نحن والعالم



بعد معركة الرسوم الجمركية على 180 دولة.. العالم يبحث عن تحالفات جديدة

17-4-2025 | 22:02
⢴زينب هاشم

كواشى: القرار يخدم القطب الآخر الذى تقوده الصين
بوشيخى: أيام صعبة تنتظرها أمريكا من أجل إعادة تشغيل وتوطين الصناعة
روبعى نصر الدين: السياسة التجارية الأمريكية الحالية لا تتماشى مع روح التحالفات التى تأسست بعد الحرب العالمية الثانية
 
لم يمر قرار الرئيس الأمريكى، بفرض رسوم جمركية على نحو 180 دولة، بنسب تتراوح من 10 % إلى 41 %، مرور الكرام، وذلك قبل أن يعلقها لمدة 90 يوماً، لا سيما وقد ضاعف الرسوم الجمركية على الصين لتصل إلى 145 %، لتشتعل الحرب التجارية بين بكين وواشنطن، وردت الصين على تعريفات ترامب، لتفرض بدورها رسوم بلغت 125 %.
 
ووصف المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية، التعريفات الجمركية للإدارة الأمريكية بأنها مجرد لعبة أرقام دون أى أهمية اقتصادية حقيقية، وتكشف فقط عن ممارسة الولايات المتحدة المتمثلة فى تسليح التعريفات الجمركية، كأداة للتنمر والإكراه، مما يحول الأمر إلى "مزحة".
 
"الأهرام العربى" تستعرض مع عدد من الخبراء، التأثيرات والارتدادات السياسية للرسوم الجمركية على التحالفات الدولية، متسائلين هل تبقى أمريكا صديقة لحلفائها القدامى بعد هذه الخطوة، وهل سيبحث هؤلاء الحلفاء مثل أوروبا واليابان، وكوريا الجنوبية، وأستراليا ونيوزيلندا عن حلفاء جدد بعيدا عن الولايات المتحدة الأمريكية؟
 
يرى الخبير الاقتصادى الجزائرى، مراد كواشى، أن قرارات الرئيس الأمريكى ضربت بعرض الحائط كل المبادئ والشعارات السابقة المتعلقة بالعولمة وحرية التجارة وحرية انتقال الأعمال، ونظريات "دعه يعمل ودعه يمر"، ويمضى كواشى فى حديثه قائلا: الرئيس الأمريكى اعتبر اليوم الذى اتخذ فيه هذا القرار بأنه يوم التحرير الاقتصادى للولايات المتحدة الأمريكية، واعتبر أن الولايات المتحدة الأمريكية، تعرضت للنهب خلال العقود الماضية، وأعتقد أنها مغالطة كبيرة لأن الولايات المتحدة الأمريكية، بنت قوتها الاقتصادية على ثروات الدول النامية والضعيفة.
 
ويؤكد أننا جميعا لاحظنا خلال الأيام الماضية، ردود فعل كبيرة، سواء من أصدقاء الولايات المتحدة الأمريكية، أو حتى من أعدائها، فمثلا لاحظنا قرارات من الرئيس الفرنسى وتصريحات حادة من بريطانيا، ومن عدد من الدول الأخرى، وقد نددوا بهذه القرارات. وعلى سبيل المثال نرى دولة الصين، والتى وعدت بتطبيق رسوم مماثلة، وأعتقد بأن هذا القرار كان يخدم القطب الآخر الذى تقوده الصين، خصوصا الدول الفقيرة، والدول الإفريقية الأخرى التى فرض عليها ترامب رسوما جمركية، وسوف تنتقل من الحضن الأمريكى إلى الحضن الصينى، بالإضافة الى ذلك ستتعاظم القوى الاقتصادية للتكتلات الأخرى، خصوصا مجموعة بريكس وشنغهاى.
 
ويتفق مع الرأي السابق أستاذ العلوم الاقتصادية الجزائرى, د. بوحوص بوشيخى، قائلا: يجب أولا أن نعرف أن الولايات المتحدة الأمريكية، تعانى من مديونية ضخمة نحو 36 تريليون دولار، وخدمة سنوية الدين نحو 1,3 تريليون دولار، كما تستدين كل 100 يوم نحو ترليون دولار، أى 1000مليار دولار، لا سيما وأن ناتجها المحلى الإجمالى هو الأكبر عالميا نحو 28 تريليون دولار، ولهذا فإن مديونيتها كبيرة جدا.
 
ويضيف بوشيخى قائلا: ترى إدارة ترامب أنه من أجل مواجهة هذه المشكلة، لابد وأن تذهب إلى زيادة الضرائب والرسوم، لكن ترامب قرر ألا يزيد فى الضرائب المباشرة وغير المباشرة، بل رأى أن يزيد فى الرسوم الجمركية، ربما حسب نظره ونظر الفريق الحكومى أنه من الممكن أن يجمع المال ويضعه فى صندوق سيادى خاص من أجل التوازنات، لكن هذه الآلية محفوفة المخاطرة بل تزيد الطين بلة، وتنعكس على المواطن الأمريكى أولا، لأن السياسة الحمائية موجودة منذ زمن بعيد وتنجح فقط فى حالة إذا كان ينتج منتوجا محليا فعن طريق الرسوم، والحواجز الجمركية تدفع المواطنين لاستهلاك المنتج المحلى، وفى الواقع الفعلى هذا الأمر غير متاح الآن، وهناك أيام صعبة تنتظرها أمريكا من أجل إعادة تشغيل وتوطين الصناعة.
 
ويستكمل الحديث د. روبعى نصرالدين منير، الخبير الاقتصادى ورئيس المنظمة الوطنية للتنمية الاقتصادية فى الجزائر قائلا: فى خضم النزاعات الاقتصادية العالمية، وتصاعد السياسات الحمائية، تعود الرسوم الجمركية إلى الواجهة باعتبارها أداة سياسية لا تقل خطورة عن العقوبات الاقتصادية، وفى قلب هذه الديناميكية تقف الولايات المتحدة الأمريكية، القوة الاقتصادية الأولى فى العالم، التى اختارت فى السنوات الأخيرة انتهاج سياسات جمركية أكثر صرامة، حتى تجاه شركائها التقليديين.
 
ويتابع: حتى بالنسبة لآسيا والمناورة بين العملاقين فنجد أن اليابان وكوريا الجنوبية، الحليفان الآسيويان المهمان للولايات المتحدة، يعتمدان بدرجة كبيرة على السوق الأمريكية وعلى المظلة الأمنية الأمريكية، إلا أن سياسات واشنطن الاقتصادية جعلتهما يعيدان حساباتهما، فاليابان عززت شراكاتها فى إطار اتفاق الشراكة الشاملة، والتقدمية عبر المحيط الهادئ، دون إشراك واشنطن، بينما كثّفت كوريا الجنوبية من علاقاتها التجارية مع الصين، وبدأت تبحث عن توازن جديد بين مصالحها الأمنية والاقتصادية، وبنفس الأسلوب برغم الروابط العميقة مع أمريكا، بدأت كل من أستراليا ونيوزيلندا تنظران بواقعية إلى البيئة الجيوسياسية المتغيرة. الصين، الخصم الإستراتيجى لأمريكا، أصبحت الشريك التجارى الأول لأستراليا، وهو ما يضع كانبيرا فى موقع دقيق بين شريك أمنى وشريك اقتصادى متعارضين.
 
ويختتم قائلا: أى أن التحالفات تتحول، لكن لا تنهار، لأن الرسوم الجمركية التى تفرضها الولايات المتحدة اليوم لا تؤدى بالضرورة إلى انهيار التحالفات، لكنها تضعف الثقة المتبادلة وتدفع الحلفاء إلى تنويع خياراتهم، السياسة التجارية الأمريكية الحالية لا تتماشى مع روح التحالفات التى تأسست بعد الحرب العالمية الثانية، بل تتجه نحو منطق أمريكا أولاً، وهو ما يدفع الدول إلى أن تقول: مصالحنا أولاً. والأيام المقبلة، وحدها كفيلة بالإجابة عن السؤال: ما إذا كان العالم سيدخل عصر التحالفات الاقتصادية الجديدة بعيداً عن الهيمنة الأمريكية أم لا؟
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام