حياة الناس



سلاح بيئى رادع لمواجهة التغيرات المناخية.. «المانجروف» مستقبل كوكب الأرض

19-7-2025 | 15:03
⢴ هبة عادل‪

من أقدم الأشجار التى تنمو على شواطئ البحر الأحمر وتنتشر بكثرة فى مناطق الجنوب

د. عادل سلمان: كل شتلة تزرع تمثل طوق إنقاذ للبيئة قبل فوات الأوان

د. محمود بكر: الإعلام التنموى له دور محورى فى نشر الوعى البيئى

طاهرة الحفناوى: التكنولوجيا الخضراء من أهم عوامل دعم تقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون

يعد نبات المانجروف، بمثابة سلاح بيئى رادع لمواجهة التغيرات المناخية، فى مواجهة آثار التغيرات المناخية المتصاعدة، وتراجع استزارع الغطاء النباتى لنبات «المانجروف»وهو من أقدم الأشجار التى تنمو على شواطئ البحر الأحمر، وتنتشر بكثرة خصوصا فى مناطق الجنوب المختلفة، مثل منطقة شواطئ مرسى علم وحلايب وشلاتين، وتنتشر أيضا فى مدينة الغردقة، بجزيرة أبو منقار، وجزيرة سفاجا، وكذلك فى وادى الجمال ومناطق حماطة وشواطئ علبة، وبعض الجزر البعيدة، كما تعرف باسم القرم، والقندل، والشورا‪.

جهود كثيرة تبذل من قبل المهتمين بالبيئة فى مصر، لتوفير الحلول المناسبة لمواجهة آثار التغيرات المناخية، وتأتى مبادرة جمعية بيئة بلا حدود، كأحد أهم المشاريع البيئة التى تسعى لاستخدام قوة الطبيعة كدرع حماية وواقية للبيئة المصرية، خصوصا سواحل البحر الأحمر، ويقول دكتور عادل سلمان، الخبير البيئى فى الشئون البيئة، ورئيس جمعية بيئة بلا حدود، إن هذا المشروع أو المبادرة تواجه العديد من التحديات المركبة بعضها طبيعى، وبعضها إدارى، والبعض الآخر يرتبط بالوعى المجتمعى والتمويل‪.

وأضاف:إن التحديات التى تواجه هذه المبادرة، تتعلق بالتأثيرات المناخية التى تتغير بشكل ملحوظ، فقد أصبحت وتيرة تآكل الشواطئ وارتفاع مستوى سطح البحر سريعة للغاية، مما يهدد البيئة الطبيعية التى تحتاجها شتلات «المانجروف»، للنمو مما يقلص أيضاً المساحات القابلة للاستزراع الطبيعى‪.

فى الأماكن المناسبة للزراعة، يتم تقليصها تدريجياً بفعل الغمر والتأكل، مما يجعل من كل شتلة تزرع اليوم، إنقاذا بيئيا قبل فوات الأوان، كما يصعب الوصول للمناطق النائية الصالحة للزراعة، إلى جانب نقص المعدات والدعم الفنى المتخصص، ما إن آليات إكثار الشتلات مازالت تحتاج إلى تطوير وأن بعض الجهات تتعامل مع «المانجروف»، باعتباره مورداً احتكاريا، وليس حقاً بيئيا عاماً مما يعرقل فرص التوسع فى المشروع‪.

وتابع ومن التحديات الأخرى، التى لا تقل خطورة هى التى تواجه بعض المواقع الساحلية تلوثاً بيئيا خطيرا، نتيجة المخلفات البلاستيكية والسلوكيات غير الرشيدة من قبل البعض، مما يؤثر على الشتلات الجديدة ويهدد سلامة المنظومة البيئية بالكامل، فالأبد من ضرورة إقرار آليات صارمة لحماية المحميات البحرية، وتعزيز ثقافة الساحل النضيف فى المجتمعات‪.

واستطرد دكتور عادل سلمان، الخبير البيئى فى الشئون البيئة قائلا:يأتى ضمن خطة الدولة فى تكثيف مشروعات السياحة البيئية، بالإضافة للاستفادة من المحميات الطبيعية والاستثمار البيئى لها، حيث تم إنشاء 4مشاتل لإكثار أشجار المانجروف، فى كل من سفاجا وحماطة وشلاتين بمحافظة البحر الحمر، والمحمية الطبيعية «نبق»فى محافظة جنوب سيناء، وذلك من أجل تعظيم إمكاناتها الاقتصادية والبيئية والسياحية، بالإضافة لما يتم إنتاجها سنويا، ويصل لنحو 25ألف شتلة مانجروف، بالعروة الواحدة، أى بمعدل عروتين سنويا، ويصل تقريبا بإجمالى 300ألف شتلة، خلال فترة المشروع بإجمالى مساحة مستهدفة، تصل إلى 500فدان‪.

وبرغم أهمية المشروع، فإن المجتمع المحلى لا يزال بحاجة إلى قدر كبير من التوعية بقيمة زراعة نبات المانجروف، ودورها الحيوى فى تخزين الكربون ومقاومة الفيضانات، فالأمر ليس زراعة شجرة، بل استعادة توازن بيئى مهدد والحفاظ على تراث طبيعى وإنسانى، فنحن لا نزرع المانجروف من أجل البيئة فقط، بل من أجل الإنسان ومن أجل الأجيال القادمة التى تستحق أن تتنفس هواء تقيا وتعيش فى بيئة متوازنة‪.

درجة الحرارة

ويؤكد دكتور عادل سلمان، الخبير البيئى فى الشئون البيئة، خطورة ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 8درجات، سوف تختفى الثدييات وتهدد بالاندثار بسبب التغييرات المناخية، ونفقد الأراضى الرطبة ونخسر ثرواتنا الطبيعية، ونعمل من خلالها على إيجاد حلول قائمة على الطبيعة وتنفيذ البرامج الخاصة بالمشاركة المجتمعية، والزراعة المستدامة والخضراء، فهناك قصص نجاح قامت بالتطوير لمواجهة هذه المشكلات. لمواجهة انبعاثات الكربون ودمج مشروعات المصانع، وأن يتم استخدام الطاقة الشمسية، وتحويل منظومة المخلفات إلى أن تكون صديقة للبيئة، ونعمل أيضاً على مشروع تخزين الكربون من خلال استزراع شجر «المانجروف»لأنه يساعد على امتصاص الكربون، فهو يحتاج نظام بيئية معينة وهو منتشر فى محميات البحر الأحمر، ونعمل على زيادة هذا النبات واستعادة مناطق الفقد، وهناك نماذج مصرية ناجحة عملت فى زراعة المانجروف، وهو من الموضوعات والحلول القائمة على الطبيعة، كما قامت وزارة الزراعة بزرع كمية من السماد العضوى فى واحة سيوة، فقد تم إنشاء السور الأخضر العظيم، الذى قامت به 11دولة من خلال اتفاقية مع الاتحاد الإفريقى فهذه نماذج عالمية ملهمة، فقد قاموا بزراعة مساحة 8000و15000كم من الأشجار عبر 11دولة لامتصاص 250مليونا من الكربون‪.

‪ وتابع دكتور عادل سلمان، الخبير البيئى فى الشئون البيئة قائلا: كما تعمل هذه المنظمات، على إعادة تأهيل غابات الأمازون، فهناك أيضاً مشروع لزراعة 12مليون هكتار من الأشجار، فهى تعتبر رئة الأرض فى العالم، حيث قامت والبرازيل ومجموعة من دول أمريكا بالتعاون فى الزراعة بنسبة 37٪.

وتابع دكتور عادل سليمان، الخبير البيئى فى الشئون البيئة قائلا:  نعم هناك تحديات تواجهنا، فمن التحديات التى نواجهها هى نقص التمويل ومحدودية الوعى المجتمعى وتعقيدات التنسيق بين الجهات، وزيادة الاستثمار فى المشاريع الطبيعية، المشروع ذات المنفعة المزدوجة وفى نفس الوقت تزود التعاون البيئى، وتعزيز قدرة النظم البيئية على التكيف مع تغير المناخ وامتصاص الكربون، الذى يعد الأول فى مصر منذ أكثر من عدة أعوام‪.

فمشروع تعزيز تخزين الكربون الأزرق، كان من خلال الاستعانة بالمجتمع المحلى وفريق العمل، حيث قمنا بزراعة 6000شتلة فى محمية وادى الجمال، ونقوم باستخدام تقنيات الأنسجة، لتوفير 200ألف شتلة متجانسة، واختيار مواقع مناسبة للزراعة وإعادة تأهيل الصوب‪ .

وأضاف:من المجهودات التى قمنا بها، هى إعادة تأهيل الصوب المدمرة وتأهيلها مرة أخرى، واستثمارها من جديد، فقد كان الهدف هو زراعة 750هكتارا، والمزروع فعليا حالياً هو 300هكتار، ويتم حساب الكربون وقياسه من الشجرة نفسها، من خلال فريق عمل يأتى من الخارج، ويقوم بعمل القياسات الميدانية وتطوير نماذج حسابية تعتمد على كثافة الأشجار ونمو الشتلات، ولدينا رؤية خلال الثلاث سنوات المقبلة لتنفيذ هذه الفكرة، ما تم عمل شراكة مع كوريا الجنوبية وشركة من الهند لتقوم بعمل الإحصائيات والتسويق‪، وتدخل غابات المانجروف بمنطقة حماطة جنوب مصر، ضمن مشروعات الأحزمة الخضراء، التى تحيط بالمناطق الساحلية على البحر الأحمر وخليج العقبة، وقد نجحت هذه المنطقة بسبب إقبال السائحين، وخبراء البيئة من مختلف دول العالم عليها، فى تحقيق عوائد اقتصادية، قدرت بنحو 500مليون دولار سنوياً‪.

كما تم تطوير منصة جرين طاقة، من خلال برنامج مسّرع الاستدامة الخاص بالشركة، الذى يركز على توسيع الحلول التى تتصدى للتحديات البيئية، مشيرا إلى أن منصة جرين طاقة تعد خطوة مهمة لضمان حصول المجتمعات النائية فى مصر، على طاقة مستدامة وبأسعار مناسبة، مما يدعم النمو الاقتصادى والاستدامة البيئية‪.

الوعى البيئى

من جهته أكد الدكتور محمود بكر، رئيس جمعية كتاب البيئة والتنمية، أن الإعلام التنموى له دور محورى فى نشر الوعى البيئى، الذى من خلاله يتم التعاون مع عدة جهات، لتنفيذ المشاريع التى تنقذ الوعى المجتمعى بالتعاون مع وزارة البيئة ومؤسسة «ازرع شجرة»، بهدف دعم الحملات الإعلامية، وتثقيف الشباب الصحفيين، حول قضايا البيئة، والتشديد على أهمية إعداد جيل جديد من الإعلاميين، قادر على طرح القضايا البيئية بلغة إبداعية وموثوقة، بما يعزز من تأثير الإعلام فى دعم أهداف التنمية المستدامة، وتوسيع مشاريع إكثار المانجروف على سواحل البحر الأحمر، ودعم المبادرات المجتمعية التى تعتمد على الطاقة النظيفة، وتعزيز التعاون مع وسائل الإعلام لنشر ثقافة الاستدامة، وتوسيع نطاق التمويل المستدام لتمكين المجتمعات المحلية من تبنى حلول بيئية واقتصادية متكاملة‪.

ويوضح بكر، أن التآكل الساحلى يحدث عندما تتحرك الرياح أو الأمواج أو التيارات الشاطئية الطويلة، أو المد والجزر أو جريان المياه السطحية، أو تسرب المياه الجوفية الرمال والرواسب من موقع ساحلى، وتنتقل هذه الرمال والرواسب النازحة من مكان إلى آخر، ولا تختفى من النظام الكلى ما لم تقم الأنشطة البشرية، مثل التجريف، بإزالتها بشكل دائم‪.

التكنولوجيا الخضراء

تقول الباحثة طاهرة الحفناوى، بالمركز القومى للبحوث:تعتبر التكنولوجيا الخضراء، أو التكنولوجيا الصديقة للبيئة، من أهم عوامل دعم تقليل استهلاك الطاقة، وانبعاثات الكربون والتأثيرات السلبية على كوكب الأرض من خلال الممارسات الاستدامة، والابتكار والاعتماد على الحلول القائمة على الطبيعة، التى تركز على تخفيف آثار تغير المناخ ودعم المجتمعات المحلية، بما يعود بالنفع على الناس والطبيعة فى آن واحد‪.

كما يعتبر التمويل المستدام، أحد الحلول الاقتصادية الحديثة، التى تستند إلى دمج الاعتبارات البيئية والاجتماعية، والحوكمة فى القرارات الاستثمارية، فهذا التوجه يسهم فى تمويل المشاريع الخضراء مثل الطاقة المتجددة، وإعادة التدوير، مما يقلل من الانبعاثات الكربونية، ويخلق وظائف عادلة، ويعزز من العدالة الاجتماعية والاقتصادية، خصوصا فى المجتمعات الريفية.

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام