نحن والعالم



تقوم على الشراكة القوية منذ 30 يونيو.. علاقات مصرية - أمريكية مستقرة

25-6-2025 | 23:10
سوزى الجنيدى

عقد الحوار الإستراتيجى خلال الشهور المقبلة واتصالات لا تنقطع لثقة واشنطن فى سياسات مصر العاقلة

البلدان يحرصان على الحفاظ على شراكتهما الإستراتيجية خصوصا فى المجالات العسكرية والاقتصادية

تعد العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، من أكثر العلاقات التى تشهد استقرارا منذ 30 يونيو 2013، فقد أثبتت السياسات المصرية الخارجية، بأنها أكثر عقلا واهتماما باستقرار الأوضاع فى المنطقة، وقد استفادت الولايات المتحدة، من وجود دولة مركزية قوية ومستقرة فى إقليم مضطرب فى الشرق الأوسط، كما استفادت من نموذج الدولة الوطنية ذات المؤسسات الوطنية القوية، حيث بات خطاب الولايات المتحدة فى المنطقة، يأخذ فى الاعتبار «النموذج المصرى»، الثابت والراسخ والذى يشيع وينشر السلام والاستقرار فى المنطقة.

بدأت العلاقات المصرية - الأمريكية رسميا، بفتح قنصلية للولايات المتحدة، حيث جاء أول تمثيل أمريكى فى مصر بالإسكندرية فى 12 يناير 1832، وكان الوكيل القنصلى بريطانى يدعى جون جليدون، ومنذ 30 يونيو تشهد تفاهما واستقرارا، فبرغم المصالح التى قد تختلف أحيانا، فإن البلدين يدركان أهمية التعاون والتنسيق، ولعل أكبر دليل على ذلك، حجم الاتصالات التى تمت على مدى الأسبوعين الماضيين، بين مسئولين أمريكيين ومصريين، للتشاور حول التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل، ومن المنتظر خلال الأشهر المقبلة، عقد جلسة الحوار الإستراتيجى المصرى - الأمريكى، على مستوى وزيرى الخارجية، وسيمثل الحوار فرصة لإعادة تأكيد دور مصر، كشريك حيوى للولايات المتحدة فى المنطقة.

ويسهم الحوار فى تقييم العلاقة بين البلدين فى مجمل مناحيها، ومراجعة ما تم تحقيقه من أهداف تخدم مصالحهما، والاستفادة من التقييم المشترك لما تم إنجازه من نجاحات، سواء على صعيد إدارة العلاقات الثنائية، وتطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، وأيضًا مجالات التباين فى المواقف وفقًا للمتغيرات السياسية الراهنة التى تمر بها المنطقة، بما يسمح ببلورة رؤية مشتركة تحدد مسار هذه العلاقة خلال السنوات المقبلة، وتحرص كل من القاهرة وواشنطن، على الحفاظ على شراكتهما الإستراتيجية، خصوصا فى المجالات العسكرية والاقتصادية، لكن ذلك لا يمنع مصر فى الوقت نفسه من اتخاذ مواقف مستقلة وحازمة، حين يتعلق الأمر بأمنها القومى، أو الثوابت الوطنية التى تتبناها فى سياستها الخارجية، وقد ظهر ذلك بوضوح، فى الرفض المصرى الصارم للمقترح الأمريكى - الإسرائيلى، بتهجير الفلسطينيين، وطرح مصر مقترحا بديلا لإعادة إعمار غزة.

وتنظر أمريكا لمصر منذ 30 يونيو، كدولة مستقرة لديها سياسات خارجية متزنة وعاقلة، تنادى بالسلام ومحاربة الإرهاب، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وتسعى لتهدئة الأمور، ومنع التصعيد ويمكن الاعتماد عليها، ولعل هذا أحد أسباب أن إدارة ترامب، استثنت مصر من الدول التى تم فرض التعريفات الجمركية الجديدة عليها، كما أن ترامب نفسه أكد للصحفيين أن مصر دولة مستقرة وتحارب الإرهاب، ويحتل ملف مكافحة الإرهاب، أهمية خاصة فى العلاقات الثنائية، لأولويته المتقدمة لدى البلدين، ولوجود توافق عام بينهما حول سبل مواجهة هذه الظاهرة.

وتنظر الولايات المتحدة إلى استقرار مصر، على أنه مفتاح الاستقرار الإقليمى، وتحتفظ بشراكة أمنية لتعزيز القوات المسلحة المصرية، وقدرتها على مكافحة الإرهاب، ولضمان هذه الغاية، زوّدت واشنطن القاهرة بالتدريب اللازم ومروحيات هجومية، لمساعدتها فى حملتها المستمرة منذ سنوات ضد الإرهاب فى شمال سيناء، فضلًا عن التدريبات المشتركة التى تجرى بشكل مستمر، وترى الولايات المتحدة أن مصر تتبع سياسة خارجية نشطة، جعلت منها عنصرًا فاعلًا على الأصعدة العربية والمتوسطية والإفريقية لا يُمكن تجاهله، إذ تتعاون الولايات المتحدة ومصر بشكل وثيق، لتهدئة النزاعات وتعزيز السلام المستدام.

كان د. بدر عبد العاطى، وزير الخارجية والهجرة والمصريين بالخارج، قد أوضح لـ«الأهرام العربى»، أن مصر والولايات المتحدة، تتمتعان بشراكة إستراتيجية قوية ممتدة لأكثر من أربعة عقود، تقوم على تعاون نشط وبنّاء بين المؤسسات فى البلدين، وتشمل مختلف المجالات الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية، والأمنية، والثقافية، مشيرا إلى أن هذه الشراكة تستند إلى مصالح إستراتيجية وسياسية متبادلة، تعزز الأمن والاستقرار فى المنطقة، كما أن العلاقات بين البلدين عابرة للحزبين، وتحظى بتقدير واسع داخل الأوساط الجمهورية والديمقراطية، وذلك انطلاقًا من الدور المحورى الذى تضطلع به مصر فى دعم الأمن والسلام والاستقرار فى الشرق الأوسط.

وأضاف أنه على الصعيد الاقتصادى، تُعد مصر واحدة من أكبر الشركاء التجاريين والاستثمارين للولايات المتحدة فى المنطقة، حيث تحتل موقعًا رائدًا كأكبر مستقبل للاستثمارات الأمريكية المباشرة فى إفريقيا، وخامس أكبر مستقبل لها فى الشرق الأوسط، كما أن الولايات المتحدة تُعد ثالث أكبر شريك تجارى لمصر.

وأكدت دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن مصر والولايات المتحدة، ارتبطتا بعلاقات وثيقة وثابتة لم تتأثر بتغير الإدارات الأمريكية المتعاقبة، تقوم على الشراكة القوية من أجل تحقيق الأهداف المشتركة، وللولايات المتحدة دورها الريادى فى جميع القضايا العالمية والإقليمية، فى حين أن مصر لها دورها المحورى فى الشرق الأوسط وإفريقيا والعالم الإسلامى، وبوصفها دولة مستقرة فى منطقة محاصرة بالتوترات والصراعات.

وكان السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية المصرية، قد صرح بأن الشراكة الإستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة راسخة تمتد لأربعة عقود، وتتمتع بالخصوصية وتعتمد على تفاعل نشط وبنّاء بين المؤسسات فى كلا البلدين، والتعاون متنوع فى شتى المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والتعليمية والصحية، هذه العلاقة تحقق المنفعة للجانبين، وتخدم مصالحنا المشتركة، موضحا أن الشراكة الإستراتيجية تظل بين البلدين ثابتة ومستقرة، فى ضوء تشعبها بمجالات متعددة تحقق المصالح المشتركة للبلدين، مؤكدا أن عدم وجود تطابق بوجهات النظر فى قضية هنا أو هناك، أمر متعارف عليه وطبيعى فى العلاقات الدولية، حتى بين الشركاء والأصدقاء، ويتم التعامل معه بكل وضوح وانفتاح، فى ظل الأسس المتينة الحاكمة للعلاقات بين البلدين.


والجدير بالذكر، أن العلاقات المصرية - الأمريكية، اتخذت منحى إيجابيا بعد عام 2014، برغم تعاقب الإدارات الأمريكية منذ نهاية الفترة الثانية للرئيس الأمريكى أوباما، ثم الفترة الأولى لدونالد ترامب، ثم جو بايدن، وأخيراً الفترة الثانية من ترامب، وقد تدخلت واشنطن فى 2020، لحل أزمة السد الإثيوبى بين مصر وإثيوبيا، وسط تأكيد على شراكتها الإستراتيجية مع القاهرة فى الفترة الأولى لترامب.
وتعاملت القاهرة مع إدارة ترامب، فى ملف فلسطين، بسياسة تجمع بين التعقل والواقعية، والتمسك بموقفها الداعم للحقوق الفلسطينية، ورفضت صفقة القرن، الذى حاول صهره جاريد كوشنر فرضها فى ولاية ترامب الأولى، نظرا لانحيازها الشديد لإسرائيل، وكررت كل التصريحات والمواقف المصرية الدعم لحل الدولتين، وأهمية إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام