نحن والعالم



30 يونيو من كل عام.. أعادت التلاحم بين فئات المجتمع المصرى

25-6-2025 | 23:26
هبة عادل - عادل الشافعى

د. فتحى قناوى: نقطة انطلاق غيرت واقعا مؤلما عاشته مصر وأعادت للدولة توازنها
كمال زاخر: فجر جديد أضاء طريق الأمل بعد سنوات من القلق والخوف

سيبقى يوم 30 يونيو من كل عام، يومًا مشهودًا فى وجدان الشعب المصرى، يمثل نتاجًا نفتخر به بما تحقق لثورة 30 يونيو المجيدة، ومسيرة كفاح عظيمة، مجسدًا إرادة شعب، أبى أن يعيش فى ظل الخوف والخضوع لجماعة إرهابية، عملت على إشاعة روح الفرقة بين فئات الشعب وتزكية نار الفتنة بين جميع طوائفه وضرب الوحدة الوطنية، والمساس بأمن واستقرار مصر. لكن بفضل بطولات وتضحيات رجال القوات المسلحة والشرطة ودعمهم لثورة الشعب فى 30 يونيو من عام 2013 استطاعت مصر التخلص من تلك العصابة والقضاء على الإرهاب، ونشر الأمن والأمان على كل شبر فى أرض الوطن الغالى، كما أعادت الهوية والتلاحم للمجتمع المصرى.

‬المتأمل لتاريخ مصر الحديث، سيتوقف كثيرا أمام ثورة 30 يونيو المجيدة، وكيف أعادت التلاحم بين الشعب بعد فترة من التناحر شهدتها مصر، فى أعقاب أحداث 25 يناير 2011 سادت خلالها الفتن والانقسامات، وخلقت تلك الأحداث شروخا عميقة فى المجتمع، الذى كان خلالها يصحو كل يوم على وقع أخبار دموية، تقف وراءها جماعة الإخوان الإرهابية، ومن يدعمهم من الدواعش والعصابات الإجرامية، فمن تفجيرات أقسام الشرطة ومؤسسات الدولة، إلى استباحة قتل المعارضين لهم باسم الدين، وصولا إلى تفجيرات الكنائس وحرق المساجد فى أنحاء متفرقة من الجمهورية.
المتأمل لتاريخ مصر الحديث أيضًا، سيتوقف كذلك أمام ما تحملته الشرطة المصرية وتضحيات أبنائها الأبطال من أجل استعادة الأمن والأمان من جديد، وهو ما كان ليتحقق لولا دعم الرئيس عبد الفتاح السيسى لرجال الشرطة بكل الإمكانيات المادية والبشرية والتقنية، حتى استردت قوات الأمن عافيتها، واستطاعت مكافحة الإرهاب ودحره فى كل مكان بالتزامن مع تحديث ورقمنة الخدمات التى تقدمها لكل المصريين، وأصبحت ثقافة تطبيق القانون على الجميع سواء كان ضابطا أم أمينا أم فرد شرطة، سياسة أساسية للداخلية فالكل سواء أمام العدالة، وهى إحدى ثمار ثورة 30 يونيو المجيدة التى استعاد معها الشعب المصرى لهويته وتماسكه من جديد‪ .‬

وطن واحد للجميع
صفحات سجلها التاريخ تأكد من خلالها العالم، أن شعب مصر على قلب رجل واحد ووطن واحد مشترك يتسع للجميع ، خصوصا بعد المرور بأحداث دامية منذ عام 2011 ومنها حرق الكثير من الكنائس، وكان هذا تحولا محورياً فى تاريخ الكنيسة المعاصر، ونتذكر كلمة قداسة البابا تواضروس الثانى، بأن كنائس مصر لو أحرقت جميعها سنصلى فى المساجد، ولو أحرقوها سنصلى معا فى الشوارع.
ومع ثورة 30 يونيو استطاع الشعب المصرى، إقصاء جماعة الإخوان الإرهابية من المشهد، واستعادة هوية مصر التى كادت أن تفقد، وأن هذه الخطوة كانت بداية لاستعادة الدور المحورى لمصر فى منطقة الشرق الأوسط والعالم، فضلا عن الإنجازات التى تحققت فى المجتمع المصرى من مشروعات تنموية فى مجالات البنية التحتية، من أجل بناء جمهورية جديدة تسع كل المصريين وتليق بهم‪.‬ حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى حق المواطنة للجميع.
ويعتبر تاريخ 30 يونيو تاريخاً جديداً لدولة جديدة، تأسست من رحم تلك الثورة المصرية، واستعادة مصر لمكانتها الطبيعية فى القيادة وظهور مناطق القوة الخفية فيها، والتى تستدعى فى اللحظات العصيبة، لتعبر بمصر من اليأس إلى الأمل‪.‬
الهوية الوطنية
من جهته يؤكد الدكتور فتحى قناوى، أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية. أن ثورة 30 يونيو كانت نقطة انطلاق لتغيير واقع مؤلم عاشته مصر، حيث مثلت ثورة 30 يونيو نقطة فاصلة فى تاريخ مصر الحديث، حيث خرج الملايين من أبناء الشعب المصرى، ليعلنوا رفضهم لواقع سياسى واجتماعى واقتصادى فرض عليهم خلال عام مضطرب، ويؤكدون تمسكهم بهويتهم الوطنية ومؤسسات دولتهم‪.‬
‪ ‬وأضاف: لقد عانت مصر خلال هذه الفترة من حالة غير مسبوقة من فقدان الأمن. فى بلد عرف على مر العصور بأنه واحة للسلام والاستقرار، أصبح المواطن يخشى على منزله وأولاده. هذا الشعور بالغربة داخل الوطن، دفع الناس إلى التساؤل: هل هذه هى مصر التى نعرفها؟
‪‬وتابع: من أبرز أسباب قيام ثورة 30 يونيو، شعور المصريين بأنهم يحكمون من قبل جماعة الإخوان الإرهابية بأجندات لا تمثلهم، ويتعرضون لمحاولات طمس هويتهم الثقافية والدينية والاجتماعية، واستبدالها بمفاهيم دخيلة، لا تنبع من قيمهم الأصيلة‪.‬ والأزمة الحقيقية التى كانت تهدد استقرار المجتمع المصرى قبل قيام ثورة 30 يونيو، أن من تولوا زمام السلطة فى تلك الفترة، لم تكن تمتلك الحس الوطنى أو الدراية بحجم وقيمة الدولة المصرية، ولم يدركوا طبيعة الشعب المصرى، وأضاف: “كان همهم الأكبر هو الحفاظ على السلطة بأى ثمن، وتنفيذ تعليمات خارجية تستهدف هدم مؤسسات الدولة، من الجيش إلى القضاء، مرورا بالأمن والإعلام، بعيدا عن مصالح الوطن، ولهذا شعر المواطنون أنهم يعيشون فى وطن لا يدار بأيد مصرية ولا بعقل مصرى‪”.‬
‪ ‬وتابع: لم يكن المشروع سياسيا أو إصلاحيا، بل كان تفكيكيا يهدف إلى كسر الدولة من الداخل، وجر البلاد إلى الفوضى، حيث إن مصر بلد لها خصوصية، سواء على مستوى الشخصية الوطنية، أم الموقع الجغرافى، أم الدور الإقليمى. لهذا كانت الأجندات الخارجية تستهدف مصر تحديدا، باعتبارها حجر الأساس فى استقرار المنطقة‪.‬
 وبين د. فتحى، أن الشعب المصرى بطبيعته لا يقبل أن يستغل الدين فى السياسة. حيث رفض المصريون أن يدار وطنهم باسم شعارات دينية، وهم يعلمون أن تلك الشعارات تخفى وراءها رغبة فى السيطرة وليس الإصلاح. لذلك خرجوا ليطالبوا بدولة مدنية، تحترم فيها القوانين، وتصان فيها الحقوق والحريات‪.‬
‪ ‬وقال: فى ظل هذا الوضع، جرت محاولات متعمدة لتشويه مؤسسات الدولة، خصوصا الشرطة، من خلال الزج بها فى صدارة المواجهة. إلا أن الواقع أثبت أن الشرطة – حتى فى أحلك الظروف – كانت تؤدى دورها فى حماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ النظام العام. ولم يكن أحد يجرؤ على اقتحام متحف أو الاعتداء على بيت، وهو ما يؤكد أن جهاز الأمن لم يكن العدو، بل أحد ضحايا الحملة المنظمة‪.‬
‪ ‬وأضاف: سنة كاملة من الخوف، وانعدام الأمان، والانهيار الاقتصادى، وكان كل ذلك كفيلا بأن يحرك ضمير المصريين. الوضع الاقتصادى كان متدهورا والثقة فى الدولة بدأت تتآكل، حيث تدهور الاقتصاد إلى مستويات خطيرة، ووصل الاحتياطى النقدى إلى الصفر، وانهارت السياحة، وتعرضت البلاد لحملات من التضليل الإعلامى من خلال الكتائب الإلكترونية، حيث كان الهدف هو زعزعة ثقة المصريين فى دولتهم ومؤسساتهم‪.‬
واستطرد د. قناوى قائلا: لكن برغم كل ذلك، ظل المصريون على يقين، بأن ما يحدث ليس قدرا محتوما، بل أزمة يمكن تجاوزها بالإرادة والعمل. وكان الشباب فى مرمى نيران الكتائب الإلكترونية، التى استهدفت وعيهم وأحلامهم. البعض وقع فى فخ الخداع، لكن الغالبية ظلت تبحث عن تغيير حقيقى يلبى طموحاتها فى مستقبل أفضل. ولم يكن المطلوب مجرد إسقاط نظام، أو تغيير من أجل التغيير فقط، بل كان يتطلع إلى مستقبل أفضل، وبناء دولة جديدة، قوية، قادرة على تحقيق واحترام مؤسساتها، وتضمن الأمن والعدل والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، والكرامة لمواطنيها‪.‬
‪ ‬وأكد د. قناوى أن ثورة 30 يونيو أعادت للدولة المصرية توازنها، وكانت نقطة بداية فى طريق طويل نحو إعادة البناء. بدأ العمل فى شبكات البنية التحتية، من طرق وكهرباء ومياه، وبدأت الأراضى الزراعية فى الزيادة، وتم توفير بيئة ملائمة للاستثمار والاتصال والإنتاج وبرغم الصعوبات، أظهر المصريون عزيمة نادرة، وواصلوا العمل فى ظل ظروف قاسية، مدفوعين بالأمل فى غد أفضل لأبنائهم‪.‬
 أشار د. قناوى إلى أن ما حدث فى 30 يونيو لم يكن لحظة غضب عابرة، بل كان تعبيرا صادقا عن وعى شعبى، وإصرار على التغيير. واليوم، لتبدأ مصر مرحلة جديدة من العمل والإنتاج، ترتكز على الأمن، والعدل، والعدالة الاجتماعية، وهى القواعد الأساسية لأى نهضة حقيقية.

الحراك الشعبي
المفكر كمال زاخر، قال: إن ثورة 30 يونيو 2013 بمثابة فجر جديدا أضاء طريق الأمل بعد سنوات من القلق والخوف، وخرج الملايين من المصريين إلى الشوارع، وأدت إلى سلسلة من التحولات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية التى ما زالت آثارها حتى اليوم‪‬‪.
والقيادة السياسية كانت أكثر تفهمًا لمخاوف المجتمع المصرى كافة، واتخذت الحكومة الجديدة خطوات جادة لمحاربة الإرهاب والعنف الطائفى.‬

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام