نحن والعالم



يعانون آلام الفقد لذويهم أمام أعينهم.. علاج نفسى لأطفال غزة

14-6-2025 | 18:47
زينب هاشم

دمار وخراب منقطع النظير، يعانيه شعب فلسطين العائد إلى أرضه باحثا عن أبسط مقومات الحياة سواء من الحاجة للدعم المادى والغذاء أو توفير الوقود والمياه الصالحة للشرب، وكذلك الدعم النفسى لأطفال وكبار عانوا آلام الفقد لذويهم أمام أعينهم، فليس هناك أسرة واحدة إلا وفقدت عزيزا وغاليا عليها، إثر مجازر كبيرة طيلة فترة الحرب، فى "الأهرام العربي" بحثنا عن كيفية دعم العائلات الفلسطينية العائدة إلى بيوتهم المدمرة. 
تحدث معتصم حمادة، مسئول الإعلام المركزى فى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، عن الحلول والخيارات لتقديم يد العون والمساعدة لشعب فلسطين، التى تتعلق بإقامة مؤتمر دولى لإعادة إعمار قطاع غزة يكون مقره بالقاهرة، ويستكمل حديثه قائلا: نحن لا ننظر إلى إعادة إعمار قطاع غزة باعتبارها قضية إنسانية فحسب، بل نراها واجبا وطنيا وسياسيا وأخلاقيا، يلزم كل من له ضمير وإحساس بالواجب الوطنى والقومى والأممى أن يفعل ما عليه من أجل الشروع فى إعادة إعمار القطاع باعتبار ذلك اعترافا صادقاً بالدور البطولى الأسطورى للقطاع، فى صموده وثباته وتماسكه فى مواجهة دولة الغزو والاحتلال الصهيوني.
ويمضى معتصم فى حديثه قائلا: تنقسم مهمات الإعمار إلى أكثر من مرحلة، يهمنا أن نركز فى هذا السياق على مد القطاع بمواد الإغاثة المختلفة دون سقفٍ محدد، بما فى ذلك إعادة بناء وبالسرعة الضرورية، كل منظومات البنية التحتية من كهرباء وماء وطرق ومراكز صحية وإصلاح المستشفيات، وكذلك توفير المساكن المتنقلة، لآلاف العائلات المشردة والنازحة بديلا للخيام، وإلى حين إصلاح المآوى المتضررة جزئيا، والتى يمكن العودة للسكن فيها أيضا إحصاء شامل لعدد العائلات الثكلى التى فقدت معيلها وتبنى مشروعا وطنيا فلسطينيا للإغاثة الدائمة إلى حين توافر مصدر عيش كريم لها يعيد دمجها فى المجتمع ويعفيها عن المساعدات المؤقتة.
إلى جانب إطلاق مشروع وطنى لحصر الأطفال الأيتام الذين فقدوا آباءهم و أمهاتهم أو الوالدين معا وإنشاء مراكز اجتماعية تعنى بهم صحيا وغذائيا واجتماعيا ونفسيا وإعادة إنشائهم جيلا فلسطينيا واحدا من الأجيال التى صنعت البطولة فى غزة، هذا بخلاف نقل حوالى 12 ألف جريح من الحالات الصعبة إلى الخارج لتلقى العلاج فى الدول الشقيقة الصديقة وضمان عودتهم إلى القطاع بعد تماثلهم الى الشفاء.
وعن الجانب الاجتماعى، يقول مسئول الإعلام، إن غزة بحاجة لإطلاق مشروعات اجتماعية لذوى الحالات الخاصة التى أسفر عنها العدوان والغزو الإسرائيلى والعمل على إعادة إدماجهم فى المجتمع. ويستكمل حديثه قائلا: أما الأمر المهم بالنسبة لنا فهو إعادة إعمار كل القطاع ليستعيد حياته، وفى هذا السياق نرشح القاهرة لتكون مكانا لعقد مؤتمر دولى يشارك فيه أكبر عدد من الدول والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى والاتحاد الأوروبي، وعموم المنظمات الدولية ذات الصلة مثل اليونيسف والتنمية العالمية والغذاء العالمى والصحة العالمية وغيرها، يطلق مشروعا متكاملا لإعادة الإعمار وإنهاء آثار الحرب الهمجية فى الإنسان والبنية الحضارية والتحتية.
أما بشأن المشروع الذى أعلن عنه الرئيس الأمريكى ترامب لتهجير سكان القطاع بذريعة إعماره وإقامة ناطحات سحاب فيه فإنه بالنسبة لنا مثير للسخرية والاشمئزاز لما فيه من استخفاف بعقولنا ومحاولة لتجريعنا سم شطب القضية الفلسطينية ممزوجاً بالعسل، لأن طموح شعبنا اللاجئ فى قطاع غزة ليس فيه السكن فى ناطحات سحاب شرط أن يتخلى عن حقه فى العودة، بل إن طموحنا وفى العودة إلى ديارنا وأملاكنا وقرانا وأحيائنا فى فلسطين.
ويضيف: وفى هذا السياق نرحب فى البيان الصادر فى 26 يناير 2025 من الخارجية المصرية، والذى حدد الثوابت والمحددات لتسوية القضية الفلسطينية، بما يكفل الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطينى غير القابلة للتصرف، وندعو ليشكل هذا البيان أساسا لتحرك الدول العربية من خلال الجامعة، وترجمته لطرح الموضوع على المجتمع الدولي، كما نرحب بالبيان الصادر عن اجتماع المجموعة العربية فى القاهرة فى الأول من فبراير الماضى، الذى استند فى معظمه إلى بيان الخارجية المصرية، وندعو إلى وضع آلية عربية لترجمة هذا البيان فى خطوات عملية.
أما ما طرحه ترامب من مشروع لإعادة قطاع غزة فإنه لا يعبر سوى عن عقلية رجل لا يرى فى الأوطان إلا عقارات ولا يرى فى الشعوب سوى أرقام لجماعات متخلفة، لا تستحق سوى أن تعيش تحت هيمنة الرجل الأمريكى الأبيض.
ويلتقط أطراف الحديث، د. خليل دقران المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى ومن المتحدثين باسم وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، قائلا: بالنسبة لدعم البيوت المدمرة، ودعم العائدين إلى قطاع غزة الذين صمدوا وثبتوا 470 يوما من حرب الإبادة ولم يستسلموا، ولم يرفعوا الراية البيضاء، فإن هذا الشعب وهـؤلاء السكان يستحقون منا كل الدعم والتقدير، ويجب على العالم أجمع وجميع المنظمات الدولية القيام بدعم هؤلاء السكان وتقديم لهم المساعدات من كرفانات وخيام كى تؤويهم بشكل مؤقت للبدء فى عملية الإعمار، كذلك تقديم يد العون لجميع السكان فى قطاع غزة وخصوصا فى إعادة ترميم بيوتهم وإنشاء البيوت المدمرة خلال فترة حرب الإبادة وهم محتاجون إلى المساعدات الإنسانية من أدوية ومستلزمات طبية وملابس تقيهم برد الشتاء وحر الصيف، وكذلك تقديم المساعدات بشكل فورى لاسيما وأن معظم السكان فى قطاع غزة بحاجة للوقود والمياه الصالحة للشرب والمواد الغذائية والمأوى لذلك لابد من حراك من العالم لمساعدتهم. 
ويمضى دقران فى حديثه، قائلا: وبالنسبة للمصابين وخصوصا الإصابات البالغة التى وصل أعدادها لأكثر من 111 ألف مصاب بترت أطرافهم، ومن الأطفال نحو 4 آلاف طفل بترت أطرافهم العلوية والسفلية وهم بحاجة الى أطراف صناعية، لذلك أيضا لابد من دعم هؤلاء الأطفال وجميع المعاقين الذين تسبب جيش الاحتلال فى بتر أطرافهم، وإمدادهم بالعكاكيز والأطراف الصناعية، ومن ناحية أخرى قطاع غزة بحاجة لدعم نفسى كبير، فكيف نتصور بأن العالم المتقدم تكالب على بقعة صغيرة وهى أرض فلسطين خصوصا قطاع غزة الذى يشكل 1.1 %من مساحة دولة فلسطين.
ويضيف: هذه المساحة تكالبت عليها طائرات وبوارج حربية أمريكية وتم استهداف الأخضر واليابس، وبرغم أن معنوياتهم عالية الآن، إلا أن هناك العديد من الحالات مضطربة نفسيا، لذلك فهم بحاجة لعلاج نفسى مكثف، كذلك لدينا حالات من المصابين والمرضى نحو 25 ألف مريض بحاجة للعلاج بالخارج، لذلك لابد من فتح المعابر وتحويل الحالات للعلاج بالخارج واليوم الشقيقة مصر مشكورة قامت بإدخال 50 حالة من بين المصابين فى قطاع غزة، ومازلنا فى حاجة لخروج أضعاف هذا الرقم. 
وعن العلاج النفسى لكثير من الحالات فى قطاع غزة, يتحدث عالم النفس والاجتماع المغربى د.عبد الجبار شكرى، قائلا: الدعم النفسى لابد وأن يقدم لهؤلاء الفلسطينيين بشكل كامل من خلال الاستعانة بأطباء نفسيين للأسر الفلسطينية، وذلك من أجل التخفيف من معاناة فراق أحباء باتوا بين الشهداء خصوصا وأن الأماكن المدمرة الآن تذكرهم بمن فقدوهم، بالإضافة إلى ذلك هناك أطفال شاهدوا مباشرة أنواع القتل والموت بجانب ما عاشوه من أهوال أطول حرب بين العرب وإسرائيل، لذلك لابد من التحرك السريع للدعم الإغاثى للأسر الفلسطينية فى غزة، خصوصا أنه ما زال هناك جرحى ومعاقون يحتاجون إلى الدعم الطبى، وبحاجة للاستشارات الطبية وتقديم الأدوية، وكذلك الدعم النفسى الضرورى لما خلفته الحرب من إعاقات نفسية وندوب خطيرة، نتيجة المشاهد المروعة أثناء الحرب التى تعرضت لها عائلات.
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام