فنون وفضائيات



يشهد مشاركة 15 عرضا والفرجة لكل الأسرة بالمجان بين الفن والبهجة .. انطلاق مهرجان القاهرة للعرائس

6-10-2025 | 20:35
⢴ أحمد أمين عرفات

الدورة الأولى تحمل اسم جمال الموجى تكريما لمسيرته وإسهاماته

لم يكن مساء الثلاثاء الأول من أكتوبر، مساء عاديا فى القاهرة، فقد اتجهت الأنظار فيه إلى حفل افتتاح مهرجان القاهرة للعرائس على مسرح سيد درويش بالهرم، حيث تحركت العرائس على الخشبة، لتعلن انطلاق الدورة الأولى من المهرجان، ومن بعدها انطلقت فاعلياته التى تستمر حتى السابع من أكتوبر، ومعها أضيئت أنوار المسارح، وتعالت أصوات الأطفال وأسرهم، أوقات بدت وكأنها جسر سحرى يصل بين ذاكرة المصريين المليئة بشخصيات أحبوها منذ عقود، وبين جيل جديد يدخل هذا العالم الساحر للمرة الأولى.

جاء هذا المهرجان بعد أشهر من الإعداد والورش، حاملا اسم الفنان الكبير جمال الموجى تكريما لمسيرته وإسهاماته، ومنذ لحظة الافتتاح بدا واضحا، أن الأمر ليس مجرد عروض مسرحية، بل احتفال شامل بفن يراد له أن يستعيد مكانته فى الثقافة المصرية والعربية.

يقام مهرجان القاهرة لمسرح العرائس، تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية، وإدارة الدكتورة غادة جبارة، رئيس أكاديمية الفنون مشرفا عاما، والدكتور حسام محسب رئيسا، والدكتور محمود فؤاد صدقى مديرا، وقد حرص الجميع على أن يمثل المهرجان خطوة نحو إعادة الاعتبار لفن العرائس، باعتباره فنا قادرا على مخاطبة الطفل والكبير معا، بل إعادة تشكيل علاقة الأجيال الجديدة بالمسرح ككل.

ورش فنية

سبقت المهرجان سلسلة من الورش التدريبية، استمرت لشهرين كاملين، شارك فيها 306  متدربين من أصل 478  تقدموا لها، وقد تنوعت بين الإضاءة، والأراجوز، وصناعة العرائس للأطفال، وتحريك العرائس، وتقنيات الميكانيزم، والرسم الهندسى، والمصغرات، وتصميم وتنفيذ ملابس العرائس، بالإضافة إلى ورش الحكى وخيال الظل، ونحت الطين الأسوانى، وفنون الكتابة لمسرح العرائس، إلى جانب ورش متخصصة للأطفال والهواة فى المحافظات المختلفة. علاوة على دورات تدريبية «ماستر كلاس»، حول أثر التكنولوجيا الرقمية على فن خيال الظل، وإخراج مسرح الطفل ودمج العرائس، وأزياء المسرح.

لم تقتصر هذه الورش على القاهرة فحسب، بل امتدت إلى قصور الثقافة فى محافظات الإسكندرية، والقليوبية وقنا والسويس، وطنطا وبنى سويف، هذا الانتشار جعل المهرجان يبدو، كأنه مشروع قومى لإحياء فن العرائس فى مصر كلها، لا مجرد فاعلية مركزية فى العاصمة.

تقدم للمهرجان أكثر من 50 عرضا، لكن لجنة المشاهدة وقع اختيارها 15 عرضا مسرحيا، يمثلون العديد من جهات إنتاجية مختلفة، منها البيت الفنى للمسرح، الهيئة العامة لقصور الثقافة، المركز القومى لثقافة الطفل، البيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية، وأكاديمية الفنون، ومن وزارة التربية والتعليم، وللمسرح المستقل، ومن أبرز هذه العروض التى سيشاهدها الجمهور طوال أيام المهرجان "لازم تصلح غلطتك"، الذى يحمل رسالة أخلاقية للأطفال، و"خيال" الذى يمزج بين تقنيات الظل والعرائس الخشبية، و"مملكة السحر والأسرار" والموجه للعائلة، و"البؤساء" المقتبس من الرواية الشهيرة، إلى جانب "غابة الحكايات" و"ذات والرداء الأحمر" و " زى العسل "  و" زمبليطة فى الصالون"،  وقد تمت مراعاة أن يجد كل جمهور نصيبه، حيث تنوعت وفقا لهذا الجمهور، فهناك أربعة عروض مخصصة للأطفال فقط، منها عرض لذوى الهمم تشجيعا من المهرجان لهم، وكذلك هناك عروض مخصصة لكل أفراد الأسرة، وهم تسعة عروض، بالإضافة إلى عرضين مخصصين للكبار فقط لكونهما يناقشان قضايا وجودية وفكرية، من خلال فن الدمى، يصعب على الأطفال فهمها.

أهم ما يميز هذه العروض أنها بالمجان، ولن تقتصر على مكان واحد، بل يتم تقديمها فى أماكن مختلفة، منها مسرح القاهرة للعرائس بالعتبة، مسرح نهاد صليحة بأكاديمية الفنون، الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب، قاعة صلاح جاهين بالعجوزة، مسرح مدرسة الفنون، علاوة على أماكن أخرى فى الفضاءات العامة، لضمان وصول هذا الفن إلى أكبر شريحة من الجمهور . 

ندوات ومعارض
بالتوازى مع العروض المسرحية، يشهد المهرجان إقامة معارض مثل "العرائس كحلم"، الذى يعرض نماذج متنوعة من الدمى القديمة والحديثة، إلى جانب ندوات فكرية بعنوان "أمسيتنا"، تتناول علاقة مسرح العرائس بالتربية والفنون الأخرى، فى هذه الندوات، يناقش نقاد وفنانون كيف يمكن للعرائس أن تكون أداة تعليمية وفنية فى آن واحد؟ وكيف يفتح هذا الفن الباب أمام التقنيات الرقمية مثل الإسقاطات الضوئية والوسائط المتعددة دون أن يفقد أصالته؟

يشهد المهرجان أيضا، تكريم عدد من الرواد، الذين أسهموا فى ترسيخ فن العرائس فى مصر والعالم العربى، وفى الوقت نفسه، فُتح المجال أمام وجوه شابة قدمت رؤى جديدة ومبتكرة، ما جعل المهرجان بمثابة جسر بين الأجيال، هذا المزج بين التكريم والاستكشاف، يمنح المهرجان طابعا خاصا، فهو لا ينظر فقط إلى الماضى باعتباره رصيدا، بل إلى المستقبل باعتباره مساحة للتجريب والابتكار.

ما يميز الدورة الأولى لمهرجان القاهرة لمسرح العرائس، أنه لم يكتف بالعروض المسرحية، بل حاول أن يخلق حالة مجتمعية. فمن خلال الأنشطة الموازية، والورش، والندوات، ومعارض الدمى، بدا المهرجان كأنه يطرح سؤالا أوسع: كيف يمكن للفن أن يعيد البهجة إلى الحياة اليومية للمصريين؟
بانطلاق الدورة الأولى،  وجدت القاهرة صيغة جديدة للاحتفاء بمسرح العرائس. صيغة تمزج بين الترفيه والفكر، وبين التراث والحداثة، والرغبة فى جذب جمهور متنوع وصناعة حالة ثقافية، بالتالى يعد هذا المهرجان إضافة حقيقية للمشهد الثقافى المصرى .
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام