رئيس مجلس الإدارة:
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير:
جمال الكشكي
الأحد 15 يونيو 2025
نحن والعالم
حياة الناس
سوق ومال
فنون وفضائيات
مقالات
ثقافة
فجر الضمير
المزيد
دائرة الحوار
رياضة
الملفات
أرشيف المجلة
أول الأسبوع
منوعات
Business Leaders
مقالات
وعاد الذئب..!
21-5-2025
|
16:57
د. إيمان طاهر
يروى عبدالله بن المقفع، فى رائعته «كليلة ودمنة»، برمزية شديدة عن الحكيم الهندى «بيدبا» - من خلال عالم الحيوان- ما يريد أن يحذر منه البشر حول ألاعيب الشر ومفاتيح النجاة منه، قائلا: كانت هناك أم تعيش مع أطفالها الخراف السبعة بسلام ترعاهم وتحافظ عليهم، وبأحد الأيام خرجت كعادتها صباحًا، لجمع الطعام لأولادها بعد تحذيرهم من الذئب وألاعيبه، الذى كان بدوره ينتظر خروجها، وأوصتهم ألا يتشاجروا ويتعاونوا معا.
فى نفس الوقت كان الذئب يراقب منزلهم، وطرق على بابهم مدعيًا أنه الأم، لكن الأطفال تعرفوا على صوته ونهروه، فابتعد وأخذ يتدرب على صوت الأم، وعاد مرة أخرى يطرق بابهم، فنظروا ووجدوا قدم الذئب فلم يفتحوا له، فذهب مسرعًا ونثر الدقيق على قدميه، وعاد إلى الأطفال مقلدًا صوت أمهم، فاختلسوا النظر إلى قدميه وظنوا أنه أمهم وفتحوا له الباب، فهجم عليهم وأخذ كل منهم يركض فى جهة، استطاع الإمساك بهم واحدًا تلو الآخر وأكلهم جميعا.
عندما عادت الأم، وجدت باب بيتها مفتوحًا على مصراعيه، ولم تجد أبناءها، فأدركت أن الذئب أكلهم، وظلت تبكى حتى سمعت صوت أحد أبنائها ينادى عليها من خلف قطعة أثاث مفتتة، ففرحت وضمته وأخبرها بما حدث، وخرجوا معا يبحثون عن الذئب فوجدوه خلف المنزل مستغرقًا بالنوم، ففتحت بطنه وأخرجت أبناءها أحياء، ووضعت بدلا منهم أحجارا وخيطت بطنه، وأخذت أبناءها وهربوا سريعا، وعندما أفاق الذئب شعر بعطش شديد فذهب للبئر ليشرب، وأثناء ميله سقط بالبئر ومات غريقًا، فرحت الأم وأبناءها لتخلصهم من عدوهم الذى لطالما هددهم. وتعلم الأبناء، بأنه مهما كان خصمك قويًا ماكرًا، فإن التعاون والوحدة سبيل النجاة.
وفى إحدى الأساطير الإغريقية للأديب «إيسوب»، يحكى لنا عن فتى ماكر مخادع وطماع، كان يعمل راعيًا، أراد خداع وإرهاب أهل القرية المجاورة له، مدعيا أن هناك ذئبا يهاجم أغنامهم، وظلوا خائفين ولم يفكروا فى الاتحاد معا لقتل الذئب، أو التأكد مما قاله الراعى المخادع لهم، إلى أن جاء بالفعل ذئب، وأكل ما أكل من الأغنام ومعهم الفتى!
كل هذه الأساطير والروايات، لم ترو للتسلية أو تضييع الوقت، بل لهدف الوصول لمعارف، وإدراكات طبيعة بعض البشر، الذين يحملون بداخلهم غريزة الذئب!
تلك الروايات الملهمة عبر التاريخ الإنسانى، تنير لنا الكثير من ظلامات النفس البشرية وما تحمله من شرور، وهنا نحن أمام المشهد العالمى فى عصرنا الحالى، فالسلام، ومع أنه هو الحالة الطبيعية للإنسانية، وما تدعيه القوة الغربية بمحاولات تطبيقه، فإنها تعيد لأذهاننا ما سبق وقرأناه، لنستيقظ ونعى، بأن الحقلين - السياسى والاقتصادى - بكل ما يمثلانه من تهديدات وتناقضات ما بين الأقوال والأفعال، أصبحت واضحة وواقعًا ملموسًا لا يقبل الشك، ولا يخضع لأى أخلاقيات، وأن الحروب الراهنة التى يجب على الشعوب والدول الانتصار فيها، تحتاج للتعاون والاتحاد وإلى إستراتيجية تدرك أهمية التوازن، وخصوصًا العربى منها، لوقف نزعات الغرب التوسعية، وأن كل تقدم لابد أن يرافقه، بل ويسبقه حسن إدراك الشعوب، فكلما ازدادت الهيئة المجتمعية معرفة واتحدت على هدف واحد وترابطت، استطاعت السياسة الصمود، بل الوصول إلى حد القرب من الكمال.
مرضنا الحقيقى يكمن فى مجتمعاتنا الحالية، مرض تحول تدريجيًا إلى مرض مزمن على إثر الخداع والتضليل والتلاعب الغربى، بإرضاء شهوات النفس كسياسة مادية، وغير الكثير من مبادئنا الأخلاقية، وعقائدنا الروحية وأولوياتنا، وكم سقط كثيرون بمستنقع الخداع، وإذا أردنا النجاة، يجب إعادة الشعور بالواجب والمسئولية المجتمعية، خصوصا لدى الشباب، وإعادة زرع معانى ومبادئ روح التضحية، واحترام العدالة والفقير وإعلاء الضمير، يجب علينا شرح معانِ كثيرة مضللة، وبأن الغاية لا تبرر الوسيلة غير المشروعة، وبأن المبدأ الذى يقول إن الحق للقوة لا يصلح فقط إلا للذئاب وليس للبشر.
أهلكتنا السياسة الغربية بأفكارها، وحروبها وتعصبها وقدرتها على الهدم والخداع والعنف، لقد تم ترتيب المسرح الدولى بالشرق الأوسط حسب رغبة تلك القوة الاستعمارية القديمة، وحلت بنا كارثة طغيان الرأسمالية العالمية، وباتت القومية العربية فى صدمة وانتكاسة، ونحن جميعًا أمام مشهد فلسطين الدامى، وإشعال المنطقة كلها لإبقائها بحالة فوضى وتوتر، ومن يعتقد أو يحلم بسلام مرة أخرى، لم يتعلم من التاريخ بعد! إذ إن مهمة إسرائيل الأولى والأخيرة، التى لن تتغير، هى الحفاظ على ذلك النظام الدولى وتطبيقه، ومنع عودة أو ظهور تحالفات وتوجهات قومية بالعالم العربى.
ما نحتاجه فقط، هو استعادة المفهوم البسيط للقومية العربية، وتحرير أنفسنا عبر اتحادنا وقوتنا الأخلاقية والمادية من هيمنة الغرب، فهل سينتصر الحلم بالإنسانية؟!
كلمات بحث
عبدالله بن المقفع
كليلة ودمنة
الحكيم الهندى
الخراف السبعة
مقالات
رابط دائم
اضف تعليقك
الاسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
الاكثر قراءة
العدمية السياسية.. مرض خطير
جوائز متلاحقة!
شهداء البطون الخاوية
اعلى
< li>
نحن والعالم
< li>
حياة الناس
< li>
سوق ومال
< li>
فنون وفضائيات
< li>
مقالات
< li>
ثقافة
< li>
فجر الضمير
< li>
دائرة الحوار
< li>
رياضة
< li>
الملفات
< li>
أرشيف المجلة
< li>
أول الأسبوع
< li>
منوعات
< li>
Business Leaders
جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام