نحن والعالم



‫فى مؤتمر «تحديات السلام فى عالم عدائى»‬.. ‫رحلة بناء السلام جهد دائم وغاية لا تنتهى

19-6-2025 | 18:51
د. أيمن سمير

‫العالم أنفق عام 2024 نحو 2.7 تريليون دولار على التسليح وهو الأعلى منذ 40 عاما‬
 
‫122 مليون لاجئ فى العالم بسبب الحروب والصراعات‬
 
‫هناك 56 صراعاً فى العالم تنخرط فيها 96 دولة خارج أراضيها‬
 
‫تمر البشرية بمرحلة فارقة، حيث زادت فيها النزاعات والصراعات والإنفاق على شراء السلاح والذخيرة، وهو ما يحتاج إلى مضاعفة كل جهود دعاة السلام والاستقرار فى العالم، فالحرب ليست فقط بين إيران وإسرائيل، بل هناك 56 صراعاً فى العالم، وفق بيانات الأمم المتحدة تنخرط فيها نحو 91 دولة من إجمالى 193 دولة، أعضاء فى الأمم المتحدة، وهو أكبر عدد من الحروب والصراعات، وهو أعلى عدد من الحروب منذ نهايات الحرب العالمية الثانية‬.
‫تشير بيانات المنظمة الأممية، إلى تصاعد العنف والحروب فى العالم خلال السنوات الخمس الماضية، ففى عام 2020، سجلت الأمم المتحدة 104,371 حادثة صراع، وفى هذا العام سجلت ما يقرب من 200 ألف حادثة قتل نتج عنها نحو  233 ألف حالة وفاة، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى اندلاع أو تجدد ثلاثة صراعات ضخمة خلال تلك الفترة - أوكرانيا وغزة وميانمار - إلى جانب استمرار العنف فى العديد من البلدان الأخرى ذات معدلات الصراع المرتفعة - بما فى ذلك السودان والمكسيك، واليمن ودول الساحل، ويتزايد تعرض المدنيين للعنف، وحوادث الصراع، وعدد الجماعات المسلحة المتورطة فى العنف‬.
‫وشهد عام 2024، زيادة بنسبة 25 %، فى أحداث العنف السياسى مقارنة بعام 2023، وهو ما يشبه متوسط مستوى الزيادة على أساس سنوى منذ عام 2020‬.
‫ووفق بيانات منظمة الهجرة الدولية، فإن هناك نحو 122 مليون لاجئ ونازح حول العالم بسبب الحروب والصراعات، وذلك بسبب 90 ألف عملية قصف بالأسلحة الثقيلة، خلال عام 2024، ولا يمكن التعامل مع هذا الرقم بعفوية أو يمر مرور الكرام، فهذا الرقم يعنى أن هناك 122 مليون قصة معاناه إنسانية، بسبب الحروب والصراعات، وهو ما يفرض على المجتمع الدولى عامة، والدول المحبة للسلام خاصة أن تقوم بدورها ليس فقط فى وقف الحروب، بل فى بناء السلام، لأن وقف الحروب لا يعنى وجود سلام بين المتحاربين.‬
‫ويمثل القصف العسكرى بالأسلحة الآن نحو 90 ألف حادثة، ومع تحول الحروب نحو “الحروب المعقدة”، تضاعف القصف و”العنف عن بُعد” بحلول عام 2022، بنسبة نمو تزيد على 25 % سنويا منذ عام 2022 ، خصوصاً مع ظاهرة الطائرات المسيرة، التى باتت تستخدم من دول وجماعات إرهابية، لقتل عائلات وأطفال ونساء، لا جريرة لهم بأسباب وجذور الكثير من الصراعات،  وللأسف لم تتوقف كثير من الحروب، بما فيها الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والحرب فى غزة وغيرها من الحروب، ومن المتوقع أن تظل مستويات العنف مرتفعة طوال عام 2025، بل من المرجح أن يشهد هذا العام زيادة سنوية بنسبة 20 %‬.
 
إنفاق عسكرى غير مسبوق
‫مع التوسع فى الحروب والعنف، زاد الطلب العالمى على السلاح، وفق تقرير معهد استوكهولم للسلام الدولى فى السويد، حيث زاد الإنفاق العالمى على السلاح خلال العام الماضى بنحو 9.4 %، وبلغ إنفاق دول العالم على السلاح أكثر من 2.7 تريليون دولار، وهو إنفاق قياسى لم يشهد العالم له من قبل‬.
 
‫ بناء السلام‬
‫فى ظل هذه الحروب والعداء بين الدول والشعوب، يحتاج العالم لبناة السلام والاستقرار ودعم التواصل بين مختلف شعوب العالم، وتعمل الأمم المتحدة مع الكثير من الدول على “بناء السلام”، الذى يقوم على التعامل مع الأسباب الكامنة، وراء اقتتال الناس فيما بينهم فى المقام الأول إلى جانب دعم الدول لإدارة خلافاتها ونزاعاتها دون اللجوء إلى العنف، لأن معنى وقيمة السلام أكبر من مجرد غياب العنف، فالسلام يعنى العدالة والتوازن وتفضيل الأساليب السياسية والدبلوماسية، ونشر ثقافة حل الصراعات عبر مائدة التفاوض، وليس عبر البندقية والرصاص‬.
 
‫ قمة صياغة العالم 2025‬
‫وفى سبيل تحقيق هذا السلام، وبناء قدرات السلام لدى الدول والمجتماعات، شارك منتدى أبو ظبى للسلم، فى «قمة صياغة العالم 2025»، التى عقدت بجامعة أوربانيانا البابوية، فى حاضرة الفاتيكان بروما يومى 12 و 13 يونيو الحالى.‬
‫وهدفت القمة، التى شارك فيها عدد كبير من صناع القرار ورجال الأعمال والشخصيات الأكاديمية، إلى صياغة رؤية مشتركة لبناء عالم أفضل وأكثر انسجاما‬.
‫وأكد الشيخ المحفوظ بن بيه، الأمين العام لمنتدى أبوظبى للسلم، فى كلمة له بعنوان «تحديات السلام فى عالم عدائى»، أن رحلة بناء السلام جهد مستدام وغاية لا تنتهى، فعندما تسود العافية ويعم الأمن، نتحدث عن السلام لصيانته واستدامته، وعندما تحتدم الحروب والفتن تكون الدعوة إلى السلم ضرورة حيوية، وواجبا لإنقاذ الإنسان وحماية الأوطان‬.
‫وأشار إلى أن السلم، ليس مجرد وضع من الأوضاع الإنسانية العابرة، وإنما هو منظومة من القيم الإنسانية التى تثمر السكينة، والطمأنينة التى تحل فى القلوب وتسكن فى العقول‬.
‫وفى إطار تقديمه لجهود المنتدى المجسدة لرؤية دولة الإمارات، استعرض الأمين العام عددا من المبادرات التى أطلقها المنتدى، فى مجال تأسيس رواية السلام، وحظيت بقبول وتفاعل دوليين، وأصبحت تمثل معالم على مسيرة بناء إنسانية الغد، حول قيم السلم مشيرا إلى عدد من الوثائق مثل إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية فى العالم الإسلامى، وميثاق حلف الفضول الجديد، وإعلان أبوظبى للمواطنة الشاملة، بالإضافة إلى العديد من الجهود الفكرية والعلمية، التى تهدف إلى تقديم خطاب كونى جديد ينشد صوت الحكمة، ويشيد صَرح العدالة على بساط السلام والعافية‬.
‫وكشف الأمين العام لمنتدى أبو ظبى للسلم، أن أحد أهم نجاحات المنتدى فى عقده المنصرم تمثل فى جعل الدين طاقة فى التعمير‬.
‫وأوضح أن بناء السلام العالمى، جهد إنسانى مشترك، يتطلب قلبا للمعادلة لتصرف طاقات البشرية، وثرواتها فى قنوات الاستقرار والازدهار والابتكار‬.
‫وذكر بمركزية منظومة المدخل القيمى، والإنسانى المشترك، معتبرا أنه لا يمكن تصور الخروج بالإنسانية، من وهدة الحروب إلى ربوة الأخوة الإنسانية إلا من خلال رؤية للعلاقات الإنسانية، تقوم على قيم الخير والمحبة والعدل‬.
‫يذكر أن الأمين العام لمنتدى أبوظبى للسلم، شارك يوم 11 يونيو، على هامش قمة تغيير العالم، وفى إطار زيارته لإيطاليا فى أعمال طاولة مستديرة حول تعزيز الحريات الدينية فى العالم بعنوان «تغيير الحوار حول الحرية الدينية: نهج متكامل للتنمية البشرية»، نظمها المجلس الأطلسى‬ Atlantic Council.
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام