نحن والعالم



من مصر القديمة إلى الجمهورية الجديدة.. البلد الذى جاء قبل التاريخ

30-10-2025 | 16:53
محـمـد عيسـى

تاريخ الحضارة المصرية بدأ قبل معرفة الكتابة.. وقصرها على 3200 عام قبل الميلاد يشير إلى بداية التأريخ لها وليس نشأتها
 
جينات الحضارة والتقدم والتعايش والسلام جوهر ما تعيشه الجمهورية الجديدة.. فمن اعتاد البناء لا يعرف للهدم طريقًا
 
 كلما تعمق علماء الآثار حول العالم فى محاولة فهم كنوز تلك الحضارة تباعدهم أسرارها وتزيد حيرتهم وتعيدهم إلى البحث من جديد
 
مصر صاحبة أطول تاريخ مستمر إلى يومنا.. و«الجمهورية الجديدة» امتداد لحضارة ضاربة فى جذور ما قبل التاريخ
 
على هذه الأرض بدأت أولى صفحات التدوين، التى عرفت فيما بعد بكتب التاريخ.. على هذا الأرض نشأت أكبر حضارة مازالت آثارها مستمرة تشع نورًا وعلمًا.. حضارة يقف أمامها علماء الآثار حول العالم فى دهشة وعجز عن تفسير ما توصل إليه أصحاب تلك الحضارة من تقدم علمى فى شتى مجالات الحياة، فأسسوا فى جامعاتهم فروعا خاصة بدراسة “علم المصريات” أملا فى الوصول إلى فك أسرار عظمة تلك الحضارة، وكلما تعمقوا فى البحث وظنوا أنهم قد اقتربوا، تباعدهم أسرار تلك الحضارة وتزيد حيرتهم، وتعيدهم إلى البحث من جديد، وحتى يومنا هذا مازال البحث مستمرًا فى أسرارها وسبل أغوارها.. ليتأكد للعالم أن “مصر جاءت ومن بعدها جاء التاريخ”، فكيف لمن جاءوا بعد التاريخ أن يتوصلوا لأسرار حضارة نشأت قبل التاريخ؟
 
منذ عام 3200 قبل الميلاد من زمن الملك “مينا” موحد القطرين “مملكتى الشمال والجنوب المصريتين” إلى عام 2025 بعد الميلاد، حيث الجمهورية الجديدة التى تأتى امتدادا لحضارة ضاربة فى جذور ما قبل التاريخ...
نحو 5 آلاف عام (فقط) حصر فيها المؤرخون تاريخ الحضارة المصرية، ولهم أسبابهم الداعية إلى قصر تلك الحضارة على هذه الفترة الزمنية “القصيرة” من عمرها، حيث توصل المصريون إلى الكتابة الهيروغليفية، وبدأت أولى كتب التاريخ تفتح صفحاتها، وتؤرخ لهذا الحضارة العظيمة، وتلك المرحلة هى بداية التدوين والتأريخ.. وليس بداية نشأة تلك الحضارة، فحياة المصريين القدماء ولدت قبل التوصل إلى الكتابة باللغة الهيروغليفية. وهذه المرحلة من عمر الحضارة المصرية، تعرف بمرحلة “ما قبل التاريخ”.
عندما عرفت مصر القديمة الكتابة ودونت تاريخها من خلال الرموز الهيروغليفية، كانت تلك الخطوة هى التى نقلت مصر، من عصور ما قبل التاريخ إلى “التاريخ المكتوب”. وبفضل هذه الميزة، أصبحت مصر دولة تمتلك تاريخًا مكتوبًا ونظمًا ثابتة، مما جعل حضارتها رائدة ومستمرة حتى تلك اللحظة. ومن هنا يمكننا القول إن الـ5 آلاف سنة من عمر الحضارة المصرية، هى عمر بداية التدوين لهذه الحضارة وليس تاريخ نشأتها، فقبل التأريخ كانت هناك حياة وبشر وحضارة لم تعرف طريقها إلى التدوين.
وأمام ذلك ذهب الكثير من المؤرخين حول العالم، ليرجعوا عمر الحضارة المصرية إلى عصر ما قبل معرفة الكتابة الهيروغليفية، وقالوا إن عمرها نحو 7 آلاف سنة، حيث العثور على أدلة تشير إلى وجود نشاط بشرى فى مصر، يعود إلى ما قبل ذلك بآلاف السنين. ولهذا النشاط ذهب بعض المؤرخين بالقول إن عمرالحضارة المصرية، ربما يصل إلى 13 ألف عام أو أكثر.
التاريخ الحقيقى لعمر مصر وحضارتها جاء مع بدايات الزمان، فباتت الدولة صاحبة أطول تاريخ مستمر إلى يومنا.. وأصبحت تعرف فى التاريخ الحديث، باسم “جمهورية مصر العربية” التى تعيش اليوم مرحلة من أهم المراحل فى تاريخها الحديث فى ظل “الجمهورية الجديدة”، التى أسس لها الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه رئاسة الجمهورية، بإنجازات ومشروعات عملاقة فى شتى المجالات الزارعية والصناعية والتجارية، تنتشر على ربوعها من الشمال إلى الجنوب، محافظًا على وحدة وصلابة القطر المصرى، وبفضل شعب تشبعت جينته بحضارة لا مثيل لها فى الوحدة والترابط، وبفضل نهر ربط أراضيها وشعبها، وكان له عظيم الفضل فى تدفق حضارة ممتدة على ضفافه، أزهرت وأثمرت وملأت الدنيا علما وإعجازًا، وموقع جغرافى ربط قارات العالم القديم “آسيا وإفريقيا وأوروبا” مما أدى إلى قيام حضارة عرفت بأنها من أقدم الحضارات فى التاريخ الإنسانى.
تاريخ حضارة مصر قديم وطويل ومستمر، كما تتابعت على أرضها حضارات متعددة، فكانت مهدا للحضارة الفرعونية، وحاضنة للحضارة الإغريقية والرومانية ومنارة للحضارة القبطية، وحامية للحضارة الإسلامية. وتركت تلك الحضارات على أرضها إرثا ضخما من الآثار، والفنون، والعمران، والعلوم.
واليوم، يواصل التاريخ مسيرته مع هذا الحدث الأسطورى الضحم، وهو افتتاح المتحف المصرى الكبير، ليمثل محطة إنجاز كبيرة فى تاريخ الجمهورية الجديدة، وليضف إلى قائمة المشروعات والإنجازات التى تأسست على يد الرئيس عبد الفتاح السيسى، ليعود بمصر إلى حجمها الذى يليق بتاريخها العريق، وليؤكد أن أصحاب التاريخ والحضارة مستمرون فى عطائهم للبشرية، بما ورثوه من جينات مصرية متأصلة فى شخصيتهم، جينات الحضارة والتقدم والتعايش والسلام، وهو جوهر ما تعيشه الجمهورية الجديدة، على أرضها.. فمن اعتاد البناء لا يعرف للهدم طريقًا.
 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام