نحن والعالم



لا مكان للغرباء فى لحظات الخطر والحرب.. صواريخ إيران تفضح التمييز العنصرى داخل إسرائيل

25-6-2025 | 23:39
العزب الطيب الطاهر

الملاجئ الحصينة والمجهزة بالأحياء الراقية لعائلات كبار المسئولين والوزراء ونواب الكنيست.. فى مفارقة صارخة بين رفاهية القادة وتعرض المدنيين للموت فى العراء

اتهامات واسعة لحكومة نتنياهو بـ«التمييز الطبقى» و«التمييز الأمنى» وترك ملايين السكان دون حماية حقيقية فى ظل نقص كبير فى الملاجئ العامة والخاصة

معظم القرى العربية فى الداخل الفلسطينى تُستخدم كمواقع لإسقاط الصواريخ المعادية
عشرات الآلاف من بدو النقب يعيشون فى قرى وتجمعات غير معترف بها رسميا

التمييز العنصرى جزء أصيل فى مكونات القوة القائمة بالاحتلال، بل يمكن القول، إنه المكون الرئيسى الذى يتحكم فى توجهاتها وسياساتها، منذ أن تم فرضها قسرا على الإقليم العربى قبل وبعد حرب 1948، ولا يقتصر الأمر على غير اليهود من العرب المقيمين داخل الخط الأخضر، بل تجاه فئات وشرائح يهودية، ضمن معادلة «الأشكناز»، الذين يهيمنون على السلطة والثروة، و”السفارديم” وهم فى مرتبة أدنى اجتماعيا واقتصاديا وطبقيا.. بيد أن المعضلة الكبرى تكمن فى السياسات العنصرية، التى تمارسها سلطات هذه القوة ضد السكان العرب، الذين ظلوا فى وطنهم، ولم يغادروه على الرغم من كل ألوان الاضطهاد والقسوة والمذابح، التى ارتكبت أثناء حرب 1948 وفى أعقابها، وأفضت إلى ما يطلق عليه النكبة، ما أجبرأكثر من 700 ألف فلسطينى على الرحيل إلى دول الجوار لبنان وسوريا والأردن، وكذلك إلى الضفة الغربية وغزة فأقاموا فى مخيمات اللاجئين، فى ظل أوضاع معيشية بالغة الصعوبة.


أما من بقى من العرب، وكان عددهم آنذاك نحو 165 ألفا، فقد تضاعفوا على مدى السبعة والسبعين عاما المنصرمة 77 عاما، إلى نحو مليونين و118 ألف نسمة، من إجمالى تعداد إسرائيل البالغ 10 ملايين و94 ألفًا، وفق أحدث دائرة الإحصاء المركزية فى إبريل الماضي، وهم يقيمون فى خمس مناطق رئيسية: منطقة الجليل، والمثلث، والجولان، والقدس وشمالى النقب، وتتمسك الغالبيّة العظمى بالتراث الثقافى واللغوى العربى والهوية الفلسطينية، لكنهم يتعرضون لأشد صنوف التمييز العنصرى ضراوة، التى هدفت ـ ولا تزال ـ إلى ضمان هيمنة اليهود فى كل المناطق الإسرائيلية، فضلا عن تمديدها إلى الأراضى الفلسطينية المحتلة - طبقا لتقارير هيئات ومنظمات دولية عاملة فى مجال حقوق الإنسان -وهو ما تجلى بصورة ساطعة فى إقرار الكنيست فى العام 2018، قانونا ذا مكانة دستورية، أكّد أن الكيان “دولة قومية للشعب اليهودى”، وأن حق تقرير المصير داخل تلك المنطقة، خاص بالشعب اليهودى.


لا مكان للغرباء
ولأن المجال لا يتسع لسرد ممارسات التمييز العنصرى ضد عرب، أو فلسطينى الخط، فإن التطورات الأخيرة الناجمة عن عدوان القوة القائمة بالاحتلال على إيران فى الثالث عشر من يونيو الجارى، جسدت على نحو غير إنسانى وأخلاقى تجاههم، مقولة” فى لحظة الخطر لا مكان للغرباء”، وظهرت تجليات هذا التمييز على نحو مفضوح وواسع وبلا خجل، فى أعقاب قيام طهران باستعادة المبادرة، عبر شن سلسلة من الهجمات والضربات الصاروخية المحكمة، على أهداف حساسة عسكرية وتكنولوجية واقتصادية وصناعية فى ليلة العدوان ذاتها، مصحوبة بغارات دقيقة للطائرات المسيرة، بعد أن تجاوزت مؤسستها العسكرية تداعيات الساعات الأولى من العملية الهجومية، التى وصفتها الدوائر العسكرية بإسرائيل بالعملية الاستباقية، واستهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية، فضلا عن كبار قيادات الحرس الثورى والجيش والقوات الجوية، ما أدخل سكانه فى حالة غير مسبوقة من الهلع والفزع والرعب، بعد أن فوجئوا بالقوة التدميرية للضربات الإيرانية، التى بدت معها المبانى والمنشآت والعمارات الشاهقة المدمرة والمنهارة من الداخل، خصوصا فى تل أبيب، على نحو شبيه بمشاهد منشآت ومرافق ومنازل قطاع غزة، التى دمرها جيش الاحتلال على مدى العشرين شهرا المنصرمة.
ومع ضراوة ضربات الصواريخ الإيرانية، التى استخدمت فيها مختلف الطرز الشديدة الفتك اضطر السكان للهروب واللجوء إلى الملاجئ المنتشرة بكثافة فى مختلف المدن، ومن الطبيعى أن تأوى الجميع بلا تفرقة أو تمييز، بين من هو يهودى وغير يهودى، بالذات من عرب أو فلسطينى 1948، فالموت أو الإصابة تطال الكل ولا تركز على هذه العرقية أو تلك، غير أن وقائع ما جرى خلال الأسبوعين المنصرمين، كرست عمق واتساع مدى التمييز العنصرى، لدى سلطات القوة القائمة بالاحتلال، وفق جملة من المعطيات، يكمن أولها فى أن ثمة صرامة فى قوانين الدفاع المدنى، التى تلزم كل مبنى جديد بضرورة توفير ملجأ منذ تسعينيات القرن الماضى، ما رفع عدد الملاجئ إلى مليون ملجأ، بينها 700 ألف ملجأ خاص، فإن هذا الرقم لا يعكس حقيقة التوزيع غير العادل، فالملاجئ الأكثر تطورًا تقع فى المناطق الراقية أو التى يسكنها اليهود الأشكناز، بينما تفتقر القرى العربية والبلدات الطرفية لأى بنية تحتية للحماية، وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن أكثر من ثلث سكان إسرائيل لا يملكون أى نوع من الحماية فى منازلهم، بينما نحو 50 % من الملاجئ العامة غير صالحة للاستخدام.


وعلى الرغم من أن الملاجئ، تعد عنصرا أساسيا فى خطط الطوارئ منذ تأسيس القوة القائمة بالاحتلال عام 1948، خصوصًا بعد الهجمات الصاروخية التى شنها العراق خلال حرب الخليج 1991 وهجمات حزب الله فى 2006، فإن حكومات الاحتلال فشلت فى توفير شبكة حماية شاملة لكل السكان، برغم وجود الجبهة الداخلية المسئولة عن إدارة هذه المنشآت وتدريب المواطنين على استخدامها.


‪ ‬ملاجئ غير مؤهلة
ثانيا: وفقا لما نشرته صحيفة “هآرتس”، فإن الغرف المحصنة لم تصمم لمواجهة ضربات مباشرة، بل لحماية مؤقتة من الشظايا والصواريخ بعيدة المدى، بينما قرابة نصف الملاجئ العامة غير مؤهلة للطوارئ، مما يثير الشكوك حول جدواها، طبقا لتقرير مراقب الدولة فى إبريل من العام 2023، وفى الوقت نفسه تتضارب تصريحات المسئولين الأمنيين فى هذا الشأن، ففى حين يتحدث بعضهم عن أن الملاجئ قادرة على التصدى لمختلف التهديدات، بما فى ذلك الصواريخ الباليستية، يقر آخرون بأنها مصممة خصيصا لمواجهة صواريخ سكود، التى أطلقها العراق فى 18 يناير1991، ولا تستبعد بعض هذه التصريحات، أن تتسبب الضربات المباشرة للملاجئ فى قتل من بداخلها، وهو ما وقع بالفعل نتيجة التدافع والتزاحم من فرط الشعور بالرعب والفزع والخوف، وإن كانت بعض الملاجئ قد تحولت إلى صالات ترفيه وأماكن للرقص، فى مفارقة صارخة بين رفاهية القادة، وتعرض المدنيين للموت فى العراء.


ولا يبدو أن التمييز يقتصر على المناصب فقط، بل يمتد إلى الجغرافيا، فمعظم القرى العربية فى الداخل الفلسطينى، تصنف كمناطق مفتوحة، وتفتقر للملاجئ، بل لا تطلق فيها صفارات الإنذار أحيانًا، كما حدث فى مناسبات سابقة، ويعتبر مسئولون عسكريون أن هذه المناطق “تُستخدم” كمواقع لإسقاط الصواريخ المعادية، فى انتهاك صارخ لأبسط معايير الحماية، كما توجد غرف محصنة تابعة للأجهزة الحكومية، وبعد عملية “طوفان الأقصى”، فى السابع من أكتوبر 2023، أصبحت معظم الاجتماعات الأمنية والحكومية فى تل أبيب، تجرى داخل هذه القاعات المحصنة، وتنص اللوائح التنظيمية على مواصفات خاصة لبناء الملاجئ، تشمل استخدام الخرسانة المسلحة فى الجدران والأسقف، وتصميم الأبواب والنوافذ من المعادن المصفحة، لجعلها قادرة على مقاومة الانفجارات وتحمل الشظايا الصاروخية، كما تشمل أنظمة التهوية والتكييف للاستخدام العادى والطارئ، ويتوافر بعضها على معابد وحانات وأماكن للرقص وغيرها، وتتحدث بعض المصادر عن وجود ملاجئ محصنة ضد الهجمات بالأسلحة الكيميائية.


خط الدفاع الأخير
ثالثا – تعد الملاجئ خط الدفاع الأخير، أثناء الحرب بعد منظومة الدفاع الجوى ذات المستويات المتعددة، والمخصصة لاعتراض الهجمات الصاروخية داخل وخارج الغلاف الجوى، وتنظم الجبهة الداخلية فى الجيش الإسرائيلى تدريبات دورية للسكان، حول التصرف عند دوى صفارات الإنذار، وكيفية الولوج إلى الملاجئ والمدد الكافية، حسب كل منطقة للوصول إلى الملجأ الأقرب، والتصرف فى حال عدم توافر ملجأ قريب، وتتضمن توصيات قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية تخزين كميات من المياه والأطعمة، والمستلزمات الطبية الأساسية، تكفى لعدة أيام فى الملاجئ الخاصة والمشتركة، بينما توفر الملاجئ العامة المياه فقط، وحسب المدينة، والموقع تتراوح المدة المتاحة للعثور على الملاجئ الأقرب ودخولها ما بين 10 ثوان و60 ثانية، بعد دوى صفارات الإنذار، ومع ذلك تصاعدت الشكاوى فى الآونة الأخيرة من نقص الملاجئ الآمنة، ووجهت الاتهامات لحكومة بنيامين نتنياهو بالتقصير، وذلك على إثر موجات الرد الإيرانى التى طالت مركز دولة الاحتلال، وتسببت فى هروب مئات الآلاف إلى أماكن محصنة، فضلا عن تسببها بدمار كبير فى المبانى والمنشآت، فبينما كانت صافرات الإنذار تدوى فى شوارع تل أبيب ومدن أخرى، فى الأيام الأولى من الحرب، هرع المدنيون بحثًا عن مأوى يقيهم وابل الصواريخ الإيرانية، بيد أن حكومة الاحتلال كانت قد اتخذت قرارها بالفعل: الملاجئ المحصنة محجوزة فقط للنخبة، والوزراء والقادة، لا للشعب، وهو ما يعنى بوضوح أن صواريخ إيران المنقضة كالصواعق، لم تكشف هشاشة الدفاعات الجوية فحسب، والتى كانت تتلاعب بها وتخترق منظوماتها المتعددة، مثل «القبة الحديدية»، و«حيتس 2»، و«حيتس 3»، و«باتريوت»، و«تيد»، بل فضح منظومة تمييز ممنهجة تضع حياة النخبة فوق حياة الناس، ففى حين يحتمى الوزراء فى ملاجئهم المحصنة ويؤمنون أسرهم فى شقق سرية، يترك المواطنون يواجهون الموت بصدر عار.


مع تصاعد حدة الهجوم الصاروخى الإيرانى، الذى استهدف عمق إسرائيل، أفادت وسائل إعلام عبرية بإخلاء عائلات وزراء ومسئولين كبار إلى ملاجئ تحت الأرض وشقق سرية، بعيدًا عن منازلهم الرسمية، تحسبًا لأى استهداف مباشر من قبل طهران ، وعلى هذا الصعيد يلفت تقرير نشرته القناة 13 إلى أنه على الرغم من أن عمليات إجلاء السكان تمت بتنسيق أمنى محكم، فإنه جرى نقل أسر أعضاء فى المجلس الوزارى السياسى والأمنى المصغر “الكابينت” إلى أماكن بديلة، بعضها فى مجمعات سكنية محصنة، وأخرى فى شقق لا علاقة لها بمساكنهم الأصلية، تحت مبرر “حماية القيادة لضمان استمرارية إدارة الدولة فى ظل الحرب “، الأمر الذى تسبب فى رد فعل شعبى لم يتأخر كثيرًا، فقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعى بموجة من الانتقادات الحادة، واتهم نشطاء وجمعيات حقوقية الحكومة بـ”التمييز الطبقي” و”التمييز الأمنى”، بعد أن ترك ملايين السكان دون حماية حقيقية، فى ظل نقص كبير فى الملاجئ العامة والخاصة، خصوصًا فى المناطق الفقيرة والقرى العربية.


وفى هذا السياق، نقلت صحيفة “يسرائيل هيوم” شهادات لأشخاص علقوا فى الشوارع خلال دوى صفارات الإنذار، بعد أن رفضت بعض المبانى السماح لهم بالدخول إلى الملاجئ، مما أجبرهم على الاتكاء على الأرصفة أو الاحتماء خلف سيارات، فصاح أحدهم غاضبًا: “الدولة تخلت عنا.. ببساطة لا مكان لنا نحتمى فيه “ بينما أكد ناشطون وجمعيات حقوقية بمواقع التواصل، أن المدنيين يستحقون حماية مماثلة، خصوصًا فى ظل ضعف قدرة الدفاع الجوى على درء كل الصواريخ، مطالبين بتوزيع دقيق وعادل للاستفادة من الملاجئ العامة، بما فى ذلك وضع أولويات وفق معايير واضحة (مثل الأطفال والمرضى)، لاسيما أن المبانى الأحدث فى مدن إسرائيل، غالبًا ما تكون فى المناطق الأكثر ثراء، وتحتوى على ملاجئ داخل الشقق الفردية، فى حين تفتقر المناطق الأخرى إلى هذه النوعية من الملاجئ، أو تحتوى فقط على ملاجئ فى الأحياء.

التمييز الأخطر

رابعا – غير أن التمييز العنصرى الفاضح والأخطر فى أنظمة الحماية المدنية، امتد إلى المواطنين العرب والعمال الأجانب والذين منعوا قسرا من دخول الملاجئ أثناء القصف، فى حين فُتحت الأبواب للسكان اليهود فقط.، وهو ما يسلط الضوء على الفجوة الممنهجة فى المعاملة حتى فى لحظات الخطر المشترك، مما أثار انتقادات واسعة لسياسات التفرقة داخل الكيان الإسرائيلى، وفى هذا الصدد تؤكد تقارير محلية أن معظم منازل المواطنين العرب، تفتقر إلى ملاجئ أو غرف محصنة، ما يجعلهم أكثر عرضة للخطر فى أوقات القصف، ومنذ اندلاع عدوان جيش الاحتلال والرد عليه بالصواريخ الإيرانية، وثقت تقارير وناشطون حوادث إغلاق ملاجئ فى وجه العرب والمقيمين غير اليهود فى عدة مناطق بمدن الكيان، ووفقا للصحفى العربى محمد مجادلة الذى يعمل فى “القناة 12”، فإن سكانا يهودا فى منطقة الكريوت (شمال) طردوا صباح الخميس قبل الماضى ممرضة عربية من ملجأ لمجرد أنها عربية.

وأضاف فى منشور على منصة “إكس”: “فى حادثة مشابهة، طردت عائلة عربية قبل يومين من أحد الملاجئ فى مدينة يافا (شمال)، لأن إحدى نسائها كانت ترتدى الحجاب”، وتابع مستنكرا: هذه هى إسرائيل فى عام 2025، بينما أفاد موقع “عرب 48”، المختص بشئون الفلسطينيين فى الداخل، أن عددا من السكان العرب منعوا يوم الإثنين قبل الماضى من دخول ملاجئ تابعة لإحدى الكليات، برغم التوجيهات الرسمية الصادرة عن بلدية تل أبيب بفتح هذه الملاجئ للجميع خلال حالات الطوارئ.

كما تداول ناشطون مقطعا مصورا يظهر شبانا إسرائيليين، وهم يمنعون عددا من العمال التايلنديين، من دخول أحد الملاجئ خلال ضربة صاروخية إيرانية، فيما يسمع أحدهم، وهو يقول “المكان مخصص لليهود، ولا يسمح بدخول التايلنديين”، قبل أن يوجه إليهم شتائم عنصرية.

خامسا - لا يقتصر التمييز على الممارسات الفردية فحسب، بل يمتد إلى البنى التحتية، إذ كشفت صحيفة “ذى جارديان” البريطانية، نقلا عن هيئة الرقابة الإسرائيلية، أن أقل من 15 بالمئة من السلطات المحلية العربية البالغ عددها 71 بلدية عربية وبدوية ودرزية، تملك ملاجئ، عامة، مقابل أكثر من ألف ملجأ، موزعة ضمن بنية تحتية شاملة فى البلديات اليهودية، ويحرم سكان هذه المناطق من أبسط سبل الحماية، برغم كونهم مواطنين رسميين فى الدولة، ما يعكس فشلا ممنهجا فى ضمان الأمن المتساوى خلال أوقات الحرب والطوارئ، ففى اليوم الثالث للحرب قتلت امرأة وابنتاها وقريبتهن، فيما أصيب آخرون جراء سقوط صاروخ إيرانى على منزلهم فى مدينة طمرة العربية بمنطقة الجليل، فى حين نقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، عن أحد الفلسطينيين بالقدس الشرقية واسمه “حسين”، قوله: إنه يحتمى بدرج منزله، حينما تدوى صفارات الإنذار من هجوم صاروخى إيرانى، لأن المبنى الذى يعيش فيه لا توجد به ملاجئ ، مشيرة إلى أن معظم المنازل فى الأحياء العربية بالقدس لا تحتوى على غرف آمنة معززة، وإن الملاجئ العامة، التى تقع فى الغالب داخل المدارس البلدية التى تم بناؤها حديثًا، قليلة ومتباعدة، وفى حين أن مثل هذه الأماكن شائعة فى جميع أنحاء الأجزاء اليهودية من القدس الشرقية، فإنها نادرة للغاية فى الأجزاء العربية من المدينة، كما الحال مع الملاجئ العامة، وفق الصحيفة نفسها.
و

يبدو الأمر فى جنوب إسرائيل أسوأ، إذ أطـلقـت مـنظـمة “إسرائيل تتبرع” اليسارية الخميس قبل الماضى، “حملة طوارئ” لشراء ملاجئ متنقلة لصالح السكان البدو فى صحراء النقب، فى أعقاب الأضرار التى سببتها الصواريخ الإيرانية، التى انقضت عليهم بكثافة نتيجة وجود قواعد جوية ومراكز عسكرية حساسة بها، وسط إهمال مستمر من سلطات تل أبيب وعدم توفير مناطق محمية لهم.. وعملت الحملة على جمع تبرعات لشراء ملاجئ مطابقة للمعايير الأمنية وتوزيعها فى القرى، إلى جانب الضغط السياسى لمواجهة ما وصفته بسياسات التمييز، التى تحرم هذه المجتمعات من الحماية الأساسية.. ووفق المنظمة، فإن عشرات الآلاف من بدو النقب يعيشون فى قرى وتجمعات عربية غير معترف بها رسميًا ولا تتوافر فيها وسائل حماية من الهجمات الصاروخية، ما دفع مئات العائلات إلى المبيت تحت الجسور أو خطوط السكك الحديدية.

ويقيم عشرات الآلاف من البدو العرب فى عشرات البلدات التى لا تعترف بها حكومة الاحتلال، ما يحرم سكانها من الحصول على الماء والكهرباء والبنى التحتية والمدارس والعيادات الطبية، فضلا عن تعرضهم لهدم المنازل التى يقيمونها بذريعة البناء غير المرخص، ما دفعهم أخيرا لتنظيم احتجاجات واسعة على سياسة تل أبيب تجاههم.

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام