رئيس مجلس الإدارة:
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير:
جمال الكشكي
الأحد 15 يونيو 2025
نحن والعالم
حياة الناس
سوق ومال
فنون وفضائيات
مقالات
ثقافة
فجر الضمير
المزيد
دائرة الحوار
رياضة
الملفات
أرشيف المجلة
أول الأسبوع
منوعات
Business Leaders
ثقافة
مبدعون عرب يطرحون السؤال: هل العالمية وهم اخترعته أوربا؟.. الثقافة العربية فى ميلانو تواجه تاريخا من سوء الفهم
28-5-2025
|
18:55
ميلانو - سيد محمود
المقاربات التعددية تفتح المجال أمام التعليم متعدد اللغات والثقافات «المعجم التاريخى للغة العربية» دخل موسوعة جينيس باعتباره الأكبر فى العالم
ماريانا ماسا تستعرض تجارب فى التدريب على الترجمة الفورية لغير الناطقين بالعربية
استعراض تجارب الشعراء العرب فى بلاد الإسبان خلال العصر الحديث
سنان أنطون: النص يتعرض فى حالة ترجمته إلى عنف رمزى
عزت القمحاوى يرصد أثر العلاقة بين الذات العربية والآخر الغربى عبر قرنين
أنعام كجه جى: تدربت على الحرية فى بلد هجرتى.. ولم أخجل من هواجسى كإنسانة
أحمد عبد اللطيف: المترجم الأجنبى يخاف من التجريب فى اللغة ويعتبره عائقا أمام عمله
يواصل معهد الثقافة العربية فى الجامعة الكاثوليكية، بمدينة ميلانو، جهوده فى تحليل واقع الأدب واللغة العربية، وآفاق العلاقة مع الثقافة الغربية، ومحددات تلك العلاقة على ضوء تحولات الخطاب النقدى واللغوى فى العالم.
اختتم المعهد الذى ترعاه هيئة الشارقة للكتاب، أعمال الدورة الثامنة من مهرجان اللغة والثقافة العربية، التى أقيمت تحت عنوان «اللسان المهاجر: العربية بلا حدود»، وذلك بحضور ما يقرب من 40 باحثا ومبدعا من شتى أقطار العالم، تحدثوا فى 15 جلسة حول عدة موضوعات أبرزها: تطورات تعليم اللغات من البحث النظرى إلى الممارسة التطبيقية.
رصد المشاركون كذلك، إشكاليات وتجارب فى الترجمة، من وإلى اللغة العربية، وقدم بعضهم شهادات حول تجارب انتقال نصوصهم من اللغة العربية إلى لغات أخرى، كما تحدث آخرون حول تجارب الكتابة بلغات أخرى.
انطلقت فاعليات المؤتمر، بكلمات افتتاحية لكل من عميد كلية العلوم اللغوية والآداب الأجنبية، فى الجامعة الكاثوليكية، جوفانى جوبر، للرئيس التنفيذى لهيئة الشارقة للكتاب: أحمد العامرى، ومدير المعهد الأكاديمى المصرى الدكتور وائل فاروق، لفتت إلى مسيرة المهرجان فى السنوات السابقة، ودوره فى تأكيد مكانة اللغة العربية كلغة فاعلة.
وبدا واضحا من خلال الجلسات، قدرة المؤتمر على استقبال مبدعين عرب من ذوى التجارب الناجحة، سواء على مستوى القيمة الفنية، أم على صعيد إقبال القراء ورواج الأعمال الإبداعية، كما جذب نقادأ عربا ومستعربين أجانب على قدر كبير من الشهرة والتأثير، وأهم من ذلك كله نجح فى اثارة انتباه طلاب ودارسين، ورجال أعلام إيطاليين، تابعا فاعلياته باهتمام، كما جذب روائى عراقى حصل هذا العام على جائزة برلين العالمية للآداب، وهو عباس خضر، تجارب تعليم اللغة فى الجلسة الأولى، سيلفيا جيلاردونى، أستاذ علم تعليم اللغات الحديثة بكلية العلوم اللغوية والآداب الأجنبية، فى الجامعة الكاثوليكية فى ميلانو، حول أبرز المناهج والأساليب المتعلقة بتطوير الكفاءات اللغوية، والتواصلية فى صفوف تعليم اللغة، ورصدت المكاسب المنهجية الناتجة عن استعمال اللغة فى مهام تواصلية (Tasks).
وتوقفت أمام ما يُعرف بالمقاربات التعددية، التى تدمج بين لغات وثقافات متعددة فى التخطيط المنهجى والأنشطة التعليمية، بما يفتح المجال أمام بُعد التعليم متعدد اللغات والثقافات، بهدف إبراز وتعزيز رصيد لغوى متنوع وديناميكى لدى المتعلمين، والعمل على تأسيس علم لتعليم اللغة القادر على الاستجابة لتحديات التواصل المتعدد اللغات، والثقافات فى المجتمع المعاصر.
ووثقت ورقة محمد صافى المستغانمى، الأمين العام لمجمع اللغة العربية فى الشارقة، تجربة الإمارات العربية المتحدة، فى إصدار “المعجم التاريخى للغة العربية”، (127 مجلدًا)، الذى دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية لعام 2025، باعتباره أكبر معجم تاريخى فى العالم، وتحدث الإعلامى عمرو خفاجى (مصر)، عن تراجع لغة الإعلام فى عالمنا العربى، برغم ما تفيض به وسائل الإعلام الحديثة من تراكمات لغوية، وتواصل مذهل سريع، فى ظل تطور رقمى مثير يطير باللغة من بيئة لسانية، لأخرى مغايرة.
رأى خفاجى، أن بداية المعضلات تأتى من داخل طبيعة لغة الإعلام، التى تتسم بتعدد الأساليب التى تفرضها طبيعة كل وسيلة إعلامية، الأمر الذى يضع المتلقى، وسط زحام و ركام من تراكيب، ومصطلحات لغوية يصعب التواصل معها، ويزداد الأمر صعوبة، حين يكون المتلقى غير ناطق بهذه اللغة، ولفت النظر إلى أنه برغم الإيجابية التى تكتبسها بساطة اللغة الإعلامية، فإن تأثيرها السلبى، قد يظهر فى إضعاف قواعد الفصحى، وانتشار الأخطاء اللغوية، إذا لم تُضبط وتُراعى معايير الجودة اللغوية.
وركزت المحاضرة الإيطالية، إليزا فيرّيرو، على ضرورة دمج لغة وسائل الإعلام فى تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، واقترحت هذا الدمج ليس فقط كوسيلة فاعلة لتطوير الكفاءات اللغوية، والتواصلية للمتعلمين ضمن منظور متعدد الوسائط، بل أيضًا كفرصة للتفكّر فى التعدد اللسانى فى اللغة العربية، والاستجابة بشكل أدق لتنوع المسارات الدراسية للطلبة.
ارتحال النصوص
من جهتها ركزت الأكاديمية المصرية، زينب طه، التى تعمل فى مجال تعليم العربية للناطقين بغيرها (TAFL)، منذ أكثر من ثلاثين عامًا على التداولية كبعد أساسى فى فهم اللغة وثقافتها، موضحة أن معلم اللغة يجب ألا يهتم بتدريس الظواهر اللغوية فقط، بل ينبغى التركيز على قدرة اللغة التواصلية، خصوصا فى تباينها للتعبير عن المعتقدات والثقافات المختلفة.
وأشارت إلى حالات سوء الفهم، التى تحدث بسبب فقدان المعنى الثقافى فى الترجمة، أو نتيجة إهمال السياق، وقالت: “ ومع ذلك، لا يمكن أن يوجد النص خارج السياق والمقصود بالسياق، هو البيئة الكاملة التى يُعبّر فيها عن الكلمة أو الجملة، لذا، على المترجم أن يعود إلى خلفية النص لفهمه. وبالتالى، يقوم المترجم أولاً بإلغاء سياق النص الأصلى، ثم يعيد تأطيره بسياق جديد مناسب للنص الهدف”.
ورصدت الدكتورة شيرين أبو النجا، أستاذ الأدب الإنجليزى والمقارن فى قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة، إشكاليات ارتحال النص النسوى العربى: التدريس والتلقى، وبحثت فى الكيفية التى يتم من خلالها تفسير، واستقبال كتابات النساء العربيات، فى ثقافة أكاديمية غربية غالبا نيو ليبرالية؟
ونقل القاص المصرى، منتصر القفّاش، جوانب من تجربته فى فصول تعليم اللغة العربية للأجانب فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، من خلال تدريس القصص للطلاب غير الناطقين بالعربية، وهى مسألة تمثل تحديا كبيرا - بحسب تعبيره - سواء على مستوى فهم القصة أم تقدير قيمتها الفنية.
أما المستعربة الإسبانية، لاورا جاجو جوميث، فتتناول نتائج مبادرة تربوية تم تنفيذها فى جامعة سلمانكا، اعتمدت فيها على طريقتى “التعلّم القائم على المشروعات” (Project-Based Learning – PBL) و”التعلّم بالخدمة” (Service-Learning – SL). كلا النهجين يرتكز على تنفيذ المهام، ويهدف إلى تعزيز استقلالية المتعلّم من خلال التعلّم النشط، وفقا لحديثها فقد سعت المبادرة بشكل خاص إلى مواجهة الصور النمطية الاجتماعية، المرتبطة بالدول العربية التى تشهد حروباً، وذلك من خلال تنظيم معرض متنقّل حول الأدب العربى.
استعرضت المترجمة الإيطالية، المقيمة فى مصر، ماريانا ماسّا، تجارب فى التدريب على الترجمة الفورية لغير الناطقين بالعربية، وعرضت نتائج ورشة أقيمت فى المعهد الثقافى العربى، وانتهت إلى أن إدراج الممارسات المبسطة للترجمة الفورية – حتى فى المستويات الأولية – يُسهم بدرجة ملحوظة فى تنمية الطلاقة التعبيرية باللغة الأجنبية.
جغرافيا بديلة
وتحدثت المستعربة الإيطالية البارزة، فرانشيسكا ماريا كوراو (إيطاليا) أستاذ اللغة والثقافة العربية فى جامعة لويس، (LUISS) فى روما، عن تجاربها فى ترجمة ودراسة نصوص الشاعر أدونيس، والشاعرة اللبنانية إيتيل عدنان، بوصفهما من أدباء المهجر الحديث، وناقشت تأثرهما بالفكرة المتوسطية.
وتناولت إغناطيوس جوتيريث دى تيران جوميث بينيتا، أستاذ الأدب العربى فى جامعة مدريد المستقلة، تجارب الشعراء العرب فى بلاد الإسبان خلال العصر الحديث، من تشيلى إلى إسبانيا، ممن استقر بهم المقام فى أمريكا اللاتينية، خلال القرنين العشرين والواحد والعشرين، فأصدروا مؤلفاتهم هناك، وقد احتفظ بعضهم بلغته العربية الأصيلة، فى حين جنح البعض الآخر إلى الكتابة باللغة الإسبانية، كما عمل عدد منهم على تأسيس دور نشر ومجلات أدبية موجهة إلى القراء العرب، وسنعمل فى هذه المداخلة على إماطة اللثام عن أعمالهم وأهميتهم والإجابة عن تلك المسألة المصيرية: لماذا نختار لغة دون أخرى للتعبير عن أحوال الغربة؟
وشرحت الروائية والأكاديمية مى التلمسانى، “إشكاليات الحب عن بعد، أوطان ترانزيت”انطلاقا من ثلاثة من مؤلفاتها وهى : للجنة سور، يوميات، طرق كثيرة للسفر، الكل يقول أحبك.
ودرس الناقد صبحى حديدى، (سوريا / فرنسا) إشكاليات اللسان العربى فى الغرب، من خلال قراءة منجز كل من إدوارد سعيد وجبرا إبراهيم جبرا، ورصد حضورَ الأدب/ اللسان العربى فى الغرب على ضوء 4 محطات فاصلة، سياسية وثقافية فى الجوهر، هى: الحرب العربية ــ الإسرائيلية، 1967، والثورة الإيرانية 1979، وفوز الروائى المصرى نجيب محفوظ بجائزة نوبل، 1988؛ وهجمات 11/9 الإرهابية فى أمريكا، سنة 2001 .
وقال: إن النظرتين تنتهيان، إلى أنّ الإشكالية متكاملة على أكثر من مستوى واحد، واللسان العربى يعانى فى الحالتين من أنساق غبن وتجاهل واختزال، قد تصل إلى درجة الحظر.
أما الشاعرة السورية، نسرين أكرم خورى، المقيمة فى إسبانيا، فقد اختارت أن تتحدث عن المنفى، كحدث لغوى، مؤكدة صعوبة أن يتعامل الكاتب المنفى مع موضوع اللغة الجديدة التى يتعلمها، ولاحظت أن الكتاب العرب الذين خاضوا تجربة المنفى يفكّرون دائماً بالعربيّة، ثمّ يمكن لهم نقل أفكارهم إلى اللغة الثانية، ضمن عملية ترجمة فوريّة ذاتيّة .
وتساءلت إلى متى يمكن أن تظلّ محاصرة بفكرة المنفى؟!
حرب الكلام
وتناول الروائى والأكاديمى العراقى، سنان أنطون، مفهوم العنف الرمزى والترجمة، مؤكدا أن دخول وإقامة النصوص الأدبية فى لغات أخرى، يعرّضها لشروط الحيز الثقافى الجديد، ولشبكة علاقات مادية تحدد تضاريس هذه الأرض الجديدة، وغالباً ما يتطلّب عبور الحدود اللغوية مساومات ومفاوضات، قد تؤدى إلى التخلّى عن ميزات كان النص يمتلكها فى لغته الأولى، وقد تتطلب تضحيات وتنازلات.
وأشار إلى أن النص، يتعرض فى حالة ترجمته إلى عنف رمزى يزداد وينقص بحسب الحالة والسياق، وغالبا ما يروّض النص أويدجّن من قبل المحرّرين فى دور النشر، لكى يسهل تسويقه لذائقة جمعية.
وتساءل أنطون، عما هو الأدب العالمى بالضبط؟ وذكر أن الأدب العالمى، كمقولة و حيّز خطابى ومؤسساتى، له تاريخ جدير بالتمعّن، ومن الضرورى أن نحاول تفكيكه، واستعرض سنان كتابا مهما صدر فى العقد الأخير بعنوان «انس الإنجليزية: الاستشراق والآداب العالميّة» Forget English وضعه الباحث عامر مفتى.
وقال إن العنوان ذاته، يفصح بوضوح عن هوية الهيمنة الثقافية، وتاريخها وتركتها الاستعمارية التى ما زالت تهيكل، إلى حد بعيد، العلاقات والشبكات الثقافية فى الأدب العالمى، الإنجليزية! لأن المركزية الأوروپية افترضت مساراً واحداً وزمناً واحداً للحضارة ونحو الحداثة، أصبحت هى فى قلبه، بينما تعانى ثقافات الأطراف، المستعمرة، وتواريخها من التهميش، لأنها أخضعت لذات السرديّة والإطار العام.
ولفت الروائى عزت القمحاوى، النظر فى ورقته إلى الحروب التى تبدأ من اللغة وتنتهى فيها، ورصد أثر العلاقة بين الذات العربية والآخر الغربى عبر قرنين، يشكلان عمر الحداثة الغربية، فعبور المستشرق الغربى مياه البحر المتوسط إلى شاطئة الآخر، ترافق مع لحظة مد أوروبى، وبروح التفوق اعتبر نفسه مستكشفًا لعالم أدنى، عجيب وغير منطقى، يجب إخضاعه من أجل تحديثه.
واستمرت الظاهرة رفاعة رافع الطهطاوى، وبعده بنحو مائة عام كتب بعض المبعوثين العرب الرواية، وحدث ما يشبه تبادل أدوار مع المستشرقين فيما يخص الذكورة والأنوثة، فرأى الكاتب العربى الغرب امرأة يقع فى حبها الرجل الشرقى.
وأكد القمحاوى، أن الرواية العربية لم تستهدف إخضاع الغرب، بل على العكس، بدت الذكورة العربية فى تلك الروايات مترددة ومشوشة.
وحسب الرصد، فإن موجات الهجرة العربية الواسعة إلى أوروبا خلال العقد الأخير، عكست علامات الإخفاق الوطنى، وفيها لم يعد هناك مجال للحكم الأخلاقى على كتلة واحدة اسمها الغرب، ولم يعد هناك مجال لاعتباره ذكورة كاملة أو أنوثة صِرفًا.
أصبح الكاتب العربى المهاجر، والكاتب الذى لم يغادر بلاده، يدرك طبيعة التعقيد والتعدد فى بنية المجتمعات؛ فلم يعد الغرب غربًا واحدًا للحب والأنوار، أو للحرب والاستعمار، بل أصبح يتسع لكل الاحتمالات وكل العلاقات. فى المقابل لم تعد الذات الوطنية القومية «نحن» موحدة؛ ولم يعد الفشل يأتى من الخارج فحسب، بل بسبب الاستبداد الداخلى فى الأساس، ورأى القمحاوى أن مؤسسات الترجمة ودور النشر الغربية، لم تزل تعتقد أن العالم العربى بعيد جدًا.
وتابع المخرج أحمد فوزى صالح (مصر)، هجرة ألف ليلة وليلة، فى السينما الأوروبيّة، بالتركيز على أفلام المخرج الإيطالى بازولينى، كما تناول المخرج والشاعر السعودى، صالح زمانان، هجرة الشخصيّات والأساطير العربيّة فى المسرح الغربى، وتوقف أمام أهمّ الاستدعاءات الفنيّة التى جعلت المسرح الغربى، يقتبس من التّراث والتاريخ العربى وأبرز ملامح وأشكال ذلكم الاقتباس والاستلهام.
خلال هجرة الشخصيّات، والحكايات العربيّة، من مشرقها وتراثها وتاريخها إلى النصّ المسرحى الغربى، ما الذى طرأ عليها وتغيّر
سجن رمزى
قدمت الروائية العراقية، أنعام كجه جى، ورقة بعنوان (لغتى سجنى وحريتى)، تساءلت فيها: بعد أربعين عاماً من العيش فى فرنسا، لم أتوصل إلى جواب شافٍ لسؤال: هل أخطأت لأننى لم أكتب رواياتى بالفرنسية وواصلت الكتابة بالعربية؟ أم أننى على صواب؟ لكننى أشعر اليوم، بعد ترجمة عدد من كتبى، أن العربية لم تكن حاجزاً بينى وبين محيطى، بل إنها قدمتنى بشكل حقيقى للقارئ الأجنبى.
وأكدت أن اللغة تصبح سجنا، حين تصل الفكرة إلى حافة قلمك، لكنك لا تجرؤ على تسجيلها، وقالت “هناك الرقيب والمجتمع ذو الحياء السهل الخدش وهناك الأخ الأكبر. لدينا أيضاً أفكار مقررة سلفاً من روائيين عرب يكتبون بلغة أجنبية، منها أن العربية هى لغة القرآن، الكتاب المقدس للمسلمين، وبالتالى فإنها لغة مقدسة، تحرمهم من التعبير بحرية، عما يجول فى خواطرهم من محرمات”.
وأضافت، “بالنسبة لى لم أشعر بهذه الإشكالية، التى كان يمكن لها أن تقودنى إلى الكتابة، بغير لغتى أعرف أن العربية لغة القرآن، وهذا من أول أسباب إعجابى بها، أما الحرية فلم تكن بالنسبة لى قضية دين” وانتهت كجه جى، إلى التأكيد على أنها ليست لاجئة سياسية، أو منفية لكنها هربت من خوف يصل إلى مرتبة الفزع ويعرقل أى كتابة.
وأضافت “تدربت على الحرية فى بلد هجرتى، كما لم أعد أخجل من الموضوعات الخاصة والحميمة، ولا من أهوائى كامرأة، ولا من هواجسى كإنسانة”.
وقدم الروائى اليمنى، على المُقرى (اليمن)، شهادة خاصة عن “ترجمة ونشر وتلقى الأدب العربى فى الغرب”، توقف فيها أمام المعايير التى تعتمدها دور النشر فى اختيار الروايات العربية المقترحة للترجمة، وغالبا ما تختار ما يلبى فضول القارئ الغربى، الذى يتابع الأحداث المتغيرة فى المجتمعين العربى والإسلامى، وينتبه إلى أى موضوع قد يأخذه إلى هذه العوالم، التى صارت حديث الإعلام، فى حين يعيش الكاتب العربى المترجم فيما أسماه “الوهم بأن كتابه نُشر فى دار شهيرة، برغم أن مصير كتابه الحفظ فى مخازن مؤقتة قبل التخلّص منه.
ومن جهته تناول الروائى، والمترجم أحمد عبد اللطيف، عددا من تجاربه فى الكتابة، والترجمة متسائلا، فيما يمكن أن يفكر فيه الناشر الغربى حين يفكر فى الكاتب العربى؟ وماذا ينتظر القارئ الغربى من الكاتب العربى؟ وما الذى يدفع المترجم الغربى لترجمة كاتب عربى؟ هذه الأسئلة الجوهرية ربما تقرّبنا أكثر من واقع الترجمة التى عمل بها منذ ربع قرن.
الخوف من التجريب
وأكد عبد اللطيف، أن المترجم الأحنبى، يخاف من التجريب فى اللغة، ويعتبره عائقا أمام عمله، وعادة ما يميل إلى النصوص السلسة، كما يميل إلى الأسماء الكبيرة، والكتاب المكرسين، ويا حبذا لو كان بست سيلر.
وكشف الدكتور وليد الخشاب (مصر/ كندا) عن نماذج حديثة من أدب المهجر العربى، وقال وإذا كانت الترجمة هى فى جوهرها ممارسة لغوية تقع بين اللغات، فإن الكتابة بالعربية داخل لغات كـالإنجليزية والفرنسية تُعدّ أيضًا نوعًا من الترجمة.
وتساءل: هل يمكننا، من منظور أخلاقى، اعتبار الكُتّاب العرب الذين يكتبون بالإنجليزية أو الفرنسية، أو بلغات أوروبية أخرى جزءًا من الأدب العربى أم لا؟ وهل يمكن للأدب العربى المكتوب بالعربية، أن يُوصَف بأنه لاتينى أو أوروبى، أو أمريكى شمالى كمجاز.
وقامت الأكاديمية المصرية، نجلاء والى، بتقديم سجل حول حالة الأدب العربى فى إيطاليا، ولاحظت أن المستعربين الأوائل لم يهتموا بترجمة الأدب العربى الحديث، وانصب اهتمامهم على كتب التراث والثقافة العربية الإسلامية، وفى النصف الثانى من القرن العشرين صدرت ترجمات، لأعمال طه حسين، ومحمد حسين هيكل، وتوفيق الحكيم، الذى كان أكثر الأدباء حظا فى الترجمة، إذ تُرجمت العديد من أعماله، بيد أنها كانت محدودة الانتشار، واقتصرت على دوائر الدارسين والمهتمين بالثقافة.
وذكرت أن فوز الكاتب الكبير نجيب محفوظ، بجائزة نوبل عام 1988، غير حركة ترجمة الأدب العربى فى إيطاليا، وفى الغرب بصفة عامة.
وخصصت دار نشر جوفنس، سلسلة لترجمة الأدب العربى المعاصر تحت إدارة المستعربة الكبيرة، إيزابيلا كاميرا دافليتو، وبفضل هذه السلسلة أتيح للقارئ الإيطالى، قراءة صنع الله إبراهيم، وجبرا إبراهيم جبرا، وحنان الشيخ، وإبراهيم الكونى، وإلياس خورى وغيرهم، مما ساعد على زيادة الأعمال الأدبية المترجمة إلى نحو 600 عمل، طبقا لإحصائية arablit فى 2018.
وركز المترجم المصرى، عن الألمانية أحمد فاروق، على تجربته فى نقل عدة أعمال من الألمانية إلى العربية، ولاحظ أن هناك خطوطًا لا مرئية، تجمع بينها تتماس فى لحظاتٍ مبهرة، وهذه الأعمال هى توليفةٍ ما بين الخيار الشخصى تبعًا لذائقته الأدبية، وعروض دور النشر.
واستعرض الروائى العراقى، عباس خضر، الفائز بجائزة برلين العالمية للآداب، هذا العام تجربته فى محبة القراءة، وكيف ترسخ داخله حلم أن يكون كاتبًا، برغم أنه لم يكتب بلغته الأم، بل بالألمانية، وهى لغة تعلّمها متأخرًا، لكنها فتحت له أفقًا تعبيريًا آخر، صار مع الوقت مأوى إضافيًا.
وأكد خضر، أن اللغة ليست أداة محايدة، بل هى ميدان قتال، وهى أيضًا بيت، كما أن الأدب هو الفضاء الوحيد الذى نستطيع فيه التفاوض مع العالم من دون شروط مسبقة، فالأدب لا يعدنا بالجنة، لكنه يمنحنا اللغة لنفكّر من جديد لا يهبنا الخلاص، لكنه يذكّرنا بأننا نستحق أن نسأل.
كلمات بحث
مبدعون عرب
أوربا
الثقافة العربية
ثقافة
رابط دائم
اضف تعليقك
الاسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
الاكثر قراءة
يحيى يخلف.. وجه لا يتخلى حين يختفى الآخرون (2)
اعلى
< li>
نحن والعالم
< li>
حياة الناس
< li>
سوق ومال
< li>
فنون وفضائيات
< li>
مقالات
< li>
ثقافة
< li>
فجر الضمير
< li>
دائرة الحوار
< li>
رياضة
< li>
الملفات
< li>
أرشيف المجلة
< li>
أول الأسبوع
< li>
منوعات
< li>
Business Leaders
جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام