حياة الناس



يشهد انتشارا واسعا فى محافظات مصر الوقود الحيوى.. أقل تكلفة وأكثر أمانا

21-5-2025 | 19:48
هبة عادل

 
تتوزع وحدات الغاز الحيوى على 19 محافظة تنتج ما يعادل 85 ألف أنبوبة بوتاجاز
 
تتسابق دول العالم للاستفادة من الوقود الحيوى فى مختلف القطاعات الإنتاجية، تارة لسهولة توفيره بتكلفة زهيدة للغاية، وتارة أخرى كونه بديلا آمنا ونظيفا للوقود الأحفورى.
وقد بدأ إنتاج الوقود الحيوى فى بعض المناطق بزراعة أنواع معينة من النباتات خصيصا لاستخدامها فى مجال الوقود الحيوى، منها الذرة وفول الصويا فى الولايات المتحدة، واللفت فى أوروبا، وقصب السكر فى البرازيل وزيت النخيل فى جنوب شرق آسيا.
 
وفى المنطقة العربية هناك جهود كبيرة، تبذل من قبل عدد من الحكومات فى هذا الاتجاه، حيث تستهدف الحكومة ممثلة فى وزارة البيئة التوسع فى تكنولوجيا الطاقة الحيوية فى جميع محافظات الجمهورية من أجل خلق خدمات مستدامة لإنتاج غاز حيوى والتخلص الآمن من المخلفات العضوية فى ظل رؤية مصر 2030.
الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، استعرضت تقريرا حول جهود مؤسسة الطاقة الحيوية التابعة للوزارة، وأوضحت أن أنشطة مؤسسة الطاقة الحيوية تتضمن إنشاء وحدات الغاز الحيوى المنزلية الثابتة والمتنقلة بطاقة إنتاجية 2-6 متر مكعب غاز يومي، وكذلك إنشاء وحدات متوسطة بطاقة إنتاجية من 50- 500 متر مكعب غاز يوميا.
 
 وقد بلغ عدد الوحدات التى أنشأتها المؤسسة منذ إنشائها حتى الآن 1921 وحدة غاز حيوى موزعة على 19 محافظة مصرية، تنتج 2.152 مليون متر مكعب سنويا من الغاز، بما يعادل 85 ألف أنبوبة بوتاجاز، كما بلغت كمية المخلفات الحيوانية التى تعالجها 53.8 ألف طن، وكمية السماد الذى ينتج نحو 50 ألف طن، وبلغ عدد المستفيدين من تلك المشروعات ما يزيد على 3 آلاف نسمة، كما بلغت مساحة الأرض المستفيدة التى تغطيها كمية السماد أكثر من 6 آلاف فدان، ونتج عنها إنشاء نحو 31 شركة ناشئة، وخلق ما يقرب من 95 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
 
تعظيم الاستفادة
كما قامت المؤسسة بإعداد الكثير من الدراسات حول تكنولوجيات ضغط الغاز الحيوى وتنقيته، وأفضل ممارسات لإنتاج كهرباء من الغاز الحيوي، وتعظيم الاستفادة من المتبقيات الزراعية لإنتاج الغاز الحيوى بتكنولوجيا التغويز، وفى مجال نشر الوعى البيئى بتكنولوجيا الوقود الحيوى، كشفت وزير البيئة أن مؤسسة الطاقة الحيوية بالتعاون مع الفروع الإقليمية بالوزارة تعمل على تنفيذ عدد من ندوات التوعية بعدد من المحافظات، ومنها محافظات قنا والبحيرة وسوهاج والفيوم، وتناولت هذه الندوات أهمية تعظيم الاستفادة من تكنولوجيا الوقود الحيوى، حيث يعد من أهم المشروعات البيئية التى تضمن تخلصا آمنا من المخلفات، وفى الوقت نفسه تحقق عائدا اقتصاديا للمواطن من خلال توفير غاز حيوى وسماد عضوى، بالإضافة إلى توفير فرص عمل خضراء للشباب.
 
وفيما يخص الطرق المختلفة والمتوفرة لتقديم طلب لتنفيذ وحدة بيوجاز، فيمكن أن يكون من خلال أحد الطرق الآتية: أولاً: فى حال توفر قيمة الوحدة بالكامل لدى المستفيد، فيتم التقدم بطلب للمؤسسة لدراسته ومن ثم اتخاذ إجراءات تنفيذها، من خلال الشركات المؤهلة لدى المؤسسة. ثانيا: فى حال عدم توفر قيمة الوحدة كليا أو جزئيا، فيوجد طريقان للتنفيذ وهما: فى حال توفر قيمة الوحدة جزئيا لدى المستفيد، والتقدم بطلب للمؤسسة لترشيح إحدى الشركات التى لديها القدرة على التنفيذ، حيث إن المؤسسة لديها بروتوكول تعاون مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر. ومن خلال هذا البروتوكول من الممكن تنفيذ الوحدات بدعم 40٪ من قيمة الوحدة و60٪ يدفعها المستفيد كقرض ميسر.
وفى حال عدم توفر قيمة الوحدة لدى المستفيد كليا: حيث يتقدم المستفيد الذى يرغب فى تنفيذ وحدة بطلب إلى المؤسسة، وتقوم المؤسسة بفحص جميع الطلبات المقدمة لها وعرضها على الجهات المانحة التى ترغب فى تنفيذ وحدات بيوجاز بالمجان للمستفيدين، ويتم وضع أولوية للمنطقة التى بها عدد مستفيدين أكثر، بما يتناسب مع العدد المتاح تنفيذه، وذلك حتى يسهل تنفيذ الوحدات فى نفس المنطقة بطريقة اقتصادية.
 
جدير بالذكر، أن مؤسسة الطاقة الحيوية للتنمية المستدامة هى مؤسسة مركزية غير هادفة للربح تم تأسيسها من خلال وزارة البيئة بقرار من مجلس الوزراء فى يوليو 2015، وتم قيدها فى سبتمبر 2016، وتضم ممثلين من وزارات الإنتاج الحربى، والتنمية المحلية، والدفاع، والهيئة العربية للتصنيع، وجهاز تنمية المشروعات، وهيئة الرقابة المالية، وتهدف إلى تطبيق ونشر تكنولوجيا الطاقة الحيوية فى مصر عن طريق إزالة كافة العوائق الفنية والمؤسسية والمعلوماتية والمالية، مما يسهم فى رفع القدرة التنافسية للاقتصاد المصرى وتحقيق فوائد بيئية واجتماعية واقتصادية‪.‬
 
تدوير المخلفات
من جهته يقول الدكتور مجدى علام، الخبير الدولى فى شئون البيئة: المحروقات كسوائل عبارة عن بنزين وكروسين وجازولين وغيرها من أنواع الوقود وهى من المواد السائلة، والوقود الحيوى يختلف عن ذلك هو عبارة البيوجاز ويختلف الغاز الطبيعى وهو من مشتقات البترول، والجزء الأساسى المكون للوقود الحيوى هو تدوير المخلفات البيوجاز من التخمر، وفى الماضى كان يتم حرق قش الأرز، وبعد ذلك شهر تدوير وبعد التخمر يظهر منها غاز الميثان وهو الغاز الحيوى وهو وقود من التخمر وغازات أخرى تعمل منها الأفران عبر أنابيب البوتجاز وهى غازات فوق سطح البترول وهى عبارة عن هواء فوق بئر البترول من خلال خطوط تحت مياه البحر المتوسط، الفتحات تبدأ من اليونان إلى مصر وإلى أية دولة فى أوروبا، وهناك البيوفول وهو بقايا الحشائش والأشجار يستخدم أيضا كوقود، والثانى خارج من خزانات البترول‪.‬
 
وتابع د. مجدى علام: نحن الآن لدينا أنواع من الطاقة المفيدة من الطاقة الشمسية تستخدم بنسبة ٪19، والنسبة الأخرى نريد نصل إلى ٪43 من الوقود الصديق للبيئة، والوقود الآخر من الذى يسبب حملا كربونيا يأثر على المناخ من خلال تفريغ حمولات المراكب والمياه يكون بها خليط من بقايا البترول وتم عمل لها مكان فى خليج السويس يتم تفريغها بها حتى لا تهدد الثروة السمكية من خلال التطور العلمى والتكنولوجى.
 وأضاف: فى عام 2045 سوف يكون نهاية البترول فى العالم، ويتم العمل بأنواع الطاقة من الوقود الحيوى من المخلفات الزراعية بدلا من أن تحرق نستخدمها فى شكل وقود واستخدام الطاقة الشمسية، والآن بالفعل هناك عمارات كثيرة تستخدمها من خلال شركات متخصصة فى طاقة الرياح ويتم خصمها من استهلاك شركات الكهرباء وهى طاقة نظيفة ولا تحتاج إلى مواسير وخزانات بترول كبيرة، إلا لو نحتاج إلى مصانع ألومونيوم  تعتمد بشكل رئيسى إلى طاقة من المحروقات، وبعد أن ينتهى البترول يتم استخدام طاقة الرياح والمياه ما يعرف بـ"المساقط المائية"، لذلك لدينا السد العالى ليس به أى تلوث هوائى، فكل أنواع الطاقة الجديدة والمتجددة يتم العمل على إنتاجها بشكل عالمى متفق عليه‪.‬
 
الاقتصاد الأخضر
تعد تكنولوجيا البيوجاز، هى تجسيد لفكرة الاقتصاد الدوار والاقتصاد الأخضر، بعد اعتماد مصر قانون تنظيم إدارة المخلفات، التى تقوم فلسفته ليس فقط على الإدارة المتكاملة للمخلفات، ولكن أيضا على الشراكة مع المجتمع المدنى، وتعد مشروعات البيوجاز مثالا لذلك، حيث يعكس الشراكة الحقيقة بين المجتمع المدنى وبين مؤسسات الدولة والمواطنين، من أهالى القرى التى سيتم تنفيذ المشروع بها، وبين المؤسسات التعليمية بحيث يكون الجميع شركاء فى التنمية فى مصر.
ويقول الدكتور مهندس حسن لطفى، خبير بناء وتنمية القدرات الهندسية والتكنولوجية: يعتبر الوقود الحيوى هو وقود على شكل سائل أو مادة صلبة أو غاز مثل إنتاج البيو إيثانول من قصب السكر أو الذرة، أو الفحم النباتى، أو الرقائق الخشبية، أو الغاز الحيوى الناتج عن التحلل اللاهوائى للنفايات، أى أنه الطاقة المستمدة من الكائنات الحية سواء النباتية أو الحيوانية وهو أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة التى تختلف عن الطاقات الناتجة من الموارد الطبيعية مثل النفط والفحم الحجرى وكافة أنواع الوقود الإحفورى. وأضاف: بدأ إنتاج الوقود الحيوى فى بعض المناطق بزراعة أنواع معينة من النباتات خصيصاً لاستخدامها فى مجال الوقود الحيوي، منها الذرة وفول الصويا فى الولايات المتحدة، وأيضا اللفت، فى أوروبا، وقصب السكر فى البرازيل و وزيت النخيل فى جنوب شرق آسيا‪.‬
وتابع د. حسن لطفى قائلا: كما يتم الحصول على الوقود الحيوى من التحليل الصناعى للمزروعات والفضلات وبقايا الحيوانات التى يمكن إعادة استخدامها، مثل القش والخشب والسماد، وقشر الأرز، وتحلُل نفايات المنازل ونفايات الورش والمصانع، ومخلفات الأغذية، التى يمكن تحويلها إلى الغاز الحيوى عن طريق ميكروبات ذات الهضم اللاهوائى.
 
وأشار إلى أن الكتلة الحيوية المستخدمة كوقود يتم تصنيفها على عدة أنواع، مثل النفايات الحيوانية والخشبية والعشبية، كما أن الكتلة الحيوية ليس لها تأثير مباشر على قيمتها بوصفها مصدرا للطاقة‪.‬ ومن الملاحظ حالياً أن الأنواع الأخرى من الطاقة المتجددة تتفوق على الوقود الحيوى من حيث أثر محايدة الكربون، وذلك بسبب ارتفاع استخدام الوقود الأحفورى فى إنتاجه، بالإضافة إلى ناتج احتراق الوقود الحيوى من ثانى أكسيد الكربون فضلاً عن الغازات غير البيئية الأخرى. والكربون الناتج عن الوقود الحيوى لا يتمثل فقط بنواتج الاحتراق، وإنما يضاف إليه ما هو صادر عن النبات خلال دورة نموه، لكن الجانب الإيجابى من الموضوع هو أن النبات يستهلك ثانى أكسيد الكربون فى عمليات التركيب الضوئى (التمثيل الضوئي) ومن هنا أتى ما يسمى بتعديل الكربون أو محايدة الكربون‪.‬
وأوضح أن هناك ما يسمى بمحاصيل الطاقة، ويستخدم هذا المصطلح للدلالة على بعض الأنواع الزراعية أو الحشائش التى تزرع بغرض استعمالها لإنتاج الطاقة ويمكن تقسيم محاصيل الطاقة إلى ثلاثة أقسام، والمحاصيل التى تستخدم لإنتاج الإيثانول الحيوى مثل الذرة وقصب السكر، بالإضافة إلى تحضير الإيثانول من أى مركب عضوى. ومن المحاصيل التى تستخدم لإنتاج الديزل الحيوى هى فول الصويا والكاميليا والمحاصيل التى تستخدم لإنتاج الطاقة الحرارية عن طريق الحرق ومن أمثلة هذه النباتات السماد العضوى ولحية الرجل والحشيشة الفضية، كذلك يمكن استخدام بقايا المحاصيل أو الأخشاب‪.‬
 
حكاية قرية تونس
وتحكى دكتورة نجلاء فؤاد، مدير جمعية روح الحياة بالفيوم، عن تجربتها فى التحول إلى طاقة نظيفة وتنفيذ مشروع نموذج أخضر للتحول البيئى بقرية تونس، فى محافظة الفيوم وكيف ساهمت تلك التجربة فى الحد من تأثير الانبعاثات الكربونية الناتجة عن احتراق الغازات الضارة من أفران حرق الخزف وهو المهنة الرئيسية بالقرية، وزيادة الوعى بأهمية المحافظة على البيئة والحفاظ على الحرف التراثية، قائلة: "كان المكون الرئيسى هو تحويل أفران الخزف الفخارية من سولار إلى الغاز، وقد نجحنا فى ذلك بسبب زيادة الوعى المجتمعى وترشيد الطاقة بعمل ندوات توعوية لترشيد الطاقة وإنارة المنازل بلمبات الليد وتجميل القرية بشكفات ليد أيضا، وتجميل مدخل القرية بأشجار الزينة منخفضة المياه «مبادرة المليون شجرة». وقد أطلق عليها اسم قرية تونس نظراً لانتشار المساحات الخضراء بها التى جعلتها تشبه دولة تونس، ثم تم اعتماد الاسم رسميًا ونالت شهرة واسعة فى مختلف أنحاء العالم‪.‬
 
وتوضح أن المشروع فى مرحلة التحضير الأولية والاتفاقيات مع الشركات وموافقة محافظ الفيوم، لأن قرية تونس من القرى المهمة فى السياحة البيئة الريفية، ويصل عدد الأفران إلى 55 فرنا سوف يتم تحويلها إلى العمل بالغاز، وزراعة 370 شجرة متنوعة فى مدخل القرية وإنارة 43 كشافا لإنارة الطرق، كما قمنا بعمل 15 ندوة توعوية لأهالى القرية، وتضم القرية 250 منزلًا أنشأها المعمارى حسن فتحى، وكانت القرية تعانى من الفقر إلى أن جاءت إيفيلين بيوريه وهى سويسرية الجنسية، أقامت فى القرية وحولتها إلى قرية سياحية. وأشارت إلى أن حماية وتحسين البيئة الصناعية، تهدف إلى رفع مستوى الوعى العام بالجوانب البيئة جميعها، طبقاً لأهداف التنمية المستدامة 2030، التى تصبو إلى زيادة التوجه نحو الاقتصاد الأخضر والنمو الأخضر والصناعات الخضراء، الأقل اعتماداً على الكربون، ودعم أنظمة الإدارة البيئة المتكاملة فى الصناعات، والتوسع فى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مجال البيئة، وكذلك رفع كفاءة الطاقة فى العمليات الصناعية المختلفة والمشروعات السياحية والتجارية والخدمية، وخفض معدلات التلوث الناتج عن استخدام الطاقة غير النظيفة وإحلالها بأخرى صديقة للبيئة، لتحقيق الاستخدام الأمثل للطاقة المستدامة بالعمليات كالخلايا الشمسية فى الإضاءة، واستخدام السخانات الشمسية بدلاً من الغلايات.
‪ ‬
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام