رئيس مجلس الإدارة:
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير:
جمال الكشكي
الأحد 15 يونيو 2025
نحن والعالم
حياة الناس
سوق ومال
فنون وفضائيات
مقالات
ثقافة
فجر الضمير
المزيد
دائرة الحوار
رياضة
الملفات
أرشيف المجلة
أول الأسبوع
منوعات
Business Leaders
نحن والعالم
بين مطرقة الهجرة غير الشرعية وسندان اليمين المتطرف.. «فريدريش ميرز» والتحديات الألمانية
3-6-2025
|
23:15
⢴ رشا عامر
الألمان ينتظرون نتائج ملموسة وسريعة لتهدئة الأوضاع فى بلد يعانى التوترات الاجتماعية والاقتصادية
فى ألمانيا التى تهزها الأزمات المتعددة، يتقدم رجل يقارب طوله المترين إلى دائرة الضوء، إنه فريدريش ميرز، المستشار الألمانى المنتخب حديثا، الذى يجسد أمل التجديد بالنسبة لبعض الناس، لكنه أيضا شخصية مثيرة للانقسام بالنسبة للبعض الآخر، يبلغ من العمر التاسعة والستين، وهو منافس سابق لأنجيلا ميركل، لكنه ورث بلدا ممزقا، حيث تهيمن على مناقشاته الهجرة غير الشرعية، وصعود اليمين المتطرف، فما التحديات التى تنتظر هذا المحافظ المخضرم؟، وهل سيكون قادرا على تلبية توقعات أمة تسعى إلى الاستقرار؟
يشكل السادس من مايو 2025، نقطة تحول بالنسبة لألمانيا، ففى احتفال مهيب انتخب البرلمان الألمانى فريدريش ميرز، خلفا لأولاف شولتز، على رأس ائتلاف هش بين الحزب الديمقراطى المسيحى والحزب الديمقراطى الاجتماعى، حيث لا يوجد أمام ميرز أى مجال للخطأ، فأمامه جدول أعمال مزدحم ينتظره، تهيمن عليه قضيتان رئيسيتان هما الهجرة غير الشرعية، وصعود اليمين المتطرف.
مشكلة الهجرة غير الشرعية تحدٍ إنسانى وسياسى، حيث إنها موضوع ساخن فى ألمانيا منذ أزمة الهجرة عام 2015، حيث رحبت البلاد بمئات الآلاف من طالبى اللجوء، مما أثار جدلاً حاداً خصوصا مع استمرار تدفقات الهجرة اليوم فى الضغط على البنية التحتية، والخدمات العامة فى حين تفاقمت التوترات الاجتماعية، ووعد ميرز المعروف بموقفه الصارم، بتطبيق سياسة صارمة بشأن الهجرة مع مراعاة الجوانب الإنسانية، حيث يخطط لتعزيز الرقابة على الحدود، وتسريع إجراءات اللجوء، لكن يتعين عليه أن يتعامل مع ائتلاف غير متجانس، حيث يدعو الديمقراطيون الاجتماعيون إلى نهج أكثر تقدمية، فهناك العديد من التحديات الملموسة أمام ميرز تحديدا فى قضية المهاجرين، ألا وهى: تكدس مراكز الاستقبال، حيث تشير العديد من المدن إلى نقص الأماكن للوافدين الجدد، التوترات المحلية، حيث اندلعت الاحتجاجات المناهضة للهجرة فى عدة ولايات. التكلفة الاقتصادية، حيث يمثل دمج المهاجرين تحديًا ماليًا كبيرًا.
ولمعالجة هذه التحديات يمكن لميرز أن يستلهم النماذج الإسكندنافية التى تجمع بين سياسات اللجوء الصارمة، وبرامج التكامل الفاعلة، لكن المشكلة أن الوقت ينفد، والألمان ينتظرون نتائج ملموسة وسريعة، لابد أن يقوم بها ميرز لتهدئة الأوضاع فى بلد يعانى من التوترات الاجتماعية والاقتصادية.
ويواجه ميرز موقفا حساسا، حيث إن اتخاذ موقف متشدد للغاية، قد يؤدى إلى تنفير المعتدلين، فى حين أن النهج التصالحى المفرط، قد يؤدى إلى تقوية حزب البديل من أجل ألمانيا، لذلك على ميرز إعادة تركيز المناقشة على الحلول الملموسة مع تجنب المبالغة الخطابية.
أما اليمين المتطرف، الذى يعد تهديدا متزايدا ويجسده حزب البديل من أجل ألمانيا، فيشكل صداعاً آخر لميرز، حيث تكتسب حركة «البديل من أجل ألمانيا» التى صنفتها السلطات على أنها حركة «يمينية متطرفة»، أرضية جديدة، لا سيما فى المناطق الشرقية. ولقد أثار حظر حزب البديل لألمانيا الكثير من الانقسامات، حيث يرى البعض أنه يشكل تهديدا للديمقراطية، فى حين يراه آخرون وسيلة لاحتواء التطرف.
الدعم لأوكرانيا تحت المراقبة
على الصعيد الدولى، أكد ميرز التزامه بدعم أوكرانيا فى مواجهة العدوان الروسى، إذ ستواصل ألمانيا إحدى الدول الداعمة الرئيسية لكييف تقديم الأسلحة والأموال، لكن هذا الالتزام يقسم الرأى العام، حيث يشعر بعض الألمان بالقلق، إزاء تكلفة هذه المساعدات فى سياق وضع اقتصادى متوتر. ولكن لا يمكن لألمانيا التهرب من مسئولياتها، فدعم أوكرانيا يعنى الدفاع عن قيمها، لذلك سيتعين على ميرز أيضًا، أن يتعامل مع مشهد جيوسياسى معقد، يتميز بالتوترات مع روسيا وعدم اليقين فيما يتعلق بالسياسة الأمريكية فى عهد دونالد ترامب.
يسعى ميرز إلى تجسيد قيادة قوية، وأيضا شاملة، فبنيته الجسدية المهيبة وماضيه كمنافس لأنجيلا ميركل، يضعانه فى مركز الاهتمام، لكن قدرته على توحيد بلد منقسم هى التى ستحدد نجاحه، فالألمان الذين سئموا من سنوات الأزمات، مثل الوباء والحرب فى أوكرانيا، والتضخم ينتظرون حلولاً ملموسة، وتعهد ميرز بإنعاش الاقتصاد وتأمين الحدود، واستعادة ثقة المؤسسات، ويعتمد ميرز على التواصل المباشر والإصلاحات المرئية مثل تقليل البيروقراطية للشركات، وتسريع التحول إلى الطاقة المتجددة، وبالتالى إذا تم الوفاء بهذه الوعود، سيمكن إعطاء الأمل للسكان المحبطين، لكن الطريق مليء بالمخاطر، ويعلم ميرز أنه لا يستطيع أن يتحمل ارتكاب أى أخطاء، سواء على مستوى السياسة الداخلية أم الخارجية. فباعتباره زعيم أكبر اقتصاد فى أوروبا، سيلعب ميرز دورا رئيسيا فى مستقبل الاتحاد الأوروبى، وفى مواجهة تحديات مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى والشعبوية المتزايدة، والتوترات التجارية مع الصين، فسوف يتعين على ميرز الدفاع عن المصالح الألمانية، مع تعزيز التماسك الأوروبى، وستتم مراقبة علاقته بشخصيات، مثل أورسولا فون دير لاين وجورجيا ميلونى عن كثب، فهل سينجح فى فرض أسلوبه فى هذا العالم المتنافر؟
دخول مفاجئ
لقد دخل فريدريش ميرز الساحة السياسية الألمانية، فى لحظة محورية بين الهجرة غير الشرعية، وصعود اليمين المتطرف والائتلاف الهش والتوقعات الدولية، وبالتالى فإن ولايته مليئة بالعقبات، ومع ذلك فإن خبرته وتصميمه قد تمكناه من مواجهة هذه التحديات.
ويبقى السؤال الأهم.. هل سيكون ميرز قادرا على توحيد بلد ممزق واستعادة الثقة لدى شعب سئم من الوعود الكاذبة؟ إن مستقبل ألمانيا وربما أوروبا أيضًا يعتمد على ذلك، فالمستشار العاشر لألمانيا الذى يرأس حكومة يمين الوسط فى ائتلاف مع الديمقراطيين الاجتماعيين، من الممكن أن يوفر له السياق الصعب، على نحو متناقض حالة من النعمة فهناك وحدة خلف ميرز، كما يقول كلاوس بيتر سيك المؤرخ فى مركز مارك بلوخ فى برلين، والذى يرى أن هناك وعيا متزايدا فى المجتمع الألمانى بأنهم تحت حصار، فهم محاصرون خارجيا من بوتين من جهة، وترامب من جهة أخرى وداخليًا من الشعبوية من اليسار واليمين، ولذلك يشهد المجتمع الألمانى نوعًا من التعافى فى جميع أنحاء البلاد، ورغبة فى الخروج من هذا الوضع، مما يرسى الوحدة ويتيح فترة سماح للمستشار الجديد.
بحسب هذا الخبير السياسى الألمانى، لن يتمكن فريدريش ميرز فى البداية، إلا من اتباع سياسة رمزية أى التواصل مع ناخبيه، لكى يثبت لهم أن شيئا ما قد تغير، أما فى السياسة الداخلية فقد يتمكن من منح بعض التخفيضات الضريبية للشركات، وفيما يتعلق بقضية الهجرة، التى كانت الشغل الشاغل للألمان، خلال الحملة الانتخابية يعتزم ميرز، جعل عملية لم شمل الأسرة أكثر صعوبة، وعلى الصعيد الاقتصادى وبعد ثلاث سنوات من الركود، سيعمل على رفع مؤشرات القدرة التنافسية الألمانية على المستوى الدولى.
صنع التاريخ
يهدف ميرز إلى إعادة ألمانيا إلى المركز، فهو يريد صناعة التاريخ، فعلى صعيد السياسة الخارجية، وبعد أن خسرت ألمانيا حليفتها القديمة الولايات المتحدة، فإن الأمر يتعلق بإعادة ألمانيا إلى الساحة الأوروبية ولتحقيق هذه الغاية، فقد قام ميرز بزيارته الرسمية الثانية إلى البولنديين، قبل الاجتماع مع جميع الأوروبيين فى كييف لدعم أوكرانيا التى مزقتها الحرب، فهو يسعى لتشكيل جبهة أوروبية مع لندن ووارسو، فالمستشار الألمانى الجديد، وهو من المؤيدين المخلصين للتعاون الأطلنطى، يقوم بانعطافة مذهلة لأنه يعتقد أن الأوروبيين يجب أن يصبحوا مستقلين حقاً عن الولايات المتحدة، فبعد ثلاث سنوات من حكومة شولتز المنقسمة، بشأن القضايا الأوروبية الكبرى، والحذر فى مواجهة الأزمات الدولية، وعد فريدريش ميرز باستعادة الدور القيادى لألمانيا على الساحة العالمية، ويعتبر العودة إلى الاستقرار السياسى فى برلين أمراً ملحاً لتعزيز نفوذ أوروبا فى مواجهة الاضطرابات الجيوسياسية المستمرة، والمتمثل فى تحالف الأمريكيين مع المصالح الروسية فى المفاوضات، بشأن أوكرانيا والحرب التجارية، التى تشنها واشنطن. ويرغب ميرز فى المشاركة مرة أخرى، بشكل نشط فى تحديد السياسة الأوروبية، حيث يرى أن معه سيكون لألمانيا مرة أخرى صوت قوى داخل الاتحاد الأوروبى.
وباعتباره مؤيدا متحمسا لمواصلة دعم أوكرانيا، يريد ميرز إعادة إطلاق العلاقات مع فرنسا، لكنه يعتمد أيضا على بولندا مقتنعًا بأن مركز الثقل فى القارة، تحول نحو الشرق كما أنه يرغب فى الدفاع عن مصالح بلاده فى مواجهة روسيا والصين، بل ومعارضة الولايات المتحدة، إذا لزم الأمر فى ظل سعى أوروبا إلى تحرير نفسها من الوصاية العسكرية لحليف أمريكى، أصبح لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، حيث يدعو المستشار الجديد إلى أوروبا خالية من الولايات المتحدة، ويمثل هذا التحول الإستراتيجى غير المسبوق منذ 80 عاماً تغيراً جذرياً فى السياسة الألمانية والأوروبية، وإن كان فى الوقت نفسه لا يريد أن يبتعد عن دونالد ترامب الذى ينوى أن يلتقيه فى واشنطن.
كلمات بحث
ألمانيا
الهجرة غير الشرعية
فريدريش ميرز
نحن والعالم
رابط دائم
اضف تعليقك
الاسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
الاكثر قراءة
إصرار إسرائيلى لمنع المساعدات والغذاء عن قطاع غزة.. تجويع الفلسطينيين جريمة حرب
يعانون آلام الفقد لذويهم أمام أعينهم.. علاج نفسى لأطفال غزة
مخاوف من اندلاع الحرب الشاملة بحلول 2030.. روسيا والناتو.. هل تكون شرارة الصراع القادم؟
اعلى
< li>
نحن والعالم
< li>
حياة الناس
< li>
سوق ومال
< li>
فنون وفضائيات
< li>
مقالات
< li>
ثقافة
< li>
فجر الضمير
< li>
دائرة الحوار
< li>
رياضة
< li>
الملفات
< li>
أرشيف المجلة
< li>
أول الأسبوع
< li>
منوعات
< li>
Business Leaders
جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام