مقالات



الحكمة التى انتصرت على ضجيج البنادق

16-10-2025 | 21:43
د. عبد القادر المحورى

‪ ‬دبلوماسى يمنى
بين دخان الحرب ورماد الألم، تخرج مصر من جديد لتؤكد أنها ليست مجرّد شاهد على الأحداث، بل صانعة لمسار التاريخ ومهندسة لخرائط الاستقرار فى المنطقة‪.‬
القمة الدولية فى شرم الشيخ، برئاسة مشتركة بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ليست اجتماعًا دبلوماسيًا عابرًا، بل ترجمة عملية لدور مصرى متجذر فى قيادة السلام والدفاع عن الحقوق العادلة للشعوب، وعلى رأسها الشعب الفلسطينى.‬
منذ اندلاع الحرب فى غزة، كانت القاهرة تتحرك بثباتٍ وحكمةٍ تميزها عن سواها؛ أغلقت أبواب الفوضى، وفتحت ممرات الإنسانية. أدارت الأزمة بعقل بارد وقلبٍ حار، فحافظت على الأمن القومى المصرى والعربي، وفى الوقت نفسه، حملت مسئوليتها الأخلاقية تجاه غزة الجريحة، فكانت اليد التى تمنع الانفجار وتطعم الجائعين وتؤوى النازحين‪.‬
لقد أكدت مصر، مرة أخرى، أن القيادة لا تُشترى ولا تُستعار، بل تُصنع بالمواقف والقدرة على الفعل.
فحين انشغل العالم بصراعات النفوذ والمصالح، كانت القاهرة وحدها تحمى المعنى - معنى الدولة، ومعنى العروبة، ومعنى المسئولية‪.‬
جاءت قمة شرم الشيخ ليست فقط لتثبيت وقف إطلاق النار أو بحث إعادة الإعمار، بل لإطلاق مرحلة جديدة من السلام الواقعى القائم على العدالة، حيث تعود القضية الفلسطينية إلى قلب الأجندة الدولية بعد أن حاول كثيرون تهميشها أو تصفيتها‪.‬
ومن خلال هذا المسار، تبرهن مصر أنها الركيزة الأساسية للأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط، وأن صوتها المعتدل هو ما يحفظ المنطقة من السقوط فى دوامة جديدة من الفوضى‪.‬
من شرم الشيخ، مدينة السلام، يمتد الأمل إلى غزة، مدينة الصمود، فى مشهد يلخّص جوهر الدور المصري: سلامٌ يُبنى بالفعل لا بالتصريحات، وعدلٌ يُصاغ بالمبادئ لا بالشعارات‪.‬
وهكذا تثبت القاهرة، مرة بعد أخرى، أن قوتها ليست فى سلاحها وحده، بل فى حكمتها، وصدق نياتها، وثبات مواقفها‪.‬
فمن شرم الشيخ إلى غزة.. تبقى مصر الضمير العربى الحي، ومهندسة الطريق إلى سلامٍ يُحفظ بالكرامة والعدل‪.‬
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام