فجر الضمير



سميحة خريس.. تجربة مضيئة

14-6-2025 | 20:43
أعد الملف - السيد حسين

أكتب كوسيلة إضافية أتنفس عبرها وليسمع أحد ما صوتى
 
الساحة الأردنية الثقافية مظلومة بإعلام غير فاعل
 
القصة فن مخيف لا يجدر الاقتراب منه دون اكتمال أدواته
 
الكتابة خطوة نحو التغيير ولو على الورق
 
تقول الكاتبة والروائية الأردنية سميحة خريس، إن الكتابة تمنحنا فرصة التحليق وصياغة العالم على ما نحب ونشتهى، بالتالى تعالج أوجاعنا، وتعوض الخسارات، وتدربنا على احتمال قسوة الحياة ونبذها، وتقصيرها فى منحنا السعادة، وتجعلنا أكثر صلابة فى مواجهة ما يحيط بنا من اغتراب حقيقى.
منذ بدأت فى تقديم منجزها على الساحة الأدبية تحاول إبراز اختلافها، وقد نجحت فى هذا، فقدمت مشروعات سردية ناضجة لها خصوصيتها وحساسيتها، مشيرة إلى أنه كلما انفتحت الأبواب وتعددت المعارف والاهتمامات، كلما تمكنت المرأة من تقديم أفضل ما لديها.
 
> يقول «ماركيز»: أنا أكتب حتى يحبنى الناس وأكسب الكثير من الأصدقاء سميحة خريس لماذا تكتب؟
أكتب كوسيلة إضافية أتنفس عبرها، أكتب ليسمع أحد ما صوتى، لأضيف بقعة حبر زاهية فى كتاب العالم الكبير الذى نتشارك فى كتابته، كى أمسك بالزمن وبالحياة التى أعرفها قبل أن تنفلت وتتبدد، أكتب لأن الكتابة قدرى، بالطبع يمكن أن تعجبنى محبة الناس وكثرة الأصدقاء، لكن  الكتابة أيضاً تهيئ لنا من يكرهنا، وهؤلاء لن نكون فى مرمى اهتماماتهم لو لم نكتب، وقد تقود الكتابة إلى خسارة الأصدقاء، وأظن ماركيز يقولها نصف مازح، إذ لا بد أنه يعرف الضريبة التى يدفعها الكاتب من رصيده بين الأصدقاء، وإن كان على صعيد أخر يكسب شريحة واسعة من أصدقاء ومحبين قد لا يقابلهم ولا يعرفهم، هى معادلة ظلمة للكاتب.
 
> المشهد الثقافى فى الأردن يشكو التراجع كيف ترين الوضع القائم؟، وما قراءتك لهذا المشهد الأدبى؟
لا أوافقك الرأى بأن المشهد فى تراجع، الواقع أن وسائل التواصل بين المثقف العربى، والمشهد الأردنى الضعيف فى إعلامه هو الذى يتراجع، فى مرحلة سابقة، ربما فى العشرين عامًا الماضية حظى بعض المبدعين الأردنيين بالانتشار عربياً ومثلوا فى نظر القارئ العربى المشهد الأردنى، لكن فى السنوات الأخيرة  تعرضت المنطقة العربية كلها إلى هزات سياسية واقتصادية أدت إلى انصراف كل إقليم إلى قوقعته الخاصة، لم نعد نعرف كثيراً عن نتاج بعضنا البعض، وعدم معرفتنا لا تعنى بالضرورة أن مشهداً ما فى مكان محدد لم نطلع عليه ليس موجوداً ونامياً، فى الأردن اليوم حركة شبابية لافتة، كتاب يحاولون ويغايرون ويجددون، لكن وسيلتهم فى الوصول إلى القراء العرب لم تكتمل بعد، ولا تنسى أن الظروف العامة، الحروب والأوبئة أدت إلى تراجع إمكانية لقاءاتنا التى كانت توفرها المؤتمرات والندوات، بات من العسير أن نطلع على تجارب بعضنا، ومن هذه الناحية أرى أن الساحة الأردنية مظلومة بإعلام غير فاعل. 
 
> ولدت فى عمان، ثم درست المرحلة الابتدائية فى قطر، ثم انتقلت إلى السودان وهناك أتمّمت دراستك الثانوية، ثم تخرجت فى جامعة القاهرة، كيف أفادتك تلك العوالم المختلفة إبداعيًا وإنسانيًا؟
كلما أتيح لأى إنسان فرصة للسفر والاطلاع على عوالم جديدة خارج محدودية عالمه كلما تمكن من توسيع معارفه وخيالاته، وامتلك مرونة فى فهم العالم، وقدرة على اكتشاف الاختلافات والتشابهات، وهذا ما منحتنى إياه تلك الحياة الحافلة، منذ أول اغتراب حين خرجت وأنا فى الصف الأول الابتدائى من مدرسة كل طالباتها متشابهات حد التطابق فى الشكل والطبقة الاجتماعية واللغة والدين والتقاليد والعادات إلى مدرسة على شواطئ الدوحة كل طالباتها مختلفات عرقاً وطبقة ولهجة وتقاليد، كان ذلك درسا بليغا لطفلة صغيرة، وأتذكر كم كنا فى تلك السن الصغيرة قادرات على إزاحة الحواجز والتفاهم، حتى أننا طورنا ما يشبه اللهجة البديلة التى يمكن أن نفهمها جميعنا، تلك أول دروس قراءة الشخصية المغايرة التى أعانتنى حين كتبت الرواية، كما كانت نصب عينى دائماً فى الحياة، علمتنى أننا مهما اختلفنا فنحن فى نهاية الأمر ننتسب إلى البشرية بأحلامها وأوجاعها. 
 
> كيف تبدئين بكتابة رواية؟ وأين أنت من القصة القصيرة الآن؟
رغم أنى أزعم أننى أخطط حين كتابة الرواية، فإن البدايات عادة ما تومض كشهاب يخترق فضاءً، تأتى فكرة أو لنقل خيطاً رفيعاً دون مقدمات ثم أواصل التفكير فيه لتولد الشخصيات وتتشكل الحكاية، أبحث وأدرس وأنحت فى الصخر كى تستقيم الرواية، لكن هذا لا يحدث دائماً على هذا النحو، أحياناً أصطدم بحكاية ما أو بشخصية وأبنى معمارى حولها وفيها، كما حدث فى رواية يحيى، أو رواية القرمية، فى أحيان أخرى أكون مسكونة بهم محدد أو بفكرة تلح علىّ، فأبنى عليها حكايتى وروايتى، تختلف البدايات والدوافع، لكن إذا ما تعرضت لأى من تلك المؤشرات على وجود رواية تراودنى، ولم أقم بالتخطيط والتفكير فإن العمل يجهض ولا يولد أبداً، أنا أخاف من الكتابة منساقة وراء انفعال ما دون تفعيل جانب إدارة الكتابة.
أما عن القصة القصيرة فأقول إنها فن قائم بذاته، وقد يقاطعنى وأنا أكتب الرواية، فتظهر أمامى مشاهد قصصية متكاملة، ولكنها غير قادرة على الانخراط فى نسيج الرواية التى أكتبها. 
 
> حدثينا عن روايتك الأخيرة «كايميرا 19» والتى تدور أحدثها بين مدينتى عمان ومادبا وفى مدن غربية عدة؟
«كايميرا 19» هى رواية هذا الزمان، رواية الخوف من توحش الإنسان، وضياع كل مكتسباته، رواية تشير إلى الصراع الذى نشأ بين الإنسان وقيمه، وهى رواية تحاول أن تنبه الناس إلى أن ما يحدث من انهيار أخلاقى وقيمى وفكرى، لا يقل بأى حال من الأحوال خطراً على البشرية من خطر وباء وجائحة كورونا التى أصابت البشر على كل بقعة من الأرض، وإذا كان المكان الذى تدور فيه الأحداث الأردن، فهذا ليس إلا نموذجاً، إذ تصلح للتطبيق على كل مدينة عربية فى وقتنا الراهن، هى رؤية سوداوية، وهذا ليس معتاداً عندى، لكن لفرط بشاعة الواقع، أرى أن تكون صيحة التنبيه حادة وعالية، وإن كان لا بد أن أشير على الصعيد الشخصى، وبرغم كل الهزائم العامة والخاصة ما زلت أتشبث بأهداب الحلم والتمنى والشعور بأن غدا أجمل لا بد قادم. 
 
> فى الرواية نوع من التماهى بين «كايميرا 19» و«كورونا» وإن كان بعيدًا عن الحكايات المركزية، لماذا؟
كنت أكتب الرواية حين وقعت جائحة كورونا، ولم أر فرقاً كبيراً بين الحالة الشائهة التى أحاول توصيفها، وبين ما عشته من افتراس الوباء للعالم وخلخلته للحياة التى كانت تبدو واعدة، لكن جمرها يشتعل تحت ذلك الغطاء الحضارى الزائف، البطل يتحرك زمنياً فى زمن كورونا، وينكشف فى الفصل الأخير، مستذئباً يعوى على شرفة تطل على بحر ميت، تلك هى الحكاية المركزية، الحال على ما هو عليه، وان بدا لنا أن الوباء تراجع، فهو كامن فى زوايا خفية يجدر بنا الانتباه إليها، فى حكايات الناس الذى راحوا يعلنون انحيازهم للشر دون وازع، الحياة التى نعرفها مبنية على قوانين ناظمة، وأخلاقيات وأحلام مشروعة لم تعد هذه التى نعيشها، الأخلاقيات تتراجع والقوانين تضعف لصالح الفوضى والأحلام تنطفئ. 
 
> شخصيات الرواية «أوس، وحمدان، وكاظم، ورستم، وتونى، وجهاد، وحيدر، وكايد وغيرهم كم اقتربت من الواقع؟
شخصيات الرواية كانت تدور فى فلك الشخصية الرئيسة لا حول لها ولا قوة، هى شخصيات عابرة، ذلك أننى أجريت السرد على لسان البطل، وقد نصحنى صديق بأن أترك مجالاً لسواه ليحكى الحكاية من وجهة نظره، وتفكرت بالأمر، لكنى وجدته يخرق طبيعة البطل الرئيسى «أوس»، ذلك أنه المخلوق الأسطورى القاهر، فى ضوضائه لا يمكن سماع سواه، وفى حراكه المدمر لا مجال للآخرين العابرين، قد يقال ماذا عن المؤلف؟ الذى هو أنا، أنا كنت أستعير صوته وأنقله لكم، ولم يكن دورى أن أقدم خطبة تنقده أو تنقذ النص الروائى، كذلك الشخوص المعزولة التى لا دور لها إلا مكملات لما يريد، وأقول بكل حزن: إننى لم أبتعد عن الواقع حين منحت هذا الحيز الضيق غير الفاعل لتلك الشخصيات، فحياتنا تكتظ بهذه النماذج، فهم المتفرجون، الخائفون، أو المصفقون، الأغلبية العظمى الصامتة التى اختارت هذا الدور السلبى فى الحياة حتى وصلنا إلى ما نحن فيه. 
 
> قلت عن شخوص روايتك «فستق عبيد»، «لم أبتغ من النص الروائى أن يكون فيلماً تراجيدياً عن العذاب، لكنى أردته صرخة للباحثين عن الحرية عبر صراعهم الطويل مع المنظومات الفاسدة»ماذا تقصدين؟ والأمر  قريب فى «كايميرا 19» من الفساد والانهيار المجتمعى؟
الأمر مختلف بين الروايتين، «فستق عبيد» تحاكم العالم المتحضر الذى يدعى إنسانيته ويرفع لواء تحرير الإنسان، بينما يتبع نهجاً يمكنه من تمرير العبودية من الأبواب الخلفية، والحقيقة أن سرد الحكاية بكل تفاصيلها وشخوصها كانت تقربنا من أبطال النص كى نقع بأنفسنا على فداحة استعبادهم وعذابهم، أما رواية «كايميرا» فهى حفر  دامٍ فى جسدنا، فى مجتمعاتنا التى تنهار، نص ينفرنا من أبطاله، ولا يريد الإشارة إلى منظومات فاسدة مستوردة، بقدر ما يريد خلع الشوك الذى بات جزءا من جلودنا السميكة، فى النهاية تحمل الروايتان كما روايات أخرى مثل بابنوس ويحيى  همى فى معالجة مسألة الحرية والعدالة من جهات مختلفة. 
 
> اهتمت سمحية خريس بتسجيل التاريخ الأردنى فى أغلب أعمالك منذ رواية «يحيى»، سواء التى تدور فى زمن آنى أو قديم، ورواية «لجرمية» وغيرها فهل أعمالك تروى الواقع الأردنى بعين المثقفة والكاتبة؟
اعتنيت فى مرحلة طويلة بالتاريخ الأردنى قريباً وبعيداً، كما تلمست اشتباكه مع التاريخ العربى والعالمى، ولم أكن أسجل ولكنى فى البدايات أحاول التأصيل لهوية المكان الذى كان عربياً منذ البداية ولا يزال، أما تناولى لتاريخ المنطقة التى هى بلادى، وأعيش فيها فى الفترة الحالية أو الزمن الآنى  فهذا أمر عادى وأظن كل كاتب يفعل ذات الفعل، نحن نكتب ما يحيط بنا، نمسك بالحقائق أو نقترحها على حياتنا، وتكون متعلقة بالعالم الذى نعيش فيه، هذا جزء مهم فى تكوين الكتابة،  لقد عرفنا القاهرة قبل أن نزورها على أوراق نجيب محفوظ ويوسف إدريس، ولعلى فى مرحلة رومانسية، أردت تقديم صورة مبهجة لبلادي، بحثت عن مواقع الجمال والاكتمال، إذ كنت أشعر بالمسئولية عن صورة وطنى، فيما بعد، وقد تقلبت التجربة على نيران الاكتواء بالوعى ومرارة الشعور بالسلبيات التى تحيط حياتنا كعرب، بت أكثر حدة ومواجهة للسلبيات، خصوصا إذا تعلق الأمر بالآنى، بينما حافظ التاريخ على بهائه برغم إدراكى أن هذا البهاء تخيلى فى معظمه، وللحق فإنى أحاول الوفاء للحقيقة التاريخية التى مر بها وطنى، ولكنى أعثر على إيجابيات جيدة تصلح حجة على جمال الحياة فى يوم ما، إذاً نحن نكتب بعين المثقف باحثين عما خفى، ونكتب بعين الأبناء الذين يحبون آباءهم، ونكتب بعين الحالم الذى يريد أن يكون وطنه بألف خير مستقبلاً، وبعين الغاضب والناقد الذى ينبش المثالب ويعرى المفاسد، هى خلطة من الدوافع تتشكل عند كتابة تاريخ بلدك أو هويتك،  ولعل هذا من أهم أدوار المبدع والمثقف. 
 
> يرى البعض أن تجربتك الإبداعية أنتجت أدبا روائيا له عالمه ومشروعه الخاص، المواضيع التى تدور حولها كتاباتك وتتعلق أساسًا بالحياة الاجتماعية، ثم البعد الوطني، وتهتم بحركة المجتمع وحركة التاريخ فى أعمالك الروائية، فهل هذا معناه أنك تؤسس لمشروع روائى خاص بـ»سميحة خريس» فى إبداعها؟
مجموع التجربة يؤشر إلى وجود مشروع، كما أنى لم أحتسب نفسى يوماً من الكتاب الذين لديهم هواية الكتابة، أنا آخذ موضوع الكتابة بكثير من الجد حتى لو بدوت ساخرة، كما فى روايتى نارة، لست صاحبة هم واحد والاكتفاء به، كما لست صاحبة حكاية واحدة أعيد تدويرها بين عمل وآخر، لهذا أظن أن لى مشروعا أحاول العمل عليه وصقله وإقامة بنيانه بالبحث والجد والدراسة، أكثر ما يخيفنى فى فكرة المشروع أن تتشابه الحكايات والشخوص، أسعى لتجاوز ما كتبته حتى لو لزم ذلك التوقف عن الكتابة إلى أن يكون هناك ما يستحق الكتابة وما يستوفى أدواتها الفنية.  
 
> دعينى أسألك: كيف تصنع سميحة خريس عوالمها السردية؟ 
ليس هناك ما هو أصعب من صنع عالم متكامل، خصوصا فى الرواية، ذلك أن هذا الفن يتطلب إطلالة على الحياة بمجملها، ثم اختيار الحكاية والشخوص وتحديد الغاية من هذا العمل أو ذاك، وفى سبيل ذلك تنضج أدوات الكاتب تدريجياً، هذا لا يعنى أن هناك أعمالا كانت ناضجة منذ المحاولات الأولى لكثير من الكتاب العظام، عن نفسى أشتغل فى الورقة كأنى فى معمل كيمياء، أعادل كميات  العناصر التى تشكل النص، وأعمل فيه فأس المزارع أحفر وأطمر، أقص وألصق وأرمي، استبعد وأستزيد فى البحث، هذه عملية احترافية معقدة تتطلب تنبهاً عجيباً حتى لا تطغى الحرفة على العفوية، ولا تصادر التقريرية خصوبة التخييل، ولا تأكل شخصية أخواتها دون وجه حق،  أحياناً أشعر أنى إزاء سيمفونية لا بد أن تعزفها أوركسترا متمرسة عبقرية، وإلا لا داعى للكتابة، هكذا تتولد نصوصى وينشأ عالمى السردي، بالبحث والجد والاجتهاد والحساسية المفرطة للجمال، بالطبع قد تصيب أو تخيب الكتابة، ولكنى عن نفسى أحاول. 
 
> اشتغلت بالصحافة لمدة طويلة، هل العمل الصحفى يقتل الإبداع كما يقولون، وهل أثرت لغة الصحافة فى لغة القصة الرواية لديك؟
تعرضت لهذا السؤال مراراً، كأن هناك فكرة مسبقة تفيد بأن الصحافة تقتل الإبداع، وهذا غير صحيح بتاتاً، حين عملت فى الصحافة فى البدايات كنت أكتب أخبارى ومقالاتى بصيغة أدبية، لكنى تدربت على يد كل من مصطفى شردى، وجمال بدوى ومحمد الخولى من مصر، هؤلاء وصفوا لى أية المجالات يستحسن فيها استخدام لغة تختص بالأدب، وأيها يجب أن تكون إعلامية مباشرة واضحة، وقد تطورت لدى قدرة على الفصل بين العالمين، صار من الممكن لى استخدام اللغة، حيث أريدها ووفقاً لدلالاتها، هذا بالنسبة للغة، أما عن القول الرائج بأن الصحافة تستزف الأديب فلا يتمكن من التفرغ لنصه، فهذه أيضاً مغالطة، الصحافة تمنحك شرفات واسعة تطل فيها على أخبار الدنيا، وأفقاً مضيئاً تكون فيه وجهة نظر خاصة حول الأحداث والناس، وهذه ضرورات لكتابة النص الإبداعى، قد لا تتاح لصاحب أية مهنة مغايرة، حتى بالنسبة للوقت الذى تصادره.
 
> عما يبحث الكاتب إذا لم يكن يبحث عن نفسه فى الكتابة ؟ وهل تتفقين مع الرأى أن العمل الإبداعى ليس محض خيال؟
الكاتب يبحث عن نفسه فى الكتابة وعن سواه، الكاتب يحاول رسم صورته وقد يخالف الواقع، لكنه لا يخالف أمانيه، الكاتب يغوص عميقاً فى الذات بحثاً عن تلك الدرر المخبوءة فى كهف الروح، لكنه فى النهاية يكتب نفسه كما هى أو كما يتمناها، أو حتى كما يكرهها، هذا لا يعنى أن كل الكتابة أو جلها مسخر للذات، لكن يعنى أن حضور الذات كبير وخطير، ولا أعنى هنا بالذات الحديث عن سيرة ذاتية، لكن اكتشاف الأعمق من النفس، أما عن كون النص الإبداعى واقعا أو خيالا فتلك قصة مختلفة، كل كاتب يغترف من الواقع الذى يعرفه، حتى خيالاته  إذا ما تمكنت من الذهن فإنها تصير واقعه، فالتخييل مجرد محاولة للسماح لتلك الحياة التى تشبه الواقع لأن تطفو على السطح وتتسيد المشهد، طبعاً ليس هناك من عمل محض خيال، كما ليس هناك من عمل محض واقع مصمط. 
 
> هناك من يعمد إلى كسر التابوهات من أجل الإثارة والمساس ببعض الأطراف المعادية من الناحية الأيديولوجية فهل ترى أن كسر التابوهات مشروع؟
الأدب القادر على كسر التابوهات، بحثاً عن المخفى والمزور والحقيقة واليقين هو الأدب الكبير الحقيقى، لست ضد كسر التابوهات المتعارف عليها، لكنى أتحسس من الدوافع أحياناً، لدى قراءة أى نص أدبى يمكن معرفة ما إذا كان كسراً يتوخى اليقين والمعرفة ويبوح بالمخفى، أم أنه مجرد مشهد للإثارة أو مداعبة جهات بعينها، وشراء مواقع لدى توجهات تملك رفعك أو خفضك، النص يبوح بدوافعه، والقارئ اللبيب يمكنه فرز الطالح من الصالح، والسخيف من العميق، إذا لم يحدث اليوم فسيكون غداً، وعليه أقول: ليس هناك من جهة يحق لها الاحتفاظ بسوط ترفعه على سين أو ص عندما يكسرون التابوهات، أنا ضد الاستقواء على الأدب بضعيفه ومهمه، وعلى الكتاب بصغارهم وكبارهم، أعتقد تلك مهمة يقوم بها الزمن وتغربلها الذائقة ولا يمكن ولا يجوز أن ننشئ لها محاكم تفتيش ومدارس أخلاقية أو سجون عقابية، الأصل فى الكتابة أن نقول، وفى القراءة أن تحكم، حين يحدث انزياح يثير قلق المجتمع فإنه يناقشه، يرفضه أو يقبله، يعلى من شأنه أو يقلل، لكن لا يحق له إعدام صاحبه معنوياً ولا واقعياً بالطبع. 
 
> هنالك أيضا ظاهرة لافتة للانتباه وهى الحضور الروائى النسوى القوى، دعنى أسألك كيف تقرئين السرد الروائى النسوى فى الأردن الذى لفت انتباه النقاد العرب فى الأعوام الأخيرة؟
على الصعيد العربى، هناك انفجار روائى للرواية التى تكتبها المرأة، دون أن أعنى بذلك أدبا نسويا، فهذه زاوية مختلفة عن موضوع السؤال، أتابع بشغف واهتمام ما تكتبه النساء على امتداد العالم العربى، تفتنى هالة البدرى وضحى عاصى، ومنى الشيمى وسهير المصادفة وقبلهن رضوى عاشور، وأخريات من مصر، كما فى الوطن العربى بشرى خلفان وجوخة الحارثى من عمان، وريم الكمالى وميسون القاسمى من الإمارات،  وليلى العثمان وبثينة العيسى من الكويت،  وأميرة غنيم و أمال مختار من  تونس، وهدى بركات ونجوى بركات من لبنان، وديمة ونوس ومها حسن من سوريا، وعالية محمود ولطفية الدليمى وهدية حسين وإنعام كجه جى، من العراق، وربيعة جلطى من الجزائر وربيعة ريحان من المغرب ورزان المغربى من ليبيا، وغيرهن كثيرات، قد لا تحضرنى الأسماء حالياً أو لم أقرأ نتاجهن فلا أفيهن حقهن، هو انفجار بكل معنى الكلمة لأصوات ظلت غائبة إلا من بدايات محدودة معروفة فى العالم العربى، والأردن ليست ساحة بعيدة عن كل ما يدور، لقد اقتحمت المرأة عالم الكتابة فهناك عدد لا يستهان به من كاتبات القصة القصيرة الممتازة، إضافة إلى أسماء برزت فى الرواية، سبقتنا زهرة عمر ورفقة دودين ثم واصلت أنا وشهلا العجيلى السورية التى تنتمى إلينا،  وكفى الزعبى وأخريات من الشابات اللواتى يخضن غمار التجربة، لكن اسمح لى أن أشير إلى أنى وحتى هذه اللحظة لم ألمح اهتماماً كبيراً من النقد العربي، صحيح أن أعمالى شخصياً عرفت، وكان نصيبى لا بأس به من الاهتمام على مدى سنوات طويلة، لكن التجربة الأردنية بصورة شاملة تستحق المزيد من تسليط الضوء عليها. 
 
> ما رؤيتك للنقد الأدبى؟ وكيف تنظرن للنص مجردا من التأثيرات النظرية؟ هل يمكن أن يستطيع الكاتب والأديب أن يمتهن النقد؟
النقد الأدبى حلقة مهمة من حلقات الكتاب والقراءة، المفروض أنه القراءة الواعية التى تعمد إلى تفكيك النص وإعادة بنائه، إنه إبداع على الإبداع، وينتظر منه دوراً كبيراً فى توجيه الذائقة وفهم خفايا النصوص وتقييم الحالات الإبداعية، فإن تأثيره فى أدبنا العربى يسير، ذلك أن معظمه يظل حبيس المؤسسات الأكاديمية، لا يفيد من متابعته الجمهور، بينما ينتشر نوع سهل مما يسمى النقد، وهو نقد انطباعى أو إخوانيات متبادلة أو عرض صحفى عابر، تندر الحالات الجادة والقادرة على حجز موقعها عبر الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، لهذا يمضى معظم الكتاب سنوات طويلة من عمرهم الإبداعى، دون أن يحظوا بتعليق من ناقد حقيقى، هذا لا ينفى وجود قلة تعد على الأصابع منتشرين فى العالم العربى يقومون بدور فاعل، لكنهم لا يتمكنون من متابعة كل ما يصدر حتى يشكلوا دراسة وافية للمشهد، بذلك فإن معظم النصوص تكون مجردة من الأحكام النقدية المسبقة، نحن نكتب والناقد الأول الذى نتعامل معه أنفسنا، أى إن الكاتب ناقد عمله أثناء الكتابة وربما بعدها، كما يمنح مساحة كبيرة للقراء العاديين ليكونوا رأياً نقدياً للنص.
 
> ما الذى ينقص الرواية العربية لتصبح منافسًا عالميًا؟
على صعيد الفن الروائى شكلاً وأسلوبا، لا أعتقد أن هناك ما ينقصها، هى مشروع ضخم متعدد المشارب والمرجعيات، متفاوت الأداء بين كاتب وآخر وبلد وآخر، لكنه موجود ينهل من معين الحياة وله اقتراحاته الجيدة من أجل التجديد والتحديث، فإن المنافسة العالمية تتطلب انفتاحاً لغوياً، بمعنى أن تنشيط حركة الترجمة يمكن أن يقدم الكاتب العربى، كما يليق به، فى فترة زمنية سابقة، كانت هناك مشاريع كبيرة وطموحة ومرتبطة بدور نشر عالمية كبيرة، لكن هذا التوجه انحسر وصار هناك فتات من الترجمة بالكاد يصل إلى فئة محدودة،  ولا يمكن أن يشكل ظاهرة، من هنا تخسر النصوص الإبداعية العربية الكبيرة فرصتها فى الانتشار والمنافسة ومخاطبة الحضارات الأخرى. 
 
> ثمة انعطافات فى حياة كل كاتب، فماذا عنك؟
حياتى كانت ديناميكية للغاية، كل مرحلة منها مثلت انعطافة أثرت فى إبداعى، بداية كثرت انعطافات السفر، فمنذ الطفولة وأنا أتنقل من مدينة إلى أخرى، ومن ثقافة إلى سواها، هذه الانعطافات التى رجت الروح وأثرت المخيلة  لها بصماتها فى أعمالى، كما أن حياة الإنسان العادية التى تمر فينا جميعاً، حين تتغير الحال الاجتماعية من الطفولة إلى الشباب فالكهولة، ومن دور الابنة إلى الأم ثم الجدة، هذه كلها انعطافات كبيرة تساعد فى صقل التجربة وإضفاء الخبرة، لكن المنعطف الأكبر الذى ما زلت أقف أمامه حائرة متعبة، وغير قادرة على التعبير الكتابى عنه هو الفقد، لقد فقدت فى عام واحد 2021 زوجى وابنتى، كانت صدمة وجرحاً لا أعرف كيف أعالجه.
 
> برأيكِ هل من ظلم يمارس فى حق المبدع العربى، وممن؟
الظلم الذى يعانى منه المبدع العربى عدم رواج المنابر التى تقدم تجربته، تضاؤل مساحة القراء، عدم وجود روافع فنية تتعامل مع عمله، وراء هذا الظلم مؤسسات رسمية لا تعرف كيف تصنع نجوماً من مبدعيها، وإعلام لا يكترث كثيراً للمبدع، وجمهور مطحون بمتطلبات الحياة ولا يزال ينظر إلى الإبداع الأدبى كأنه فائض ترفيهى. 
 
> بعد هذا التراكم اللافت للنظر من النتاج الإبداعى كيف وجدت المقاربات النقدية لأعمالك؟ هل كانت منصفة؟ 
لقد حظيت تجربتى بالتفات النقاد لها على شكل مقبول ومعقول، وإن لم يكن يتماشى مع طموحى، لكن هذه حال النقد عموماً، هناك نقاد قاربوا أعمالى ببراعة  ودقة، وعثروا على مفاتيح أبدوا أنا نفسى غافلة عنها، وهناك آخرون قدموا أعمالى وصفاً وشرحاً، والبعض أعجبتهم، كما لا يخلو الأمر ممن لا يجدون ما يمتعهم فى أعمالى، إذ تشتغل الذائقة وأحياناً ظروف مختلفة لتكون رأى الناقد، لا أنشد الإنصاف بمعناه الذى يتوخى العدالة، لكن أنشد المقاربة التى تستحقها هذه الأعمال. 
 
> هل من خطوط حمراء تخشى سميحة خريس الاقتراب منها فى كتاباتها؟
مثل معظم الكاتبات العربيات، وحتى الكتاب العرب، لا شك هناك خطوط حمراء، هى بالتحديد الذى نحاول التمرد عليه، أو معالجته بالحيلة والالتفافات، لأن هذه الأقانيم الممنوعة هى فى صميم الحياة، وهى التى يدور حولها الصراع الإنسانى منذ الأزل، السياسة والجنس والدين، وهى فى ذات الوقت هموم الكتابة، وأنا أقترب منها بمقدار كلما دعت الضرورة الموضوعية للرواية، وكلما ساعدتنى شجاعتى، لكن يظل قائماً ذلك الرقيب الخفى فى داخلى يضبط إيقاع الممنوعات، يسمح لى بانزياح بسيط، أو ضرورى للسياق والبناء الفنى، خصوصا إذا تعلق الأمر بالجنس، فأنا فى النهاية مسئولة عن أدوارى التى اخترتها، أو اختارها لى واقعى كزوجة وأم وابنة مجتمع محافظ، نشأت على القبول بعقد اجتماعى ينظر إلى الجنس نظرة  الحرام والعيب، فإذا ما كنت بصدد معالجة هذه الثيمة قام موروث ضخم بعرقلة اندفاعى وسمح لى بحيز محدود، كما أنى فى مزاجى الخاص لا أميل إلى الجنس المكشوف المجانى، كذلك الأمر هو بالنسبة للدين، وحساسية المجتمع من مناقشة أفكار وجودية عظمى، والكاتب هنا يقيم موازنة دقيقة بين الإيمان الكلى وبين ما تحدده له الأديان، مناقشة هذه الأمور تتم بالتفافات لا تجرح شعور طرف ولا تهزأ من توجهات جماعة ما، لكننا أيضاً نعى ضرورة أن نسهم فى التنوير الفكري، الذى لا يعنى بالطبع تكسير المسلمات كأنها أصنام، لكن يعنى أهمية مناقشة الأفكار ومدى تأثيرها على مجتمعاتنا، الثيمة الأخيرة السياسة، هذه تتسع وتضيق وفق الأوضاع، وقد تكون أوسعها لدى الكاتب العربي، لدينا قضايانا الملحة، التى تؤثر على مجريات حياتنا، وكل ما نكتبه حتى لو كتبنا فى الحب فهو سياسة أيضاً، وأظن أن الكاتب العربى لديه حماية هزلية نوعاً ما، ذلك أن الساسة فى معظمهم  ومستشاريهم غير المثقفين لا يقرؤون. 
 
> من هم الكتاب الذين تركوا أثراً فيك وشكلوا مرجعيتك؟
من نافل القول، إننا فى صبانا نكون شديدى التأثر، نصاب بالفتنة لدى قراءة كاتب عظيم، وقد وقع لى ذلك مع نجيب محفوظ ويوسف إدريس ويحيى الطاهر عبد الله،  وأمين معلوف وحنا مينا، وماركيز وإيزابيل الليندى وهمنجواى وديستويفسكى وتولستوى،  وجون ستاينبييك وجيمس جويس وكازنتراس وبورخيس، هؤلاء قلبوا حياتى على مراحل لكن الكاتب فى نهاية الأمر يستقيم عوده بصورة لها خصوصيتها، أنا أو أى من الكتاب الذين يحترمون نتاجهم لا نسير على خطى هؤلاء تأثراً، نحن ندرك عظمتهم، لكن لنا خطنا الخاص، نهضم كل ما نقرأ وما نعيش ليكون لنا زاداً فنيًا ومعرفيًا، لكن لا بد أن تكون لنا وصفتنا الخاصة وإلا لم نتقدم.
 
> رغم ترجمة عدة روايات لك إلى الإنجليزية، والإسبانية والألمانية والروسية، ترين أن هناك «خللا»، فى حركة الترجمة من وإلى اللغة العربية، برأيك على من يقع هذا الخلل الكاتب العربى أم المؤسسات الثقافية أم دور النشر؟
> أشرت إلى أن الكتاب العربى حظى منذ فترة، بحركة تحاول نقل النصوص المهمة فى الأدب العربى إلى لغات أخرى، لكن هذه الحركة انحسرت وتركت الساحة إلى محاولات قليلة متفرقة تحدث لكل كاتب على حدة دون أن تشكل تياراً كبيراً واضحا، يمكنه نقل الرواية العربية إلى العالمية، بالنسبة لى كانت هناك فرص متفرقة، تحمس أشخاص أو مؤسسات لبعض أعمالى، لكن عدم التورط الحقيقى مع دور نشر كبيرة لا يقود إلى كثير من النتائج، حين ترجمت أعمالى إلى الألمانية، تم ذلك مع دار نشر أرادت صناعة مشروع كبير لترجمة الكاتبات العربيات، لكن السوق غول متوحش، لا يمكن الصمود فيه دون دعم حقيقى، الترجمات الألمانية، طرحت فى الأسواق والتقيت بقراء كثر فى ألمانيا، لكن تلك مرحلة مؤقتة، أما الترجمة الإسبانية فظلت حبيسة جامعة أكاديمية تعنى بالأدب العربى، وتم توزيع ما ترجم لى بالفرنسية والإنجليزية كأحد استحقاقات جائزة «كتارا»، توزيعًا محدودا، ليست هناك دار نشر  مستعدة لبيع المنتج، كذلك هناك رواية ترجمت إلى الإنجليزية بسبب حماس مترجمة تعمل فى جامعة أمريكية ، إذًا الذين يطلعون عليها أيضًا محددون، الكاتب العربى يحتاج لدور نشر قوية عالميًا، ويحتاج إلى وكلاء أعمال مخلصين لا يتركونه فى منتصف الدرب. 
 
> هل الكتابة تمرد؟
نعم، باختصار، وقد وضحت ذلك فى إجابة سابقة، الكتابة صوت المتمردين وأداتهم فى التعبير الصادق والجميل عن مقولتهم. 
 
> سميحة خريس نالت جوائز إبداعية عديدة، وهو استحقاق بلا شك كيف ترين الجائزة مسئولية مرعبة من الآتى وخوف أكثر؟ أم أنها الحافز على المزيد من الإبداع الجاد والهادف؟ 
الجائزة اعتراف بإنجاز الكاتب وفى معظمها استحقاق أو هكذا تبغى، ربما يحدث بعض إشكاليات فى نيل أعمال لا نرى أنها المستحقة لجائزة ما، لكن الأساس أن الجائزة وجدت لتكريم جهد الكاتب، وهذا يسعده قطعاً، لكنه يرتب عليه الاستمرار بتحمل مسئولية مستوى أعماله، ولو أنى أرى أن هذه المسئولية لا تسقط عنه سواء حظى بجائزة أم لا، إلا أنه يكتشف أنه بات تحت إضاءة كبيرة وصار له هناك مترصدون أو متوقعون ومريدون، من هذا الباب يولد خوف جديد، يريد الكاتب أن يكون عند حسن الظن، يتقدم بوجل، وعلى فكرة، هذا لا يحدث مع الجميع، بعضهم يندفع متحلياً بشجاعة حمقاء فيغمر الأسواق بأعمال أقل من العمل الذى نال الجائزة، بالنسبة لى لم أكن أحتاج الجائزة حافزاً للكتابة الجادة، لكنى أعانى من الحذر بعدها حتى لا تزل خطاى.  
 
> هل هناك مشاريع مقبلة لكِ تعكفين عليها؟
لا أعكف على عمل بالمعنى التخطيطى، بل أتقدم منه بوجل كبير، هناك أفكار وأسئلة وحيرة كبيرة إزاء الحياة والموت، لكن الاقتراب منها يكلفنى ألماً لا طاقة لى به حالياً، لذلك أتجاهل الأفكار، لكنى قد أتمكن فى الفترة المقبلة من هدهدة أوجاعى وكتابة تلك التجربة المرة، الآن آخذ استراحة محارب فى حياة لم تعفنى من قسوتها مثلما منحتنى أفراحها، أشعر بالرغبة الشديدة فى التمدد تحت شجرة وتأمل السماء ونسيان الكثير، وإلى أن تنشب الكتابة أظافرها فى قلمى سيكون حديث آخر.
 
سميحة خريس في سطور
 
تعد خريس المولودة فى عمّان عام 1956، والحاصلة على بكالوريوس علم الاجتماع من جامعة القاهرة العام 1978، واحدة من أبرز الكاتبات العربيات، وبعد أن أنهت تعليمها الجامعى، اتجهت للعمل فى مجال الصحافة والإعلام، مما أعطاها شهرة فى الأوساط الصحفية العربية وأكسبها خبرة واسعة فى مجال الكتابة الإبداعية.
اهتمت الأوساط النقدية والأكاديمية بتجربتها، وصدرت كتب ودراسات تتناول هذه التجربة، وُخصصت رسائل ماجستير ودكتوراه حولها فى الجامعات العربية، وفى جامعات ماليزيا وإسكتلندا.
من أبرز أعمالها الروائية: «الرقص مع الشيطان»، «المد»، «نحن»، «شجرة الفهود»، «يحيى»، «الصحن»، «دفاتر الطوفان»، «بابنوس»، و»فستق عبيد»، وبعض هذه الأعمال ترجمت إلى اللغات الإنجليزية والألمانية والإسبانية، كما حُوّل عدد من أعمالها إلى مسلسلات إذاعية، أنتجتها مؤسسة الإذاعة والتليفزيون الأردنية، وحازت جوائز فى مهرجانات الإذاعة والتليفزيون العربية بالقاهرة، واختيرت قصة قصيرة لها بعنوان «سميرة»، فى منهج المدارس السويسرية الثانوية. وهى عضو فى رابطة الكتاب الأردنيين، ورابطة كتاب وأدباء الإمارات، ونقابة الصحفيين الأردنيين.
نالت خريس جوائز كثيرة من أبرزها: جائزة الدولة التشجيعية من الأردن عن روايتها «شجرة الفهود»، جائزة أبو القاسم الشابى، عن روايتها «دفاتر الطوفان»، جائزة الإبداع الأدبى من مؤسسة الفكر العربى عن مجمل إنجازها، جائزة الدولة التقديرية من الأردن، جائزة كتارا للرواية العربية، كما منحت وسام الإبداع الثقافى من الملك عبد الله الثانى بن الحسين، ووصلت روايتها «يحيى»، إلى القائمة القصيرة فى جائزة الشيخ زايد.
 

الاكثر قراءة

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام