رئيس مجلس الإدارة:
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير:
جمال الكشكي
الأحد 15 يونيو 2025
نحن والعالم
حياة الناس
سوق ومال
فنون وفضائيات
مقالات
ثقافة
فجر الضمير
المزيد
دائرة الحوار
رياضة
الملفات
أرشيف المجلة
أول الأسبوع
منوعات
Business Leaders
حياة الناس
قليل من الأخلاق وكثير من الابتذال وفبركة القصص والحكايات.. « هوس الترند».. سرطان مواقع التواصل الاجتماعى
21-5-2025
|
21:36
⢴ د. شاهيناز العقباوى
وسائل التواصل الاجتماعى جعلت «الحياء» عملة نادرة بسبب رغبة البعض فى صناعة الترند وكسب المال
مصطلح «فومو» ظهر فى عام 2004 وهو اختصار لعبارة «الخوف من تفويت شىء ما»
د. ثناء الحلوة: وسائل التواصل الاجتماعى وانتشارها بين الشباب أسهمت فى نشر قيم غريبة عن مجتمعاتنا الشرقية
د. عبده الأسمرى: الابتذال من أجل صناعة الترند خطر يهدد المجتمعات العربية والحل يكمن فى التوعية بخطورة الظاهرة
إسلام الأقصرى: انتشار المحتويات غير المنضبطة أخلاقيا تحت مسمى الترند تلعب دورا رئيسا فى التأثير السلبى على قيم المجتمع
من المحيط الأطلنطى إلى الخليج العربى، تحولت مواقع التواصل الاجتماعى عند البعض إلى حلقة سباق كبرى على مدار ساعات اليوم من أجل “الترند”، والذى يضمن لصاحبه زيادة نسب المشاهدات والإعلانات وجنى الأرباح! وذلك بعدما اعتاد فريق الناس بمجرد الاستيقاظ من النوم البحث لمعرفة ما هو ترند يوم، وأصبح الهوس به على السوشيال ميديا مثار اهتمام لما يعود على البعض من مردود مالى كبير من ورائه.
يأتى الترند، إن كان على شكل “تحديات” على تيك توك أو كحدث يفرض نفسه، مولّدا موضوع نقاش موحدا يشغل المستخدمين حول العالم أو فى منطقة معينة، فى صلب ثقافة جذب الانتباه. هذا الاتجاه الذى يتبعة الملايين، ولا تحتاج صناعته إلى مؤهلات علمية أو مهارات أو مجهود يبذل لإتقان العمل فقط نحِ “الحياء” جانبا وانطلق فى تقديم فيديوهات، وقصص تذخر بالكلمات البذيئة والإثارة والتعرى، وصولا إلى الشائعات وفبركة القصص والحكايات التى قد تؤدى بصاحبها لمخالفة القانون والزج به إلى السجن، ولا تقتصر سلبيات” الترند” فقط على أصحابها، إنما باتت معول هدم فى منظومة القيم الأخلاقية بالمجتمعات العربية، وأصبحت ركيزة أساسية فى الكثير من الأزمات الاجتماعية وانفجار الخلافات بين الناس، فإلى أين سوف يأخذنا جنون وهوس ركوب الترند على السوشيال ميديا؟
لا يعرف أحد تحديدا من كان وراء ظاهرة “الترند” وانتشارها فى وسائل التواصل الاجتماعى، لكنه فى عام 2004، ظهر للمرة الأولى مصطلح “فومو ،وهو اختصار لعبارة “الخوف من تفويت شيء ما”. وشاع استخدام المصطلح فى البداية فى مجال التسويق، لكنه عرف ذروة شعبيته مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي. لكنه ومع بداية عام 2014 بدأ الشكل الحالى للترند يتبلور عبر الترويج لمقاطع فيديو لشخصيات من مختلف دول العالم لاسيما أوروبا وأمريكا تحت هاشتاج “تحدى دلو الثلج”، حيث يقوم الشخص بإحضار دلو كبيرة مملوءة بالمياه الباردة والثلج، ومن ثم يصبها كاملة وبسرعة على رأسه، وانتشر هذا التحدى بعد ذلك بين الشباب فى مختلف أنحاء العالم مدفوعا بالهدف النبيل من “ تحدى دلو الثلج” للتوعية بمرض التصلب الجانبى الضمورى الذى يصيب الأعصاب، ودعم مرضاه والأبحاث التى تركز على وضع نهاية له.
ومنذ ذلك الوقت انتاب فريق من الناس رغبة فى تكرار ما حدث، بأفكار جديدة تنوعت بين ما هو إنسانى وفنى إلى ساحات الرياضة والسياسة، وصولا إلى تريندات تحمل قدرا كبيرا من الإسفاف والابتذال وأمام مغريات المال والسعى نحو الشهرة، لم تعد بعض الأسر تهتم بالمحتوى الذى يقدمه الابن أو الابنة على السوشيال ميديا مادام هناك مردود مادى ومعنوي.
ناهيك عن حكايات كثيرة تموج به ساحات القضاء لشخصيات من مختلف الأعمار أصابهم “ هوس الترند “ وسقطوا تحت طائلة القانون، فقبل أيام خرج شاب بقصة مفبركة بإحدى القرى بمحافظة أسوان. واستطاع من خلاله “ ركوب الترند “ محققا فى ساعات محدودة أكثر من مليون مشاهدة قبل أن يتم القبض عليه، وقالت وزارة الداخلية فى بيان لها: بالفحص أمكن تحديد وضبط القائم على النشر فنى صيانة هواتف محمولة- ومقيم بمحافظة القليوبية، وبمواجهته أقر بأنه قام بالحصول على مقطع فيديو بإحدى الدول الأجنبية من خلال بحثه بمواقع التواصل الاجتماعى، وذلك لرفع معدلات المشاهدات “ وركوب الترند وتحقيق أرباح مالية من نسب المشاهدات!
كما سبق أن كشفت الأجهزة الأمنية حقيقة ادعاء أحد الأشخاص بمحافظة مطروح بعثوره على جوال بداخله مبلغ 8 ملايين جنيه وقيامه بتسليم المبلغ لصاحبه، الذى تداولته بعض المواقع الإخبارية. وبالفحص تبين أن الشخص المذكور اختلق الواقعة بمساعدة أحد الأشخاص بهدف خداع المواطنين والحصول منهم على تبرعات مقابل أمانته فى تسليم المبلغ المالي.
وهناك أيضا واقعة بطلتها طبيبة متخصصة فى أمراض النساء والتوليد، تم إلقاء القبض عليها أخيرا بسبب شكاوى ضدها بإفشاء أسرار مرضاها، وذلك من خلال فيديوهات تقوم بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعى، والتى أرجعها البعض إلى الرغبة فى الدخول فى سباق الترند .
وبشكل عام، استخدمت كلمة “ترند” فى مجالات أُخرى أسبق كثيراً من وسائل التواصل الجتماعى، فمثلاً فى المجال الاقتصادى وعالم الأسواق المالية، والمقصود بها الإشارة إلى اتجاهات السوق وحركة الأسهم صعودا وهبوطا فى البورصة، والتى يتم بناء عليها استخلاص النتائج واتخاذ القرارات المالية، والذى بدوره انعكس بشكل مباشر فى الاستفادة من نتائج الترند فى تحديد اتجاهات الرأى العام سواء السوقية أم الاجتماعية وحتى الأخلاقية ومحاولة توجيهها والسيطرة عليه .
هذا وعرف علم النفس مصطلح الترند بأنه يأتى تحت مصطلح “تأثير العربة” وهو حين يقوم الناس بشيءٍ ما فى المقام الأول، لأن الآخرين يفعلونه، إذ تعزز المشاركة فى الترند، أو فى آخر صيحة، إحساس الانتماء إلى الجماعة. ويظهر ذلك بوضوح فى الاتجاهات السياسية والاستهلاكية للبشر، وبدورها لم تفوت شركات الإعلانات هذه الفرصة واستغلتها فى التأثير النفسى لجذب المستهلك وتوجيه سلوكياته.
وعلى الرغم من التكيف الذى يشعر به الفرد نتيجة اتباع الاتجاهات الرائجة، فإنه يأتى مع جوانب سلبية من أبرزها فقدان الأصالة، حيث يضطر الشخص لإخفاء ميوله وتفضيلاته الحقيقية لمجرد التكيف مع من حوله، وهو ما قد يؤدى للشعور الداخلى بالكبت وفقدان الهوية فضلا عن ضياع الكثير من القيم الأخلاقية والاجتماعية وعلى رأسها الحياء .
قيم غريبة
من جهتها، أكدت الدكتورة ثناء الحلوة، منسقة وممثلة الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع، أن دخول وسائل التواصل إلى مجتمعاتنا، وانتشارها بين الشباب أسهم إلى حد كبير فى نشر قيم غريبة على مجتمعاتنا، لعل أبرزها الجرأة التى تكتسح عالم الشباب اليوم وسعيهم بشتى الطرق إلى صناعة الترند، إلى حد لم نعد ندرى هل نسعد بتطور شخصيات شبابنا من الجنسين وجرأتهم، أم نخاف من خطورة هذه الجرأة التى تدمر أخلاق وقيم المجتمع.
ونوهت الدكتورة ثناء الحلوة، عن أن وسائل التواصل الاجتماعى لعبت دورا أساسيا فى ترسيخ قيم مثل الابتعاد عن المعارف والأصدقاء المباشرين، والتعرف إلى أغراب لا يعرفون شيئا عن الخلفية الاجتماعية للصديق الافتراضي، وحيث لا ضوابط اجتماعية، وهو ما يسمح بتصرفات غير مألوفة ضمن إطار الترند. كذلك أغرقت المتابعين بموضوعات تتسم بالتفاهة والابتذال والعنف .
وأشارت الدكتورة ثناء الحلوة إلى أن الشباب عامة، يعتقدون بأن المجتمعات الغربية أكثر قوة وتطورا، وبالتالى وكما يقول ابن خلدون: “ أنّ النّفس أبدا تعتقد الكمال فى من غلبها وانقادت إليه، إمّا لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه أو لما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعيّ إنّما هو لكمال الغالب”. كذلك فإن التواصل باللغات الأجنبية بينهم سّهل استعمال كلمات غريبة غير مقبولة فى لغتنا العربية التى تتميز برصانتها الأدبية. هذه العوامل بالإضافة إلى عوامل أخرى مساعدة، أسهمت إلى حد كبير فى تغيير النمط الثقافى السائد بين الشباب، وكذلك سلوكياتهم الاجتماعية. فى سبيل صناعة الترند وجنى المال بسهولة من كثافة المشاهدة، وهذا المنحى غير المسبوق فى مجتمعاتنا العربية، أسهم فى تغيير الموروث الثقافى المليء بالقيم الإيجابية التى تتميز بالحياء والفضيلة والاحترام واللياقة الأدبية والمعنوية؛ وهو ما انعكس على جميع المفاصل الاجتماعية والتربوية للمجتمعات العربية. فالأطفال غالبا ما يقلدون الشباب، خصوصاً أن هذه الفئات العمرية (الأطفال والشباب) بطبيعتها البيولوجية والنفسية، تميل إلى الخروج عن كل ما هو تقليدي، وتنحو إلى السير عكس المألوف. وبالتالي، فإن هذه الظاهرة معرضة للانتقال إلى الأجيال القادمة إذا لم نعمل على الحد منها، والتنديد بخطورتها.
ونادت بضرورة التحذير من خطورة الهوس بالترند فى المجتمعات العربية، وذلك عبر وسائل الإعلام نفسها، التى تملك من التأثير الشيء الكثير، التى يمكن أن تتوجه إلى الشباب بطريقة عصرية حديثة تجمع ما بين القالب العصرى فى التواصل مع الغير، وتقديم نماذج راقية للإنسان العربى بطريقة غير تقليدية كى لا تنفر الشباب وتزيد من جرأتهم، وتأتى النتائج عكسية.
الخصوصية
من جهته حذر الدكتور عبده الأسمرى، مستشار العلاقات النفسية بالمملكة العربية السعودية، من خطورة انسياق البعض وراء صناعة الترند بمحتوى مبتذل لجذب أكبر قدر من المشاهدات، وفى سبيل ذلك يتخلى البعض عن ورقة التوت التى يتستر بها، التى نعرفها بأنها فضيلة الحياء، لافتا النظر أنه من أهم القيم والسمات التى تزرع الاطمئنان والسكينة فى المجتمع.
وأشار الدكتور عبده الأسمرى إلى خطورة ما تموج به وسائل التواصل الاجتماعى من ظواهر مؤلمة تحت مسمى الترند، وما تتضمنه من تفاهة وسخرية وأخطاء بالتزامن مع ارتفاع معدل الجرائم الإلكترونية والجنائية فى المجتمعات، مشددا على أن كل تلك الظواهر نتيجة غياب الوازع الديني وضعف الرقابة الأسرية، ولذا على المجتمعات العربية أن ترفع من مستويات التثقيف والتوعية بأهميته التمسك بالاخلاق وتداعيات الابتعاد عنها أن يتم تعريف الأجيال بتلك الثغرات والتحديات والهجمات التى تسهم فى تدمير المجتمع.
وطالب بضرورة أن يكون الدور التوعوى والتثقيفى لحماية المجتمع تكامليا من خلال مؤسسات المجتمع المدنى، ومن خلال الإعلام بكل قنواته وحتى الدراما من خلال الأعمال التى ترسم الوعى بخطورة الانفلات الأخلاقى تحت مسمى صناعة الترند، وترويج الشائعات وتحقيق مكاسب مالية من مشاهدات السوشيال ميديا .
تأثير سلبى
أمام حالة الهوس بالترند، وما أصاب المجتمع من ورائها سارعت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها على موقع الفيس بوك للتحذير من تأثير وسائل التواصل الاجتماعى السيىء على فضيلة الحياء.
ومن جهته أوضح إسلام الأقصرى، الداعية بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أنه فى ظل هذا الهوس بصناعة الترند، أهملت بل وغابت بعض الفضائل والأخلاق الحميدة والسلوكيات القويمة عند بعض الناس، لا سيما فضيلة الحياء، وأضاف: لا شك أن التقليد الأعمى للغرب وسلوكياته على حد قوله، قد أغرى البعض بصناعة الترند لجنى المال بغض النظر عما يلزم ذلك من ابتذال وتخلى عن تلك الفضائل، وكان لمواقع التواصل الاجتماعى “السوشيال ميديا” النصيب الأكبر فى التغرير بشبابنا وفتياتنا، حيث استقر العديد منهم خلف هذه الشاشات، وكشفوا ظهورهم إليها، وأماط اللثام على صفحاتها، وخلعوا برقع الحياء فى محادثاتها، بسبب الترويج لثقافة الترند على حساب الستر والفضيلة.
كلمات بحث
الترند
فومو
وسائل التواصل الاجتماعى
الشباب
حياة الناس
رابط دائم
اضف تعليقك
الاسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
الاكثر قراءة
أرشيف العالم مهدد بالانهيار.. قرن من النسيان
اعلى
< li>
نحن والعالم
< li>
حياة الناس
< li>
سوق ومال
< li>
فنون وفضائيات
< li>
مقالات
< li>
ثقافة
< li>
فجر الضمير
< li>
دائرة الحوار
< li>
رياضة
< li>
الملفات
< li>
أرشيف المجلة
< li>
أول الأسبوع
< li>
منوعات
< li>
Business Leaders
جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام