رئيس مجلس الإدارة:
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير:
جمال الكشكي
الأحد 25 مايو 2025
نحن والعالم
حياة الناس
سوق ومال
فنون وفضائيات
مقالات
ثقافة
فجر الضمير
المزيد
دائرة الحوار
رياضة
الملفات
أرشيف المجلة
أول الأسبوع
منوعات
Business Leaders
نحن والعالم
خلال جولته الشرق أوسطية.. أوهام الضغوط على نتنياهو
7-5-2025
|
21:09
العزب الطيب الطاهر
ترامب قد يطلب من نتنياهو القبول بفترة هدوء.. دون التوقيع على اتفاق رسمى لوقف إطلاق النار
جيش الاحتلال يستعد لتوسيع عدوانه على قطاع غزة واستدعاء عشرات الألوف من ضباط وجنود الاحتياط
ثمة تصور لدى بعض الدوائر، أن تفضى جولة الرئيس الأمريكى للمنطقة المقرر لها أربعة أيام، يزور خلالها كلا من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات اعتبارا من يوم الثلاثاء المقبل (13 مايو)٫ وقد يجتمع بمجلس التعاون الخليجي بالكامل.
وذلك طبقا لإفادة المتحدثة باسم البيت الأبيض «كارولاين ليفيت»، عن تحقيق اختراق ما فى الوضعية المتأزمة على صعيد استمرار حرب الإبادة التى يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة، التى مضى عليها زهاء ثمانية عشر شهرا، بعد استئنافها فى الثامن عشر من مارس الماضى عقب تراجع القوة القائمة بالاحتلال عن تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى، الذى تم إبرامه فى التاسع عشر من يناير المنصرم، بتعليمات مباشرة من رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو.
يراهن أصحاب هذا التصور على جملة من المحددات.. أولها: أن ترامب نفسه عبر فى قمته الأخيرة، التى عقدها مع نتنياهو بواشنطن فى السابع من إبريل الماضى، عن رغبته فى إنهاء هذه الحرب فى مستقبل غير بعيد - حسب تعبيره - وأمهله فترة تتراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع لوقفها، أى قبل أن يبدأ جولته، متوافقا معه على السعى إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، وضمان إطلاق سراح المحتجزين لدى حركة حماس بغزة، غير أن ذلك لم يتحقق على الأرض، بعد مضى أكثر من شهر على هذه القمة، وهو ما فسر بأن ترامب وفر لأقرب حليف له بالمنطقة - أى رئيس حكومة الاحتلال - غطاء سياسيا للانتهاء من الضغوط العسكرية القصوى على المقاومة الفلسطينية، وفى مقدمتها حركة حماس، قبل أن يشرع فى زيارته للمنطقة.
ثانيا: إن الرئيس ترامب، وفق مكونه الرئيسى بحسبانه خارجاً من عباءة الاستثمار العقارى، وتحكم العقلية التجارية والاستثمارية والبراجماتية فى سياساته وقراراته، قد يمارس قبيل بدء جولته بأيام أو حتى ساعات، ضغوطا على نتنياهو لوقف الحرب على غزة والتى تقض مضاجع قادة المنطقة، بما فى ذلك قادة السعودية وقطر والإمارات، الرافضين بقوة لاستمرار الحرب والحصار والتجويع على قطاع غزة وأهلها، فضلا عن استمرار الاعتداءات والاقتحامات اليومية لمدن ومخيمات الضفة الغربية، من قبل جيش الاحتلال أو قطعان المستوطنين أو المستعمرين، وفقا للتوصيف الذى بدأت تستخدمه السلطة الوطنية ووزارة خارجيتها ومؤسساتها الإعلامية.
فالهدف الرئيسى والمحورى لهذه الجولة، يكمن فى الحصول على المزيد من الاستثمارات والأموال والمشروعات التى تحقق مصالح بلاده، وبدت ملامحها تتحدد بالفعل بإبداء الرياض استعدادها ضخ استثمارات بقيمة 600 مليار دولار فى الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة، سيطالب ترامب بزيادتها إلى تريليون دولار، خلال قمته مع ولى عهدها الأمير محمد بن سلمان، فيما أعلنت الإمارات رسميا عن استثمار مبلغ 1.4 ترليون دولار خلال العشر السنوات المقبلة بالاقتصاد الأمريكى، وذلك على لسان مستشارها للأمن الوطنى ونائب حاكم إمارة أبوظبى، الشيخ طحنون بن زايد، أثناء مباحثاته مع الرئيس ترامب بالبيت الأبيض فى التاسع من مارس الماضى، فى حين سيتم التوقيع على اتفاقيات بمليار دولار مع قطر.
وبالتالى، فإن مضى نتنياهو فى اتجاه قد يعرقل هذا الهدف، من شأنه أن يدفع ترامب إلى حثه على وقف العمليات العسكرية، ولو بصورة مؤقتة، ربما تأخذ الأمور منحى قد ينتهى ببلورة تفاهمات جديدة لاتفاق لوقف إطلاق النار، من خلال إقناع تل أبيب للقبول بالصيغة التى طرحت فى الآونة الأخيرة، وجرت بشأنها اتصالات مكثفة فى القاهرة والدوحة، بمشاركة وفود من حماس ومن حكومة الاحتلال وبتنسيق مع واشنطن، ترمى إلى قيام حماس بإطلاق سراح جميع الأسرى المحتجزين لديها وعددهم 59، منهم 24 أحياء، والباقى جثامين، على أن يتم وقف إطلاق النار لمدة 45 يوماً، تقوم بعدها قوات الاحتلال بالانسحاب الكامل من أراضى قطاع غزة، الذى سيخضع فى إدارته للجنة مكونة من 15 شخصية فلسطينية، ممن يطلق عليهم تكنوقراط، ليس من بينهم من ينتمى لحماس.
وتشير معلومات متداولة إلى احتمال وجود عناصر من السلطة الفلسطينية برام الله لتأمين القطاع، الذين سيخضعون قبل ذلك لفترة تدريبية بالتنسيق مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى فتح المعابر مع القطاع لإنفاذ المساعدات الإنسانية، من غذاء ودواء ووقود، وغيرها من المتطلبات التى منعت القوة القائمة بالاحتلال دخولها منذ أكثر من شهرين، ما أدخل أكثر من مليونى من سكان غزة إلى قلب مربع الكارثة الانسانية، بشهادة الأمين العام للأمم المتحدة أنتونى جويتريتش، وجميع المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة والمستقلة، فضلا عن تفعيل اتفاقية المعابر، التى تم توقيعها بين حكومة الاحتلال والسلطة الفلسطينية، على أساس أن تسيطر الأخيرة على الجانب الفلسطينى من غزة، بمساعدة عناصر من الاتحاد الأوروبي.
هدوء واسترخاء
هذا جانب من الطرح، أما الجانب الآخر، فيتمثل فى أن يطلب ترامب من نتنياهو القبول بفترة هدوء أو استرخاء عسكرى قبيل بدء جولته للمنطقة وأثناءها، وربما بعدها ولكن دونما التوقيع على اتفاق رسمى مع حركة حماس، وذلك لضمان ردود فعل تنطوى على قدر من الإيجابية من العواصم التى سيزورها خلال جولته، لاسيما أنها الأولى له منذ أن هيمن على مفاصل البيت الأبيض فى العشرين من يناير المنصرم، التى تأتى فى مساعيه لإعادة ترتيب علاقات وشراكات بلاده مع بعض أهم حلفائها فى المنطقة، وإن كانت إسرائيل هى صاحبة الحظوة فى خارطة التحالفات الخارجية للولايات المتحدة، أيا كانت الإدارة الحاكمة فيها، جمهورية أم ديمقراطية، مع تباين طفيف فى معدل ونوعية وحجم الإسناد، وفقا لاتفاقية التحالف الإستراتيجى بين الجانبين، والتى لا يطرأ عليها التغيير مع أى تحولات سياسية فى البيت الأبيض أو الكونجرس، عدا أصوات محدودة مجردة من النفوذ والتأثير الحقيقى.
وفى هذا السياق، يرى الخبير الإستراتيجى الأمريكى أنتونى كاودن، المتخصص فى سياسات الأمن القومى، أن الدعم غير المشروط للكيان الإسرائيلي، يتصدر مرتكزات منظور ترامب للشرق الأوسط فى المرحلة الراهنة، إلى جانب السعى لاتفاق جديد مع إيران، واستمرار التعاون مع المملكة العربية السعودية، مفندا ما يخص الكيان، بقوله: إنه فى حالة حرب على أربع جبهات تقريباً (غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية).. وجميع هذه الأمور أحادية الجانب إلى حد كبير، إذ لا يواجه أى تهديد وجودى - بل لا تهديد جدى - من أى من هذه الجبهات، ومن ثم فإنه ليس من الواضح كيف ستنتهى الأمور فى غزة، سوى بسقوط أعداد كبيرة من القتلى الفلسطينيين، وتحقيق المزيد من توسيع جيشه الاحتلالى مساحات سيطرته على القطاع، معتقدا - فى ضوء ذلك- أن التحدى الأكبر الذى تواجهه سياسة ترامب فى المنطقة، يكمن فى دعمه غير المشروط لنتنياهو وسياسة حكومته تجاه غزة، والتى أصبحت بمثابة إبادة جماعية.. فهى أشبه بـ (تدمير الأرض) وسكانها (..)»، وبالنسبة للولايات المتحدة، يرى أن الرأى العام الأمريكى بات يبتعد عن الكيان الإسرائيلى، ومن المرجح أن يكون لذلك تأثير فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، وكذلك الانتخابات الرئاسية المستقبلية.
وفى تقدير الباحث بمؤسسة «أمريكا الجديدة»، باراك بارفي، فإن ترامب «ينتقل من قضية لأخرى.. وليس لديه أيديولوجية، ولا يُفكّر مليًا فى أفكاره لصياغة سياسة متماسكة»، مشيراً إلى أن آراءه بشأن غزة تُوضّح ذلك، فهو فى بداية رئاسته، صرّح بأنه يريد تحويل القطاع إلى وجهة ساحلية مميزة، وحثّ الفلسطينيين على المغادرة.. لكن فى لقائه الأخير مع نتنياهو، لم يعد إلى أفكاره، وإن تمسك بمقولة امتلاك غزة.
ومع ذلك، فإن قدرا كبيرا من الإجماع بين الدوائر السياسية، على أن الولايات المتحدة تمتلك النفوذ الأقوى، والقدرة على التأثير على سياسات القوة القائمة بالاحتلال، وذلك بحكم ما توفره لها من دعم عسكرى واسع، وحماية إستراتيجية وغطاء دبلوماسي، وعلى الرغم مما بدا أخيرا من تباين بين الرئيس الأمريكى ونتنياهو فى ملف غزة فى الآونة الأخيرة، فقد أوضح - أى ترامب - رغبته فى رؤية نتائج ملموسة، بل وقد يسعى إلى تحقيق اختراقٍ ما قبل زيارته.
إقناع وليس ضغوطا
لكن هل يتجاوب نتنياهو مع محاولات ترامب لإقناعه - وليس عبر ممارسة الضغوط عليه فهو لن يفعل ذلك لحسابات داخلية - بإنهاء الحرب؟
قد يقبل نتنياهو وقفا تكتيكيا للقتال، وليس للحرب، بمعنى الانحناء قليلا أمام عاصفة الجولة التى يراهن عليها ترامب وإدارته سياسيا وإستراتيجيا واقتصاديا بالنسبة لبلاده، غير أنه لن يقبل - أى رئيس حكومة الاحتلال - بالتخلى عن تحقيق أهدافه فى غزة، فى ضوء تمسكه بمواصلة مشروعه العدوانى، ليس فى غزة فحسب، وإنما فى سائر المنطقة، وحسب تعبيره من رفح إلى جبل الشيخ ( فى سوريا والذى تجاوزه إلى شن غارات جوية فى محيط القصر الجمهورى بدمشق)، معتبرا أن إعادة المحتجزين من غزة أولوية لن يتخلى عنها، مشددا على مضى بلاده فى القتال، وذلك فى خطاب جماهيرى خلال الأسبوع الماضى، تعرض خلاله لمقاطعة عائلات قتلى جيش الاحتلال، الذين وصفوه بأنه يسحق الإسرائيليين، وحملوه مسئولية مقتل ذويهم.
والشاهد، أن ثمة تباينا فى تصور نتنياهو للهدف الأسمى من الحرب، الذى يتمثل فى تحقيق الانتصار على حماس وليس إعادة المحتجزين، بينما يرى المستوى العسكرى أن المهمة العليا التى يتعامل معها جيش الاحتلال، تكمن فى إعادة هؤلاء المحتجزين باعتبارها واجبا أخلاقيا، فى حين أن هزيمة حماس تحظى بالمرتبة الثانية، وعلى الرغم من ذلك ثمة تكامل بين المنظورين، خصوصا أنهما يسعيان لتحقيق كلا الهدفين، مع وضع إعادة الأسرى على رأس الأولويات.
وبالطبع يتماهى وزير الدفاع بحكومة الاحتلال «يسرائيل كاتس» بقوة مع المشروع العدوانى لرئيس حكومته، عبر إعلانه الأسبوع الماضى، أن «الانتصار الكامل» هو الهدف الأساسى للحرب التى يخوضها جيش الاحتلال فى غزة، مؤكدا أنه لا مجال لأى تنازل فى السياق، لافتا النظر إلى أن المهمة العليا لجيش الاحتلال، تتمثل فى استعادة المحتجزين من غزة، إلى جانب تدمير حركة حماس.
وجاءت موافقة مجلس الوزراء الأمنى بإسرائيل «الكابينت» أثناء اجتماعه مساء يوم الجمعة الماضى، والتى أقرها مجلس الوزراء بكامل أعضائه فى اجتماعه الأحد الماضى، على استدعاء قوات الاحتياط فى جيش الاحتلال لتوسيع نطاق العمليات فى غزة، مجسدة بقوة شغف المستوى السياسى والعسكرى، لسفك المزيد من الدماء والتدمير المنهجى فى القطاع، وفى ضوء ذلك ستتم تعبئة عدة ألوية احتياط فى جيش الاحتلال، ونشر فرقة المشاة الثامنة، وإن كانت بعض الدوائر فى تل أبيب، تستبعد شنِّ عملية برية شاملة، خصوصا فى الفترة التى ستسبق جولة ترامب، على أمل إبرام صفقة تبادل أسرى أخرى مع حماس لإعادة 59 محتجزا بغزة إلى ديارهم، ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسئول حكومى، تأكيده أن «ما دامت حماس لا تفرج عن محتجزينا، فإننا سنعمل على تعميق عملنا العسكرى بشكل كبير.. هذا ما سيحدث ما لم توافق حماس فى اللحظة الأخيرة على صفقة وتطلق سراح المحتجزين».
ومن المقرر أن يتم تقسيم قوات الاحتياط التى سيتم استدعاؤها إلى كتائب هجومية فى عمق غزة، وألوية ستحل محل القوات النظامية، ولكن «بحذر ومسئولية وفقًا لاعتبارات عملية ومهنية فقط» - حسب تعبير المسئول الحكومى - وهى عبارات فضفاضة تنطوى على غموض مقصود، يؤشر فقط إلى الاستمرار فى التحرك فى خانة ارتكاب المجازر ضد سكان القطاع، فى ضوء ما كشف النقاب عنه، من أن جيش الاحتلال يخطط للبقاء فى غزة نهاية العام الحالى، مع إمكانية التمدد لفترات زمنية أطول، وهو أمر معتاد من القوة القائمة بالاحتلال.
توسيع القتال
وتأتى هذه التطورات بعد موافقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير على خطط توسيع القتال، وموافقة نتنياهو عليها قبل عرضها على الاجتماعات الوزارية، متزامنة مع تعثر جهود التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى بفعل مرواغات
وتطبيقا لهذه التوجهات من المستوى السياسى، أصدر جيش الاحتلال فى الأسبوع الماضى، أوامر تجنيد لعشرات الآلاف من جنود الاحتياط، خصوصا قوات المشاة والدروع الذين سيحلون محل القوات العاملة فى الجبهة الشمالية مع لبنان، الذين سينضمون بدورهم للوحدات العسكرية فى الجهبة الجنوبية، وقررت قيادته العليا اتخاذ إجراءات عقابية ضد الرافضين الاستجابة لأوامر الاستدعاء، بعد الكشف أخيرا عن معاناة جيش الاحتلال من نقص حاد فى القوات العاملة فيه، فمع دخول العام الثانى من حرب الإبادة، تبدو حاجته شديدة لمزيد من الجنود وسط خلافات على خطة تجنيد «الحريديم» (اليهود الأرثوذكس المتشددين من خريجى المعاهد الدينية)، بعد أن أصدر نحو 10 آلاف أمر استدعاء للشبان الحريدييم بين يوليو 2024 وإبريل 2025، لم يستجب لها سوى 205 فقط، والتحقوا فعليا بالخدمة العسكرية.
وطبقا للقناة الـ12 الإسرائيلية - نقلا عن مصدر عسكري- يواجه جيش الاحتلال حاليا نقصا فى أفراده، يصل لنحو 10 آلاف جندي، لاسيما أن عام 2025 - طبقا لما تلقاه من أوامر وتوجيهات المستوى السياسى - سيكون عام قتال مع التركيز على غزة وإيران، وهو ما تجلى فى استئناف الحرب على القطاع، والتى ما زال يمارسها بضراوة، عبر ارتكاب المجازر، التى باتت سمة أساسية منذ السابع أكتوبر2023، فضلا عن محو عائلات بكاملها من وثائق السجل المدنى، وكذلك المدن والمخيمات ومراكز الإيواء فى متوالية يومية للنار والدم.
ومن ضمن عناصر خطة توسيع العمليات العسكرية فى القطاع، التى أعدها رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير، إخلاء السكان الفلسطينيين، من مدينة غزة وشمال ووسط القطاع على غرار نموذج رفح، وسيطرة الجيش على مناطق أخرى سيقوم بتمشيطها بشكل منهجى والبقاء فيها، وهى خطوة تعرف باسم خطة غزة الصغيرة، كما سيبنى جيش الاحتلال مجمعات إنسانية على غرار المجمع الذى بنى جنوب قطاع غزة بين محورى موراج وصلاح الدين (فيلادلفيا)، والتى ستوزع من خلالها المواد الغذائية على السكان من قبل شركات أو منظمات دولية.
تبقى الإشارة إلى أن المراهنة على أن تحقق جولة ترامب للمنطقة اختراقا فى مشروع نتنياهو العدوانى فى غزة، فضلا عن بقية الجبهات فى الضفة الغربية ولبنان وسوريا، لن تكون صحيحة بنسبة مائة فى المائة، فكلا الرجلين يتسم بالزئبقية والسيولة وعدم المبدئية بالذات تجاه الملف الفلسطينى، فترامب -وفقا لسلوكياته، لا سياساته لأنه لا يمتلكها - خلال المائة يوم الأولى من فترة حكمه الجديدة، انقلب على تعهدات التزم بها تجاه إنهاء الحرب، على الرغم من مساهماته حتى قبل عودته إلى البيت الأبيض، فى التوصل لاتفاق وقف الأعمال العدائية فى لبنان، ثم فى اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، فحول الشرق الأوسط - طبقا لرؤية القيادى الفلسطينى نبيل عمرو - إلى منطقة اشتعال تستبد بها أوهام نتنياهو بإخضاعها وتشكيل حاضرها ومستقبلها وفق الأجندات المشتركة بينه وبين سيّده الأمريكي.
وذلك أنتج فى الواقع معادلة خطرة نحن فيها الآن، مفادها أن قوة ترامب بما لديه من إمكانيات عظمى، تكرّست خطورتها على الشرق الأوسط، ما دام لا يملك الرغبة والقدرة على إنهاء الحروب فيه، وكل ما يملكه فعلاً هو الاستعجال فى إنهاء مهمة تدمير ما تبقى من غزة وأى مكان لا يرضى عنه.
ويضيف: إن غزة التى انتظرت مبادراته خلال حملة ترامب الانتخابية بوقف الحرب عليها، وإعادة إعمارها يحولها من وطنٍ لشعبٍ له شخصيته وتاريخه وأحلامه الإنسانية، إلى مشروع استثمارى يشترط استكمال إبادتها ونقل ملايينها، وبلا عودة إلى أماكن قريبة أو بعيدة، ذلك ليحولها إلى «ريفييرا» يصوّرها خياله كرجل أعمالٍ يتصيد الربح وليس كرجل دولة مسئول.
ويتابع عمرو: « لننظر الآن ببعض تمعنٍ إلى صورة العلاقة بين ترامب ونتنياهو ومساحة الاختلاف بينهما.. ذلك أن نتنياهو كاتب صفقة القرن ومهندسها الفعلي، والذى كان فيها ترامب القوى مجرد معلنٍ لها خلال فترته الرئاسية الأولى، هو من يقود السياسة الأمريكية الآن تجاه غزة وتجاه لبنان، بعد أن بدا الأمر غير ذلك فى وقتٍ مضى، وحسب رؤيته فإن نتنياهو جوف إنجازات ترامب الاستعراضية فى غزة ولبنان، وجرّه وراءه فى التغاضى عن مواصلة حرب الإبادة على غزة، وتواصل الحرب الانتقائية على الجبهة الشمالية (التى كان آخر تجلياتها سلسلة من الغارات العنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت)، وبل وحمل عن نتنياهو عبء الحوثى فى اليمن، ما جعل المعركة هناك أمريكية بامتياز.
كلمات بحث
ترامب
نتنياهو
قطاع غزة
الرئيس الأمريكى
كارولاين ليفيت
نحن والعالم
رابط دائم
اضف تعليقك
الاسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
الاكثر قراءة
قمة بغداد ترسم خارطة طريق جديدة للإقليم.. خطاب الرئيس السيسى الأقوى والأكثر شمولية
إيلى كوهين فى عيون زوجته.. اخترق صفوف النخبة السياسية بدمشق وكان ضيفًا
بعد استضافة أنقرة أولى جولات المفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا.. طبول
اعلى
< li>
نحن والعالم
< li>
حياة الناس
< li>
سوق ومال
< li>
فنون وفضائيات
< li>
مقالات
< li>
ثقافة
< li>
فجر الضمير
< li>
دائرة الحوار
< li>
رياضة
< li>
الملفات
< li>
أرشيف المجلة
< li>
أول الأسبوع
< li>
منوعات
< li>
Business Leaders
جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام