نحن والعالم



حرب بلا نهاية مصلحة.. نتنياهو فوق دماء الأبرياء

30-4-2025 | 18:58
زينب هاشم

رضوان بوهيدل: سلوكه يظهر انعدام الحس الإنسانى والأخلاقى فى إدارة الحروب واختزالها فى رهانات شخصية
 
حكيم بوغرارة: الشخصية النرجسية والدموية لنتنياهو تعكس أزماته النفسية التى يعيشها
 
بعد أن استنفد نتنياهو أوراقه السياسية لخدمة الكيان الصهيوني، وإطالة مدة الحرب لقيام دولة إسرائيل الكبرى على حساب الدولة الفلسطينية وشعبها، الذى يعمل على إبادتهم والقضاء نهائيا عليهم وتهجير المتبقين للسيطرة الكاملة على الأراضى الفلسطينية، لم يجد أمامه سوى البحث عن أشكال أخرى لإطالة زمن الحرب، كان من بينها احتفاله بحفل حناء نجله أفنير، وذلك برغم إعلان مكتب نتنياهو إلغاء المشاركة بسبب مقتل وإصابة جنوده فى غزة، وهو ما يؤكد تغليب مصالح نتنياهو الشخصية والعائلية على حساب دولته وشعبه وأسراه. 
 
«الأهرام العربى» تستعرض مع الخبراء، خطط وأهداف نتنياهو الشخصية، وما يمكن أن ترمى إليه فى السطور التالية.
 
من منظور تحليلى يتحدث د. رضوان بوهيدل، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، قائلا: يمكن القول إن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، يستخدم الحرب كأداة سياسية داخلية، للبقاء فى السلطة وتجنب تبعات قضايا الفساد التى تلاحقه، فنتنياهو منذ بداية الحرب على غزة، عمل على إعادة توجيه الرأى العام الداخلى نحو التهديد الخارجى وتغذية الشعور بالخطر الأمنى القومي، وهى إستراتيجية كلاسيكية تستخدم لتوحيد الداخل خلف القيادة السياسية، وتهميش الأصوات المعارضة.
 
ويضيف بوهيدل: وحسب اعتقادى هذا السلوك يظهر انعدام الحس الإنسانى والأخلاقى فى إدارة الحروب، واختزالها فى رهانات شخصية منها الحضور فى مناسبات عائلية فارهة مثل “حفل الحناء” لابنه، فى ظل معاناة عائلات الرهائن، يعكس انفصالا تاما بين القيادة “الإسرائيلية” ومجتمعها، ما يظهر أن القرار السياسى الإسرائيلى يصاغ وفق أولويات شخصية أكثر منه وطنية، وهذا التناقض الحاد بين الرفاهية العائلية والكارثة الإنسانية يشكل فضيحة أخلاقية فى عرف الشعوب التى تحترم كرامة الإنسان.
 
ويتابع: فى السياق الدبلوماسي، العلاقات بين الدول تبنى على أساس الاحترام المتبادل والالتزام بالأعراف الدولية، خصوصاً فيما يتعلق بعدم المساس برموز الدول الأخرى، السماح لابن نتنياهو بشن هجوم شخصى على رئيس دولة كبرى مثل فرنسا، دون أى توبيخ أو توضيح رسمى من الدولة العبرية، يدل على توظيف العائلة السياسية لمواقعها بطريقة غير منضبطة، وهذا السلوك ينسجم مع ما نراه من نزعة “شخصنة القرار السياسي” فى إسرائيل فى عهد نتنياهو، ويعكس تراجعًا كبيرًا فى معايير السياسة الخارجية الإسرائيلية التى أصبحت رهينة لخطابات متطرفة وغير رسمية، تصدر من أطراف لا تملك أى صفة قانونية.
 
ويشير إلى أن مثل هذا السلوك يعمق القناعة بأن إسرائيل أصبحت تدار كعشيرة سياسية، وهو ما يضعف من شرعيتها الأخلاقية والدبلوماسية أمام المجتمع الدولي، ويكشف كذلك مدى هشاشة منظومتها السياسية. فنتنياهو يواجه منذ سنوات اتهامات بالفساد وتلقى الرشاوى وسوء استخدام السلطة، وقد كانت هذه القضايا ستقوده إلى المحاكم وربما السجن، لولا ما سماه بعض المحللين «شبكة إنقاذ طارئة» عبر الحرب على غزة، ففى ظل حالة الطوارئ، يتم تعليق العديد من الإجراءات القانونية، ويتم تحويل الأنظار عن القضايا الداخلية، وهذا السلوك يعد فى التحليل السياسى توظيفًا خطيرًا للحرب لأغراض شخصية. فهو لا يطيل أمد الحرب فقط، بل يعرقل أى جهود للتسوية أو المبادرة الإنسانية مثل تبادل الأسرى أو وقف إطلاق النار، لأنه يعلم أن أى نهاية سريعة للحرب ستعيد الأنظار إلى ملفاته القضائية.
 
ويلتقط أطراف الحديث أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة المدية، حكيم بوغرارة قائلا: نتنياهو شخصيته معروفة بالنرجسية والهمجية، فبالقوة يحاول دائما التغطية على أمراضه النفسية بالبعد الدينى وحديثه عن الهيكل المزعوم عن الدولة اليهودية، التى يجب أن تقتصر على اليهود والديانة اليهودية، هذا من أجل ممارسة ما يسمى بالحروب السياسية الدعائية، حيث يسوق لنفسه على أنه قائد سياسى وعسكرى ودينى، كذلك يشرف على قيام ما يسمى بدولة إسرائيل الكبرى بحمله الخرائط فى الأمم المتحدة والمناطق الإقليمية والندوات الصحفية، حتى يتلاعب دائما بعقول الرأى العام.
 
ويضيف بوغرارة: كما يركز دائما على الأوراق والسيناريوهات التى تجلب الدعاية والاهتمام الإعلامى من أجل أن يضخم نفسه، وبالتالى الذى يعرف شخصية نتنياهو الهمجية وميوله للدم والإبادة والانتقام يعرف ذلك جيدا، وهو نفسه ما حدث فى قضية قتل أخيه فى قضية تحرير الطائرة الصهيونية المختطفة فى أوغندا، وهو ما يعرف بقضية عنتيبى، ويقول للأسرى وعائلاتهم لاسيما أنه جرب ما جربوه وأكثر،لذلك كل هذا الميل للدم والسعى لممارسة الاعتداءات على غزة وإثارة الفتن والمهارات والحروب الثنائية مع لبنان وسوريا واليمن حتى يسوق لنفسه بأنه يحمى إسرائيل من تعدد ساحات الاشتباك والقتال، إلى جانب أنه يستهدف دائما إيران فى خططه ورسائله وتهديداته حتى يرفع من شأنه، وإن صح التعبير بأنه يصارع إيران وبأن الولايات المتحدة الأمريكية حليفته، وبالتالى هذه الشخصية النرجسية والدموية لنتنياهو، تعكس أزماته النفسية التى يعيشها هذا المختل.
 
ويؤكد أن نتنياهو، يعمل ويحكم ويسوق لكل هذه السمات الشخصية من أجل أن يرضى زوجته سارة، التى جعلته مريضا بإرضائها وبعقده النفسية وأمراضه، لأنه ظهر أن بإمكانه أن يعمل على قتل كل العالم من أجل أن ترضى عنه، وحتى يظهر لها بأنه رجل حقيقى لها وقائد.
 
ويستكمل حديثه قائلا: وبالتالى أمام هذه الشخصية النـرجســية المتغـطــرسة، يقـوم بكل شيء من أجل أن يبقى فى المنصب هذا بخلاف الفضائح والمتابعات القضائية الكثيرة والكبيرة فى الداخل الصهيونى، وبالتالى هو يعرف بأن مغادرته الحياة السياسية سواء بإسقاط الحكومة أو بسحب الثقة منه أو بانتهاء ولاية رئاسته للحكومة ستزج به فى متابعات كبيرة، وسيقضى معظم حياته المتبقى فى السجون، وبالتالى هو اليوم يعمل بالمثل الذى يقول (على وعلى أعدائى)، وبالتالى لن يهمه أى شيء فى ظل مواصلة مخططاته الهمجية والمتحالفة مع العديدمن التيارات الصهيونية مثل بن غفير وسموتيريتش لأنه لن يجد إلا هؤلاء فى المجتمع الصهيونى لإنقاذ إسرائيل التى توالت سقطاتها وكذلك سقطاتهم والعجز عن تشكيل أغلبية برلمانية، ولذلك عندما جاء هذا التحالف من الصهاينة والمتطرفين جاء من أجل بناء مخططاته على جثث الفلسطينيين.
 
ويتابع: لهذا فكل هذه المعطيات والأوراق الذى دخل عليها كذلك ولده يائير نتنياهو الذى يحاول كذلك اقتحام مجال السياسة من خلال التهجم على فرنسا التى قالت إنها بإمكانها أن تعترف بالدولة الفلسطينية، وبالتالى يظهر اليوم مصطلح العائلات السياسية بين قوسين يحاول نتنياهو التوريث لابنه بمواصلة ما قد يتركه من همجية ومن بربرية، وكذلك يستغل الفرصة لتحسين صورة ابنه الذى يعيش فى الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك وهو ما يؤكد أن اللوبيات الصهيونية مسيطرة ومتغطرسة فى الولايات المتحدة الامريكية ومجموعة الإيباك الضاغطة فى مختلف مؤسسات الدولة الأمريكية، وكلها منحازة للكيان الصهيونى.هذا بالإضافة إلى أنه بالنظر إلى الاختراقات المالية والاستثمارات الضخمة للصهاينة فى الولايات المتحدة الأمريكية، وكل هذه المعطيات تستغل فى خدمة نتنياهو، لاغيا ومهاجما أى طرف يقف فى طريقه، سواء المستشارة القضائية أم رئيس شباك أم أى أحد يقلب عليه الترسانة الصهيونية من أجل فقط الاستمرار فى الحكم.

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام