ثقافة



أنا ومدير الـ«يونسكو»

11-10-2025 | 20:13
هبة عادل

علاقة وتجربة فريدة من نوعها كان لى الحظ أن أتعرف من خلالها إلى شخصية الدكتور خالد العنانى، الوزير الإنسان على مدار سبع سنوات، فقد كان التعامل معه على المستوى الإنسانى له طابع خاص.. أولاً لأنه كان مدرسا أكاديميا وله باع كبير فى التعامل الراقى مع عدد كبير من الطلاب، حيث يقودهم ويكتشف موهبة كل فرد منهم.. وتوليه رئاسة المتحف المصرى بالتحرير، ثم المتحف القومى للحضارة، ثم منصب وزير الآثار، مما جعله قريبا من جموع العاملين بقطاع الآثار فى عموم مصر. 

أهم ما يميز الدكتور خالد العنانى، مدير عام منظمة "يونسكو"، هى تلك الخلفية الثقافية الكبيرة واللغات المختلفة التى يتحدث بها، فهو كباحث له شأن كبير عبر العديد من الأبحاث العلمية التى قام بها، وهو أستاذ علم المصريات فى جامعة حلوان بقسم الإرشاد السياحى، ومدرسًا للغة المصرية القديمة فى العديد من الجامعات حول العالم، وكان عضواً فى المعهد الفرنسى للآثار الشرقية.
كل هذه المؤهلات العلمية، جعلت منه شخصية استثنائية فى مجاله، وأهلته للحصول على العديد من الجوائز والأوسمة الدولية، من بينها وسام الفارس فى الفنون والأدب الفرنسى عام 2015، ووسام الاستحقاق لجمهورية بولندا عام 2020، ووسام الشمس المشرقة اليابانى عام 2021، والدكتوراه الفخرية من جامعة بول فاليرى مونبيليه عام 2024، ثم وسام جوقة الشوف الوطنى الفرنسى برتبة فارس فى سبتمبر 2025.

ما يميز شخصية د. العنانى عن الآخرين هو العمل بروح المجموعة وليس الفرد، يعطى كل شخص ومسئول حقه فى اتخاذ القرار المناسب الذى يصب فى مصلحة الوطن ويقود إلى مزيد من الانجازات والنجاحات. وكان لهذه الروح التى يتمتع بها الدكتور العنانى أثر كبير على العمل، فكان مع كل حدث واكتشاف أثرى يعلن عنه، تجد صدى عالميا واسعا مما زاد من بريق صورة  مصر الحضارية وزادت أعداد السائحين إلى مصر.

عندما تولى الدكتور العنانى منصب وزير الآثار، كان هناك العديد من الملفات التى تحتاج إلى جهد ضخم لاستكمالها، وكان من أهم الملفات استكمال المتحف المصرى الكبير والمتحف القومى للحضارة و20 متحفًا آخر على مستوى الجمهورية، فكانت التركة صعبة والحمل ثقيلاً، واختار أن يتحمل المسئولية ويكمل مسيرة الإنجازات فى هذا القطاع ليتماشى مع رؤية الجمهورية الجديدة وتم استكمال المشروعات التى توقفت لعدة سنوات، وكان يهتم باستغلال أى حدث واكتشاف أثرى يحقق أى دور ترويجى لصورة مصر أمام العالم، ويعيد لها أبهى صورها.
وعندما أذكر العنانى بشكل شخصى، وعلى مستوى علاقتى به على مدار تلك السنوات، سواء كان وزيراً للسياحة والآثار أم بعد تركه للمنصب.. أعتبر القرب منه من حسن حظى، فالجميع يتمنى أن يقترب دائماً من مثل هذه الشخصية الواعية القريبة من القلب والعقل.

كنت أتواصل معه تليفونيا للحصول منه على خبر خاص باكتشاف مدينة الأقصر بمنطقة "العساسيف"، وطلب منى أن أقوم بالسفر معهم لتغطية هذه الجولة، وعمل تحقيق موسع عن أحوال مدينة الأقصر، خصوصاً أنها كانت تعانى فى تلك الفترة من جفاف سياحى، ألقت بظلالها على جميع العاملين  بالمجال.

كانت هذه أولى الجولات فى صعيد مصر للعنانى، التى قام بتقديم كل الوعود الصادقة التى أوفى بها بعد ذلك.. فقد توالت الاكتشافات فى شهر أكتوبر 2016، ثم حدثت الطفرة الكبيرة فى عام 2017 و2018، فقد جاء السياح من كل دول العالم إلى معابد الكرنك والأقصر والإقامة بجميع الفنادق، حدثت الصحوة من جديد لهذه المدينة بفضل هذا الرجل.
كما كان لى النصيب الكبير فى إجراء الحوارات الصحفية معه والانفرادات الصحفية التى كان يخصنى بها.. ولا أنسى الانفراد الخاص باكتشاف تمثال الملك "بسماتيك الثانى" بمنطقة المطرية فى شهر مارس 2017، وكان من أهم الاكتشافات التى لها صدى كبير أيضاً.

ويعتبر الاحتفاء بافتتاح متحف الحضارات عبر حدث عالمى تم خلاله نقل موكب "المومياوات" من أهم الإنجازات التى قدمها، وكانت سببا فى الدعم الكبير له، وأيضاً افتتاح طريق الكباش بالأقصر.. فهذان الحدثان كان لهما وقع عالمى نتحدث عنه حتى الآن.

وأتذكر جيدا جلساته معنا والحوار بعد نهاية كل جولة لتقديم المعلومات والشرح الكافى خصوصاً فى الجولات الخاصة بمحافظات الصعيد "المنيا وسوهاج وقنا والأقصر".. حرصا منه على نشر الوعى بصورة سليمة.

وعندما قابلته بعد تركه للوزارة، فى زيارة خاصة له بكلية السياحة والفنادق، فتح قلبه وكان يحكى عن التجربة الكبيرة التى خاضها فى مهمته وفترة توليه التى استمرت 77 شهراً، وكان سعيداً بهذه التجربة الكبيرة، ودو مصر الكبير فى ترشحه لتولى منصب مدير عام منظمة اليونسكو.
والآن يمتلكنى شعور كبير بالفخر والعزة على هذا الفوز الذى جاء فى يوم النصر، والحصول على أعلى الأصوات فى تاريخ المنظمة، وأشعر بأننا جميعاً قد فزنا بحصول د. العنانى على هذا المنصب الذى يعتبر هدية للعالم.
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام