حياة الناس



صعود الأفارقة البيض.. مشاهير أصولهم إفريقية.. انطلقوا من القارة السمراء إلى العالمية

29-5-2025 | 01:16
ريم عزمى

إيلون ماسك وثيرون وأوباما نموذجا
إيلون ماسك ولد لأبوين من البيض من جنوب إفريقيا فى بريتوريا
باراك أوباما ولد لأب كينى وأم أمريكية تنحدر من أصول إنجليزية
تشارليز ثيرون نجمة القارة السمراء من مواليد مدينة بينونى قرب جوهانسبرج فى 1975
كريستيان بيل نجم سلسلة أفلام “الرجل الوطواط” والده وزوجته الأولى من جنوب إفريقيا أيضا
 
باتت لقاءات المكتب البيضاوى مثيرة، ربما أكثر من الحلقات التليفزيونية المشوقة وسلاسل الأفلام الهوليوودية! حتى إن وسائل الإعلام العالمية تصفه حاليا بـ «الكمين»، على غرار برامج المقالب، وكانت أحدث لقاءات المكتب البيضاوى، مع رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، الذى التقى الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب.
 
بعد بداية ودية، حرص فيها رامافوزا، التأكيد على رغبته فى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، تحولت الأمور إلى عدائية،  حيث كرر ترامب حديثه، بشأن «إبادة جماعية للبيض»، فى جنوب إفريقيا، وحاول رامافوزا، تصحيح الصورة أمام الرئيس الأمريكى ترامب.
 
وقبل تلك المقابلة كان الرئيس الأمريكى ترامب قد أعلن عن  خطة لمنح الأقلية البيضاء فى جنوب إفريقيا وضع اللاجئين الفارين من الاضطهاد، وإعادة توطينهم فى الولايات المتحدة الأمريكية، لكنهم رفضوا أيضا، وأعلنوا التزامهم بالبقاء فى بلدهم!
كما وقع ترامب فى وقت سابق، على أمر تنفيذى يقضى بخفض المساعدات الأمريكية لجنوب إفريقيا، مستشهدا بقانون نزع الملكية الذى وقعه الرئيس سيريل رامافوزا أخيرا، بهدف تقليل حجم التفاوت فى الأراضى الناجم عن تاريخ جنوب إفريقيا من التفوق الأبيض.
 
وبعيدا عن الفكر الاستعمارى ونهب الثروات، لطالما جذبت القارة السمراء المغامرين الأوروبيين، ومنهم من وقع فى غرامها واستقر بها ونذكر بعض أفلام هوليوود، التى وصفت هذه المشاعر الطيبة مثل: خارج إفريقيا وغوريلا فى الضباب، والماسة الدامية.
 
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى، فيديو لأغنى رجل على وجه الكرة الأرضية إيلون ماسك، ابن جنوب إفريقيا، وهو يتحدث من داخل المكتب البيضاوى، باعتباره موظفا خاصا، ومهما الآن فى الحكومة الأمريكية، حيث جلس الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ينصت ويتدخل فى الحديث، لكن من سرق الأضواء هو إكس بن ماسك! وهو مشهد ذكر البعض بالصورة الشهيرة للراحلين الرئيس الأمريكى جون إف. كينيدى وابنه جون إف. كينيدى جونيور، وفسروها بأنها عودة متعمدة إلى رئيس شاب يسعى إلى إعادة تشكيل البلاد.
 
إن ماسك، وهو أب لـ12 طفلا من أنصار تشجيع الإنجاب، يرى أن جزءا من عمل حياته، هو إعادة إعمار الكوكب بأكبر عدد ممكن من الأطفال، وأن يكونوا أطفالا استثنائيين فى الوقت نفسه، أو بمعنى أصح تحسين النسل.
إيلون هو سلسيل عائلة ماسك الثرية من جنوب إفريقيا، ولد لأبوين من البيض من جنوب إفريقيا فى بريتوريا، فى 28 يونيو 1971، التحق لفترة وجيزة بجامعة بريتوريا، قبل أن ينتقل إلى كندا وهو فى السابعة عشرة من عمره، وحصل على الجنسية من خلال والدته المولودة فى كندا، لكنها نشأت فى جنوب إفريقيا، وبعد طلاق والديه فى 1980، عاش ماسك فى الغالب مع والده فى بريتوريا وأماكن أخرى، وندم عليه لاحقا وابتعد عن والده، واصفا إياه بأنه “إنسان رهيب.. تقريبا فعل كل شىء شرير يمكن أن تفكر فيه.
 
التحق ماسك بمدرسة الأحد الأنجليكانية، وبدأ ولعه بالتكنولوجيا فى سن العاشرة تقريبا، حيث طور اهتمامه بالحوسبة وألعاب الفيديو وتعلم برمجة الكمبيوتر باستخدام دليل، وفى سن الثانية عشرة، باع رمز لعبة فيديو أساسها بيزيك، أطلق عليها اسم بلاستر للكمبيوتر الشخصى مقابل 500 دولار!، وتعرض ماسك للتنمر طوال طفولته، وبعد معاناته تقدم بطلب للحصول على جواز سفر كندى، ووصل ماسك إلى كندا فى يونيو 1989، وعاش مع قريبه فى ساسكاتشوان لمدة عام، وعمل فى وظائف مختلفة، مثل المزرعة ومصنع للأخشاب، وفى 1990، التحق بجامعة كوينز فى كينجستون، فى أونتاريو الكندية، وبعد عامين انتقل إلى جامعة بنسلفانيا الأمريكية، حيث تخرج عام 1997 بدرجة بكالوريوس الفيزياء، ثم نال بكالوريوس العلوم فى الاقتصاد، من مدرسة وارتون، وفى 1994 أجرى ماسك تدريبين داخليين فى وادى السيليكون خلال فصل الصيف، ثم انضم إلى طفرة تشغيل شبكة الإنترنت، وشارك فى تأسيس شركة برمجيات «zip web2» مع شقيقه كيمبال، واستحوذت شركة «كومباك» على الشركة الناشئة مقابل 307 ملايين دولار فى 1999، فى العام نفسه شارك ماسك فى تأسيس بنك «إكس دوت كوم» عبر الإنترنت، وتوالت نجاحاته فى مجال الأعمال، تزوج ماسك مرتين سابقتين من جوستين ماسك وتالولا رايلى، وهو مرتبط حاليا بالمغنية الكندية جرايمز، والغريب أنها تستخدم كلمات عن الخيال العلمى فى أغانيها، وأنجبت من ماسك ثلاثة أطفال بأسماء غريبة أيضا من بينهم، إكس الذى ظهر فى الفيديو واسمه إكس أى إيه 12!
 
تعتبر جنوب إفريقيا مركزا مميزا للأوروبيين فى إفريقيا، وتشتهر بالمعادن النفيسة مثل الذهب والسياحة، حيث المناظر الطبيعية الخلابة وحدائق الحيوان المفتوحة، ونجد من أعلامها أيضا فريدريك دى كليرك، الرئيس الراحل لجنوب إفريقيا، وخلال فترة رئاسته من عام 1989 إلى عام 1994، وكان نائبا للرئيس من عام 1994، إلى عام 1996، قام بإنهاء الفصل العنصرى، ويعتبر آخر رئيس دولة لجنوب إفريقيا من عصر حكم الأقلية البيضاء.
 
كذلك الروائية الرائعة نادين جورديمر (20 نوفمبر 1923 - 13 يوليو 2014)، كانت كاتبة وناشطة سياسية من جنوب إفريقيا، وحصلت على جائزة نوبل فى الأدب عام 1991. وأيضا دجيه. آر.آر. تولكين (3 يناير 1892 - 2 سبتمبر 1973)، كان كاتبا وعالم لغة إنجليزيا، وهو مؤلف أعمال الخيال الشهيرة، مثل “الهوبيت” و”سيد الخواتم” التى تحولت لسلسلة أفلام شهيرة.
وهناك من الأفارقة البيض من غزا هوليوود أيضا مثل الممثلين: شارليز ثيرون، وشارلتو كوبلى، وأرنولد فوسلو، وهناك مخرجون مثل: نيل بلومكامب وجافين هود.
تشارليز ثيرون نجمة القارة السمراء، وابنة جنوب إفريقيا الشقراء التى تألقت فى أفلام عديدة، وأشهرها أحد أجزاء سلسلة “ماكس المجنون: طريق الغضب”، من نوعية مرحلة ما بعد الدمار، للأسترالى مبدع السلسلة جورج ميلر، الذى أخرج كل الأجزاء، وشارك فى السيناريو أيضا، ثيرون من مواليد مدينة بينونى قرب جوهانسبرج بجنوب إفريقيا فى 1975، واسمها المتفرد هو من أصل فرنسى، ويعتبر تأنيثا لاسم تشارلز، وتنحدر من أصول فرنسية وهولندية وألمانية، وجدها ضابط شهير فى حرب البوير، وكانت تتواصل مع العاملين فى مزرعة أبويها وهم من شعوب إفريقية مختلفة، وهى تتقن عددا من اللغات واللهجات المحلية. درست ثيرون رقص الباليه، وانتقلت للعمل فى أوروبا، ثم الولايات المتحدة، وعانت ماديا، حتى قدمت أول دور صامت فى فيلم من إنتاج 1995، وحققت شهرة من خلال دورها كزوجة كلاسيكية بشعر متموج مائل للحمرة فى فيلم “محامى الشيطان”، وهى حاصلة على جائزة أوسكار فى 2003 كأحسن ممثلة عن دورها فى فيلم “وحش” المأخوذ عن أحداث واقعية عن غانية، تحولت لأول سفاحة فى الولايات المتحدة، وبدت مهملة فى مظهرها بشعر أشقر باهت وأشعث، كما وضعت طقم أسنان، وبهذا تكون أول ممثلة إفريقية المولد تحصل على هذه الجائزة المرموقة، كما قام بتكريمها الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، رئيس جنوب إفريقيا السابق على هذا الإنجاز، وبخلاف السينما فقد عينت عام 2008، كمبعوثة للسلام تابعة للأمم المتحدة، وحصلت على الجنسية الأمريكية فى 2007، وهى تعيش منذ 2012 فى مدينة لوس أنجلوس.
 
وبالبحث بشكل أعمق لمعرفة النجوم، الذين لديهم جذور من جنوب إفريقيا، نجد مثلا: كريستيان بيل نجم سلسلة أفلام “الرجل الوطواط” الذى ولد فى ويلز، لكنه نشأ فى إنجلترا فى أغلب الوقت، وولد والده ديفيد بيل فى جنوب إفريقيا، وكانت زوجته الأولى أيضا من جنوب إفريقيا، لكن زوجته الثانية، هى التى أنجبت كريستيان الموهوب.
وأورلاندو بلوم، نجم سلسلة أفلام “قراصنة الكاريبى”، وقد ولد أورلاندو فى إنجلترا، ووالدته فى الهند، وأثناء نشأته، كان يعتقد أن والده هو الروائى الجنوب إفريقى، المناهض للفصل العنصرى هارى سول بلوم، وبعد وفاته، عندما كان أورلاندو فى الثالثة عشر من عمره، علم أن والده البيولوجى شخص آخر.
 
وسيينا ميلر، التى ولدت فى مدينة نيويورك، ونشأت فى لندن، وقضت معظم حياتها ومسيرتها المهنية فى التنقل بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أما والدتها فقد ولدت فى جنوب إفريقيا.
وهيو جرانت، الذى ولد فى إنجلترا، وعرف عنه أنه من أندر النجوم الإنجليز الذين يتمتعون بالوسامة، وولد جده الأكبر لجرانت من جهة الأب، الرائد رونالد جرانت، فى جنوب إفريقيا.
 
مواهب متنوعة
من بين مواليد إفريقيا الأوروبيين، يوجد من شق طريقه فى مجالات مختلفة مثل السياسة والفن والرياضة وانطلق للعالمية، مثل: كارلوس كيروش من مواليد موزمبيق، وهو مدير كرة قدم برتغالى، عمل مديراً لمنتخب البرتغال الوطنى، والإمارات العربية المتحدة، وجنوب إفريقيا وإيران وكولومبيا ومصر وقطر، وقاد جنوب إفريقيا والبرتغال وإيران إلى كأس العالم لكرة القدم. وعلى مستوى الأندية، أدار أيضا نادى سبورتنج لشبونة ونيويورك/نيوجيرسى، وعمل مساعد مدرب لنادى أليكس فيرجسون فى نادى مانشستر يونايتد الإنجليزى.
والراحل بروس روى ماكنزى، وكان سياسيا كينيا شهيرا من مواليد جنوب إفريقيا، كان وزيرا للزراعة فى كينيا أثناء رئاسة الراحل جومو كينياتا، وكان مستشارا له، وزعم البعض أنه كان عميلا للمخابرات البريطانية، أو الجنوب إفريقية أو الإسرائيلية!
وبمناسبة كينيا، لم يولد باراك حسين أوباما الثانى فى إفريقيا، بل فى هونولولو بولاية هاواى الأمريكية فى 1961، لأم أمريكية تبلغ من العمر 18 عاما، تنحدر من أصول إنجليزية وويلزية وألمانية وسويسرية وأيرلندية، وأب كينى يبلغ من العمر 27 عاما، وكان أول رئيس أمريكى من أصل إفريقى فى تاريخ الولايات المتحدة، وشغل أوباما سابقا منصب عضو مجلس الشيوخ الأمريكى، ممثلا لولاية إلينوى من عام 2005 إلى عام 2008، وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية إلينوى من عام 1997 إلى عام 2004، وهو من الحزب الديمقراطى.
وسيجولين رويال، وهى سياسية فرنسية من مواليد السنغال شاركت فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2007، وخسرت أمام نيكولا ساركوزى فى الجولة الثانية، وكانت أول امرأة فى تاريخ فرنسا تصل إلى الجولة الثانية فى انتخابات رئاسية.
 
المغرب العربى
إذا وصلنا للشمال الإفريقى، نجد من مواليد المغرب، الراحل جاست لويس فونتين، لاعب كرة قدم فرنسى محترف لعب مهاجماً، وسجل أكبر عدد من الأهداف على الإطلاق فى نسخة واحدة من كأس العالم لكرة القدم، حيث سجل ثلاثة عشر هدفا فى ست مباريات فى بطولة 1958، وفى مارس 2004، أطلق عليه بيليه لقب أحد أعظم 125 لاعب كرة قدم، على قيد الحياة فى حفل توزيع جوائز الفيفا، وجان لوك ميلينشون السياسى الفرنسى، وقاد مجموعة فرنسا الأبية فى الجمعية الوطنية من عام 2017 إلى عام 2021، وترشح لمنصب رئيس فرنسا ثلاث مرات، والنجم جان رينو من أصول فرنسية وإسبانية، أثبت نفسه كرجل رائد فى السينما الفرنسية، من خلال تعاونه مع المخرج لوك بيسون، وعمل فى العديد من الإنتاجات الدولية، وهو مرشح لجائزة سيزار ثلاث مرات كأفضل ممثل، واشتهر بدور القاتل المأجور فى فيلم “ليون:المحترف”، كما نجد مجموعة كبيرة من أبناء المستوطنين ممن كان يطلق عليهم “الأقدام السوداء”، فى الجزائر من أصول فرنسية مثل: الممثل دانييل أوتوى، والمغنى الفرنسى إيتيان داهو، والمفكر والكاتب الراحل ألبير كامو، ومصمم الأزياء الراحل إيف سان لوران، ومن تونس النجمة الكبيرة كلوديا كارديناللى  ـ 86 عاما ـ من أصول إيطالية، ومن ليبيا الراحل فيتوريو دى سيستى، وكان مخرجا وكاتب سيناريو من أصل إيطالى، وكذلك الراحل لورينزو باندينى، وكان سائق سباقات إيطالى ينافس فى «الفورمولا 1» من عام 1961، إلى عام 1967، فاز باندينى بجائزة النمسا الكبرى عام 1964 مع فيرارى، وفى سباقات التحمل، فاز باندينى بسباق لومان 24 ساعة عام 1963، وكذلك سباق دايتونا 24 ساعة عام 1967، وكلاهما مع فيرارى.
 
ولا يضع الخبراء مصر ضمن قوائم الأفارقة من أصول أوروبية، ربما لأنها تقع بالفعل فى قلب وعقل العالم القديم بين ثلاث قارات، حيث انصهرت الأعراق على مر التاريخ، لتقدم لنا أعظم نموذج للتنوع العرقى والثقافى، وربما نذكر المغنية الراحلة داليدا من أصول إيطالية، والمغنى الراحل من أصول يونانية ديميس روسوس، ومصممة الأزياء من أصول يهودية إسبانية جابى أجيون صاحبة دار الأزياء الباريسية «كلويه»، والكاتب الصحفى من أصول فرنسية روبير سوليه، وقد أثروا الحياة الفنية والثقافية فى العالم، ولو عدنا للتاريخ القديم، سنجد الملكة الشهيرة كليوباترا السابعة، من أسرة البطالمة الإغريق.
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام