ثقافة



أفضل 100 فيلم نسائى فى التاريخ.. سينما الأنوثة والحب والمقاومة

3-6-2025 | 22:56
مصطفى عبادة

القضايا الاجتماعية مثل العمل والزواج وأهمية الأسرة هيمنت على سينما المرأة الإفريقية
 
مخرجات أمريكا اللاتينية قدن تيار المقاومة فى السينما النسائية
 
خلافا لما يعتقد البعض من أن السينما فن رجالي، فإن ألأفلام الأجمل والأكثر حساسية وتعبيرا عن العواطف البشرية، تأتى دائما من قبل النساء، لا سيما أن سينما المرأة لم يتم استخدامها لأغراض دعائية أو تبشيرية بأفكار معينة، بل جاءت أفلام المرأة من واقع قضاياها وقضايا المجتمع الذى تعيش فيه، وتم التعبير عن هذه القضايا بلغة سينمائية حساسة وصادقة،  فى هذا السياق هناك قائمة بمائة فيلم من إخراج النساء تم إعدادها من قبل موقع «النظرة الأنثوية»، شملت القائمة نساء من جميع أنحاء العالم، ومثلت القارات الست، صحيح أن الولايات المتحدة احتلت موقع الصدارة بأكثر من ثلاثين فيلما من إخراج النساء، لكن ذلك لم يمنع من ظهور دول لم يكن يتوقع أن تكون فيها بالشكل الذى يجعلها مشهورة فى العالم مثل السنغال وفنزويلا، الجدير بالذكر فى هذه القائمة أن الصين والهند جاءتا فى المركز الثانى تلتهما السينما الإيرانية.
 
هذه القائمة، استهدفت إعادة النساء إلى تاريخ السينما من خلال إلقاء الضوء على هذه الأفلام الـ 100 والتى تعد من الجواهر الخفية التى أخرجتها النساء، والتى تم نسيانها أو تجاهلها بشكل غير عادل برغم جمالها الباقى وتأثيرها الممتد.
فلك أن تتخيل أنه فى عام 1968، كانت «إيدا لوبينو» هى المخرجة الوحيدة التى تستحق الدخول فى كتاب المؤلف أندرو ساريس «السينما الأمريكية: المخرجون والاتجاهات 1929-1968» وهذا الكتاب بالمناسبة ترجمه إلى العربية، الناقد السينمائى المصرى د. أحمد يوسف وصدر عن المركز القومى للترجمة. تم رفض أفلام لوبينو أو عدم الاهتمام بها، لكن مؤرخ السينما الأمريكية «أندرو ساريس»؛ حاول التنبيه إليها، بالإضافة إلى «السيدات الفاعلات» فى السينما، حيث ذكر مخرجات بارزات فى عصر السينما الصامتة وما بعده، بالإضافة إلى (شيرلى كلارك، وفيرا تشيتيلوفا، وأغنيس فاردا، ودوروثى أرزنر، التى أخرجت 13 فيلمًا بعد عام 1929.
 
على الرغم من أن المؤرخ «ساريس» أو غيره لم يتساءل عن سبب ندرة المخرجات، لكنه على الأقل سلط الضوء على الحقيقة، فى وقت لم يكن فيه سوى عدد قليل من المخرجات، ووسع بحثه عنهن خارج الولايات المتحدة. ومع ذلك، فهو يعيد بلا داع إحياء مقولة «ليليان جيش» حول أن الإخراج ليس وظيفة بالنسبة للمرأة. 
قبل ثمانينيات القرن العشرين، لاحظ ساريس أن من بين صانعى الأفلام هؤلاء، تشيتيلوفا وفاردا ولينى ريفنشتال فقط هن اللائى كتب عنهن فى نشرات السينما ، بالإضافة إلى فنانة الرسوم المتحركة لوتى رينيغر، والمؤلفة الروسية لاريسا شيبيتكو، والمبدعة مايا ديرين، التى لم تكن كذلك. المرة الأولى التى تم فيها تقييم مسيرة شيرلى كلارك المهنية كانت فى عام 1998، بعد وفاتها مباشرة.
قضية النساء المخرجات لقيت اهتماما مميزا فى الفترة الأخيرة، بسبب أن بعض المخرجات الحديثات صرن يتحدثن بغضب حول عملهن وتجاهلهن على مواقع التواصل الاجتماعي، ففى إبريل من هذا العام، نسبت مجلة «فانيتى فير» الفضل إلى «لوبينو» باعتبارها «واحدة من أوائل» المخرجات «اللاتى كسرن القيود»، متجاهلة أسلافها، مثل أليس جاي- بلاشيه ولويس ويبر، اللتين كانتا تعملان قبلها بما يصل إلى 50 عامًا.
 
كما أنه فى السنوات الأخيرة، عادت إلى الظهور المزيد من الأفلام النسائية التى لم تحظ بالتقدير الكافي، مثل فيلم»الصديقات» للمخرجة «كلوديا ويل».
ركزت هذه القائمة فى المقام الأول على القرن العشرين - قبل أن يجعل التقدم التكنولوجى من السهل على النساء صناعة الأفلام،  كما أظهرت القائمة، قلة من صانعات الأفلام اللاتى حظين برفاهية إنتاج أكثر من فيلمين،  وكذلك عدد الأفلام المدرجة هنا، من قبل ممثلات تحولن إلى مخرجات، غالبًا ما كان على النساء الحصول على السلطة أمام الكاميرا قبل السماح لهن بالوقوف خلفها.
وتضمنت أيضًا أفلامًا وقفت على أطراف الحركات الشهيرة فى السينما، مثل أفلام جاكلين أودرى والموجة الفرنسية الجديدة، وفيلم معًا وسينما حرة لـ «لورينزا مازيتي»، وفيلم «خارج جسر فينيكس» للمخرجة الصينية «لى هونغ»، والحركة الوثائقية الجديدة فى الصين، والتى حجبتها أعمال المخرجين الذكور الأكثر شهرة وإنتاجية.
ومما تكشف القائمة أيضًا العدد المفاجئ من صانعات الأفلام اللاتى توفين فى سن مبكرة بشكل مأساوي: باربرا لودن، وسارة جوميز، وكاثلين كولينز، ولاريسا شيبيتكو، ونيكول فيدريس وفروخ فرخزاد.
من الملاحظ أيضا أن هذه القائمة تقول: إن النساء كن يصنعن أفلامًا عظيمة خارج هوليوود فى ذلك الوقت كما فى المملكة المتحدة، والنرويج، والمكسيك، والصين والهند وبعض الدول الإفريقية وغيرها.
تبدأ قائمة الأفلام بالفيلم الأمريكى «الفتاة الجاسوسة لـ»سيدنى أولكوت» و»جين غونتر»، الذى ظهر 1910، ثم الفيلم الأمريكى أيضا «التشويق» للويس ويبر وفيليبس سمالي،  وفيه تم تطوير التقنيات المصممة لخلق التشويق فى أفلام الإثارة - كما استخدمها ألفريد هيتشكوك على سبيل المثال - فى هذا الفيلم القصير. عندما يهدد متشرد متجول امرأة وطفلاً فى منزل منعزل، تبدأ مطاردة حقيقية، حيث يعود زوج المرأة مسرعًا من المدينة لإنقاذها، بينما يشق المتشرد طريقه ببطء عبر المنزل، يأتى التوتر من التقاطع بين الإجراءات المتزامنة، وزيادة التوتر من خلال إيقاع الصور السريعة، والمنطق السردى المدروس. يعتبر التشويق فيلما مكثفا للغاية لا يضيع فيه أى إطار - فى الواقع، فى مشهد واحد مشهور، يتم تكثيف العرض بشكل أكبر حتى داخل الإطار، والذى يتم تقسيمه إلى ثلاثة أقسام لإظهار ثلاثة أحداث متزامنة.
 
ولأن أمريكا تستحوذ على نصيب الأسد فى هذه القائمة، نظرا لكثرة المخرجات المتميزات فيها ولكثرة أيضا عدد النساء اللائى دخلن تلك الصناعة مبكرا نقف قليلا مع بعض هؤلاء المخرجات، حيث كان فيلم «واندا» للمخرجة «باربرا لودن»، الذى عرض عام 1970من أكثر الأفلام التى تم الحديث عنه فى القائمة.
تقول الممثلة الفرنسية إيزابيل هوبرت وهى تتحدث إلى الناقد السينمائى البريطانى جيف أندرو عن الفيلم وعن المخرجة »باربرا لودن»: لقد شاهدت فيلم لودن للمرة الأولى منذ سنوات عديدة، على الرغم من أنه كان بعد وقت طويل من إصداره الأصلي؛ وعلى الرغم من الدعم الذى قدمته «مارجريت دوراس»، فإنها أصبحت غير مرئية أو مقدرة إلى حد ما، وتم نسيانها بالكامل تقريبًا، ولكن عندما رأيته، كنت ممتلئًة بالإعجاب به، لدرجة أننا انتهى بنا الأمر إلى استعادة الفيلم وإصداره فى دور العرض أولا،ً ثم فى النهاية على أقراص DVD؛ فى الواقع، لقد قمنا بإصداره مرة أخرى، حيث تم الآن استعادة «نيجاتيف الفيلم» بواسطة مؤسسة أفلام مارتن سكورسيزي.
إنه فيلم غير عادي، فـ»لودن» التى كتبت وأخرجت وقامت بالدور الرئيسى فيه، كانت ممثلة وزوجة للمخرج إيليا كازان. الفيلم - وهو أمر غير معتاد تمامًا بطرق مختلفة، والذى يتمحور حول امرأة تركت زوجها، وينتهى بها الأمر بالتجوال مع رجل هو فى الأساس محتال - يستند إلى قصة حقيقية قرأت عنها المخرجة لودن، وقد طورت قصة حقيقية من الخيال حول ذلك.
وتضيف إيزابيل هوبرت:  إنه من المهم إذا قمت بإخراج فيلم مجازى أو مفاهيمى أن يكون ذا مصداقية كقصة، عادةً ما يتطلب الأمر الكثير من الخبرة حتى تتمكن من تنفيذ ذلك بشكل صحيح؛ الأمر المذهل فى «واندا» هو أن لودن تمكنت من القيام بذلك فى فيلمها الأول.
 
للأسف، لأنها ماتت وهى صغيرة جدًا بعد سنوات قليلة، لم تتمكن أبدًا من إنتاج فيلم آخر، كان من المفترض أن تظهر فى فيلم كازان الترتيب عام 1969، لكن المنتج اعترض وتم استبدالها بـ»فاى دوناواي»، وهذا أحد الأسباب التى تجعل الفيلم مؤثرًا للغاية: فهو يعكس مصير لودن الحزين للغاية. يبدو الأمر وكأنه صرخة شخص على وشك البقاء على قيد الحياة.
وتكمل إيزابيل هوبرت رؤيتها لعمل زميلتها «باربرا لودن»: بالطبع فإن شخصية «واندا» ليست نموذجًا رومانسيًا إيجابيًا، ولكنها شخصية حقيقية، أجدها مؤثرة للغاية، أشعر وكأننى أتماثل مع واندا، فهى هشة وقوية فى نفس الوقت؛ قد تكون وحيدة، ولكن فى أعماقها هناك مقاومة حقيقية، أجد ذلك مؤثرًا جدًا، لا أستطيع أن أتخيل أن مثل هذا الفيلم قد صنعه رجل على الإطلاق، لكن لودن نجحت فى ذلك، وفعلت كل شيء.
الفيلم الأخير فى القائمة لأمريكا هو فيلم «وسط اللامكان» للمخرجة الأمريكية «آفا دوفيرناي»،  الذى عرض عام2012.
كانت آفا دوفيرناى أول مخرجة أمريكية من أصل إفريقى، تحصل على ترشيح لجائزة جولدن جلوب عن فيلم «سلمى»، لكن تم حجبها عنها بشكل مثير للجدل فى فئة أفضل مخرج لجائزة الأوسكار، حتى عندما تم ترشيح سلمى لأفضل فيلم. وعلى الرغم من أن اسمها ليس غريبا على ساحات هوليوود، فإنه لا يزال هناك سبب للقول، إن أعمال آفا دوفيرناى لا تحظى بالتقدير الكافى كونها أمريكية من أصول إفريقية. وينطبق هذا بشكل قاطع فيما يتعلق بعظمة فيلم «وسط اللامكان» الذى تم الاستخفاف به، وهو الفيلم الثانى لـ دوفيرناى والجوهرة التى لم تتم مشاهدتها بشكل مثير للفضول، حيث لم يعرض سوى فى إطار محدود فى الولايات المتحدة ومع أنه عرض فى الكثير من المهرجان الغريبة.
تركز الدراما التى تتخذ من لوس أنجلوس مقراً لها، على طالبة الطب روبى (إيماياتزى كورينالدي) التى تجد حياتها متوقفة مؤقتًا بينما تنتظر بإخلاص عودة زوجها المسجون - أى حتى تلتقى ببراين، الذى يلعب دوره «ديفيد أويلوو» بشكل ساحر، إن علاقتهما الرومانسية المبدئية، التى صممها دوفيرناى بخبرة مع التطور الهادئ، تأخذ روبى إلى ما هو أبعد من «لامكان» اليأس والعزلة. إنه استكشاف مؤثر للأنوثة، والحب، والخيانة، والنهضة فى نهاية المطاف.
 
فرنسا وهى من الدول الكبرى فى الإنتاج السينمائى، موجودة بأكثر من فيلم منها: «الصدف ورجل الدين» لـ»جيرمين دولاك»، الذى عرض 1928، حيث لا يزال الناس يتذكرون دولاك بشكل أفضل بهذا الفيلم ، الذى تم حظره فى بريطانيا، بعد أن وصفته الـBBFC بأنه «غامض للغاية لدرجة أنه لا معنى له تقريبًا»، مضيفًة أنه «إذا كان له معنى، فهو بلا شك مرفوض». كان معناه محل نزاع شديد: وفقًا لما جرى، فقد أثار الفيلم شغبا فى العرض الأول فى فبراير 1928، حيث اعترض العديد من السرياليين، على الاختلافات بين فيلم جيرمين دولاك  وسيناريو «أنطونين أرتو» حول كاهن يشتهى زوجة جنرال،  على الرغم من تسجيل أرتو رضاه، واتفاقه مع تفسير دولاك للقصة.
قبل انتقالها إلى عالم السينما فى عام 1915، قامت دولاك بتحرير المجلة النسوية « لا فرانسيز، وكتبت المسرحيات، لقد حققت نفسها من خلال فيلم «مدام بوديه المبتسمة» (1922).، وهو عمل نسوى عن امرأة ذكية فى زواج بلا حب، وأثارت إعجاب النقاد بفيلم الدعوة إلى الرحلة (1927)قالت الناقدة - جولييت جاك عن الفيلم: تتألق الصفات الشعرية لفيلم «الصدفة ورجل الدين»: بفضل رؤية المخرجة للنشاط الجنسى ، وطبقاتها الشبيهة بالحلم ووجهات نظرها الممزقة، تظل المحاولة الأكثر حسية لنقل الحساسية السريالية إلى السينما.
ثم يأتى بعد ذلك ومن فرنسا أيضا فيلم «خطيبة القراصنة» لـ»نيللى كابلان»، الذى عرض 1969 كمثال مثير للجدل للسينما المضادة، وهو أول فيلم روائى منفرد لـ «كابلان يستحق التقدير، تدور أحداث الفيلم حول «ماري»، ابنة ساحرة مشهورة، تعيش مع ماعزها الأليف على حافة منطقة ريفية راكدة، وتحكى قصة عن الجنس والقوة والمقاومة.
إن سيطرة كابلان الصارمة على الكاميرا والقطع، إلى جانب عينها السريالية للمظهر أو الإيماءة أو الصورة المفرطة فى التحديد، تعكس قوة مقاومة مارى المتمردة لنفاق حياة القرية. بدلاً من إعادة التأكيد على الصور النمطية المتعلقة بالجنسين، تقوم كابلان بتحريك تناقضاتها الأساسية، التى كشفها إيقاظ بطلتها لقوة سحرية، لا ترتبط بالعالم الطبيعى فحسب، بل بالسينما.
وهنا فيلم آخر لامرأة فرنسية هو «فرقة الحياة» لـ «آنا كارينا»، عرض عام 1973، الفيلم عبارة عن دراما تحكى عن العلاقة المشحونة بين فتاة هيبى تدعى جولى (آنا كارينا) وأستاذ متوتر نوعًا ما «آلان» (ميشيل لانسلوت) الذى ينحدر إلى إدمان المخدرات، عندما يتعرف على بيئة المتعة عبر أصدقاء جولي، وعلى الرغم من الاستقبال الحار عند عرض الفيلم فى فرنسا، فقد اختفت نسخ الفيلم لاحقًا دون أن يترك أثراً، وظلت فى غموض تام تقريبًا منذ ذلك الحين.
 
لم يصدر فيلم كارينا مطلقًا عبر تقنية الفيديو المنزلي، ويبدو أنه غير متاح تمامًا عبر الإنترنت بأى شكل، الأمر الذى دفع الناقد جيمس بلاكفورد إلى القول: كنت أتمنى مشاهدة الفيلم والكتابة عنه، ولكن على الرغم من الجهود المتضافرة، لم أتمكن من العثور على نسخة فى أى مكان، ويضيف: نأمل أن يعود الفيلم إلى الظهور مرة أخرى، حيث تشهد الكتابات الصغيرة الموجودة فى هذا الفيلم النادر للغاية على كونه أول ظهور إخراجى مدروس ومؤثر.
بريطانيا لها أيضا أكثر من فيلم منها «معرفة الرجال» لـ «إلينور جلين»، الذى عرض 1930
قامت الكاتبة الرومانسية بريطانية المولد جلين، بكتابة نص هوليوودى مقتبس عام 1924 عن روايتها سيئة السمعة ثلاثة أسابيع عام 1907، وهى معروفة بصياغة «It» - التى تشير إلى الجاذبية الشخصية أو الجاذبية الجنسية - لمركبة Clara Bow لعام 1927 المقتبسة من رواية لها أيضا.
عملت جلين فى هوليوود طوال العشرينيات من القرن الماضى، ككاتبة سيناريو ومستشارة ومعلمة، حيث قامت بصياغة العديد من القصص الناجحة عن الطبقة العليا والرومانسية القديمة والإثارة الجنسية الصاخبة فى عشرات الأفلام، ثم عادت إلى بريطانيا مع ظهور السينما الناطقة، واثقة تمامًا من أن خبرتها فى هوليوود، ستنقذ صناعة السينما البريطانية المتعثرة؛ وفى عام 1930، أنتجت وأخرجت مع شركتها الخاصة فيلمين كوميديين.
فى فيلم «معرفة الرجال»، تحاول الوريثة كورا (إليسا لاندي) مراوغة صائدى الثروة من خلال التظاهر بأنها رفيقة ماركيز، قد تكون الحبكة صعبة، لكن الفيلم تم تصويره بشكل جذاب، وتجهيزات فخمة فخمة، وأزياء رائعة، وأداء لاندى الساحر.
الفيلم قوبل باستقبال عدائى مفرط عند عرضه، لأن البريطانيين تعاملوا مع المخرجة على أنها  امرأة دخيلة، أتت من هوليوود لتعلمهم صناعة السينما.
ومن بريطانيا أيضا يأتى فيلم «منازل للشعب» للمخرجة «كاى ماندر»، عام 1945وبسبب هذا الفيلم، واجهت المخرجة العديد من التحديات حيث أخبرها المنتج مايكل بالكون بأنها لن تكون قادرة على السيطرة على طاقم من الرجال، ومضت ماندر فى إخراج ما يقرب من 50 فيلمًا، على الرغم من عودتها بعد ذلك إلى العمل المستمر، قائلة «لقد امتلكت المهارات بشكل واضح» 
يعد فيلم «منازل للشعب» (1945) واحدًا من أكثر أفلامها تطرفًا - فهو يستخدم أسلوبًا جريئًا وبسيطًا، لتشجيع خمس نساء من الطبقة العاملة على وصف ظروف معيشتهن بكلماتهن الخاصة. حيث تعلن إحداهن من حوض مطبخها عن تصميم منزلها فى الضواحي، الفيلم لمحة نادرة ورائعة عن الحياة اليومية لربات البيوت العاديات فى الأربعينيات وآمالهن فى الحصول على سكن أفضل بعد الحرب.
هناك أيضا فيلم «العائلة السعيدة» للمخرجة البريطانية «مورييل بوكس»، عام 1952فعلى الرغم من المعارضة الشديدة خلال سنوات صناعة الأفلام، حيث أعلن رؤساء الاستوديو، أن النساء لا يمتلكن الصفات اللازمة للتحكم فى فيلم روائى طويل، أخرجت بوكس وشاركت فى كتابة عدد مثير للإعجاب من الأفلام البريطانية بين أواخر الأربعينيات حتى أوائل الستينيات.
وُلدت بوكس وسط ما أسمته «الفقر المدقع»، وكانت ملتزمة بإعطاء النساء والطبقة العاملة صوتًا. فى فيلم «العائلة السعيدة» (المعروف أيضًا باسم السيد لورد يقول لا) بطلة الفيلم «ليليان لورد»، بعد سنوات كعاملة نظافة، تمتلك أخيرًا متجرًا ومنزلًا. لكن الهدم الإجبارى يلوح فى الأفق، لإفساح المجال أمام موقع مهرجان بريطانيا على الضفة الجنوبية. ليليان، التى كانت والدتها مناصرة لحقوق المرأة، تقود عائلتها فى احتجاج متحد، وبفضل روح الدعابة والسحر، يمكن أن يكون الفيلم المشروع الشقيق لفيلم «جواز سفر إلى بيمليكو» 1949.
 
تقول آدا، أخت ليليان غير المتزوجة: «لقد حظيت بلحظاتى، حتى لو لم أكن أتباهى بها»، وهذا يلخص رسالة المخرجة ورؤيتها لأهمية الفن السينمائي.
تواصل المخرجات البريطانيات اشتباكهن مع الواقع عبر الأفلام السينمائية، لنصل إلى فيلم «الغريب لم يترك أى بطاقة» للمخرجة «ويندى توي»، عام 1952
تظل نغمة هذا الفيلم القصير مرحة، تقريبًا فى معظم وقت عرضه الذى يبلغ 23 دقيقة، حيث يستمتع آلان باديل بلعب دور «الزميل الرائع» الذى يطلق عليه السكان المحليون نابليون. ولكن فى اليوم العاشر من إقامته، تتلاشى الابتسامة الفارغة، ويصبح المزاج مظلمًا عندما يتم الكشف أخيرًا عن الغرض من زيارة الغريب الغامض.
فاز الفيلم بجائزة أفضل فيلم روائى قصير فى مهرجان كان عام 1953، وقد أشاد به جان كوكتو، الذى التقى توى من خلال عملها فى تصميم الرقصات المسرحية، يعد تدريبها على الرقص أمرًا حيويًا لمهاراتها كمخرجة أفلام، وتعد الحركة سمة قوية لكل من هذا الفيلم القصير الذى رشح لجائزة الأوسكار عام 1955،أخرجت توى خمسة أفلام استوديو بريطانية ناجحة، ولكن غير ملحوظة وأسهمت فى الحلقة الأكثر إثارة للرعب فى فيلم الرعب الجامع ثلاث حالات قتل (1955)، لكن هذا الظهور الأول يظل أكثر مساهماتها غرابة وروعة فى تاريخ الفيلم البريطاني.
الفيلم الإسبانى «جريمة كوينكا» للمخرجة «بيلار ميرو»، عام 1979 احتل مكانته فى القائمة، ولهذا الفيلم قصة طريفة فقبل يوم واحد من إطلاقه - وهو فيلم لأحد أكثر الشخصيات تأثيرًا ورمزية فى صناعة السينما الإسبانية-  ألغى ترخيصه ومصادرة جميع النسخ، باستثناء نسخة واحدة تم عرضها فى فترة التحول السياسى والاضطرابات فى إسبانيا، حيث كان الفيلم دائمًا مثيرًا للجدل.
تعتمد قصة الفيلم على حقائق تاريخية موثقة حول جريمة قتل راعى أغنام فى عام 1910، يصور فيلم ميرو الاستثنائى ــ بتفاصيل مروعة ــ أفراداً من الحرس المدنى، وهم يعذبون بوحشية الرجلين اللذين اعترفت عليهما أرملة الراعي، من أجل الحصول على اعتراف. وبعد حوالى 16 عامًا، ظهر الراعى حيًا.
 
وألمانيا كان لها أيضا فيلم «الأخوات الألمانيات» للمخرجة
«مارغريت فون تروتا»، عام 1981 تم إهداء الأخوات الألمانيات (المعروفة أيضًا باسم ماريان وجوليان) لأخت جودرون إنسلين، أحد مؤسسى الجماعة اليسارية الألمانية المسلحة «الجيش الأحمر»، إنه قصة ذكية للغاية وعميقة، تدور أحداثها ضد سياسات ألمانيا الغربية أثناء الحرب الباردة.
تخوض الأخت الكبرى المثقفة «جوليان» معاركها السياسية من خلال عملها الصحفي، بينما تختار أختها الصغيرة ماريان التطرف المتشدد مع مجموعة ثورية عنيفة. يحتوى الفيلم على واحد من أكثر المشاهد المؤثرة والبسيطة، التى لا تُنسى فى السينما: جوليان تزور أختها الإرهابية فى السجن، وفى لفتة من المودة تستبدل سترتها الدافئة بسترة أختها الصغيرة المتجمدة.
«الجلد» لـ «ليليانا كافاني»، هو الفيلم الإيطالى فى القائمة وخرج للنور عام1981 وتم الاهتمام به، لأنه تتويج لمسيرة مهنية امتدت لأكثر من 50 عامًا، حيث أنتجت المخرجة الإيطالية ليليانا كافانى العديد من الأفلام عن الحرب العالمية الثانية، بما فى ذلك الأفلام الوثائقية التليفزيونية الرائدة، مثل «تاريخ الرايخ الثالث» (1963-64) و«نساء المقاومة» (1965)، بالإضافة إلى الأفلام المثيرة للجدل. والميزات المعقدة أخلاقياً و «الجلد»
هذا الأخير، مستوحى من رواية كتبها «كورزيو مالابارت» عام 1949، وقام ببطولته الممثلون الملكيون مارسيلو ماستروياني، وكلوديا كاردينالي، وبيرت لانكستر، تدور أحداث الفيلم فى نابولى عام 1944، وهو عبارة عن قصة صريحة ومروعة فى كثير من الأحيان عن تحرير إيطاليا على يد قوات الحلفاء. بالمقارنة مع فيلم «صليب الحديد» (1977) للمخرج «سام بيكينباه» فى نظرته غير العاطفية للحرب، فإن التركيز فى فيلم كافانى أقل على ساحة المعركة، ويركز أكثر على التأثير المدمر للصراع على السكان المدنيين.
ومن السويد يأتى فيلم «الفتاة ذات الذيول» ل»كارين سوانستروم»،فى عام 1926و»سوانستروم» ممثلة سويدية ومخرجة ومديرة تنفيذية لأحد الاستوديوهات فى السويد، وهى التى اكتشفت فى النهاية «إنجريد بيرجمان». يدور الفيلم حول تمرد صغير، حيث تشعر البطلة بالاستياء من معاملتها كإنسان من الدرجة الثانية كونها فتاة، فتحضر حفل تخرج مرتدية بدلة أخيها. تستمتع البطلة بشخصيتها المثيرة الجديدة، وتتحدث عن رأيها وتختبر الحريات الذكورية - السيجار، والمشروبات الكحولية، والرقص مع فتاة. بفضل روح الدعابة الهادئة والإطار الريفى الجميل، ينتهى الفيلم إلى جانب الدقة والوئام الاجتماعي، لكن ليلة البطلة المبهجة التى تكسر فيها القواعد هى التى تجعله لا يُنسى.
 
هولندا فى القائمة مثلها فيلم «سؤال الصمت» للمخرجة مارلين جوريس، والذى عرض عام 1982، وهو الفيلم الأول لها وآثار الكثير من الجدل، خصوصا من قبل  الرجال وقت صدوره ولكنه نادرًا ما يذكره أحد الآن، الفيلم يتناول الفترة التى سبقت وأعقبت القتل غير المبرر لصاحب متجر ذكر على يد ثلاث نساء، لم يكن معروفات لبعضهن البعض من قبل. يتوصل الفيلم إلى فهم القوى السياسية والاجتماعية اللاواعية، على عكس الدوافع التقليدية، التى أدت إلى الحادث أثناء التحقيق الذى تقوده طبيبة نفسية، وفى النهاية، تقف بحزم إلى جانب النساء، وترفض الادعاءات القائلة، بأنهن مجنونات فى مواجهة احتجاجات المؤسسة الضخمة والتأكيدات على أن الجنون يمكن أن يكون التفسير الوحيد لمثل هذا الفعل.
المخرجة تفضل العنف والغضب والصمت والضحك كأدوات لمعالجة النظام الأبوى من منظور أنثوى واضح، وترى أن الحوار التقليدى له مزالقه الأيديولوجية الخاصة به. يظهر الفيلم كذلك أن الشخصيات الذكورية ليس لديها فهم لقوتها الخاصة، ولا كيفية تطبيقها فضلا عن الجهل بها على عكس النساء الواعيات بقدراتهن الذاتية.
أما الصين فتمثل بأكثر من فيلم منها «فتاة البوابة الذهبية» للأمريكية من أصل صينى «إستير إنج»،الذى عرض عام 1941 جلبت إنج (1914-1970) المولودة فى سان فرانسيسكو السينما إلى هونج كونج فى عام 1936 وأصبحت بعد ذلك أول مخرجة فى جنوب الصين. تركز معظم أفلامها الطويلة الأحد عشر، على الحب غير المكتمل وترفض الصور التقليدية للأمهات والزوجات والبنات. مثل معاصرتها فى هوليوود، دوروثى أرزنر لا تقبل  إنج تصور النساء فى الأدوار والمهام المنزلية.
بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، أخرجت فيلم «فتاة البوابة الذهبية» فى سان فرانسيسكو مع المخرج المخضرم مون كوان. تدور أحداث القصة، حول فتاة صينية - أمريكية تقع فى حب نجم أوبرا ضد رغبة ثم تموت وهى تلد ابنة (يلعب دورها الطفل بروس لي)، تُترك الطفلة فى رعاية رجلين، بائع والدها وطباخه، لكنها تصالحت لاحقًا مع جدها المنفصل، خلال عرض لجمع التبرعات لصالح منظمة إغاثة لصالح ضحايا الحرب الصينية.
 
ومن الصين أيضا جاء فيلم «المرأة الشيطانية - البشرية» لهوانغ شوكين،  الذى أنتج عام1987 وهوانج شوكين (مواليد 1939)، إحدى مخرجات أفلام «الجيل الرابع»، اضطرت إلى الانتظار حتى نهاية الثورة الثقافية ليُسمح لها بالإخراج، تم الترحيب بفيلمها كأول فيلم نسوى فى الصين، ويُنظر إلى هوانغ، التى تحظى باحترام كبير فى الصين، على أنها الحلقة الوسطى فى سلالة مرموقة من صانعات الأفلام فى شنغهاي، والدها، هوانج زولين (1906-1994)، الذى كان فى الأصل مخرج مسرح وأوبرا، أخرج أفلامًا بارزة مثل: «الساعات الزائفة»، كما قام ابنها تشنغ داشينغ بتأليف فيلم وثائقى حاز على العديد من الجوائز.
وهى فى أكثر أعمالها ومنها هذا الفيلم تعبر عن محنة امرأة شابة موهوبة بشكل استثنائى (على غرار مغنية الأوبرا الحقيقية باى يانلينج) التى تسعى جاهدة، فى عالم الفن الأدائى الذى يهيمن عليه الرجال، لتحقيق حلمها بالوقوف على المسرح. 
  الفيلم الثالث الذى مثل الصين عنوانه «خارج جسر فينيكس» لـ «لى هونج»، أنتج عام 1997 بدأت الحركة الوثائقية الجديدة على يد وو وينجوانج، ودوان جينتشوان، وجيانغ يوى فى أوائل التسعينيات، حيث جددت الطريقة التى تتعامل بها الكاميرات الصينية مع «الواقع». أعطت لى هونغ لهذه الثورة الهادئة صوتاً أنثوياً قوياً، عندما عاشت عدة شهور فى غرفة صغيرة لا تزيد مساحتها على خزانة مع أربع فتيات من قرية نائية فى مقاطعة هونان أتين إلى بكين، للعمل كبائعات للمكرونة أو خادمات المنازل. واصلت «لي» تصوير لحظات دقيقة من هذه الحياة غير المرئية، وواجهت أفكارها المسبقة وتعلمت، كما قال مخرج الأفلام الوثائقية يوهان فان دير كيوكين عنها إنه: «من الصعب لمس الواقع».
تدريجيًا، تحول تركيزها من الظروف المادية للشابات إلى عواطفهن الحميمة، إلى قصص الضغوط العائلية والفقر الدائم والحب المفقود المخبأ فى الأزقة الخلفية المغطاة بالثلوج لجسر فينيكس البعيد.
 السينما فى جزر المحيط الهندي، بالتحديد المارتنيك كانت حاضرة بفيلم «زقاق قصب السكر» للمخرجة «يوجان بالسي»، وهو إنتاج فرنسي/مارتينيكى مشترك وعرض عام 1983، وتدور قصته فى الثلاثينيات من القرن العشرين، حيث ترغب إحدى الجدات فى مارتينيك فى إنقاذ حفيدها الموهوب «خوسيه» من العمل فى مزارع قصب السكر، الذى يقطع حياته، على الرغم من إلغاء العبودية منذ ما يقرب من 100 عام، فإن النساء والرجال والأطفال يعملون جميعًا فى حقول المزارع. 
 
من خلال اقتباس رواية السيرة الذاتية لجوزيف زوبل الصادرة عام 1950 ، تفعل بالسي، وهى من مواطنى المارتينيك ، بالسينما ما فعله كتاب وأدب إيمى سيزير وإدوارد جليسانت ببراعة وشاعرية: حيث يتجلى فى فيلمها إخراج المارتينيك من الغموض، وإلقاء أضواء باهرة عليها بعد سنوات من الاستعمار. من خلال عيون خوسيه, نرى آثار الوجود الفرنسي، وكيف ينظم الحياة وكيف يمكنه تحديد مصير الفرد ومجتمعه.
اليابان ظهرت بفيلم  «الصدور الأبدية» لتاناكا كينويو، إنتاج 1955. حيث اشتهرت تاناكا كينويو بأنها الممثلة الرئيسية الجذابة فى العديد من أفلام ياسوجيرو أوزو، وميزوغوتشى كينجي، وناروس ميكيو وآخرين، حيث كانت تميل إلى الظهور، على أنها امرأة تعانى من القيود التى يفرضها النظام الأبوى الخانق. مع ذلك فهى أخرجت ستة من أفلامها الخاصة، واحد منها على الأقل، وهو الصدور الأبدية حاز مكانة خاصة جدا فى مسيرة السينما اليابانية، فهو فيلم يستند إلى قصة واقعية، حيث يتتبع فوميكو، وهى أم لطفلين غير راضية عن حياتها، والتى تكتشف متنفسًا من خلال الشعر، وتطلق زوجها الخائن. قبل أن يتم تشخيص إصابتها بسرطان الثدي، وخضعت لعملية استئصال الثدى التى يبدو أنها منحتها ثقة جديدة وفرصًا للحياة، على الأقل لفترة من الوقت. هناك صراحة ومباشرة فى الفيلم، خصوصاً فيما يتعلق بالرغبة الجنسية الأنثوية، الأمر الذى يبدو مبهجًا. فى النهاية، مع اقتراب الموت، تطلق تاناكا العنان لبعض الصور القاتمة والقوية، التى ستطاردك المشاهد لأسابيع بعد مشاهدة الفيلم.
الاتحاد السوفيتى وهو قوة عظمى سينمائيا فى القرن العشرين، تم تمثيله بمجموعة أفلام منها فيلم  «لقاءات قصيرة» لكيرا موراتوفا، الذى انتج عام عام 1967 وهو أول فيلم روائى طويل لموراتوفا) ولمدة 20 عامًا ولم يصل الفيلم إلى الغرب، ولم يعرف جيدا إلا فى عصر البيريسترويكا. ويحكى عن مسئول بلدة يتعرض للمضايقة (موراتوفا نفسها) وفتاة ريفية مترددة تظهر على عتبة بابها سرًا، يتشاركان مشاعر عالم جيولوجى متجول (يلعب دوره أيقونة الغناء وكاتب الأغانى الروسى فلاديمير فيسوتسكي)، لكن لا يمكن لأى منهما أن يجعله يلتزم.
يتلاعب الفيلم بجرأة بالزمن، ويدور ذهابًا وإيابًا بين ذلك الوقت والآن، من بلد إلى آخر، ويتم مراقبة الشخصيات عن كثب بأسلوب الكاميرا العصبى والاستخدام النحتى للضوء. كانت حساسية موراتوفا حزينة للغاية تجاه إملاءات الواقعية الاشتراكية، وكافحت من أجل الحفاظ على مسيرتها المهنية، حتى التسعينيات، حيث تدفقت الأفلام فكان فيلما المواجهة « متلازمة الوهن» (1990) بمثابة صورة محددة لعصر جورباتشوف، حيث تم تصوير الواقع على أنه أكثر جنونًا من الخيال، وكانت موراتوفا تتلاعب باستمرار بتقاليد السينما فى قصصها الإنسانية للغاية.
وهناك أيضا يأتى فيلم «ديسنا المسحورة» للمخرجة «يوليا سولنتسيفا»، والذى عرض عام  1964. يقول النقاد إن هناك القليل من الروائع التى يصعب الوصول إليها، مثل تلك القصيدة المجسمة مقاس 70 ملم التى كتبتها المخرجة والممثلة يوليا سولنتسيفا المولودة فى موسكو (1901-1989)، أرملة «إلكسندر دوفجينكو» العظيم، الذى كرست معظم مسيرتها المهنية فى صناعة الأفلام، بعد أن لعبت الدور الرئيسى فى فيلم «إيليتا» (1924)) لمساعدة زوجها الأوكرانى، ومن ثم تصوير مشاريعه غير المحققة بعد وفاته.
إنها رواية مشتتة ولكن رفيعة عن طفولة دوفجينكو الريفية الفقيرة، حيث يصبح من المستحيل التمييز بين الواقع والخيال أو الملحمة الوجودية، من نوع من الموسيقى التى تحلم بها الصور، إنه رقصة متبادلة تؤديها الطبيعة، والأسرة وغيرها من القضايا المحلية غريبة الأطوار، فى تعاون غامض ودائم، تجلب سولنتسيفا إلى هذه الرقصة استخدامات صامتة ومظللة لألوان الشاشة العريضة والصوت الشامل متعدد الاتجاهات الذى لا يمكن لزوجها إلا أن يحلم به.
 
ثم يأتى من الاتحاد السوفيتى أيضا فيلم «الأجنحة» لـ»لاريسا شيبيتكو»، الذى عرض عام 1966.
فى «الأجنحة»، تعود طيارة مقاتلة إلى الأرض بعد الحرب العالمية الثانية، بعدما لم تعد مطلوبة من قبل الجيش، أصبحت «ناديا» بيتروخينا (مايا بولجاكوفا) مديرة للمدرسة، تحلم ناديا، المقيدة بالحياة المدنية، بحلقة فى السحب، بعالم ساحر من الفضاء والضوء يتناقض مع الواقع الرمادى للبيروقراطية والمسرحيات المدرسية التى تسكنها الدمى الروسية الخشبية.
كصورة لامرأة بكل إحباطها، وقوتها، وقبولها اللا مبالي، وشوقها إلى الحب الضائع - سواء لآلة الطيران أم للرجل - فهى صورة غير مسبوقة من الجمال والتوق للتحقق، كان فيلم «أجنحة» أول فيلم طويل للمخرجة الروسية «لاريسا شيبيتكو» بعد تخرجها فى مدرسة السينما، ويمتزج أسلوبها الواقعى مع التصوير السينمائى الرائع، فاز فيلمها «الصعود» عام 1977 بجائزة الدب الذهبى فى مهرجان برلين السينمائي، قالت عنها الكاتبة « كيت موير»: لو أنها لم تمت فى حادث سيارة وهى فى الأربعين من عمرها، لربما كنا نتحدث عنها بنفس الطريقة التى يتحدث بها معاصروها «أندريه تاركوفسكي» و»إليم كليموف»، الذى أصبح فيما بعد زوجها.

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام