نحن والعالم



قمة بين مصر وإندونيسيا فى القاهرة.. علاقات تاريخية منذ سبعة عقود

17-4-2025 | 21:41
⢴ سوزى الجنيدى

تعتبر مصر من أوائل الدول التى اعترفت باستقلال إندونيسيا فى عام 1945، كما انضمت كلتاهما لكل من منظمة التعاون الإسلامى، وحركة عدم الانحياز ومجموعة الدول الثمانى الإسلامية النامية، وقد شارك الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى إبريل 1955 فى مؤتمر “باندونج” بإندونيسيا الذى وضع النواة لتكوين منظمة عدم الانحياز، كما وقع البلدان فى يونيو 1947 معاهدة الصداقة والمودة، وهى أول معاهدة دولية فى تاريخ إندونيسيا كدولة مستقلة.
 
‪ولهذا، فإن هناك اهتماما لدى البلدين بتعزيز التعاون الاقتصادى والثقافى بينهما، كما يشترك البلدان فى رؤى متقاربة حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، خصوصا القضية الفلسطينية، وأيضا تهتم إندونيسيا بإرسال العديد من الطلبة إلى جامعة الأزهر فى مصر، نظرا لما يحظى به الأزهر من احترام وتقدير لدى الشعب الإندونيسي، وقد زار الرئيس عبد الفتاح السيسى إندونيسيا عام 2015، وجاءت كأول زيارة لرئيس مصرى إلى إندونيسيا منذ عام 1983، كما زار مصر رئيس إندونيسيا برابوو سوبيانتو فى  ديسمبر 2024 .‬
 
جاءت زيارة رئيس إندونيسيا سوبيانتو إلى مصر السبت الماضي، لتؤكد الاهتمام المشترك بين البلدين على تعزيز العلاقات ورفعها لمستويات أعلى حيث وقع الرئيس عبد الفتاح السيسى مع نظيره الإندونيسى سوبيانتو، على إعلان ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، كما تم بحث الخطوات المطلوبة من قبل حكومتى البلدين والقطاع الخاص فيهما، لتفعيل هذه الشراكة، وذلك عقب استقبال الرئيس السيسى لضيفه بقصر الاتحادية‪.‬
 
وصرح السفير محمد الشناوى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، بأن اللقاء شهد عقد مباحثات ثنائية تلتها مباحثات موسعة، ضمت وفدى البلدين، حيث تناول الجانبان سبل تعزيز العلاقات بين البلدين بما يتفق مع تطلعات شعبيهما، وفى هذا الإطار، وقع الرئيسان على إعلان ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، وناقش الرئيسان الخطوات المطلوبة من قبل حكومتى البلدين والقطاع الخاص فيهما، لتفعيل هذه الشراكة، لاسيما فى مجالات التصنيع، والتجارة، والاستثمار، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأمن الغذاء والطاقة، فضلاً عن تعزيز الروابط بين مؤسسات الأعمال فى البلدين بما يخدم التنمية المستدامة والمصالح المشتركة‪.‬
 
وأضاف المتحدث الرسمي، أن اللقاء تناول أيضاً سبل تعزيز التعاون الدفاعى من خلال التدريب، وبناء القدرات، وتبادل الخبرات، فى ظل التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة، التى تفرض التنسيق الوثيق مع الدول الشقيقة والصديقة، كما أكد الجانبان خلال المباحثات حرصهما على استمرار وتعزيز التعاون الثقافى بين البلدين، بما يشكل امتدادا طبيعيا للإرث الثقافى المشترك بين مصر وإندونيسيا‪.‬
 
وذكر المتحدث الرسمى، أن الرئيسين تباحثا أيضاً بشأن الأوضاع فى الشرق الأوسط، حيث استعرض الرئيس السيسى الجهود المصرية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية، وقد تم التأكيد فى هذا الصدد على ضرورة بدء عملية إعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير أهالى القطاع، وصولا إلى حل شامل ودائم، يستند إلى مبادئ الشرعية الدولية، ويضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وفقا لحدود الرابع من يونيو عام ١٩٦٧، وعاصمتها “القدس الشرقية”، باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم، والأمن والاستقرار فى المنطقة‪.‬
 
وأوضح المتحدث الرسمى أن الرئيس السيسى اصطحب الرئيس الإندونيسى عقب انتهاء المحادثات إلى الأكاديمية العسكرية المصرية، حيث كان فى الاستقبال الفريق أشرف زاهر مدير الأكاديمية، حيث أطلع الرئيس الضيف على برامج الإعداد والتدريب بالأكاديمية، كما شهد الرئيسان عرضاً لفيلمين تسجيليين أحدهما حول العاصمة الإدارية الجديدة، والآخر حول الأكاديمية العسكرية المصرية، ثم زار الرئيس السيسى وضيفه نادى الفروسية بالكيان العسكرى بالعاصمة الإدارية، حيث حرص الرئيس الضيف على الإشادة بالكفاءة التى يتم بها إعداد الكوادر العسكرية المصرية، والانضباط الذى تتميز به تلك الكوادر، مؤكداً حرص بلاده على تعزيز التعاون مع مصر فى هذا المجال‪.‬
 
وتتمتع مصر وإندونيسيا بعلاقات تاريخية قوية تمتد لأكثر من سبعة عقود، بدأت مع تأسيس العلاقات الدبلوماسية عام 1947، وتعززت عبر دعم مشترك لقضايا الاستقلال والتنمية، وتعد إندونيسيا ومصر شريكين إستراتيجيين فى تعزيز التعاون «جنوب - جنوب‪.«‬
 
وشهدت العلاقات زخمًا متزايدًا فى السنوات الأخيرة، مع زيادة حجم التبادل التجارى ليصل إلى 1.4 مليار دولار فى 2023، وتوقيع عدة اتفاقيات فى مجالات الزراعة، الصحة، والتعليم‪.‬
وفى المجال الدفاعي، وقع البلدان مذكرات تفاهم لتبادل الخبرات العسكرية والتدريب منذ 2018 مع تركيز على مكافحة الإرهاب وتأمين الممرات البحرية، خصوصا فى ظل موقع إندونيسيا المطل على مضيق ملقا الحيوي، وموقع مصر كمدخل قناة السويس‪.‬
كما يشترك البلدان فى رؤية مشتركة لدعم القضية الفلسطينية، حيث أدانت جاكرتا باستمرار الانتهاكات الإسرائيلية، ودعمت القاهرة جهود إندونيسيا لتعزيز السلام فى المنطقة‪.‬
وتأتى زيارة سوبيانتو، الذى تولى الرئاسة فى أكتوبر 2024 كثانى زيارة له إلى مصر، وهو ما يعكس الاهتمام بتعزيز التعاون الاقتصادى والدفاعي، فى ظل التحديات الجيوسياسية التى تواجهها المنطقة، بما فى ذلك أزمة غزة واضطرابات سلاسل التوريد العالمية، وتعكس الزيارة طموح البلدين إلى تعميق الشراكة الإستراتيجية، مستفيدين من وزنهما السياسى والاقتصادى فى إفريقيا وآسيا. 
 
العلاقات الاقتصادية
وتعد من أبرز المنتجات التى تصدرها إندونيسيا إلى مصر، هى زيت النخيل الخام والقهوة والشاى والمنسوجات والأجهزة الإلكترونية، وقد ارتفع معدل الصادرات الإندونيسية إلى مصر فى عام 2014 بنسبة 21.71 فى المائة لتصل إلى 1.34 مليار دولار، وبلغت الصادرات المصرية 94.4 مليون دولار فى عام 2013. وتصدر مصر إلى إندونيسيا المعادن والأسمنت والفواكه‪.‬
 
التبادل التجارى
 
وبلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين خلال عام 2022 نحو مليار و568 مليون دولار، وتشمل أهم بنود التبادل التجارى زيت النخيل والأسمدة المعدنية والكيماوية والفوسفاتية، والتمور الطازجة والمجففة، بينما بلغت الاستثمارات الإندونيسية فى مصر حتى شهر يونيو 2022 نحو 58 مليون دولار، فى عدد 28 مشروعاً تعمل فى القطاعات الصناعية، والخدمية، والإنشائية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات‪.‬
وزاد إجمالى الصادرات من إندونيسيا إلى مصر، بنسبة 46.7% كما ارتفعت صادرات مصر إلى إندونيسيا بنسبة 53%.
وتستحوذ الصادرات الإندونيسية من المنتجات الزراعية والأغذية المصنعة إلى مصر، على أكثر من 60% من إجمالى قيمة الصادرات الإندونيسية إلى مصر، ومن بين أكبر السلع التصديرية زيت النخيل الخام، القهوة، الكاكاو، البهارات، وجوز الهند بإجمالى قيمة 767.5 مليون دولار‪.‬ وبلغ إجمالى الصادرات الإندونيسية من قطاع الزراعة إلى مصر ليصل إلى 749 مليون دولار، ليمثل 72% من إجمالى قيمة الصادرات الإندونيسية إلى مصر، التى بلغت 1.03 مليار دولار.
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام