمعنى أن برنامج الشطرنج لا يستطيع متابعة ملوحة الأرض وبرنامج تغليف الأطعمة فى المصنع، لا يستطيع ترتيب البضائع على أرفف المخازن... إلخ.
أما عندما يرتبط الأمر بالإنتاج الفكرى والإبداعى للعقل البشرى المجرد، فإن الإحساس بذكاء الآلة والانبهار بها يزيد والخوف والقلق منها أيضا، مثلما هى الحال مع تطبيق شات جى. بى. تى ChatGPT ضمن فئة النماذج اللغوية الكبيرة Large Language Models (LLM’s)، الذى يقوم بتوليد معارف جديدة بناء على ما تم إدخاله إليه من قبل، وبناء على أسلوب عمل الخوارزميات، وهو أمر مشابه لتطبيقات أخرى تقوم بمعالجة الصور أو المقاطع الصوتية أو المصورة، لتقوم بإنتاج محتوى جديد.
 
(2)
على الرغم من أن الحديث عن الذكاء الاصطناعى لم يحظ بالاهتمام الكبير، مثلما حدث بعد الثلاثين من نوفمبر 2022، فإن الخطوات التى اتخذتها الدولة المصرية فى هذا الإطار، سبقت هذا التاريخ بثلاث سنوات على الأقل، يمكن وصفها من خلال المحطات التالية:
 
المحطة الأولى: المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعي
فى 24 من نوفمبر من عام 2019، صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2889 لسنة 2019 بشأن إنشاء المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعى، برئاسة السيد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وعضوية ممثلين عن وزارات الدفاع والخارجية والتخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى والداخلية والتعليم والبحث العلمى، بالإضافة إلى جهاز المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية، وأيضا ثلاثة من ذوى الخبرة يختارهم رئيس المجلس.
جاء فى المادة الثانية من القرار أن، اختصاص المجلس هو وضع الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى والإشراف على تنفيذها ومتابعتها وتحديثها مع الوزارات والجهات والأجهزة المختلفة.
ولأن الذكاء الاصطناعى يدخل حاليا فى كل العمليات التقليدية ويقوم بتغير طريقة التعامل وشكل المخرجات أيضا، فإن الإستراتيجية يجب أن تحتوى على خطة تنفيذية لتفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى كل المجالات وبالطبع يكون ذلك طبقا للأولويات والموارد المتاحة.
تشمل الإستراتيجية أيضا على محور مرتبط بالبحث والتطوير لهذا الفرع المهم من العلوم، وأيضا محور مرتبط بالتعاون الدولى مع الأجهزة والمؤسسات والجامعات ومراكز الأبحاث الأجنبية، كما لا يمكن أن نتحدث عن إستراتيجية بدون التأكيد أيضا على وجود محورى التشريعات وتنمية الكوادر البشرية الوطنية.
المحطة الثانية: الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي
ا- أطلقت نسختها الأولى فى يوليو 2021 وتشمل الركائز الأربع التالية:
 الذكاء الاصطناعى من أجل الحكومة:
وتتلخص فى دمج تكنولوجيات الذكاء الاصطناعى فى العمليات الحكومية لرفع الكفاءة وتعزيز الشفافية.
الذكاء الاصطناعى من أجل التنمية:
من خلال تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعى فى القطاعات التنموية الحيوية، من خلال استثمار الشراكات مع مستفيدين محليين وشركاء محليين أو أجانب فى مجال التكنولوجيا، لضمان نقل المعرفة مع تلبية احتياجات مصر التنموية.
 بناء القدرات ضمن الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى:
وذلك عن طريق تهيئة المصريين لعصر الذكاء الاصطناعى على جميع المستويات، بدءًا من نشر الوعى العام وحتى توجيه التعليم الرسمى وتقديم برامج تدريب على المستويين الفنى والمهني.
العلاقات الدولية:
تعزيز مكانة مصر القيادية على المستويين الإقليمى والدولى، من خلال دعم المبادرات ذات الصلة وتمثيل الموقفين الإفريقى والعربى والمشاركة بفاعلية فى المناقشات ذات الصلة بالذكاء الاصطناعى فى المنظمات الدولية المختلفة مثل اليونسكو ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية والمنظمة الدولية الفرانكفونية والاتحاد الدولى للاتصالات والمنظمة العالمية للملكية الفكرية وغيرها.
ب - وخلال شهر يناير هذا العام، تم إطلاق النسخة الثانية من الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي2025-2030؛ التى سيتم من خلالها مواصلة العمل فى توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعى لإيجاد حلول مبتكرة للتحديات التى تواجه المجتمع فى مختلف المجالات، بالإضافة إلى إطلاق المزيد من البرامج التدريبية لإعداد الكوادر المتخصصة، والاستمرار فى توفير بنية تحتية للجهات الحكومية والخاصة والشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة العاملة فى هذا المجال؛ مع التأكيد على أهمية حوكمة البيانات وتحقيق التوازن بين إتاحة البيانات، وحماية خصوصية أصحاب هذه البيانات لتعظيم الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعى والتحوط من مخاطره، وذلك من خلال العمل على ستة محاور رئيسية هى:
 محور الحوكمة: والذى يهدف إلى ضمان الاستخدام الأخلاقى والمسئول للذكاء الاصطناعي
 محور التكنولوجيا: ويعنى بتحسين جودة الحياة وكفاءة القطاعات من خلال تطوير تطبيقات تطوير النماذج والخوارزميات الابتكارية للذكاء الاصطناعي، مثل التعلم العميق فى مختلف مجالات التطبيق.
 محور البيانات: ويعنى بتوافر جودة عالية من البيانات لتطوير الذكاء الاصطناعى من حيث الدقة والاكتمال والتمثيل لضمان إمكانية الوصول إلى البيانات ومشاركتها.
 محور البنية التحتية: الذى يشمل إتاحة البنية التحتية للحوسبة الحسابية المتقدمة، واتصال عالى السرعة ومراكز البيانات والخدمات السحابية لتمكين تطوير الذكاء الاصطناعى ونشره.
 محور النظام البيئي: ويعنى بإنشاء نظام بيئى سليم للذكاء الاصطناعى من خلال دعم الشركات الناشئة المحلية وجهود الابتكار، وتعزيز استثمار مؤسسات رأس المال المخاطر فى مصر 
 محور المهارات: ويهدف إلى رفع كفاءة وتوسيع قاعدة المهارات والكفاءات والخبرات المحلية فى مجال الذكاء الاصطناعي
المحطة الثالثة: الميثاق المصرى للذكاء الاصطناعى المسئول
أطلق فى العشرين من أبريل 2023 من خلال المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعى وللميثاق الصادر غرضان رئيسيان:
الأول: التنوير والتعريف لكى يتعرف المواطن العادى على الأمر وعلى مشكلاته وأخطاره وكيفية الاستفادة وتقليل الآثار السلبية فى إطار أخلاقى مسئول.
الثاني: أنها تؤكد استعداد مصر لاتباع ممارسات الذكاء الاصطناعى المسئول، وهو ما يفتح الباب للمزيد من الاستثمارات فى هذا المجال وبهذه الصورة.
ينقسم الميثاق إلى جزءين يحتويان على مجموعة من المبادئ كما يلي:
 مبادئ توجيهية عامة:
تتحدث عن أن رفاهية الإنسان هى الهدف والغاية السامية والرئيسية، وتشمل الرفاهية المطلوبة أهداف التنمية المستدامة المعروفة، كما تشمل المبادئ أيضا على حق الإنسان فى معرفة من يتعامل معه، هل هو إنسان طبيعى أم تطبيق للذكاء الاصطناعى؟ وألا يتضرر البشر أو فئات معينة منها جراء استخدام تلك التقنيات وأن يوجد مسار قانونى واضح يستطيع الإنسان اللجوء إليه للطعن فى نتائج تلك التقنيات أو للاعتراض والشكوى جراء أى ضرر يقع عليه، كما أن المبادئ تشمل حماية العمالة وحق الإنسان فى العمل ودعم المتضررين جراء استبدالهم بتلك الأنظمة، وأن تخضع جميع مراحل تطوير وتشغيل تلك الأنظمة إلى القوانين المصرية، مع ضرورة إنشاء مركز للتصديق على تلك الأنشطة لضمان سلامة وشفافية وصلابة ومصداقية تلك الأنظمة، والتأكيد على أن المسئولية يجب أن تقع على أشخاص طبيعيين -بشر- أو اعتباريين - شركات - وإلا يتمتع الذكاء الاصطناعى بشخصية اعتبارية على الإطلاق، وأن يبقى القرار النهائى قرارا بشريا، كما يجب الاهتمام بالجانب الدولى المرتبط بالاتصال المستمر بالمؤسسات والجهات العاملة والمنظمة للعمل طوال الوقت والتنسيق معها تنسيقا مستمرا وفاعلا.
 مبادئ توجيهية تنفيذية:
وهى المرتبطة بأسلوب التطوير التقنى لتلك الأنظمة فيجب أن تشمل معاملات الأمان المناسبة وإجراء الاختبارات اللازمة قبل إقرار استخدام أى تطبيق، والتى يجب أن تكون فى شكل إصدار تجريبى يتم اختباره واعتماده قبل الإصدار النهائى، وألا يتم تطوير تلك الأنظمة إلا من خلال جهات معتمدة تتمتع بالخبرة والكفاءة اللازمة والقدرة على التفسير والشرح لتلك الأنظمة والغرض منها، ومدى دقتها وأسلوب تطويرها مع ضرورة أخذ الجزء المرتبط بالهوية والثقافة المحلية فى الحسبان عند تطوير أى منظومة وضرورة الاهتمام بقضية المعلومات والبيانات المستخدمة فى تطوير المنظومات، ومراعاة معايير الدقة والجودة والسلامة والخصوصية واعتبارات الأمن القومى أيضا، كما يجب مراعاة الأثر المالى والاجتماعى والبيئى عند تطوير أى منظومة، وأن يحتوى الأثر المالى على الآثار المباشرة وغير المباشرة للتطوير والاستخدام، وأخيرا تشرف وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على جميع مشروعات الذكاء الاصطناعى التى تتم فى الحكومة، وتضمن الامتثال لهذا الميثاق الذى توصى أيضا بمراجعته بصورة سنوية.
أما عن سن القوانين، فالحديث مستمر بين إعداد وتجهيز قانون خاص بالذكاء الاصطناعى أو إدخال عدد من التعديلات على القوانين الحالية خصوصا القانون رقم 175 لسنة 2018، والمعروف بقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وذلك لوضع وتشريعات حاكمة لجرائم الذكاء الاصطناعي، وكذا أيضا دراسة وضع ضوابط للمسئولية الجنائية والمدنية لعمل الروبوت.
المحطة الرابعة: المؤشرات الدولية
أشارت الدراسة التى أعدها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن تطور الذكاء الاصطناعى فى مصر، خلال الفترة من 2010 وحتى 2022، إلى أن مصر جاءت فى المركز 65 عالميًا، وفقًا لتقرير مؤشر جاهزية حكومات دول العالم لتطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى لعام 2022 واحتلت المرتبة الثانية إفريقيا بعد دولة موريشيوش، بينما تقدمت مصر 7 مراكز عالميًا فى عام 2023 فى المؤتمر العالمى للذكاء الاصطناعى الصادر عـن شركة «تورتواز ميديا» المتخصصة فى مجال الذكاء الاصطناعي، وتقدمت مصر أيضا 17 مركزًا فى المؤشر الخاص بالمهارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعى فى منتصف عام 2023.
 
(3)
المقال بدأ بسؤال ولم يقم بالإجابة عنه، عن الصراع بين الإنسان والآلة، بين الاتكالية والاستخدام المسئول، عن الصيغة الأنسب للتعامل مع الذكاء الاصطناعى، وهى التى يؤمن أغلب الخبراء بأن الذكاء الاصطناعى واقع موجود، وسيستمر ولا يمكن تجاهل تلك الطفرة تماما، ولا يجب الارتماء والاستسلام لها تماما أيضا، بل يجب استخدام واعتبار الذكاء الاصطناعى كمساعد ومعاون للبشر، بصيغة ومقدار يمكن لكل مستخدم أن يصل إلى النسبة المناسبة لهذا الاستخدام بلا إفراط أو تفريط ويكون المقياس هو الإجابة عن السؤال: “هل ما زلت أفضل من الذكاء الاصطناعى وما زلت قادرا على تقييم وتصحيح ما تنتجه تلك التطبيقات؟ وهل ما زلت قادرا على إنتاج إبداع بشرى بدون اللجوء لتلك التطبيقات أم أن لياقتى الذهنية والإبداعية تتراجع”؟
ومع المعيار السابق نستطيع أن نقول إنه وعلى الرغم من دخول الذكاء الاصطناعى إلى كل مناحى الحياة ومجالاتها التطبيقية والإنسانية، فإن تلك التطبيقات لا تزال تفتقر إلى تطوير وعى ذاتى أو عواطف ومشاعر وأحاسيس ومن ثم الإبداع الحر بمعناه الإنسانى، ولكن ربما فى القريب تستطيع أن تقوم بذلك وهنا ستكون البشرية أمام خطر حقيقى لا يقارن بكل ما نتحدث عنه ونتداوله، فحتى الآن كل الذكاء الاصطناعى الموجود من النوع الضعيف ويطلق عليه الذكاء الاصطناعى التوليدى، وستكون الإشكالية عندما ننتقل إلى الذكاء الاصطناعى العام Artificial general intelligence فلا حاجة للتوجيه ولا حدود للسيطرة، وحتى نصل إلى هذه المرحلة علينا الاهتمام بما هو محقق حتى الآن.
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام