سوق ومال



يخدم قطاعات إستراتيجية كبيرة ويعزز توطين الصناعة المحلية.. المطور الصناعى.. بوابة ذهبية لجذب الاستثمارات

21-5-2025 | 17:36
هاجر بركات

مشروعات متكاملة فى أنحاء الجمهورية أسهمت فى جذب استثمارات أجنبية وتدشين مشروعات عملاقة
المنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبى.. أول منطقة صناعية 
فى الصحراء الشرقية وتستهدف جذب الاستثمارات الصناعية
محمد عبادى: مشروع المثلث الذهبى يهدف إلى تعظيم الاستفادة من الموارد التعدينية وتنشيط القطاع السياحى والزراعى
وليد جمال الدين: المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق التنوع فى القاعدة الصناعية وتعزيز الصناعات التحويلية
علاء نصر الدين: الاعتماد على المطور الصناعى يمثل إحدى الركائز الجوهرية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية
بلال شعيب: نموذج مبتكر يدعم توطين الصناعة ويعزز الصادرات ويرفع الاحتياطى النقدى للدولة
محمد أنيس: مفتاح جذب الاستثمار وتوطين الصناعة فى مصر
 
 
يعرف خبراء الاقتصاد المطور الصناعى بأنه الكيان الذى يقوم بالتنسيق مع الحكومة بتطوير وإنشاء مناطق صناعية متكاملة تضم جميع الخدمات والمرافق التى تحتاجها المصانع والشركات، ويسهم فى توفير بيئة مثالية للقطاع الخاص للاستثمار والإنتاج، سواء كان ذلك فى مجالات التصنيع أم الخدمات اللوجستية، ويعتمد نجاح المطور الصناعى على مدى قدرته على تقديم أراضٍ مرفقة بالبنية التحتية المتكاملة، مما يخفف الأعباء على المستثمرين ويوفر لهم الوقت والمال.
 
ويرى علاء نصر الدين، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأثاث والأخشاب، وعضو لجنة التعاون العربى باتحاد الصناعات، أن برنامج المطور الصناعى يُعد من أبرز الأدوات التى تعتمد عليها الحكومة للتوسع فى إقامة التجمعات الصناعية، ضمن رؤية الجيل الجديد من المناطق الصناعية، التى تستند على شراكة متوازنة وناجحة مع القطاع الخاص، وأوضح أن هذا النموذج يهدف إلى مواجهة تحدى نقص الأراضى الصناعية المرفقة، عبر طرح مناقصات عالمية تتولى شركات متخصصة تطوير وترفيق وإدارة المناطق الصناعية، بما يسهم فى تسريع وتيرة الاستثمار الصناعي، رغم وجود مساحات أراضٍ غير مستغلة داخل المدن والمحافظات.
 
وطالب نصر الدين، بتوفير أراضٍ مناسبة ومدعومة بالبنية التحتية، وتشمل شبكات الطرق والموانئ والكهرباء والمياه، بجانب تسهيلات تمويلية وحوافز استثمارية مثل الإعفاءات الضريبية والتيسيرات الجمركية، واختتم بأن الاعتماد على المطور الصناعى يمثل أحد الركائز الجوهرية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، من خلال خلق فرص عمل جديدة، وزيادة الإنتاج المحلي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، مشددًا على أهمية توفير بيئة استثمارية جاذبة تلبى تطلعات المستثمرين المحليين والأجانب.
 
اقتصادية قناة السويس
أصبح نظام المطور الصناعى أحد النماذج الناجحة للتعاون بين الحكومة المصرية والقطاع الخاص، بعدما أثبتت المشروعات الماثلة على أرض الواقع نجاحا كبيرا لتحقيق مستهدفات التنمية لاسيما فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وأكتوبر الجديدة، السادات، والعلمين الجديدة، وهناك تنسيق كامل بين الحكومة المصرية ممثلة فى وزراء الصناعة والنقل، والكهرباء، والإسكان، وعدد من المطورين الصناعيين بمناطق أكتوبر الجديدة، السادات، والعلمين الجديدة، للتغلب على التحديات التى قد تعترض المستثمرين من حيث المساحات البنائية، وتوصيل المرافق، وطرح الأراضى بأساليب مرنة، بما يضمن تهيئة بيئة مشجعة لجذب الاستثمارات الصناعية.
تعد المنطقة الاقتصادية لقناة السويس من أبرز الأمثلة على دور المطور الصناعى فى جذب الاستثمارات، حيث استطاعت المنطقة أن تتحول إلى مركز صناعى ولوجستى عالمى بفضل البنية التحتية المتطورة التى توفرها، وهذه المنطقة تعتبر بوابة مصر للعالم، حيث تستفيد من موقعها الإستراتيجى بين قارات أوروبا وآسيا وإفريقيا، مما يجعلها نقطة جذب رئيسية للاستثمارات الصناعية.
ومن خلال تقديم مزايا تنافسية عديدة مثل الإعفاءات الضريبية، خفض الرسوم الجمركية، المناطق الحرة، وغيرها من الحوافز، تمكنت المنطقة الاقتصادية من استقطاب العديد من الشركات العالمية التى ترغب فى الاستفادة من هذه المزايا، كما تم تطوير البنية التحتية بشكل متسارع، بما فى ذلك الموانئ والمناطق اللوجستية، مما جعل المنطقة أكثر جذبًا للاستثمارات الصناعية الكبرى فى مختلف القطاعات مثل البتروكيماويات، الصناعات الثقيلة، المعدات الإلكترونية، التكنولوجيا وغيرها.
 وأكد المهندس وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة، أنه تم إبرام 255 تعاقدًا لمشروعات جديدة داخل المناطق الصناعية والموانئ التابعة للهيئة، وذلك خلال الثلاثين شهرًا الماضية، بإجمالى استثمارات بلغت 8.1 مليار دولار. 
وتابع جمال الدين قائلا: المنطقة الاقتصادية تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق التنوع فى القاعدة الصناعية وتعزيز الصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة، بما يساهم فى زيادة الصادرات وتوفير فرص العمل، مشيرًا إلى أن جذب الاستثمارات الأجنبية أصبح أحد الأهداف الرئيسية التى نجحت الهيئة فى تحقيقها، بفضل موقعها الإستراتيجى وخططها الطموحة، وأشار إلى أن 251 مشروعًا من بين هذه التعاقدات تم توقيعها خلال عامين ونصف فقط، بإجمالى استثمارات 6.23 مليار دولار، ومن المتوقع أن تخلق هذه المشروعات قرابة 28 ألف فرصة عمل مباشرة، كما تُعد إحدى الركائز الأساسية فى رؤية مصر 2030 لتنمية محور قناة السويس.
 
فوائد متعددة
 من جهته يرى الخبير الاقتصادى بلال شعيب، أن فكرة المطور الصناعى تُعد من الحلول المبتكرة التى بدأت الدولة فى تطبيقها منذ أكثر من 10 سنوات، بهدف مواجهة التحديات التى كانت تواجهها فى تطوير المدن والمجمعات الصناعية بمفردها، نظرًا للتكلفة الكبيرة التى كانت تتحملها الدولة، وعدم قدرتها آنذاك على إنشاء مجتمعات صناعية متكاملة بالوتيرة المطلوبة.
وأوضح شعيب، أن نموذج المطور الصناعى يقوم على شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص، حيث توفر الدولة الأرض وجزء من المرافق الأساسية، بينما يتولى المطور الصناعى – ممثلًا فى شركات القطاع الخاص – مهام إنشاء وتطوير المجمعات الصناعية وطرحها على المستثمرين، والعائد يتم توزيعه بين الحكومة والمستثمر، وهو ما ساعد على زيادة المعروض من الأراضى الصناعية المرفقة، وتوفير بيئة ملائمة لبدء النشاط الصناعى فى وقت أسرع.
وأشار إلى أن هذا النموذج نجح فى تخفيف الأعباء المالية عن الدولة، مقارنة بالفترات السابقة التى كانت الدولة تتحمل فيها بالكامل مسؤولية إنشاء المجمعات، وكان المستثمر ينتظر طويلاً للحصول على وحدة صناعية أو ورشة، أما الآن، فباتت هناك مدن صناعية متخصصة جاهزة بالترخيص، مثل مدينة دمياط للأثاث، مدينة الروبيكى للجلود، ومدينة المنيا للنسيج، وهو ما يسهل على المستثمر بدء مشروعه فورًا دون عقبات بيروقراطية. وأكد أن وجود مجمعات صناعية متخصصة ساعد على رفع القدرة التنافسية للمنتجات النهائية، حيث يتم تجميع كل المصنعين فى مجال معين داخل منطقة واحدة، مما يسهل عمليات الإنتاج، ويقلل من تكلفة النقل، ويعزز التصدير، وبالتالى ينعكس إيجابًا على الاحتياطى النقدى للدولة.
وأضاف أن المطور الصناعى يسهل الإجراءات الحكومية من خلال التعامل مع جهة واحدة، مما يسرّع من استخراج التراخيص وتوصيل المرافق، فضلًا عن توافق النموذج مع أهداف رؤية مصر 2030، خصوصا فيما يتعلق بتقليل التلوث، وخلق فرص عمل، وزيادة الصادرات، وتوطين الصناعات المحلية.
ونوّه شعيب إلى أن توفير آليات تمويل مرنة من البنوك، وتسهيلات فى السداد، وخفض أسعار الفائدة للمستثمرين، من شأنه تحفيز أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة على الدخول بقوة إلى القطاع الصناعي، كما طالب بضرورة تقديم حوافز إضافية للمصنعين الموجهين للتصدير، والعمل على انتقاء الصناعات التصديرية ذات القيمة المضافة العالية لتحقيق طفرة فى قطاع الإنتاج.
 
المثلث الذهبى
من أبرز النماذج التى تسلط الضوء على دور المطور الصناعى فى دعم الاقتصاد المصري، تأتى المنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي، والتى تعد أول منطقة صناعية فى الصحراء الشرقية، وتمتد على نحو 2.2 مليون فدان بين مدن قنا، وقفط، وسفاجا، والقصير، ما يمنح المشروع ميزة جغرافية قوية تعزز من فرص وصول منتجاته لكل محافظات الصعيد وموانئ البحر الأحمر، مما يفتح المجال أمام إنشاء مشروعات صناعية كبرى فى مختلف القطاعات، ويضم المشروع 4 مناطق صناعية مستهدفة، موزعة على نطاق واسع فى المنطقة، وتشمل قطاعات متنوعة من الصناعات الثقيلة والخفيفة. ويتم طرح الأراضى بالتعاون مع هيئة المثلث الذهبي، ما يعزز من فرص مشاركة القطاع الخاص فى تطوير المشروع وفقًا لنموذج المطور الصناعى. وتستهدف الحكومة جذب استثمارات بقيمة 2 مليار دولار ضمن المرحلة الأولى من المشروع، التى تبدأ فى منطقة سفاجا، وتشمل المرحلة الأولى طرح أراضٍ بمساحة 15،204 فدان فى إحدى المناطق القريبة من ميناء سفاجا، بما يتيح سهولة تصدير المنتجات الصناعية.
وأكد المهندس محمد عبادى، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي، إن إنشاء المنطقة الاقتصادية جاء فى إطار رؤية طموحة لتحقيق تنمية شاملة ومتكاملة، تقوم على تنويع الأنشطة الاستثمارية واستغلال الإمكانات الطبيعية الهائلة التى تتمتع بها المنطقة. وأضاف: تتميز منطقة المثلث الذهبى بثرواتها التعدينية الغنية، بالإضافة إلى امتلاكها مساحات واسعة من الأراضى الصالحة لمختلف الاستخدامات، سواء الصناعية أو الزراعية أو السياحية، وأكد عبادي، أن المشروع يهدف إلى تعظيم الاستفادة من الموارد التعدينية عبر تحسين طرق استخراجها وزيادة القيمة المضافة لها، إلى جانب تنشيط القطاع السياحى والزراعى فى الشريط الصحراوى الشرقى لمحافظات الصعيد، بما يسهم فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتوفير فرص عمل جديدة لسكان المنطقة.
 
التحديات والفرص
هناك تحديات كثيرة تعترض المطور الصناعى، وهو ما يتطرق إليه محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، مشددا على أهمية تعميم تجربة المطور الصناعى فى مصر وعلى ضرورة أن تحظى بنفس الزخم والانتشار الذى حققه المطور العقارى خلال السنوات الماضية، لكن بأسلوب مختلف يتلاءم مع طبيعة القطاع الصناعى.
وأضاف أنيس: أحد أبرز التحديات التى تواجه الاستثمار الصناعى فى مصر هو نقص الأراضى الصناعية المرفقة، وهو ما يعوق توسع المستثمرين، وهنا تظهر أهمية دور المطور الصناعي، القادر على تذليل هذه العقبة وتوفير بنية تحتية متكاملة وجاهزة للاستثمار.
 
وأوضح أنيس أن التعاون بين الدولة والقطاع الخاص فى هذا الإطار ضروري، لا سيما أن الأراضى الصناعية مملوكة للدولة، وبالتالى فإن الشراكة مع المطور الصناعى تسهم فى تهيئة بيئة ملائمة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خصوصا تلك التى تستهدف الأسواق التصديرية. المطور الصناعى يمكنه خدمة قطاعات إستراتيجية مثل الطاقة، والبتروكيماويات، والصناعات التحويلية، وهو ما يعزز من فرص توطين الصناعة المحلية، وتخفيف الاعتماد على الواردات.
 
ونوه الخبير الاقتصادى، إلى أن المطور الصناعى لا يقتصر دوره على تجهيز الأرض فقط، بل يمتد إلى معالجة عدد من المشكلات الأخرى مثل البيروقراطية، نقص العمالة المؤهلة، وصعوبة إجراءات التراخيص، وعند إزالة هذه العقبات، يصبح الطريق ممهّدًا أمام جذب استثمارات كبرى، مما يسهم فى تقليص الفجوة التمويلية، وزيادة عوائد التصدير.
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام