ثقافة



د. حنان فياض المستشار الإعلامى لجائزة الكتاب العربى: مصر مركز ثقافى وفكرى عربى بامتياز

29-5-2025 | 01:05
⢴ ‪ ‬ حوار أجرته - حسناء الجريسى

« الكتاب العربى» تعتمد على الشفافية وتأكيد المصداقية
«جائزة الشيخ حمد» لعبت دورا فى تعزيز مكانة المترجمين   
 
اختاروا قاهرة المعز لتكون نقطة انطلاق لجائزة الكتاب العربي، تلك الجائزة التى تأتى برعاية الشيخ خليفة بن حمد آل ثانى، التى تهدف إلى تشجيع الأفراد والمؤسسات لتقديم أفضل إنتاج معرفي، لتعزيز وتطوير النشر العربي، ليصبح قادرا على المنافسة العالمية، كما تهدف إلى استيعابها لمجالات معرفية، ذات جذور تاريخية وقضايا معاصرة وآفاق مستقبلية.. حول تفاصيل الجائزة كان لنا هذا الحوار مع الكاتبة القطرية الدكتورة حنان فياض، المستشار الإعلامى لجائزة الكتاب العربي، وجائزة الشيخ حمد، على هامش حفل إطلاق الجائزة من اتحاد كتاب مصر.
 
< ماذا عن تفاصيل جائزة الكتاب العربي؟
الجائزة سنوية انطلقت فى 2023 برعاية كريمة من الأمير الوالد الشيخ خليفة بن حمد آل ثانى، ومقرها الدوحة، ورسالتها تتمثل فى الإسهام فى إثراء المكتبة العربية، بتشجيع الأفراد والمؤسسات لتقديم أفضل إنتاج معرفى فى العلوم الاجتماعية والإنسانية، وتكريم الدراسات الجادة والتعريف بها والإشادة بجهود أصحابها، فضلًا عن دعم دُورِ النشر الرائدة؛ للارتقاء بجودة الكتاب العربى شكلًا ومضمونًا، وأهدافها تقدير الكتاب والمؤلفين الذين حققت أعمالهم إضافة معرفية إلى الثقافة الإنسانية، وتشجيع الناشرين والفاعلين فى صناعة الكتاب، تعزيزًا وتطويرًا للنشر العربي، ليصبح قادرًا على المنافسة العالمية‪.‬
وللجائزة فئتان: فئة الكتاب المفرد وفئة الإنجاز، ولها خمسة مجالات معرفية فى إطارها العام لكنها فى كل دورة تحدد تخصصات فرعية معينة ضمن هذه المجالات وتقبل الترشيحات فيها حصراً.
 
< ما الذى يميز جائزة الكتاب العربى عن باقى الجوائز الأخرى؟
ما يميز جائزة الكتاب العربى من غيرها هو الشمولية واستيعابها لمجالات معرفية متعددة، لها كلها جذورها التاريخية وقضاياها المعاصرة وآفاقها المستقبلية، وكلها مجالات تُقبل فيها الأعمال الحديثة التى تستلهم من التراث وتضيف إليه، أو تُقدم دراسات حديثة فى مجالات معاصرة.
 
< أطلقتم جائزة الشيخ حمد للترجمة، وكان لكم تعاون مع العديد من دول العالم، فهل أتت ثمارها؟
بكل تأكيد، أى تعاون بناء يؤتى ثماره ولو بعد حين، وبحكم عملى مستشارة إعلامية لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولى عدة سنوات، وتجوالى فى عدد من البلدان للتعريف بها، ومن خلال اطلاعى على نظيراتها فى العالم العربى والدول الأخرى أستطيع أن أقول: إن جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولى قد آتت ثمارها بشكل كبير منذ إطلاقها، وحققت العديد من الأهداف التى وُضعت لها، واكتسب مكانة مرموقة على الساحة الدولية، ولعل أبرز ثمار الجائزة وإنجازات تتمثل فى تعزيز مكانة الترجمة والمترجمين ورفع مستوى التقدير للمترجمين وتحفيزهم على تقديم أعمال عالية الجودة، وتسليط الضوء على أهمية الترجمة ودور المترجمين المحورى فى بناء الجسور الثقافية والفكرية بين الشعوب.
 
< لماذا تتجهون طيلة الوقت للإعلان عن جوائز بشكل كبير؟
التركيز على الجوائز ليس هواية أو ظهورا إعلاميا أو تحريكا للمشهد الثقافى والفكرى فحسب، بل هو استثمار إستراتيجى يهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف الثقافية والمعرفية بعيدة المدى، من أبرزها، تحفيز الإبداع والتميز الجوائز تخلق بيئة تنافسية صحية تشجع المبدعين والباحثين على تقديم أفضل ما لديهم، ولا شك أن الإنسان يسعده تقدير ذاته وعمله، لهذا فإن معرفة أن هناك تقديرا وتكريما للإنجازات المتميزة سيدفعان حتما للابتكار والجودة فى الإنتاج الفكري.
إثراء المحتوى المعرفي: من خلال تحديد مجالات معينة للجائزة يتم توجيه الجهود نحو إثراء هذه المجالات بأعمال نوعية تضيف إلى المعرفة وتُسد ثغرات موجودة.
التعريف بالأعمال المتميزة: فالجوائز كما تعلم لا تقتصر على تكريم الفائزين ماديًا، بل توفر منصة قوية للتعريف بأعمالهم وتسويقها، ومن ثَمَّ يضمن وصول الكتب والدراسات القيمة إلى جمهور أوسع من القراء والباحثين، وهو ما يزيد من تأثيرها الثقافى والمعرفى.
 
<  لماذا اخترتم القاهرة نقطة الانطلاق لـجائزة الكتاب العربي؟
جائزة الكتاب العربى التى انطلقت من الدوحة اختارت أن تكون مصر أول محطة للتعريف بها لما لها من أهمية ومكانة كبيرة فى العالم العربى على مختلف الصعد، ومنها الكتاب، فمصر لديها كثير من الكتّاب فى مختلف المجالات المعرفية، وأنتجت ما لا يخفى على أحد من الكتب القيمة النافعة، وامتد أثرها إلى الوطن العربى والعالم الإسلامى وغيره والقاهرة والإسكندرية وغيرهما من المدن المصرية كانت ولا تزال إحدى أهم مراكز الثقافة والفكر والنشر فى العالم العربى، بشكل يجعلها نقطة جذب مهمة لأى مبادرة ثقافية كبرى تستهدف الكتاب العربي.
أضف إلى ذلك الجمهور الواسع والعمق الثقافي، فمصر تحتضن قاعدة جماهيرية واسعة من القرّاء والمثقفين والكتّاب والباحثين، كما تحتضن عددا كبيرا من الجامعات والمراكز البحثية ودور النشر العريقة، فضلا عن تأثيرها الإقليمى والعربي، وما ينطلق من القاهرة غالبا ما يكون له صدى واسع وتأثير جيد، ومن ثَمَّ يضمن وصول رسالة الجائزة وأهدافها لأكبر شريحة ممكنة، فهى بالمجمل بيئة خصبة وغنية ومناسبة جدا للتعريف بجائزة كبرى مثل جائزة الكتاب العربي.
 
< هل الجوائز تؤتى ثمارها المرجوة؟
أى عمل إنسانى هادف ويسعى إلى خدمة الإنسانية سيؤتى ثماره ولو بعد حين، وبناءً على التجربة والنتائج الملموسة للعديد من الجوائز المرموقة، يمكن الجزم بأن الجوائز تؤتى ثمارها المرجوة وبشكل كبير، لكن بشرط أن تُدار بمهنية وشفافية، وأن تكون أهدافها واضحة ومحددة؛ فهى على المدى القصير، تُشجع على زيادة الإنتاج المعرفى وتجويده والارتقاء به فى المجالات المستهدفة، وتزيد من الوعى بأهمية الكتب الرصين والدراسات المتميزة، وعلى المدى الطويل، تُسهم فى بناء حركة فكرية حيوية، وتُعزز من دور الثقافة والمعرفة فى المجتمع، لذلك أعتبر أن إطلاق الجوائز هو استثمار فى رأس المال الفكرى والبشري، وهو ضرورى لدفع عجلة التنمية المعرفية والثقافية فى أى مجتمع.
 
< شاهدنا فى الفترة الأخيرة تعاونا قطريا مصريا كبيرا، وقريبا تكون قطر ضيف معرض القاهرة الدولى للكتاب لعام 2027، كيف تثمنين هذا التعاون الثقافي؟
بالتأكيد، فاختيار دولة قطر ضيف شرف معرض القاهرة الدولى للكتاب لعام 2027 إحدى العلامات على التعاون الثقافى القطرى المصرى، وعلى التطور بالغ الأهمية فى العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، ويُثمن بشكل كبير لعدة أسباب جوهرية لعل أبرزها: تعزيز الروابط التاريخية والأخوية بين قطر ومصر على المستوى الرسمى والشعبى والثقافى والمعرفى وغيرها، فكلٌّ من قطر ومصر تتمتعان بعمق تاريخى وثقافى عريق، وروابط أخوية وشعبية قوية، فمصر مركز ثقافى وفكرى عربى بامتياز، وقطر مركز ثقافى ناشئ ومؤثر فى المنطقة، ويمثل تعاونهما تجسيدا للعلاقات العربية الأصيلة ويؤكد أن الثقافة هى عامل وثيق وأداة مهمة لتقوية العلاقات بينهما.
 
< هل تتوسعون فى المشاركات الثقافية فى مصر؟
نسعى إلى توسيع المشاركات الثقافية مع مصر والعالم العربى والإسلامى والدول الأخرى عامة، ولهذا نقوم بزيارات متعددة إلى بلدان متعددة ونعقد اللقاءات التعريفية والرسمية والندوات وغيرها، وآمل أن تتوسع المشاركات الثقافية ولا تقتصر على الكتاب، بل تشمل تنظيم الفاعليات والمسرح والعروض الفنية والفن وحفظ التراث وغيره، وآمل أن يكون بين قطر ومصر شراكة ثقافية أعمق وأكثر شمولا وتنوعا، تتجاوز المعرض لتشمل فاعليات وبرامج متنوعة على مدار العام تحقيقا للمصالح المشتركة وتعميقا للروابط التاريخية والأخوية بين البلدين والشعبين. ‬
 
< هل فى خطتكم إطلاق جائزة للرواية والشعر والقصة؟
هناك العديد من الجوائز العربية المرموقة التى تُعنى بالرواية والشعر والقصة القصيرة، وإطلاق جائزة جديدة فى هذه المجالات قد يؤدى إلى تشتيت الجهود أو تنافس غير بناء، بدلاً من التركيز على إضافة قيمة حقيقية، وبناء تخصصات للجوائز، وتوجيه الموارد المالية والبشرية والفكرية لها بما يضمن جودتها واستدامتها وتأثيرها الأقصى، بدلا من تشتيت هذه الموارد على جوائز متعددة ربما لا تحقق العمق والتأثير المنشودين.
لذلك، من غير المرجح أن نشهد فى المستقبل القريب إطلاق جوائز قطرية جديدة للرواية أو الشعر أو القصة القصيرة بمعناها العام، ما دامت الجوائز الحالية تغطى هذه الجوانب بشكل متخصص أو تهدف إلى تقديم قيمة مضافة فى مجالات أخرى تسهم فى إثراء المكتبة والمعرفة العربية بشكل متكامل.
 
< هل ترين أن هناك فجوات أخرى فى مشهد الجوائز يمكن لمبادرات جديدة أن تسدها؟
بالتأكيد موجودة وستظل لأن المعرفة والثقافة لا حدود لهما ولا تعرفان الكلمة الأخيرة، وعلى الرغم من ازدهار الجوائز الثقافية والأدبية فى العالم العربى خلال العقدين الماضيين، لا تزال هناك فجوات كبيرة يمكن للمبادرات والجوائز الجديدة أن تسدها، لا سيما فى المجالات العلمية والتطبيقية والذكاء الاصطناعى وربط اللغة والفكر بالرقمنة ومعطيات العصر، فالدول الآن تنهض على ثلاثة مرتكزات علمية: الأول العلوم الإنسانية والاجتماعية، والثانى العلوم العلمية والتطبيقية من فيزياء وكيمياء وهندسة وطب وغيرها، والثالث الرقمنة والذكاء الاصطناعى الذى يشهد تقدما هائلا سيغير وجه الحياة الإنسانية، وكل مجال وتخصص لو بحثت عنه ونظرت إليه بروح العصر لوجدت فيه فجوات تحتاج إلى جوائز تشجيعية لسدها.
 
< هل تخلو جائزة الكتاب العربى من المجاملات؟
هذا سؤال مشروع وضروري، ويعكس قلقا شائعا حول نزاهة العديد من الجوائز فى المشهد الثقافي، وأقول: إن جائزة الكتاب العربى تعتمد الشفافية فى كل خطوة من خطواتها، وهى أساسية لتأكيد مصداقية الجائزة وبناء ثقة المشاركين والجمهور.
الشفافية ليست كلمة تُقال، بل هى منهج عمل يُطبق لضمان نزاهة الجائزة وموثوقيتها، فهناك شروط واضحة ومحددة ومعلنة على موقع الجائزة للجميع، وهناك معايير علمية دقيقة للتحكيم، ومنهجية للتقييم، وتعدد فى مراحل التقييم، وهناك لجان علمية متخصصة، وسرية أيضا، فضلا عن تعدد المحكمين لكل عمل وتعدد جنسياتهم وسرية أسمائهم وعدم معرفتهم بعضهم بعضا، وهناك نظام صارم للتعامل مع أى تعارض فى المصالح، كأن يكون أحد المحكمين له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بأحد الأعمال المرشحة، ويُستبعد المحكم من تقييم أى عمل له بمؤلفه أى صلة كانت، والنتائج تُعلن بشفافية تامة على مرأى الناس ووسائل الإعلام وغير ذلك من أمور تجعل منح الجائزة بناءً على الجودة الحقيقية للعمل وليس على عوامل أخرى، وبالتالى بناء الثقة والمصداقية، وجذب أفضل الأعمال، وتعزيز سمعة الجائزة، وتحقيق الأهداف الثقافية، والجائزة لن تفرط بجهود جبارة تبذلها وأموال طائلة تنفقها من أجل أن تكون للمجاملات، بل لتحقيق أهدافها السامية فى تكريم المتميزين من الكتاب والناشرين مؤسسات وأفرادا.
 
< هل تحتفون بمثقفين مصريين وعرب؟
الجائزة أطلقت بهدف الاحتفاء بالكتاب المتميزين، وقد كرّمت فى دورتها التأسيسية عددا من الكتاب المصريين والعرب، ففى الدورة التأسيسية 2023-2024، احتفت الجائزة وكرمت عددا من أعلام المؤلفين منهم من مصر والعالم العربي.
 
< ماذا عن تعاونكم الثقافى مع الدول الأخرى؟
التعاون الثقافى لقطر عامة ولجائزة الكتاب العربى خصوصاً يتجاوز مصر ليشمل العديد من دول العالم، وذلك جزء لا يتجزأ من إستراتيجيتها ورؤيتها، فالجائزة، بحكم اسمها جائز الكتاب العربي، تستهدف كل كاتب وباحث عربى أو مهتم بالدراسات العربية أينما كان، سواء داخل الدول العربية أم فى غيرها ممن يؤلف بالعربية، وهذا يعنى أن نطاقها عالمى فيما يخص المشاركين وليس محليا أو عربيا فقط العربي.
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام