رئيس مجلس الإدارة:
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير:
جمال الكشكي
الخميس 13 نوفمبر 2025
نحن والعالم
حياة الناس
سوق ومال
فنون وفضائيات
مقالات
ثقافة
فجر الضمير
المزيد
وجوه عبر الزمن
رياضة
الملفات
أرشيف المجلة
أول الأسبوع
منوعات
Business Leaders
دائرة الحوار
مقالات
أثر الفراشة الأمريكية
8-10-2025
|
00:55
مهدى مصطفى
من هنا نبدأ، ومن هنا نفهم سر الإبادة فى فلسطين، ومن أين جاءت؟
يناهض تلاميذ ليو شتراوس فى أمريكا الرئيس دونالد ترامب، الذى رفع شعارين أساسيين: «أمريكا أولًا»، و«لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، وهما شعاران يتعارضان مع جوهر مدرسة شتراوس التى غذت فكر المحافظين الجدد فى العقود الأخيرة.
شتراوس، الفيلسوف السياسى الألمانى - الأمريكى المؤسس الرمزى لفكر يرى القوة ضرورة للحفاظ على الحضارة الغربية، أثر بعمق فى جيل من الأكاديميين والمسئولين الأمريكيين الذين أصبحوا بعدها صناع قرار فى إدارة جورج بوش الابن.
هؤلاء التلاميذ ــ مثل بول وولفويتز، ريتشارد بيرل، ودوجلاس فيث ــ انتقلوا من الفكر إلى الفعل بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، فكانوا من مهندسى الحرب على أفغانستان والعراق، وما عرف بـ “الحرب العالمية على الإرهاب”.
اختفاؤهم لاحقا من المشهد السياسى لم يدمر فلسفة الاستثمار فى الحروب التى أسسوا لها، فقد تبناها الرئيس جو بايدن فى خطابه عن حرب أوكرانيا وغزة ما بين 2023 و2024، حين دافع صراحةً عن دعم إسرائيل، ورفض وصف ما يحدث فى غزة بأنه “إبادة جماعية”.
جاء ترامب من اتجاه آخر، يستند إلى مفهوم “سلام القوة” مستلهما من “سلام روما القديمة”، يمثل جيلا من الأمريكيين ضجر من التورط العسكرى فى الخارج، ويميل إلى الانعزال القومي.
خلال فترته الأولى، شكك فى رواية أحداث سبتمبر، وهاجم الرئيس باراك أوباما، ووزيرة خارجيته هيلارى كلينتون، محملا إياهما مسئولية الفوضى التى أحدثها “الربيع العربي”، وصعود داعش، واعتبر أن سياساتهما سلمت مفاتيح الشرق الأوسط إلى الإرهاب.
ومع ذلك، بدا ترامب فى فترته الثانية أكثر ترددا، رغم أن القاعدة الانتخابية التى حملته ما زالت تؤمن بشعار القوميين، ذلك الجيل الجديد أراد الانفصال عن إرث الحروب والتحالف المطلق مع إسرائيل، وهو ما تجلى فى التظاهرات الأمريكية ضد الإبادة فى غزة أواخر 2023 .
من أبرز من أثروا فى هذا التحول اثنان:
الأول هو تاكر كارلسون، الصحافى اليمينى ومقدم أحد أشهر البرامج السياسية فى الولايات المتحدة، صاحب الملايين من المتابعين، الذى بدأ يشكك فى الخطاب الصهيونى الأمريكى، وفى مفهوم “الأرض الموعودة” ذاته، منتقدا نتنياهو واتهمه بالتلاعب بالسياسة الأمريكية لمصلحة إسرائيل.
أما الثانى، فهو تشارلى كيرك، الذى لعب دورا بارزا فى استقطاب الشباب المحافظ نحو التيار الترامبى، وقد قتل كيرك فى حادث غامض داخل جامعة يوتا، الأمر الذى أثار عاصفة من نظريات المؤامرة فى الإعلام الأمريكى، حتى إن ترامب نعى مقتله ووجه بتنكيس الأعلام سبعة أيام.
فى إحدى حلقاته، كشف كارلسون أن الهجوم الإسرائيلى على إيران عام 2025، كان، بحسب وصفه، “خطيئة إستراتيجية”، زاعما أن ضباطا إسرائيليين مارسوا نفوذا غير مسبوق داخل وزارة الدفاع الأمريكية خلال العملية، مما هز صورة التحالف الأمريكى - الإسرائيلى، وأثار نقاشا علنيا حول من يتحكم فعلا فى قرار الحرب”.
دفع هذا الحدث ترامب إلى إعادة النظر فى سياسته للشرق الأوسط، وطرح مبادرة جديدة للسلام، وإن لم يستطع حتى الآن وقف الحرب فى أوكرانيا أو غزة.
فى الخلفية الأيديولوجية للصراع، تبرز أفكار زئيف جابوتنسكى، مؤسس الحركة الصهيونية التصحيحية، الذى قال عام 1937: “إن القوة وحدها تصنع الحق، وإن الجدار الحديدى هو الطريق الوحيد إلى الأمن اليهودي”.
تلميذه بنزيون نتنياهو، والد بنيامين، تبنى تلك الرؤية، وعمل على ترويجها فى الأوساط الأمريكية خلال إقامته الطويلة هناك، فقد رأى فى الولايات المتحدة الامتداد الطبيعى للحلم الإمبراطورى الإسرائيلي.
وهكذا يتقاطع خط “جابوتنسكي- شتراوس- نتنياهو” فى فكرة واحدة: النظام العالمى لا يدار بالقيم، إنما بالقوة، وأن الحروب ليست خطأً، إنما استثمار.
فى المقابل، يقف جيل ترامب وكارلسون وكيرك على الضفة الأخرى، محاولين استعادة فكرة أمريكا القومية المنكفئة على ذاتها، بعيدا عن “حروب الآخرين”.
حتى الآن، يبدو أن القوة الجاذبة للحروب الكبرى لا تزال أقوى من رغبات التغيير، وأن “أثر الفراشة” الذى خلفه شتراوس وتلاميذه ما زال يحرك أجنحة الإمبراطورية الأمريكية فى الخفاء.
رابط دائم
اضف تعليقك
الاسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
الاكثر قراءة
اشترك فى الأبدية.. عش الآن وادفع لاحقا
كيف كانت وكيف صارت.. (2)
إسرائيل ومعضلة الضم والفصل
اعلى
< li>
نحن والعالم
< li>
حياة الناس
< li>
سوق ومال
< li>
فنون وفضائيات
< li>
مقالات
< li>
ثقافة
< li>
فجر الضمير
< li>
وجوه عبر الزمن
< li>
رياضة
< li>
الملفات
< li>
أرشيف المجلة
< li>
أول الأسبوع
< li>
منوعات
< li>
Business Leaders
< li>
دائرة الحوار
جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام