مقالات



إيران الجديدة والنووى ومصر

3-6-2025 | 21:55
أسامة سرايا

إيران الجديدة، يجب أن تحظى بالتشجيع والاهتمام، عربيا وشرق أوسطيا، هناك تحولات كبيرة على أكثر من صعيد.
 
فمفاوضات إيران مع أمريكا، فى مسقط عُمان، تحمل إشارات، بأن إيران تريد التهدئة، وأنها لا تبحث عن النووى، وتريد الاتفاق معها، ومع العالم، حول برنامجها للطاقة النووية السلمية، وليس القنبلة النووية.
 
مباحثات عراقجى فى القاهرة حملت هذا المؤشر المهم، للمنطقة وللعالم، وهذا دور مصر التاريخى، المؤثر فى منع الحرب فى المنطقة العربية، أو الشرق الأوسط، وهو دور أكثر من واضح وقوى ومؤثر، فاللقاء الثلاثى، الذى جمع المصريين بالإيرانيين، مع مدير الطاقة النووية له ما بعده لمستقبل العالم والمنطقة التى نعيش فيها، كيف نبعد عنها شبح الحرب المدمرة.
 
إسرائيل ونياتها، والاتجاهات الداخلية، تسعى بكل ثقلها لإشعال منطقة الشرق الأوسط، همها أن تدخل كل دولها، إلى مناطق الصراع والحرب المدمرة، كانت مباحثات أمريكا مع إيران، حول النووى الإيرانى، ضربة للاتجاهات العدوانية، والرغبة فى الحرب من إسرائيل، أو أطراف أمريكية، لإشعال الشرق الأوسط من جديد فى حرب مع إيران، إذ وجدنا أن هناك اتجاهات أمريكية قوية، لحسم الخلاف مع إيران، بشأن برنامجها النووى، بعيدا عن القوة، فهذا تطور لافت للنظر ومهم، لأن إعادة المنطقة للحرب، مثلما حدث فى حرب العراق 2003، لإسقاط صدام حسين، أثرت فى الشرق الأوسط لعقود طويلة، وأخلت بالتوازنات الإقليمية، بل الأخطر أنها أججت الصراعات الطائفية فى العراق، وسوريا وغيرهما.
 
إيران دولة كبيرة ومؤثرة فى الشرق الأوسط، أن تخرج من دائرة الحرب الجنهمية التى تترصد بها، فهذا عمل سياسى، ودبلوماسى، يستحق التقدير والاهتمام، أن تدرك إيران جديد التحولات فى العالم، والتعامل مع الرئيس الأمريكى ترامب، بأسلوب مختلف للوصول إلى اتفاق عمل ضرورى ولافت للنظر، لأن ترامب نفسه هو الذى ألغى الاتفاق الإيرانى العالمى، الذى وقع فى فترة الرئيس باراك أوباما، ولعلنا نذكر رغبة ترامب، وجناحا مهما فى واشنطن، لضرب إيران.
 
المتغيرات التى لاحقت هذا التطور، فيما بعد حرب إسرائيل على غزة، التى استمرت ما يقرب من عشرين شهرا، حتى الآن 600 يوم، أثرت، ودمرت قطاع غزة، 2‪,‬5 مليون فلسطينى، يعانون ويتعرضون للمجاعة والأمراض، للحصار والحرب المميتة، كانت القاهرة هى الصوت الذى ارتفع لوقف الحرب، واللجوء إلى الهدنة بمشاركة أمريكا وقطر، لفك الحصار عن غزة، وإنقاذ أهلها.
مؤتمرات ودبلوماسية فائقة الأهمية،  وصلت إلى المؤتمر الأخير «إعمار غزة»، ووقف الحرب الدائرة هناك، وأعتقد أن الموقف العالمى، والتغيير الذى طرأ عليه، كانت وراءه مصر، لعدم تصفية القضية الفلسطينية، كما يريد نتنياهو وجناحه المتطرف فى إسرائيل، وصولا إلى المؤتمر المقبل فى نيويورك، لحل الدولتين، والذى تترأسه فرنسا والسعودية.
 
تحرك دبلوماسى مهم لإنقاذ المنطقة العربية، وترجمة منطقية لما بعد حرب طويلة على الفلسطينيين، أن يكون هناك أمل يتحقق، ودولة عتيدة تحميهم من جور الاحتلال الاستيطانى الذى استمر أكثر من 80 عاما، وأصبح الشعب الوحيد فى العالم، بلا دولة، وبلا أمل، ويتعرض للطحن والجور الإسرائيلى على حقوقه، وعلى أرضه، دور مصر البارز فى هذا الشأن، لا ينكر وواضح لكل ذى عينين، عدم جر الشرق الأوسط إلى الانهيار.
 
ها هى مصر تكمل دورها ومسارها السياسى، والدبلوماسى لمساعدة إيران، على إعادة التكيف فى المنطقة بعيدا عن الحرب، وبعيدا عن التدخل فى شئون دولنا العربية، وحماية الاستقرار الإقليمى لكل الدول العربية، والشرق الأوسط.
 
تطورات متلاحقة، تضع مصر فى مكانها الصحيح فى الشرق الأوسط، دولة تمنع الحروب وتقف مع الدول العربية، فى إعادة التكيف والهيكلة، والخروج من التدخلات الخارجية، بل تساعد دول الشرق الأوسط.
 
موقفها مع إيران، سيجعل خبراتها الإقليمية والعالمية فى المكانة التى تستحقها، تحية للسياسات العاقلة التى تتبناها مصر، وآخرها التحرك لمساعدة إيران إقليميا، وحل خلافاتها مع منظمة الطاقة الذرية، حتى تجعل برنامجها النووى، سلميا وقويا أمام العالم، سياسات مصر، مبهرة ومستقيمة وقوية أمام شعبها وإقليمها والعالم.

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام