رئيس مجلس الإدارة:
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير:
جمال الكشكي
الأحد 15 يونيو 2025
نحن والعالم
حياة الناس
سوق ومال
فنون وفضائيات
مقالات
ثقافة
فجر الضمير
المزيد
دائرة الحوار
رياضة
الملفات
أرشيف المجلة
أول الأسبوع
منوعات
Business Leaders
حياة الناس
ابتعد عن متابعة أخبارها قدر الإمكان.. الحروب تصيب العالم بالأمراض النفسية
3-6-2025
|
22:20
د. شاهيناز العقباوى
أصبح حرص البعض على متابعة فيديوهات، وأخبار عن ضحايا الحروب والنزاعات عبر السوشيال ميديا، والقنوات التليفزيونية، وغيرها من المنصات الإعلامية بمثابة الروتين اليومى، حيث تشير إحصائيات ومؤشرات شبكات التواصل الاجتماعى، إلى أن ما يفوق 94 % من متابعى وسائل التواصل الاجتماعى، يركزون على متابعة كل ما يتعلق بالحروب، وتحقق مشاهد القتل والتدمير أعلى نسب متابعة بين مختلف الفئات، فيما يعرف بثقافة التوحد مع الحدث، لكن قد يؤدى كل هذا الإفراط فى المتابعة، إلى التأثير سلبا على صحة الفرد النفسية والجسدية، ويترك العديد من الآثار السلبية التى يصعب إصلاحها.
يمتد أذى الحروب، إلى من هم خلف الشاشات، فمشاهدة صور وفيديوهات العنف والقتل، والاستماع إلى قصص الضحايا المؤلمة، يشكل ضغوطا نفسية كبيرة على كل من يتابعون هذه الأخبار، وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن ما يصل من 20 إلى 30% من المتابعين للصراعات يصابون بالاكتئاب والقلق واضطرابات ما بعد الصدمة، وهو رقم يؤكد الطبيعة الشاملة للضرر النفسى، ووفقا لتقديرات المنظمة فإن 22% من الأفراد الذين تأثروا بالمحن فى الأشهر الـ 12 الماضية، يعانون من اضطرابات نفسية، بينما 13% يعانون من الأشكال الخفيفة من الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة، و4% يعانون من الأشكال المتوسطة، و5% يعانون من اضطرابات شديدة مثل الفصام، والاضطراب ثنائى القطب، والاكتئاب الشديد، والقلق الشديد، واضطراب ما بعد الصدمة الشديد.
الصدمة النفسية
تولد الحروب صدمات نفسية، من هول ما يراه الفرد ويعيشه فيدخل البعض فى حالة من الذهول، وفقدان القدرة على استيعاب ما يجرى حولهم وإنكاره، وقد يعيش من ينجو فى جحيم الآثار، وتعرف الصدمة النفسية أو صدمة الحرب، بأنها الاستجابة العاطفية التى تحدث بعد التعرض مباشرة لأحداث مؤلمة، تفوق قدرة الشخص على تحملها وتفقده الشعور بالأمان، ويسيطر عليه العجز وقلة الحيلة، ويصاب بحالة من الذهول وإنكار ما يحدث، وقد يظهر ذلك فى صورة خوف وذعر، وقلق، وارتباك وصعوبة التركيز، وربما الغضب. هذا ما أكدته الدكتورة ثناء الحلوة أستاذ علم النفس الاجتماعى، بجامعة بيروت، مشيرة إلى أنه لا يقل تأثير متابعة أخبار الحروب الدموية غير المباشرة، عن تأثيرها المباشر، لكن تختلف القدرة على استيعاب الأحداث الصادمة من شخص لآخر، فالبعض يستطيع تجاوز الأمر مع الوقت، بينما يعانى آخرون من الآثار النفسية فترة طويلة، يصابون باضطرابات نفسية مزمنة.
وأضافت أن صدمة الحرب، تؤثر على حالة الفرد النفسية وصحته الجسدية، فمع التوتر الشديد والضغط النفسى، يصاب العقل والجسم بالتعب والإرهاق، مع صعوبة السيطرة على المشاعر، وعدم القدرة على التحكم فى ردود الفعل، والغضب وسهولة الانفعال، مع فرط اليقظة، حيث يصبح الجسم فى حالة من التأهب لمواجهة أى خطر.
من جهته، يرى الدكتور أسامة حمدوش، بقسم الآداب والعلوم جامعة الرباط، أن الاضطرابات النفسية التى تسببها متابعة مشاهد القتل والتدمير خلال الحروب، يطلق عليها اضطرابات ما بعد الصدمة، هو اضطراب نفسى، ينجم عن التعرض لحدث صادم، يتطور لدى بعض الأشخاص الذين تعرضوا لصدمة نفسية، حيث تستمر أعراض الصدمة أسابيع أو شهورا، وأضاف أنه يظهر عبر استعادة الشخص للذكريات المؤلمة، يصاحبه الشعور بالخوف الشديد من تكرار الأحداث السيئة، وتجنب المواقف والأماكن التى تحيى الذكريات المؤلمة، وأحيانا يستمر هذا الاضطراب لأشهر عديدة أو سنوات، لكن يسهم تلقى العلاج فى الحد من تفاقم الأعراض.
ويعد الاكتئاب من أبرز الاضطرابات النفسية، إذ يشعر الشخص بالحزن المستمر وفقدان الطاقة، وانعدام القيمة واليأس، مما يترتب عليه الإصابة بما يسمى اضطراب القلق، وفيه يشعر الشخص بقلق شديد، عند مواجهة موقف يعيد ذكريات سيئة، كذلك الإصابة بالتوتر الشديد والخوف، وهذا فضلا عن أن إفراز الجسم لهرمونات التوتر، بصفة مستمرة، قد يزيد من خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة بمرور الوقت، مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، وكذلك السكرى وزيادة الوزن فى بعض الحالات .
تأثير مباشر
الدكتور محمد أحمد، أستاذ الإعلام والعلاقات العامة بجامعة غزة، أكد أن الحروب تخلق هياكل اجتماعية، يمكنها إدامة الضرر النفسى عبر الأجيال المتعاقبة، مشيرا إلى أن تأثيره على الأجيال مستمر لا يتوقف، لكنه يتوسع ليشمل كل أنماط الحياة الاجتماعية، من الثقافة الشعبية والفنون والكتابة والتأليف، فالحروب تؤدى إلى كوارث إنسانية، مثل القتل وتدمير الأرواح والممتلكات، ونزوح السكان وكثرة أعداد اللاجئين، وتفتت المجتمع وتقويض بنيته الاجتماعية، ويمكن أن يؤثر انهيار الهياكل الاجتماعية، أثناء الصراعات على حد قوله، إلى زيادة الأمراض النفسية كنتيجة طبيعية للشعور باليأس والحرمان، والأمر لا يقتصر على الدائرة الضيقة، ممن هم فى مرمى التأثير المباشر للحرب، لكنه يصل إلى أبعد من ذلك، حيث إن متابعة الأخبار المرئية مثل الصور والفيديوهات، التى تعرض المشاهد والأصوات المرعبة للحرب من أكثر الأشياء التى تبث الخوف والذعر فى قلوب المتابعين، وتصيبهم بأمراض نفسية وعصبية.
تفاصيل دموية
وتتفق معهم الباحثة السعودية، الدكتورة مضاوى دهام القويضى، أن هناك أبعادًا نفسية واجتماعية (سيكولوجية)، (وسوسيولوجية)، معقدة، ويمكننا تفصيلها فى اتجاهين أولًا: التأثير على الصحة النفسية للأجيال الحالية ذلك أن المتابعة المستمرة للتفاصيل، الدموية للحروب تُحدث ما يُشبه "الصدمة بالنيابة"، فضلا عن الإحساس بالعجز، ذلك أن رؤية المآسى بشكل متكرر دون القدرة على إحداث تغيير يُنتج شعورًا بالعجز والإحباط، مما قد يقود إلى انسحاب نفسى أو نوبات غضب داخلية غير موجهة، كذلك التعرض للإصابة لما يسمى التطبيع مع العنف، حيث إن التعرض المستمر للدماء والقتل قد يُطبع العقل البشرى على تقبُّل العنف، كأنه جزء عادى من الحياة، مما يخلخل المنظومة الأخلاقية بشكل عام.
وأضافت أنه فيما يتعلق بالتاثير على الأجيال المقبلة، حيث إن الوفرة المهولة فى المحتوى المأساوى قد تُنتج "مناعة وجدانية"، فيصبح الجيل الجديد أقل تأثرًا أو تعاطفًا، ويفقد الحس الإنسانى تجاه الكوارث، وفى حالات أخرى، يولد جيل يعيش فى خوف دائم من المستقبل، متوتر من عالم يبدو له مهددًا بالعنف والانهيار فى أى لحظة، حتى وإن لم يعش الحرب فعليًا، وكشفت أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعى فى نقل الحروب لا يُمكن اختزاله فى حالة واحدة، فهو يخلق بالفعل أجيالًا مضطربة، متألمة، أو حتى لا مبالية، ويعتمد ذلك على عوامل مثل: السن، البيئة الأسرية، الدعم النفسى، وطريقة تقديم المحتوى، وعليه فإن التعاطى مع الأحداث المختلفة والقضايا العالمية، والعربية من حولنا، يختلف باختلاف الزمان والمكان والتركيبة النفسية، والاجتماعية لكل الشعوب ومدى الوعى والإدراك لما يحدث .
زيادة الوعى
كما يوضح الدكتور مصطفى غنايم، الناقد المتخصص فى أدب الطفل، أن متابعة التفاصيل لها جانبان إيجابى وسلبى، أما الايجابى فيكمن فى زيادة الوعى بالأحداث السياسية والصراعات الدولية، ومن ثم معرفة التحديات الإقليمية والتحليلات الإستراتيجية، فضلا عن مشاركة الضحايا أحزانهم والتفاعل معهم والإحساس بأوجاعهم، وبذلك يمكن البحث فى تقديم المساعدات الإنسانية، لهم عبر القنوات المشروعة والجهات الموثوقة بها، التى تعلن عنها الدول والمؤسسات، أما الجانب السلبى، ينحصر فى إحداث المزيد من الآلام المعنوية والاضطرابات النفسية، جراء تكرار تلك المشاهد المأساوية بتفاصيلها الدموية، فضلا عن تكرار عرضها الذى يتبعه الشعور باللا مبالاة، نتيجة ألف النفس والعين على تلك المشاهد والماسى، وتجنب ذلك ينبغى الدمج بين عرض هذه المشاهد بتحليلات إستراتيجية من خبراء، أو بأساليب عرض إنفوجرافيك، تشرح وتفسر وتحاول تقليل تلك الاضطرابات، بالإضافة إلى تعميق الوعى بالأحداث ومستجداتها، بدلا من دغدغة المشاعر، كما يجب تجنب عرض التفاصيل لحظة بلحظة، والتركيز على الأحداث الكبرى أو عمل تجميع للأحداث .
وكشف عن أن الأطفال هم أكثر الفئات عرضة للإصابة بصدمات نفسية جراء المتابعة المستمرة لأخبار الحروب، وما تتبعها من اضطرابات نفسية، فالطفل لا يزال فى مرحلة النمو والتطور العاطفى والجسدى والسلوكى، وقد يؤدى تعرضه للتوتر الشديد والخوف، من هول الأحداث والصور والمشاهد التى يتابعها إلى التأثير على التطور الطبيعى للمخ، الذى بدوره يؤثر على صحة الطفل النفسية والبدنية.
أمراض مختلفة
يرى الدكتور "جراهام ديفي"، أستاذ الطب النفسى فى جامعة سوسيكس الإنجليزية، أن التعرض للمواد الإعلامية العنيفة قد يحفز اضطرابات الاكتئاب، والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة، لا سيما فى ظل المنافسة الإعلامية الضارية بين المنصات الإعلامية المختلفة، لخلق محتوى صحفى مصور أكثر حدة عاطفيا وبصريا لجذب المتابعين.
كما أن الوجود داخل المنزل بعيدا عن أحداث الحروب، لن يحمى من خليط مشاعر العجز والخوف والحزن والقلق، وربما مشاعر الذنب. وحتى من لا يشعرون بالقلق المباشر تجاه الحرب، تأثروا فى بلادهم بآثارها غير المباشرة، من مشاعر قلق وترقب، حيث إن متابعة ما يحدث أصبح جزءا أساسيا من الحياة اليومية، ذلك أن قدرتنا الحالية على الوصول إلى آخر مستجدات الأخبار عبر الوسائل الإعلامية المختلفة، أصبح أمرا يسيرا جدا تحقيقه، لذا أصبحنا جميعا فى قلب الحدث كأننا نعيشه.
مشاعر القلق
فى حين يرى الدكتور خالد خميس السحاتى، عضو هيئة تدريس جامعة بنى غازى، أن متابعة تفاصيل الحروب والصراعات الدولية المسلحة عبر وسائل التواصل الاجتماعى برغم كونها تسهم فى وضع المتلقى فى قلب الحدث، ومعرفة أدق تفاصيل تلك الحروب والصراعات، فإن لها سلبيات عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر: إحداث تأثيرات نفسية تتفاوت فى حدتها بين شخص وآخر، من الشعور بالعجز والاكتئاب، إلى مشاعر القلق وقلة الحيلة والحزن الشديد، مما قد يترتب عليه تأثيرات سلبية صحيا، مثل ارتفاع ضغط الدم، أو نسبة السكر، أو غيرهما... مثل أحداث غزة، والمشاهد المروعة التى بثتها بعض القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعى، وكانت لها تأثيرات سلبية على الكبار والصغار.
وأضاف أنه وبطبيعة الحال فإن هذه المعطيات - سالفة الذكر - تعد من ضمن سلبيات التطور التكنولوجى الكثيرة، فالهواتف الذكية والحواسيب لم تعد حكرا على الكبار فقط، ويرى الطفل على مواقع التواصل الاجتماعى كل شىء، وهكذا كلما زادت ساعات المشاهدة وغابت الرقابة الأسرية زادت التأثيرات السلبية، وربما تحولت مشاهد الحروب بما فيها من مآس إلى مجرد مشاهد عادية لا تؤثر فى مثل هؤلاء للأسف الشديد، وقد تصبح عندهم لا مبالاة وعدم اهتمام بكل تلك الأمور.
كلمات بحث
الأمراض النفسية
الحروب
شبكات التواصل الاجتماعى
حياة الناس
رابط دائم
اضف تعليقك
الاسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
الاكثر قراءة
أرشيف العالم مهدد بالانهيار.. قرن من النسيان
اعلى
< li>
نحن والعالم
< li>
حياة الناس
< li>
سوق ومال
< li>
فنون وفضائيات
< li>
مقالات
< li>
ثقافة
< li>
فجر الضمير
< li>
دائرة الحوار
< li>
رياضة
< li>
الملفات
< li>
أرشيف المجلة
< li>
أول الأسبوع
< li>
منوعات
< li>
Business Leaders
جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام