نحن والعالم



الأول من نوعه فى العالم.. المتحف المصرى الكبير رسالة مصر الحضارية

30-10-2025 | 17:09
هبة عادل

من أرض الحضارة والتاريخ، من روح توت غنخ آمون، وقلب نفرتيتى، وكل ملوك وعظماء الحضارة الفرعونية، يتجلى الحدث الأعظم على بعد خطوات من أهرامات خوفو وخفرع ومنقرع، حيث تتجه أنظار العالم يوم السبت الأول من شهر نوفمبر 2025، إلى مصر تترقب لحظة افتتاح المتحف المصرى الكبير.

صرح عملاق وأعجوبة معمارية تشكل المتحف الأول من نوعه فى العالم، الذى يحتضن بين جنباته أكبر عدد من آثار حضارة واحدة، هى الحضارة المصرية القديمة الممتدة لآلاف السنين.

ومع مشاهد الافتتاح العظيم ستشعر وكأن التاريخ يعيد نفسه، وأن عقارب الساعة قد عادت للوراء نحو 7 آلاف سنة، حيث سيتم لأول مرة عرض أعظم آثار للملك توت عنخ آمون بطريقة مبهرة كما هو مخطط فى فقرات الافتتاح المتنوعة، حيث يواكب الافتتاح ذكرى مرور 103 أعوام على اكتشاف مقبرة «الملك الذهبى».

المتحف المصرى الكبير هدية مصر للعالم، بلد الحضارة الإنسانية التى حملت أعظم معانى التعايش والتسامح، والسلام والقوة أيضًا، البلد الضارب بحضارته فى جذور التاريخ السحيق، البلد الذى جاء ومن بعده بدأ التاريخ.

ويقول دكتور عيسى زيدان، المدير التنفيذى للترميم ونقل الآثار بالمتحف المصرى الكبير، إنه قبل اكتشاف مقبرة "توت عنخ آمون"، كان البحث والتنقيب مستمرًا، للكشف عنه من قبل العالم الأثارى إدوارد آيرتون وكان ذلك عام 1909، حيث عثر هذا العالم  على "إناء من الفاينس"مكتوب عليه اسم الملك "نب خبرو رع"، وهذا الإناء شكل بداية الخيط لاكشتاف مقبرة الملك توت، وتوقفت إلى هنا اكتشافات آيرتون. ثم جاء من بعده  عالم الآثار الشهير هوارد كارتر، ليستكمل رحلة  البحث عن مقبرة الملك توت وذلك عام 1917، واستمر نحو 5 سنوات فى التنقيب عن المقبرة، حتى تم العثور عليها فى 4 نوفمير عام 1922م وكان لهذا الاكتشاف ثقل وإرث حضارى كبير.

واليوم تتوجه كل أنظار العالم إلى المتحف الكبير، ليشاهدوا محتويات مقبرة الملك توت ولأول مرة كاملة فى مكان واحد، حيث تم نقل جميع محتوياتها من المتحف المصرى بميدان التحرير إلى المتحف الكبير، لتشغل قاعتين من أكبر القاعات بالمتحف الكبير، تضم أكثر من 5000 قطعة أثرية، تم ترميمها  داخل مركز الترميم بالمتحف المصرى الكبير، وهذه القطع كان يستخدمها الملك توت فى حياته اليومية، مثل الملابس والمجوهرات ومستحضرات التجميل والبخور والأثاث والكراسى والألعاب، والأوانى المصنوعة من مجموعة متنوعة من المواد، والمركبات والأسلحة وغيرها، وجميعها تعكس نمط الحياة التى كان يعيشها توت. حيث تم الانتهاء من وضع 51 فاترينة داخل قاعات الملك، وتثبيت عدد من تماثيل الأوشابتى والصناديق الخشبية وثلاثة أسرة جنائزية بداخلها، كما تم نقل العجلات الحربية.

ومن المرتقب أن تعرض مؤمياء الملك لأول مرة، وبهذا تكون قد التقت  المجموعة فى مكان واحد، بعد العثور عليها منذ أن تم اكتشافها.

وسوف يتوج هذا العرض الضخم لمقتنيات الملك "القناع الذهبى"الخاص به، والملك توت عنخ آمون من الأسرة الثامنة عشرة، وتحظى مقبرته التى تحمل رقم 62 فى وادى الملوك، بشهرة عالمية، لأنها المقبرة الملكية الوحيدة بوادى الملوك التى تم اكتشاف محتوياتها سليمة وكاملة نسبيًا. وهى فى مجملها مقبرة متواضعة مقارنة بمقابر الملوك  الآخرين، لكنها تحتوى على  ثروات هائلة، حيث وصول توت عنخ آمون إلى العرش فى عمر صغير جدًا، وحكم نحو 9 سنوات فقط.

يعد المتحف المصرى الكبير، أكبر متحف أثرى فى العالم، مخصص لحضارة واحدة، مما يجعله عامل جذب عالميا فريدا، وقد نجحت مصر فى لفت أنظار العالم لما تقوم به من أعمال وإنجازات فى مختلف المجالات، فالعمل الكبير، والعظيم الذى شيدته يد الرجال المصريين بكل جهد وتعب وعرق كان " المتحف المصرى الكبير"، الذى يعتبر الهرم الرابع والمعجزة الجديدة الذى ينتظر الجميع افتتاحها، ليروا تلك العمل الضخم والأسطورى، الذى أولاه الرئيس عبد الفتاح السيسى، أهمية كبيرة لينتهى العمل فيه بعد توقف دام لسنوات، ليتم إنجازه على الوجه الذى يليق بمصر الحضارة، حيث وجه بتوفير جميع الموارد المادية والبشرية منذ عام 2018 تحديداً، حيث وجه الرئيس السيسى، باستمرار العمل على رفع كفاءة المنطقة المحيطة بالمتحف المصرى الكبير، بمنطقة هضبة الأهرامات، والطرق والمحاور المؤدية إليها بحيث تتواكب مع قيمة وأهمية المتحف المصرى الكبير، الذى يعد أكبر وأهم صرح ثقافى فى العالم، وبما يسهم فى تقديم صورة جديدة لمصر وللعالم، فهو البوابة والنافذة السياحية الجديدة لدينا الآن.

 

افتتاح أسطورى

ترتيبات الحفل العالمى لافتتاح المتحف، تم التحضير لها جيدا خلال الفترة الماضية، حيث صدرت توجيهات من رئيس الجمهورية، بتشكيل لجنة برئاسة رئيس الوزراء، لوضع أفضل سيناريو للاحتفالية المقرر أن تستمر 10 أيام، وتتضمن العديد من الفاعليات، أبرزها المتعلق منها باستقبال رؤساء وملوك من جميع دول العالم، فى الساحة الرئيسية الخارجية للمتحف، وتزين كلمة للرئيس الجمهورية مراسم الحفل، قبل أن يصطحب بعدها الضيوف إلى جولة تبدأ ببهو رمسيس الثانى، ثم الصعود إلى الدرج العظيم، والدخول إلى القاعة الرئيسية للملك توت عنخ آمون، ومشاهدة العرض المتحفى لها، والمرور سريعًا على قاعة العرض الرئيسية، ثم الخروج لاستكمال باقى المراسم الاحتفالية. وتشتمل على العديد من المفاجآت، تعتمد فى جانب منها على التكنولوجيا، حيث يتم تصوير الحدث ونقل فاعلياته لبقية العالم، وتمتد فاعليات اليوم الأول ما بين 3 و4 ساعات، أما باقى الأيام فتشمل فاعليات خاصة بحضور كبار الشخصيات العالمية.

ومن المقرر أن يبدأ المتحف المصرى الكبير فى استقبال زائريه من المصريين والسائحين من مختلف دول العالم، بدءا من يوم 4 نوفمبر خلال مواعيد العمل الرسمية.

ويقول الدكتور زاهى حواس، عالم المصريات الشهير: المتحف المصرى الكبير، ليس مجرد بناء بل مؤسسة ثقافية تعليمية على مستوى عال، لأن هناك متاحف كثيرة تفتح فى العالم، ولكن لا يوجد مثل المتحف المصرى الكبير، الذى نال هذا الاهتمام لأنه يظهر أكبر اكتشاف، وأعظم آثار للملك توت عنخ آمون والتي يبلغ عددها 5398 قطعة، وتظهر لأول مرة وتعرض بطريقة مبتكرة ومجمعة لأول مرة وصورة مبهرة، وقد سافرت إلى كثير من دول العالم فى السنوات الماضية، والتقيت بالكثير من المثقفين والعامة وقدمت 33 محاضرة، وكان السؤال الأول دائما الذى يوجه لى هو: متى سيتم افتتاح المتحف المصرى الكبير؟ ولذلك أنا أعتقد أن هذا للاقتصاد المصرى، حيث من المرجح، أن ترتفع أعداد الزوار إلى مصر، بنسبة تتراوح ما بين 20 إلى 30 ٪ خلال الفترة المقبلة.

ويضيف الدكتور زاهى حواس قائلا: يمثل افتتاح المتحف المصرى الكبير، رسالة للعالم كله، أن مصر بلد الأمن والأمان، وقلب الحضارة الإنسانية، وبالرغم من كل الظروف التى مرت بها، استطاعت أن توفر المبالغ الضخمة اللازمة لتنفيذ هذا المشروع العملاق، وكان لى الشرف أنا ووزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، بوضع حجر الأساس لهذا المتحف العظيم، بالتعاون مع دولة اليابان الصديقة، التى كان لها دور كبير جدًا فى المساهمة فى التنفيذ، والذى أكتمل العمل به بعد فترة من التوقف بعد ظروف عصيبة مرت بها مصر، وأحب أن أشيد هنا بالأدوار الكبيرة التى قام بها كل من الدكتور ممدوح الدماطى، والدكتور خالد العنانى، لتسهيل وتذليل جميع العقبات، وأيضاً لا ننسى الدور المهم الذى قام به اللواء عاطف مفتاح المشرف العام على المتحف والمنطقة المحيطة، والذى قام بدور هندسى كبير فى تنفيذ التصميمات الخاصة بهذا المشروع الضخم، هو وفريق عمل كبير كان له دور بارز، خصوصا فى نقل مراكب خوفو، وإقامة متحف خاص بها، كما أسهم فى تطوير منطقة الأهرامات، ووضع تصور كبير للمنطقة المحيطة بالكامل، حول المتحف لتكون على المستوى الذى يليق بهذا الصرح الحضارى الكبير.

بداية الحلم

تبلغ مساحة المتحف المصرى الكبير قرابة 500 ألف متر، حدودها كالتالى، القوس الشمالى للدائرى الإقليمى، ومن الجنوب هو القوس الجنوبى للدائرى الإقليمى، وحدها الشرقى هو ترعة المنصورية، وحدها الغربى هو طريق الفيوم مع طريق الواحات، ويضم المتحف مركزا تجاريا ضخما و10 مطاعم، منها اثنان يطلان على أهرامات الجيزة، وقاعة للمؤتمرات تسع ألف شخص وصالة عرض سينمائى تسع 500 فرد، ومركزاً لتعليم الحرف التراثية والفنون التقليدية، ومكتبات ومساحات لإقامة الفاعليات، وأنشطة خاصة بالطفل، ومبنى متعدد الأغراض. وهناك أكثر من 7 مداخل للمبنى، المدخل الأول الخاص بالبهو العظيم وهو مخصص لكبار الزوار، والمدخل الثانى مدخل للزائرين والسائحين، المدخل الثالث مخصص للمنطقة التجارية، والرابع مخصص للإدارة، والمدخل الخامس خاص بدخول القطع الأثرية، والسادس والأخير هما مدخل الطوارئ.

وتعود بداية المشروع إلى عام 2002، عندما أطلقت مصر مسابقة عالمية لتصميم متحف يليق بحضارتها، التى تمتد لأكثر من سبعة آلاف عام، وتقدم أكثر من 1500 مكتب هندسى، من 83 دولة بتصاميم مختلفة، لكن الجائزة الكبرى ذهبت إلى مكتب إيرلندى قدم رؤية معمارية تجمع بين الحداثة وروح الفراعنة، اعتمد فى تصميمه على أن تُمثل أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الثلاثة، عند التقائها كتلة مخروطية هى المتحف المصرى الكبير. وتم اختيار موقع المتحف بعناية عند هضبة الجيزة، بحيث يطل مباشرة على الأهرامات الثلاثة، فى حوار بصرى بين الماضى والمستقبل، بين الحجر القديم والزجاج الحديث، وبين مجد الأجداد وطموح الأحفاد.

وفى عام 2005، تم وضع حجر الأساس بحضور رسمى ودولى كبير، ليبدأ فصل جديد من رحلة البناء، التى امتدت لنحو 20 عاما، وتتحول إلى ملحمة هندسية وثقافية غير مسبوقة، وفى عام 2006 تم إنشاء أكبر مركز لترميم الآثار بالشرق الأوسط، تم تخصيصه لترميم وحفظ وصيانة وتأهيل القطع الأثرية المُقرر عرضها بقاعات المتحف، والذى تم افتتاحه خلال عام 2010، ثم توقف العمل تماما مع الأحداث التى شهدتها مصر فى يناير عام 2011، والتى جاءت بتأثيرات سلبية على أمن واستقرار مصر، ومعها انطفأ الحلم لسنوات إلى أن عاد من جديد ليرى النور ويصبح حقيقة بدعم وتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى.

آثار فريدة

يتميز المتحف، بإقامة أول مسلة معلقة خاصة بالملك رمسيس الثانى، ومنطقة البهو العظيم، الذى يضم تمثال الملك رمسيس، وعمود الملك مرنبتاح الابن الثالث عشر للملك رمسيس، وتمثال لملك وملكة من العصر البطلمى، والتجول داخل المتجر التجارى الملىء بعدد هائل من المنتجات المصرية الشديدة التميز والإبهار والرقى، ويتوفر له أيضاً جزء خاص بالمطاعم والكافيهات على أعلى مستوى.

 وفى أكتوبر 2024، تم الافتتاح التجريبى للمتحف المصرى الكبير، وافتتاح 12 قاعة، وتم الانتهاء من وضع جميع القطع الأثرية داخل القاعات المخصصة لها، وتوفير قواعد خاصة للآثار الثقيلة يصل عددها إلى 201 قاعدة، يعرض عليها ما يزيد على 700 قطعة أثرية، من أفضل وأميز القطع الأثرية، بالإضافة أيضا إلى الفتارين التى تحتوى على القطع الصغيرة والمتوسطة الحجم، بالإضافة إلى تخصيص قاعة للعرض المؤقت مساحتها كبيرة، لتضم عددا كبيرا من القطع الأثرية، وعرض موضوعات متنوعة طبقا لسيناريو عرض خاص بها، سواء موضوعا عن الصناعة أم الحياة اليومية الخاصة بحياة المصرى القديم.

الدرج العظيم

الدرج العظيم، وهو يندرج تحت مسمى إحدى قاعات العرض التى يتميز ويتفرد بها المتحف المصرى الكبير، حيث يعرض عليه عدد 60 تمثالا، من مجموعة من أفضل وأضخم القطع الآثرية الثقيلة، التى تجسد روائع فن نحت فى مصر القديمة، والتى تبدأ من عصر الدولة القديمة، وحتى العصر اليونانى الرومانى، وينتهى الدرج العظيم بمشهد بانورامى جميل يبين أهرامات الجيزة الخالدة، ويتدرج الدرج العظيم طبقا لسيناريو العرض المتحفى إلى أربعة موضوعات رئيسية: الموضوع الأول هو الهيئة الملكية، وذلك من خلال عرض مجموعة متميزة من تماثيل الملوك، التى مرت بمراحل تطور وتغيرات عديدة شهدها الفن الملكى فى مصر القديمة.

ومن أهم التماثيل المعروضة على الدرج العظيم، تمثال للملك سيتى الأول من الجرانيت الوردى، وتمثال للملك سنوسرت الثالث، وتمثال للملك أمنمحات الرابع من عصر الدولة الوسطى، مصنوع من الكوارتزيت ويظهر عليه أميرتان، وقد أعيد استخدام التمثال مرة أخرى فى عهد الملك رمسيس الثانى، والملك مرنبتاح، وتمثال للملك سيتى الثانى مصنوع من الكوارتزيت، من عصر الدولة الحديثة، وتمثال للملك أمنحتب الثالث، وتمثال الملكة حتشبسوت، وتمثال للإمبراطور الرومانى كاراكالا من الجرانيت الأحمر.

 وتحتوى قاعات المتحف على فتارين عرض على أعلى مستوى، حيث تم توفير التحكم البيئى فى درجات الحرارة والرطوبة وهناك نظام عالى بالإضاءة لكل قطعة، وتوفير بطاقة شرح للقطع المعروضة توضح ما هى بالتفصيل وإلى أى عصر تنتمى، وكتابتها بثلاث لغات رئيسة هى العربية والإنجليزية والفرنسية، واللغات المكتوبة على الدرج العظيم عددها سبع لغات معتمدة دوليا داخل جميع المتاحف.

الواجهة الخارجية

تزين الواجهة الخارجية للمتحف ثلاثة أهرامات، وهى رمز لأهرامات الجيزة، مصممة من شيتات من الذهب المطلى تنير فى الليل وترى على مسافة بعيدة من الرؤية، وهى رمز للحضارة المصرية التى تشع نور للعالم وهذه الفلسفة الخاصة بها.

وتتجاوز مساحة الحائط الجدارى أو حائط الأهرامات الـ22 ألف متر، وهو يتكون من سبعة أهرامات، وبه ثلاثة أضلاع، ضلعان فى اتجاه الشرق بطريق الإسكندرية، والثالث من ناحية الشمال، وهو الخاص بالنافذة الزجاجية، ورقم سبعة له مدلول فى الحضارة الإسلامية وجميع الديانات وله مدلول ألوان الطيف السبعة والسبع سماوات.

كما قام المهندسون المتخصصون، بعمل ما يعرف بظاهرة تعامد الشمس على تمثال الملك رمسيس فى البهو العظيم، وهذا الحدث يواكب يوم جلوس الملك على العرش، ومولده فى نفس الميعاد، من خلال عمل فتحة تدخل منها الشمس على وجه الملك فى تلك الفترة الزمنية،كما يضم المتحف الكبير بين جنباته، المتحف الخاص بـ مراكب الملك خوفو، بعد ترميمها وتجميعها، وهى تعتبر تجربة فريدة من نوعها فى أن يرى الزائر هذا النوع من العمل الدقيق.

وتم أيضاً الاهتمام بالمساحات الخضراء، التى تحيط المتحف الكبير على مساحة 100 ألف متر، وتم زراعة أهم النباتات العطرية والأشجار والفواكه المصرية القديمة مثل الرومان والتوت والبلح، وزراعة هذه الأنواع لها فلسفة فى التصميم الخاص بالمتحف منذ بداية التنفيذ، وهى منتج خاص بالمتحف فقط.

مخازن الترميم

يضم المتحف المصرى الكبير ستة مخازن أثرية صممت وفق أحدث التقنيات والأنظمة العالمية لحفظ وصيانة الآثار، بما يضمن استمرار عمل مركز الترميم الذى يعد الأكبر من نوعه فى المنطقة، ويضم المركز نخبة من المتخصصين والخبراء المصريين والدوليين فى مجالات الترميم والفحص والتحليل، ويُعد أحد أبرز المراكز البحثية فى علوم المصريات.

وقد تم نقل أكثر من 57 ألف قطعة أثرية من مختلف أنحاء الجمهورية إلى المتحف، خضعت جميعها لأعمال ترميم دقيقة قبل عرضها داخل القاعات أو حفظها فى المخازن المجهزة، وتم إنشاء بطاقة تعريف رقمية لكل قطعة تتضمن بياناتها الكاملة، من حالتها الأصلية إلى مراحل الترميم والنقل وتاريخ الاكتشاف، مع تنفيذ عمليات صيانة وقائية ودورية تُتابع بشكل مستمر لضمان الحفاظ على هذه الكنوز فى أفضل الظروف.

وتتنوع المخازن داخل المتحف بحسب طبيعة المواد الأثرية، حيث جهزت كل وحدة بأنظمة تحكم بيئى متقدمة تراعى درجات الحرارة والرطوبة والإضاءة بما يتوافق مع متطلبات كل مادة، وتعد هذه المخازن نموذجا عالميا فى الحفظ، إذ تعامل القطع داخلها كما لو كانت معروضة بالفعل، فى بيئة آمنة ومستقرة تماما.

وشهد مركز الترميم إنجازات كبيرة فى معالجة وترميم مئات القطع النادرة، من بينها توابيت سقارة، وعدد من المقاصير الملكية المعقدة التركيب، وكانت من أكثر المهام صعوبة عملية ترميم التابوت الخارجى للملك توت عنخ آمون، الذى خرج من مقبرته لأول مرة منذ اكتشافها عام 1922، وقد واجه المرممون تحديات كبرى بسبب حالة التابوت المتدهورة وتساقط طبقات التذهيب، إلا أنهم تمكنوا من تنفيذ عملية إنقاذ دقيقة شملت الإسعافات الأولية والترميم الأولى قبل نقله بأمان إلى المتحف.

المسلة المعلقة

ولدينا أيضاً المسلة المعلقة التى تم جلبها من منظقة "صان الحجر"وهى أول مسلة معلقة في العالم تم عمل تصميم خاص لها وتم رفعها علي أربعه أعمدة،وتم وضع المسلة المعلقة امام المدخل الرئيسى مساحته ٣٠ الف متر ليرى الزائر أثناء السير تحتها الخرطوش الخاص بالملك رمسيس الثاني الذي كان بمثابة الختم له، كما قمنا بكتابة كلمة  مصر بكل اللغات على جوانب القاعدة لتحيط بها من جوانبها، فقد تم ترميمها خلال عام كامل بأسلوب علمى من خلال المرممين بالمجلس الأعلى للآثار والمتحف المصرى الكبير..ولأن الملوك فى الماضى كانوا يقومون بنقش أعمالهم على جدران المسلات لتخليد إنجازاتهم، وكان يأتى ملك آخر ويزيل الخرطوش الخاص بالملك الذى سبقة فهذاهو التقليد القديم ، ولكن الملك رمسيس كان شديد الوعى فقرر أن يقوم بنقش الخرطوش الخاص به ووضعه فى كعب المسلة، وللأسف هذا الجزء مدفون فى الأرض ولا يراه أحد، ومن هذه الملاحظة فكرت فى وضع تصميم هندسى ليراها كل من يمر بالمتحف من خلال أعمدة طائرة للمسلة وعليها سطح زجاج وليشاهد خرطوش الملك رمسيس فى مشهد بديع فريد من نوعه على الإطلاق فى العالم كله ويري بعينه الخرطوش على ارتفاع ٣ أمتار بحد أقصى يجد خرطوش الملك ويمر من خلال أعمدة طائرة فالقاعدة سوف تكون مدفونة فى الأرض وعليها سطح زجاجى.

محطة المترو

تعتبر محطة مترو المتحف المصرى الكبير، ليست مجرد وسيلة نقل، بل جسر حضارى يربط بين شبكة المواصلات المتطورة، وأهم المعالم الأثرية فى مصر هذا الرابط يسهل على ملايين الزوار، سواء من داخل مصر أو خارجها، الوصول إلى المتحف باستخدام وسائل نقل نظيفة وحديثة، مما يعكس حرص الدولة على تقديم تجربة سياحية متكاملة وآمنة، فقد جاءت هذه الفكرة للربط بين المتاحف الثلاثة المتحف المصرى بالتحرير، والمتحف القومى للحضارة بالفسطاط، والمتحف المصرى الكبير، ليكون هناك لأول مرة مشروع مترو أنفاق يخدم هذا المشروع السياحى العملاق والذى يعكس توجه الدولة نحو تحقيق التكامل بين التنمية الاقتصادية والهوية الثقافية.

نافذة سياحية جديدة

وتقول غادة شلبى، المدير التنفيذى لغرفة المنشآت الفندقية، ونائب وزير السياحة والآثار السابق، المتحف المصرى الكبير رمز عالمى جديد لمصر الحديثة، مثلما كانت الأهرامات رمزًا لمصر القديمة، فهو له مردود إيجابى كبير فنحن على مدى الخمس سنوات الماضية، ومنذ أحداث كورونا عام 2020، وجهود كبيرة تبذل لتستعيد مصر مكانتها فى صدارة أهم المزارات السياحية فى العالم،فهو لا يخدم فقط السياحة الأثرية، بل أيضًا السياحة التعليمية والثقافية والعائلية والمؤتمرات، بفضل القاعات متعددة الأغراض والمناطق التفاعلية.

وتضيف غادة شلبى: يأتى الافتتاح ليتوج كل هذه الجهود التى قام بها جميع المسئولين خلال كل هذه السنوات من العمل، كما أتوقع أن تشهد الفترة المقبلة، أعدادا سياحية غير مسبوقة وكل هذا يجعل زيارة القاهرة لأكثر من يوم ضمن خطط الوفود السياحية التى تأتى لزيارة أماكن متفرقة من الجمهورية على مدار العام، فدائما ما كان المنظمون يأتون فى زيارة اليوم الواحد فقط ولكن بعد افتتاح المتحف الكبير سوف تزيد عدد الليالى السياحية وسوف تصبح التجربة السياحية بالقاهرة متنوعة على مختلف الأصعدة، ويحصل من خلالها السائح على خبرات سواء على المستوى الثقافى والأثرى أم على مستوى ثقافة الشعوب فى الطعام وأيضاً من مشاهدته للحفلات والمهرجانات التى تتميز بها مصر، فنحن لدينا منتج متميز وجو معاصر ملىء بالزخم والتفاعل، فهذا الافتتاح سوف يكون له مردود كبير جدا خصوصاً على المستوى الاقتصادى العالمى.

وتؤكد شلبى، الأهمية الثقافية والسياحية الضخمة من وجهة نظر العالم الخارجى، فالعالم ينظر لمشروع المتحف المصرى الكبير كمشروع ضخم يُعوَّل عليه لإعادة مصر إلى قلب خريطة السياحة الثقافية، فالكثير من الدول والهيئات مهتمة بكيف سيعرض المقتنيات، خصوصًا مجموعة توت عنخ آمون الكاملـة، وكيف سيُحافظ المتحف على التراث المنقول والمستعاد؟، حيث يعزز مفهوم الاقتصاد الثقافى، ليصبح التراث موردًا اقتصاديًا متجددًا، وهذا يعمل على جذب شراكات دولية فى مجال المعارض المؤقتة والبحث العلمى والترميم، والتأثير طويل على المدى البعيد، يسهم فى تعزيز الهوية الوطنية ورفع الوعى الثقافى لدى الأجيال الجديدة.

 

أعظم مشروع ثقافى

ويقول دكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف المصرى الكبير، إن المتحف هو أعظم مشروع ثقافى فى القرن الـ21، وهو بالفعل "هدية مصر للعالم"، مثلما أكد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، فإن المتحف يعتبر أكبر صرحاً ثقافياً وحضارياً وتاريخياً.. فقد تم الانتهاء من  أنه تم الانتهاء من طلاء واجهات العقارات الموجودة بجوار المتحف، والهوية البصرية على الطريق الدائرى بالكامل، وإنشاء مسطحات خضراء لاند سكيب، والانتهاء من تطوير 14 محورا رئيسيا، يصلون للمتحف المصرى الكبير ومطار سفنكس حيث شهدت المحاور المؤدية إلى المتحف المصرى الكبير أعمال تطوير وتجميل ورفع كفاءة غير مسبوقة، ضمن رؤية شاملة تستهدف تحسين الصورة البصرية والارتقاء بالجانب الجمالى للمكان، بما يتناسب مع قيمة هذا الصرح الحضاري، وضمان تجربة سياحية مميزة للزائرين من داخل مصر وخارجها.. وعن أعمال التطوير والتجميل بالمناطق المحيطة بالمتحف، تم زراعة نحو 4000 شجرة و2500 نخلة، إلى جانب إنشاء مسطحات خضراء تجاوزت مساحتها 90الـ ألف متر مربع، وتركيب 1700 كشاف لإضاءة الأشجار، و1000 كشاف للنخيل والتمثال المجسم، وطلاء نحو 3000 منزل على الطريق الدائرى، وتنفيذ ما بين 750 إلى 800 بانر، يحمل صورًا لملوك مصر القدماء والمعالم الأثرية الفرعونية القديمة، وتم عمل750 مجسمًا، لشخصيات تاريخية وفنية وثقافية بارزة على الطريق الصحراوى.

كما أن أعمال التطوير لم تقتصر على المظهر الجمالى فحسب، بل تضمنت أيضًا، رفع كفاءة البنية التحتية، وتحسين السيولة المرورية بالمحاور المؤدية إلى المتحف، بما يحقق الانسيابية المطلوبة لحركة المواطنين والأفواج السياحية.

كما تم وضع شاشات فى ميادين محافظتى،الجيزة والقاهرة، لنقل هذا الحدث مباشرة، كما سيتم طباعة عملات ذهبية وفضية تذكارية خاصة بالمتحف، فضلا عن أن هناك  400 قناة عالمية ستذيع هذا الحدث.

وقد شهدت الطرق والمحاور المؤدية إلى المتحف  أعمال تطوير مكثفة، منها طريق الدائرى الجنوبى من المعادى حتى المتحف، وطريق مصر∠الإسكندرية الصحراوى، وطريق الفيوم حتى الطريق الأوسطى، حيث تم طلاء المبانى والأسوار وتزيينها بزخارف فرعونية، إضافة إلى إنشاء آبار للرى المستدام تغذى المساحات الخضراء، التى تتجاوز 100 ألف متر مربع.

كما تم تصميم  تمثال فرعونى ضخم، يبلغ طوله نحو 23 مترًا نُصب عند مدخل طريق مصر الإسكندرية الصحراوى، ليستقبل الزوار القادمين من مطار سفنكس، يجمع بين الطراز الفرعونى العريق والفن التكعيبى الحديث فى مزيج فنى مدهش.

ضوابط الزيارة

وقد تم وضع شروط وضوابط للزيارة، فى قاعات العرض عليك الالتزام بها، حتى تستمتع بالزيارة وتتجنب أية عواقب سلبية.

من أهمها، ممنوع لمس المعروضات أو فتارين العرض حفاظا على سلامتها، وعدم دخول إدخال أو تناول أية مأكولات، أو مشروبات فى قاعات العرض، مع استثناء زجاجات المياه الصغيرة، ممنوع التدخين لضمان بيئة صحية وآمنة للزوار والمعروضات، وأيضاً ممنوع استخدام كشافات يدوية أو مؤشرات الليزر، حرصًا على سلامة المعروضات، وتقليل المخاطر المحتملة، ممنوع استخدام الحامل ثلاثى القوائم أو الحامل ذو القائم الواحد فى التصوير، ممنوع حمل حقائب كبيرة، حقائب الظهر الكبيرة، حقائب السفر، أو الحقائب المحمولة، ويرجى إيداعها فى أمانات المتحف، وممنوع الاستلقاء على المقاعد أو على الأرض، أو خلع الأحذية، ممنوع ترك الأطفال بمفردهم حرصًا على سلامتهم، وتجنبا لركضهم والاصطدام بالمعروضات أو الزائرين، مما قد يتسبب فى حدوث إصابات أو أضرار، ومن الضرورى مرافقة ذويهم لهم فى جميع الأوقات.

الممشى السياحى

يعد الممشى السياحى، الرابط بين المتحف المصرى الكبير، والأهرامات من ركيزة أساسية لزار المتحف، حيث يستهدف نقل السائحين بين تلك الكنوز الفريدة، ويبدأ الممشى من منطقة الانتظار أو الوصول بالمتحف، ويمتد بمحاذاة طريق الفيوم ليصل داخل المنطقة الأثرية بالأهرامات،وتم تصميم الممشى ليكون مهيأ لاستيعاب مركبات كهربائية صديقة للبيئة  مواصلات داخلية خفيفة، وقد راعى التصميم الهوية البصرية للمنطقة الأثرية، بحيث لا يطغى على المشهد بل يندمج معه بصريًا، كما يحتوى على مساحات خضراء، وإضاءة ليلية متقنة، وتجميل للموقع المحيط.

مواعيد العمل

وتتولى الجهة المنفذة لترتيبات الاحتفالية، وهى الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تنسيق الفقرات الإعلامية والترويجية الضخمة للحدث، التى تساهم فى تنشيط الدعاية السياحية المجانية عالميًا. ومن المقرر أن يبدأ المتحف المصرى الكبير فى استقبال زائريه من المصريين والسائحين من مختلف دول العالم بدءا من يوم 4 نوفمبر 2025 خلال مواعيد العمل الرسمية، الذى يوافق الذكرى الـ103 لاكتشاف مقبرة الملك الذهبى توت عنخ آمون، وليستمتع الزائرون بالتجربة السياحية الكاملة للمتحف.

 

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام، ويحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من مؤسسة الأهرام