مقالات



«المحروسة» تحمى المشروع الوطنى الفلسطينى

16-10-2025 | 21:21
د.أيمن الرقب

أستاذ العلوم السياسية الفلسطينى
منذ بداية الحرب على قطاع غزة، كان لمصر موقف واضح، هو ضرورة وقف هذه الحرب بأقصى وقت ممكن ، خصوصا بعد أن طالب الاحتلال سكان قطاع غزة مغادرته اتجاه مصر، مما يعنى شطب القضية الفلسطينية وتدمير المشروع الفلسطينى، فكان الموقف المصرى هو رفض التهجير القسرى والطوعى للشعب الفلسطيني. 
لقد سعت جمهورية مصر العربية ومنذ البداية لوقف الحرب ومنع استمرارها وعقدت فى القاهرة الأيام الأولى للحرب مؤتمرا للسلام لتجنيد المجتمع الدولى للضغط على الاحتلال الإسرائيلى لوقف الحرب، وفتح مسارات سياسية لعودة الهدوء وتشجيع الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى، للدخول فى مفاوضات جدية تدفع لتحقيق سلام بينهما. 
وعندما وجدت صعوبة فى تحقيق هذا الهدف، جندت كل إمكانياتها لنقل صورة ما يحدث من إجرام ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، و تمكنت من تغيير وجهات نظر دول وقيادات حول طبيعة الصراع، وكان أكثرها وضوحا تغير موقف الرئيس الفرنسى ماكرون. 
لقد تداعى الشعب والحكومة المصرية، لتوفير مساعدات غذائية عاجلة للشعب الفلسطينى، وبرغم الظروف الاقتصادية الصعبة، التى تعيشها مصر، فإن أول مائتى شاحنة من المساعدات الغذائية والطبية، كانت تصطف على الحدود الفلسطينية - المصرية من تبرع سخى من الشعب والحكومة المصرية، وعندما رفض الاحتلال دخول هذه الشاحنات استخدمت مصر لأول مرة الدبلوماسية الخشنة مع دول غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث منعت خروج الرعايا الأجانب الموجودين بغزة إلا بعد دخول المساعدات وخروج الجرحى الفلسطينيين من غزة، وكان لها ذلك. 
لم تكتف جمهورية مصر العربية بهذه المواقف، حيث تبنت الرواية السردية الفلسطينية، حول جرائم الاحتلال ضد شعبنا الفلسطينى، وعملت بكل طاقتها السياسية والقانونية والإعلامية لنقل معاناة الشعب الفلسطينى للعالم، ولم تترك محفلا دوليا، إلا وطالبت به بضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين. 
تحركت القاهرة على صعيد حقن دماء شعبنا الفلسطينى، من خلال التوسط للوصول لهدنة توقف الحرب على غزة، حيث رعت هدنة نوفمبر ٢٠٢٣م وهدنة يناير ٢٠٢٥م، وتحركت القاهرة بشكل كبير لكسر أى حالة جمود، حتى تصل لسد فجوات تفضى لوقف الحرب على غزة، وكانت قمة النجاحات فى هذا الأمر إقناع حركة حماس فى شهر أغسطس الماضى على القبول بخطة المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذى انقلب على خطته، ورفض تنفيذها لاحقا بعد موافقة حركة حماس عليها. 
جمهورية مصر العربية لم تفقد الوسيلة ولم تتراجع بعد محاولة الاغتيال الفاشلة لقيادة حركة حماس فى الدوحة، وشكلت مع دولة قطر ودولة تركيا طواقم لإقناع حركة حماس بالتخلص من عبء الأسرى الإسرائيليين، وإسقاط مبررات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لاستمرار المقتلة ضد شعبنا الفلسطينى فى قطاع غزة. 
وبعد أن طرح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب خطته، أصدرت عدة دول عربية وإسلامية بيانا يثبت فيه وعود الرئيس الأمريكى دونالد ترامب خلال اجتماعه معهم فى واشنطن، برفض ضم الضفة واحتلال غزة، وفتح مسارات لعودة المفاوضات السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. 
ودعت بعد قبول حركة حماس لمقترح الرئيس الأمريكى الوفود للاجتماع يوم السادس من أكتوبر، تيمنا بالنصر وعلى أرض مصرية، تحررت بعد ذلك من خلال السلام، وذلك لإرسال رسالة للجميع بأهمية السلام للمنطقة. 
وبعد نجاح اللقاءات الأولى غير المباشرة بين الوفدين الإسرائيلى والحمساوى، تجهزت جمهورية مصر العربية، وقام رئيسها بدعوة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لزيادة القاهرة والتوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار. 
هذا اللقاء حولته جمهورية مصر العربية لمؤتمر دولى، يحصن اتفاق وقف إطلاق النار، ويثبت أهمية عودة الحياة والأمل لقطاع غزة، وكذلك العمل على حل الصراع من خلال قيام دولة فلسطينية تعيش بسلام بجانب دولة الاحتلال. 
مصر كانت معنا نعم السند فى الملفات الصغيرة والكبيرة. 
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام