سوق ومال



المنطقة العربية تتسابق لزيادة حصتها من تلك الكعكة.. الصادرات الرقمية الاستثمار الأمثل

14-6-2025 | 20:19
سلوى سيد

مصر تستهدف الوصول بصادراتها الرقمية إلى 8 مليارات دولار فى العام المالى المقبل
 
حجم سوق تقنية المعلومات فى السعودية تجاوز 91 مليار ريال.. ونسبة المحتوى المحلى فى قطاع التقنية ٪28
 
الإمارات ضمن أكبر مصدرى الخدمات الرقمية عالمياً خلال السنوات الماضية
 
المغرب تخطط لزيادة صادراتها الرقمية إلى 4 مليارات دولار ومضاعفة فرص العمل المتاحة لأكثر من 270 ألفاً
 
عدد الوظائف فى القطاع الرقمى فى الأردن ارتفع من 20 ألف وظيفة عام 2018 إلى ما يقارب 45 ألفا حاليا
 
د. عز الدين حسانين: الطريق ممهد لمصر للدخول بقوة فى الصادرات العالمية الرقمية
 
د. محمد راشد: مصر تستهدف أن تكون مركزاً لصناعة التعهيد عالمياً
 
تسعى الدول العربية إلى تحسين مكانتها فى القطاع الرقمى وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث توجه إستراتيجياتها لزيادة صادراتها الرقمية إلى دول العالم، وتستهدف مصر الوصول بقيمة صادراتها الرقمية والتكنولوجية إلى 8 مليارات دولار فى العام المالى المقبل، كما تضع السعودية والإمارات والمغرب والأردن، جهوداً كبرى لإثبات قدراتهم ومنافسة الكبار فى تلك الصناعة حول العالم، العالم فى ظل منافسة شرسة ما بين الدول الرائدة فى هذا القطاع (الولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند، سنغافورة، فرنسا، اليابان) وتشير التقديرات إلى نمو كبير لصادرات الخدمات الرقمية.
«الأهرام العربى»، ترصد واقع الصادرات الرقمية فى المنطقة العربية وفرص زيادة حصتها من الكعكة فى أسواق العالم.
 
تستهدف مصر زيادة عدد كل من العاملين بصناعة التعهيد والمهنيين المستقلين، للوصول إلى 550 ألف متخصص، يصدرون خدمات رقمية بقيمة 8 مليارات دولار فى عام 2026، وأعلن وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عمرو طلعت، أخيرا عن خطوات تحقيق ذلك من خلال تعزيز البنية التحتية، مع توفير خدمات الموارد البشرية وخدمات مراكز الاتصال، كما تتضمن خدمات تطوير البرمجيات والدعم الفنى، والنظم المدمجة وتصميم الإلكترونيات، تصميم الدوائر الإلكترونية. وأوضح طلعت أنه تم توقيع اتفاقيات مع 74 شركة عالمية، ومحلية لتعيين 60 ألف متخصص فى التعهيد منذ نوفمبر 2022، منها أكثر من 20 شركة، تستثمر لأول مرة فى مصر، فيما تتوسع الشركات الأخرى فى أعمالها بمصر.
وأوضح وزير الاتصالات، أن هناك خطة عمل حكومية لتنمية القدرات الرقمية للشباب لتأهيلهم للعمل فى صناعة التعهيد، من خلال برامج تستهدف جميع الشرائح العمرية، والخلفيات العلمية، سواء من خريجى التخصصات التكنولوجية، أم غير التكنولوجية، ففى إطار إستراتيجية الوزارة لبناء القدرات الرقمية، فقد تم زيادة ميزانية التدريب خلال 9 سنوات بنحو 50 ضعفاً، فيما زاد أعداد المتدربين بنحو 150 ضعفا، لترتفع من 2600 متدرب بميزانية 32.5 مليون جنيه، فى العام المالى 2014-2015 إلى 400 ألف، متدرب، بميزانية 1.7 مليار جنيه فى العام 2024.
يعد سوق الاتصالات وتقنية المعلومات السعودى، سوقًا كبيرًا يحقق نموًا ملحوظًا، حيث تجاوز حجم سوق تقنية المعلومات 91 مليار ريال سعودى، وشكلت الزيادة فى عدد الشركات الريادية الرقمية ٪13 فيما تجاوزت نسبة المحتوى المحلى فى قطاع التقنية ٪28، لذلك تسعى "الصادرات السعودية"، لتشجيع الشركات السعودية فى قطاع الخدمات التقنية للنفاذ للأسواق الدولية، حيث أطلقت علامة "تقنية سعودية" كعلامة فرعية منبثقة من "صناعة سعودية"، ضمن إطار برنامج "صنع فى السعودية"، بهدف دعم المنتجات والشركات التقنية الوطنية على توسيع نطاق وصولها والترويج لها محليًا وعالميًا، وبلغ عدد الشركات التقنية الوطنية المسجلة أكثر من 54 شركة، مما يسهم بتعزيز مكانة الشركات والمنتجات التقنية السعودية، وزيادة نسبة صادرات المنتجات التقنية فى أسواق التصدير ذات الأولوية، إلى جانب إشراك القطاع الخاص، من خلال منح العضوية لأكبر الشركات التقنية الوطنية.
وقد صنفت دولة الإمارات، ضمن أكبر مُصدِرى الخدمات الرقمية على المستوى العالمى خلال السنوات الخمس الماضية (2019-2023)، بحسب تقرير حديث أصدرته منظمة التجارة العالمية، وبلغ مجموع صادرات الخدمات الرقمية لدولة الإمارات فى السنوات الـ 5 الماضية، 193 مليار دولار، لتحتل المركز الـ21 عالمياً والأولى عربياً ضمن أكبر 30 دولة رائدة فى صادرات الخدمات الرقمية، وأظهر التقرير تصدر الولايات المتحدة الأمريكية التصنيف العالمى، بـ2.88 تريليون دولار، ثم حلت ثانياً المملكة المتحدة بـ1.78 تريليون دولار، إيرلندا ثالثاً بـ 1.33 تريليون دولار، ثم جاءت ألمانيا رابعاً بـ1.12 تريليون دولار، الهند خامساً بـ917 مليار دولار، الصين سادساً بـ 851 مليار دولار، هولندا سابعاً بـ 836 مليار دولار، سنغافورة ثامناً بـ 746 مليار دولار، فرنسا تاسعاً بـ731 مليار دولار، لوكسمبورغ عاشراً بـ 571 مليار دولار، اليابان فى المركز الـ11 بقيمة 557 مليار دولار، ثم سويسرا بـ 483 مليار دولار، بلجيكا 391 مليار دولار، كندا 360 مليار دولار، السويد 295 مليار دولار، إيطاليا 259 مليار دولار.
وتولى دولة المغرب اهتماماً بمفهوم أوسع بالرقمنة من خلال إستراتيجية تحمل اسم "المغرب الرقمى 2030"، تركز هذه الإستراتيجية على تطوير شامل على عدة مستويات، من بينها قطاع خدمات التعهيد وحشد التمويلات لفائدة الشركات الناشئة، وتوفر المملكة الخدمات السحابية باستقطاب شركات التكنولوجيا العالمية، ودعم شبكة الإنترنت عبر الألياف البصرية وإدخال الجيل الخامس، ويقدم المغرب خدمات التصدير الرقمى من قبل شركات تكنولوجية مغربية إلى عملاء أجانب، وتشمل مجموعة واسعة من الأنشطة، بما فى ذلك تطوير البرمجيات، إدارة أنظمة الحاسوب، إنشاء الشبكات، أمن نظم المعلومات، الأمن السيبرانى، الابتكار التكنولوجى، بالإضافة إلى الاستشارات التكنولوجية، تكامل الأنظمة، الصيانة الحاسوبية والدعم التقنى.
فى قطاع خدمات التعهيد، تستهدف البلاد زيادة صادراته بنسبة ٪123 لتصل إلى 4 مليارات دولار، ومضاعفة فرص العمل المتاحة فى هذا القطاع لأكثر من 270 ألفاً بحلول نهاية العقد، وتعهدت الحكومة فى هذا الصدد باعتماد تحفيزات مالية، وضريبية لفائدة الشركات المشتغلة فى هذا القطاع.
وتوفر دولة الأردن نظام إعفاء ضريبى، على أرباح الصادرات من الخدمات الرقمية، إيماناً منها بأهمية هذا القطاع المهم، حيث ارتفع عدد الوظائف فى القطاع الرقمى فى الأردن من نحو 20 ألف وظيفة فى عام 2018 إلى ما يقارب 45 ألفا حاليا، كما أن عدد الشركات العاملة بالقطاع يبلغ 612، وحجم الاستثمار الكلى 258 مليون دينار، يتوزع على 176 مليون دينار استثمار محلى، و82 مليون دينار استثمار أجنبى.
ووضعت مملكة الأردن، رؤية التحديث الاقتصادى أهدافا طموحة لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التى يجب تحقيقها بحلول عام 2033، حيث تشمل زيادة إيرادات القطاع من 0.9 مليار دينار، عام 2021 إلى 3.9 مليار دينار بحلول عام 2033، وزيادة التوظيف فى القطاع من 24.7 ألف فى 2021 إلى 101 ألف بحلول عام 2033، ورفع صادرات القطاع من 200 مليون دينار، فى 2021 لتصل إلى 4.5 مليار دينار، بحلول عام 2033.
تعتبر صناعة التعهيد فى مصر، من أهم القطاعات التى تسهم فى تحقيق مستهدفات الدولة فى زيادة الصادرات الرقمية، وتنمية الاقتصاد التكنولوجى والرقمى، وتوفير فرص العمل وخلق كفاءات بشرية تكنولوجية جديدة، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والاندماج العالمى الرقمى، لما نتمتع به من بعض المزايا التنافسية التى تؤهل مصر للدخول إلى هذه الأسواق، وفقا لما أكده الدكتور محمد راشد أستاذ الاقتصاد بجامعة بنى سويف، وأضاف: مصر لديها الإمكانيات الكاملة لرفع صادراتها الرقمية خلال السنوات المقبلة لأضعاف ما هى عليه الآن، نتيجة حجم الاستثمارات الهائل الموجه لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات العام تلو الآخر، وتركيز الدولة على تهيئة البنية التحتية الرقمية خلال السنوات العشر الماضية.
وأوضح راشد أن مصر تولى اهتماما خاصا بصناعة التعهيد، وتعتبر إحدى الركائز الأساسية التى تعتمد عليها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتعتبر ركن زاوية أساسيا فى إستراتيجية وزارة الاتصالات خلال الفترة المقبلة، خصوصا أن صناعة التعهيد تلعب دوراً كبيراً فى توفير قيمة مضافة، لما توفره من فرص عمل لقطاع كبير من الشباب، وتستهدف مصر أن تكون مركزاً لصناعة التعهيد عالمياً، مما يساعد فى زيادة صادرات مصر الرقمية بشكل كبير، وينعكس على تحسين سعر الصرف بالتحديد.
وشدد راشد على الإمكانيات البشرية المصرية، التى تؤهلها لأخذ مكانة متميزة فى صناعة التعهيد، والاستفادة من الكليات والمعاهد المتخصصة فى تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعى على مستوى مصر، كما لفت النظر إلى التشريعات القانونية التى أصدرتها مصر خلال العشرين سنة الماضية، ومنها قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، وقانون مكافحة جرائم تكنولوجيا المعلومات، وقانون الاستثمار الصادر عام 2017، وقانون حماية الملكية الفكرية الصادر عام 2002، وغيرها من القوانين التى هيأت المناخ بشكل أساسى لجذب استثمارات أجنبية للعمل فى مصر، فى مجال الإنتاج الرقمى وخدمات التعهيد.
من جهته، ثمن الخبير الاقتصادى الدكتور عز الدين حسانين، توجه مصر نحو زيادة صادراتها الرقمية للاستفادة من فرص النمو، التى يشهدها هذا القطاع عالميا، وأكد حسانين أن حجم الصناعة الرقمية فى العالم يشهد نموا كبيرا فى ظل تحول غالبية الدول، نحو الرقمنة كركيزة اساسية لتحقيق التنمية المستدامة، وأضاف : السوق العالمى واعد وبه فجوات إنتاجية وتصديرية كبيرة، وتستطيع مصر أن تدخل لهذا السوق مبكراً إذا ما تم الأخذ بالأسباب، كما فعلت دول جنوب شرق آسيا، خصوصا الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وفيتنام، وتابع : الدول الآسيوية ودول المحيط الهندى تستحوذ على ٪37، من الصناعات الرقمية الذكية فى العالم، ولا شك أن مصر تستطيع أن تلحق بهذه الدول من خلال الشراكات الدولية مع بعض رواد الأعمال فى هذه الصناعات، وإنشاء منطقة تكنولوجية عالية الذكاء بالبرمجيات الحديثة، والذكاء الاصطناعى، كما فعلت الهند وأنشأت وادى البنجالور فى مدينة بنجلور والذى أصبح وادى السيليكون فى الهند على غرار، وادى السيليكون فى ستانفورد بالولايات المتحدة المتخصص فى صناعة البرمجيات.
وأشار إلى أن مصر تستطيع أن تحاكى ما تم بالهند، وما تم بالولايات المتحدة الأمريكية، من خلال ابتعاث طلبة مصريين للتعليم فى جامعة ستانفورد الأمريكية وإلى الهند، للتدريب على أحدث الصناعات البرمجية فى «وادى البنجالور»، مع إقامة تبادل ثقافى وتجارى وصناعى مع وادى البنجالور الهندى، مستفيدين من العلاقات المصرية - الهندية الطيبة الآن، وكذلك تطوير البنية التحتية من شبكات الإنترنت، وتوسيع نطاقها الجغرافى، وفتح أقسام فى كليات الهندسة والإدارة فى جميع جامعات مصر الحكومية، تقوم على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى والبرمجيات وصناعتها، وصناعة الروبوتات، كما أشار إلى نجاح جهود وزارات الاتصالات والتعاون الدولى، والمالية مع البنك المركزى، لتسهيل إجراءات إنشاء شركات تكنولوجيا المعلومات من رواد الأعمال المصريين، وتسهيل إجراءات الاستحواذ والاندماج بين الشركات العالمية مع الشركات المصرية، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتخصصة فى البرمجيات والذكاء الاصطناعى والروبوتات وتقديم الإعفاءات الضريبية والجمركية على منتجاتها ومكوناتها
وتابع, قائلا: لاشك أن الحكومة قدمت عدداً من المبادرات الجيدة لتحقيق أهدافها من الصناعة الرقمية والتعهيد، ومن هذه المبادرات مبادرة "مصر تصنع تكنولوجيا"، التى تتضمن إنشاء منطقة تكنولوجية فى العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع تنمية مهارات تكنولوجيا المعلومات، وفى نفس الوقت لا يمكن تجاهل التحديات التى تواجه هذه الصناعة فى مصر وهى المنافسة الشديدة فى هذه السوق، من الدول الآسيوية التى تستحوذ على أكثر من ثلث السوق العالمى، ونقص الكفاءات المتخصصة التى تستطيع ابتكار الأحدث من الموجود حالياً على الساحة، فلا يوجد منتج تنافسى مصرى نطلق عليه عالميا وله طلب دولى، وهو الأمر الذى يجب أن يكون على رأس أولويات الحكومة المصرية ومراكز البحث العلمى فى مصر.
وتطرق حسانين إلى المقومات التى تتمتع بها مصر فى هذا القطاع، قائلا: مصر لديها المقومات التى تؤهلها لأن تساير الدول الرائدة فى هذا القطاع، فلدينا قاعدة شبابية كبيرة تتمتع بمهارات تقنية وتكليف عمالة رخيصة، مقارنة بالعديد من الدول بالعالم، وسعر صرف مناسب لجذب الاستثمارات الأجنبية، ومناخ جاذب ومستقر سياسياً وأمنياً، كما تأتى أهمية هذه الصناعة لمصر فى كونها مصدرا جديدا من مصادر الدخل للعملات الأجنبية، وخلق فرص عمل جديدة، وتأهيل المجتمع للتحول الرقمى والاندماج فى العالم ثقافياً فى التعاملات الرقمية واستخدام التكنولوجيا الرقمية، فالعالم يتجه نحو الصيرفة الرقمية والعملات الرقمية، والروبوتات التى تغزو كل مناحى الحياة اليومية، ولا بد لنا من التكيف للتعامل مع هذه المستجدات العالمية الجديدة.
وأشار إلى أن الأزمات العالمية التى اجتاحت العالم أخيرا مثل جائحة كورونا التى احتجزت العالم داخل غرفهم فى منازلهم، وتوقفت مناحى الحياة، وكان المنقذ الوحيد للعالم فى هذه الأوقات هو الرقمنة والتعامل الرقمى بين الأفراد والشركات والبنوك والمؤسسات، لذا اتجهت مصر للاهتمام بالتحول الرقمى، استعداداً لأى من هذه المخاطر الوارد حدوثها فى أى وقت مرة أخري، ولا شك أن توجه الحكومة والدولة المصرية للتعهيد والبرمجيات والذكاء الاصطناعى، يعزز من مكانة مصر الدولية ودمجها مع الاقتصاد العالمى الرقمى، ويسهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التى تعتمد الآن على الرقمنة فى عملياتها التشغيلية، وبالتالى سنجد أن اهتمام الدولة المصرية بالصناعة والتصدير الرقمى، سيحقق العديد من المنافع لمصر محلياً بتنويع مصادر الدخل من العملات الأجنبية، والتشغيل ورفع الكفاءات البشرية، والتنمية المستدامة، ودولياً من خلال الاندماج مع العالم الرقمى دولياً.
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام