ثقافة



فوزه بمنصب المدير العام لمنظمة (اليونيسكو) يحمل دلالة خاصة.. «خالد العناني» حارس التراث والثقافة

11-10-2025 | 19:55
⢴ محمد عبد الحميد

حصل على أكبر عدد أصوات يحصل عليها مرشح لهذا المنصب منذ تأسيس المنظمة فى عام 1945
محاولات مصر والدول العربية لخوض انتخابات رئاسة اليونسكو بدأت عام 1999
التمويل وكيفية التعامل مع التراث الفلسطينى.. ملفات تنتظر المدير الجديد


ما أكثر المناصب الدولية المرموقة، التى سبق وتولاها كفاءات وقامات مصرية، تمكنت من قيادتها ببراعة وترك بصمات خالدة فى أذهان المجتمع الدولى، لكن فوز الدكتور خالد العنانى بمنصب المدير العام الجديد لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، يحمل دلالة خاصة، فقد جاء بعد سلسلة جهود كبيرة من الدولة المصرية، تكللت بفوز كاسح، يؤكد ما تحظى به مصر من تقدير دولى ومكانة راسخة على الساحة العالمية.

منصب مدير عام منظمة اليونسكو، يضاف إلى السجل الحافل للشخصيات المصرية التى تولت مناصب قيادية فى المنظمات والوكالات الدولية، وعلى رأسهم بطرس غالى، وزير خارجية مصر الأسبق، الذى شغل منصب الأمين العام السادس للأمم المتحدة بين أعوام 1992 و1996، ومدير عام برنامج البيئة العالمى، والمديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة، ومدير عام منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية وغيرهم.

الجهود المصرية والعربية، لفوز أحد المرشحين العرب بمنصب مدير عام اليونسكو، بدأت تحديدا عام 1999، مع ترشيح مصر مدير مكتبة الإسكندرية وقتها، الدكتور إسماعيل سراج الدين، كما رشحت السعودية الأديب والدبلوماسى الراحل غازى القصيبى. 27 عامًا، مرت على أول ترشيح مصرى وعربى، ومن وقتها المحاولات مستمرة، حتى تكللت هذه المرة بفوز المرشح المصرى الدكتور خالد العنانى ليتولى قيادتها خلال الدورة المقبلة، والتى تمتد لـ4 سنوات تبدأ رسميا فى 15 نوفمبر 2025، إلى ذات التاريخ من عام 2029، حلم تحقق بعد مشوار طويل من الجهود المصرية والتوافق العربى والإفريقى.

خبرات وطنية
الحكومة المصرية بقيادة الدكتور مصطفى مدبولى، لعبت دورا بارزا فى دعم ترشح الدكتور خالد العنانى، وفوزه بمنصب مدير منظمة اليونسكو، قد حرص رئيس الوزراء على تهنئته، وقال د. مدبولى - فى بيان - إن هذا الفوز التاريخى، يمثل نصرًا جديدًا لمصر فى معترك المنظمات الأممية الدولية، وبرهانا جديدا على الثقة الكبيرة فى قدرة الخبرات الوطنية وسط الدوائر العربية والإقليمية والدولية، واليقين فى قدرتها على إحراز الإنجازات وتحقيق الفارق.

وأعرب رئيس الوزراء، عن خالص أمنياته القلبية، لزميله الدكتور خالد العنانى، بالتوفيق فى مهام منصبه الأممى الرفيع، مؤكداً أنه يكلل مسيرته الوطنية المُشرفة فى مختلف الأدوار والمسئوليات التى تولاها، واضطلع بها بضمير وطنى، وقلب مخلص، وعقل واعٍ مستنير، لعل آخرها مهمته وزيرًا سابقاً للسياحة والآثار فى مصر، حيث حقق خلال هذه المهمة إنجازات واضحة، وترك بصمات ملموسة، وتولى الدكتور خالد العنانى مسئولية هذه المنظمة الأممية الرفيعة، سيمثل نقطة مضيئة وعلامة فارقة فى مسيرتها ودورها الإنسانى، سعياً لتحقيق أهدافها فى حماية التراث الإنسانى وصونه، وتعزيز محاور التنمية المستدامة. 

خطوات الفوز
بدأت أولى خطوات فوز الدكتور خالد عنانى، منذ اللحظة الأولى لترشحه، حيث التوافق العربى الكبير، والبداية كانت فى 5 إبريل 2023، عندما أعلن مجلس الوزراء برئاسة د. مصطفى مدبولى - فى بيان - ترشح عنانى، وزير السياحة والآثار السابق، للمنصب كمرشح لجمهورية مصر العربية، استنادًا لمؤهلاته وإنجازاته الأكاديمية والتنفيذية فى مجالات عدة، وإسهاماته القيمة وطنيا ودوليا، فى مجالات العلوم والتربية والثقافة، التى تعد نتاجًا لخبراته طيلة 30 عاما، فى مجالات التدريس الجامعى والبحث العلمى، علوم المصريات، الآثار والتراث والمتاحف والسياحة. 

ملفات وقضايا بانتظار العنانى
هناك عدد من الملفات، تنتظر الدكتور خالد العنانى، مع توليه مسئولية قيادة المنظمة، أبرزها تلك المتعلقة بتوفير التمويل اللازم لحفظ التراث الإنسانى، لاسيما فى المواقع التابعة لدول نامية فى قارة إفريقيا التى تعانى من مشكلات الفقر والجوع، والطريقة التى ستعمل بها "اليونسكو" للحفاظ على التراث الفلسطينى فى مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، لاسيما أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، سبقا أن وجها سهام النقد إلى اليونسكو، بسبب ما تقوم به من جهد كبير للحفاظ على التراث الفلسطينى، بل إن الولايات المتحدة انسحبت فى عام 2018، من المنظمة، بدعوى "انحياز المنظمة الأممية ضد إسرائيل"، على خلفية قبول المنظمة الأممية العضوية الكاملة لدولة فلسطين، كذلك انسحبت إسرائيل أيضا من المنظمة بزعم أنها "مسرح للعبث يشوه التاريخ بدلا من الحفاظ عليه، وذلك قبل أن تعود أمريكا فى عام 2023، إلى عضوية المنظمة مجددا إثر تصويت خلال مؤتمر عام استثنائى للمنظمة فى باريس، بينما لا تزال إسرائيل منسحبة. 
ومنذ منح فلسطين العضوية الكاملة فى اليونسكو عام 2011، أوقفت الولايات المتحدة فى ظل رئاسة باراك أوباما تمويل المنظمة مما شكل ضربة كبيرة لها، إذ إن مساهمات أمريكا تشكل ٪22 من ميزانيتها، وبلغت مستحقات اليونسكو المتأخرة على الولايات المتحدة، بين أعوام 2011 و2018 نحو 619 مليون دولار، أى أكثر من الميزانية السنوية للمنظمة المقدرة بـ534 مليون دولار، وأعلنت أمريكا أخيرا عزمها دفع تلك المتأخرات على أقساط .

تاريخ طويل من المحاولات
جاء فوز الدكتور خالد العنانى، بها بعد محاولات عربية عديدة لفوز بهذا المنصب، حيث بدأت محاولات العرب تولى منصب رئاسة اليونسكو فى انتخابات 1999م، حين ترشح من مصر مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور إسماعيل سراج الدين، ومن المملكة العربية السعودية، الأديب والدبلوماسى الراحل غازى القصيبى، وانتهى السباق بفوز اليابانى كوشيرو ما تسورا.
والمحاولة الثانية كانت فى انتخابات 2009م، التى ترشح لها من مصر وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، ومن الجزائر القانونى والدبلوماسى الدكتور محمد بيجاوى، وحصل حسنى على أعلى الأصوات فى الجولة الأولى، لكن سرعان ما تحالفت أوروبا وأمريكا ضد المرشح العربى بإيعاز من إسرائيل، التى اتهمت فاروق حسنى بمعاداة السامية، وذلك بعد تصريح له فى البرلمان المصرى قال فيه، إنه سيحرق الكتب الإسرائيلية إذا عثر عليها فى المكتبات المصرية، ونسب إليه أيضا وصفه الثقافة الإسرائيلية بأنها غير إنسانية. وجاءت خسارة فاروق حسنى فى الجولة النهائية بفارق 4 أصوات، أمام البلغارية إيرينا بوكوفا التى فازت بفترة ثانية عام 2013م، أمام مرشحين عربيين آخرين هما رشاد فارح من جيبوتى، واللبنانى جوزيف مايلا.
وتتكرر الموقف فى عام 2017، ودخل العرب لانتخابات اليونسكو أكثر انقساماً، حيث ترشحت من مصر السفيرة مشيرة خطاب، وزيرة الدولة للأسرة والسكان السابقة، ومن لبنان فيرا خورى، ومن قطر وزير الثقافة القطرى الأسبق حمد الكوارى، ومن العراق صالح الحسناوى. وأمام تعدد المرشحين العرب تفتت الأصوات وتكبد الجميع الخسارة لصالح مواجهة مرشحة فرنسا أودرى أزولاى التى أعيد انتخابها من جديد فى أكتوبر 2021 لولاية ثانية مدتها أربع سنوات.
لكن المشهد  تغير تمامًا فى 6 أكتوبر 2025، بعدما احتشد العرب خلف المرشح المصرى خالد العنانى، ليفوز باكتساح ويصبح أول عربى، وثانى إفريقى، يتقلد هذا المنصب بعد السنغالى أمادو مختار مبو، الذى ترأس اليونسكو لفترتين ما بين 1974-1987.

مدراء اليونسكو منذ تأسيسها

تعاقب على قيادة اليونسكو منذ تأسيسها عام 1945، حتى الآن 12 شخصية، وهم جوليان هكسلى "المملكة المتحدة"، وخايمى توريس "المكسيك "، وجون تايلور "الولايات المتحدة"، ولوثر إيفانز " الولايات المتحدة "، وفيتوريو فيرونيزى "إيطاليا "، ورينيه ماهيو "فرنسا "، وأحمد مختار مبو "السنغال "، وفيديريكو مايور "إسبانيا"، وكويشيرو ماتسورا "اليابان"، وبايرينا بوكوفا "بلغاريا"، وأودرى أزولاى "فرنسا" وحاليا خالد العنانى "مصر" .

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام